أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم
الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا
خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه
الأخيارالمنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة
العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول الله في كتابه المجيد، بسم الله
الرحمن الرحيم: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقُتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل
والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز
العظيم " صدق الله العلي العظيم.
في البداية
أشكركم على هذا الحضور المبارك والكريم والكبير، وأتوجه إلى عائلة الشهيد القائد
الحاج علي أحمد فياض الحاج علاء، لأبارك لهم شهادة هذا القائد المجاهد والعزيز
والحبيب، ولأعزّيهم أيضاً برحيله وهو في قمة العطاء.
أتوجّه أيضاً إلى عوائل الشهداء الكرام الذين استشهدوا في العمليات الأخيرة وفي الأيام الأخيرة سواء في نفس الجبهة مع الشهيد القائد علاء أو في الجبهات الأخرى، وأبارك لهذه العائلات الشريفة شهادة أبنائها الأحبة وأعزيهم بفقدان هؤلاء الأعزاء الأحبّة.
يجب أن أذكر أيضاً في هذا الموقف الشهداء من الإخوة السوريين من الجيش واللجان الشعبية والقوات الشعبية الذين استشهدوا وهم يبذلون أرواحهم ويقاتلون جنباً إلى جنب مع إخواننا من أجل استعادة الأجساد الطاهرة للشهيد الحاج علاء ولإخوانه الشهداء وأحيي هذه الروح العالية لنجل الشهيد، هادي، لأن هذه هي روح أبيه وهذا هو المتوقع من الشهيد القائد الحاج علاء الذي طالما ربى أجيالاً في المقاومة ومن رجال المقاومة وإن شاء الله أنت يا هادي وإخوانك ستواصلون حفظ الوصية كما حفظها أبوكم حتى القطرة الأخيرة من دمه والنفس الأخير من أنفاسه الطاهرة.
إنني في هذه الكلمة أود أن أسير في محطات من خلال الحاج علاء:
1ـ محطة المقاومة في الجنوب
2ـ محطة البوسنة
3ـ محطة العراق
4ـ محطة سوريا حيث انتهى به الأمر إلى الشهادة.
هذه المحطات التي تنقّل فيها شهيدنا
القائد، ومن كل محطة وفي كل محطة أريد أن أعلّق أو أوضّح بعض الأمور المهمة
والمتعلقة بتطورات اليوم والأحداث القائمة. وفي نهاية الكلمة إن شاء الله سأتحدث
عن المستجدات الحالية وخصوصاً قرارات توصيف حزب الله بمنظمة إرهابية وردود الأفعال
الرسمية والشعبية حولها، ومآلات الأمور إلى أين هذا الوضع الذي استجد عندنا في الأسابيع
الأخيرة.
في محطة
المقاومة: علاء في ريعان الشباب ومقتبل العمر، يلتحق في صفوف المقاومة الإسلامية
في لبنان مقاتلاً، بدايته كان مقاتلاً في الميدان وأمضى عمره في الميدان، في
الميادين، وانتهى قائداً في الميدان وشهيداً في الميدان.
كل ما يخطر في
البال من عمليات للمقاومة من أنواع وأشكال عمليات المقاومة شارك فيها علاء: عمليات
الاستطلاع، عمليات الكمائن، المواجهات المباشرة، اقتحام المواقع، التحضير للعمليات
الاستشهادية في أكثر محور من محاورالجنوب، في أكثر من نوع من العمليات، حتى قبل
التحرير عام ألفين، كانت مشاركته مع الإخوة في محاولة أسر جنود إسرائيليين، لأننا
كنا نرغب في ذلك الحين أن نطلق سراح أسرانا قبل التحرير أو على أبواب التحرير في
عام 2000
.
سرعان ما أصبح
علاء في المقاومة واحداً من نخبة رجالها ومقاتليها ثم من قادتها المميّزين
والمضحّين والحاضرين والفعّالين.
هذا القائد، بجهاده وتضحياته، وجهاد وتضحيات إخوانه وكل الشهداء وكل المقاومين في حركات المقاومة في لبنان، استطاعوا أن يصنعوا التحرير في الألفين، علاء أيضاً كان من قادة المقاومة وأبطالها في حرب تموز 2006.
إذاً هو رجل الميدان وقائد الميدان.
في جانب آخر أيضاً هو من قادة بناء القوة، قوة المقاومة، قوة الردع، إلى جانب
الشهيد القائد الحاج عماد مغنية رضوان الله عليه، حيث أوكل إلى الحاج علاء مهمة
بناء القوة الخاصة في المقاومة الاسلامية التي ـ بحمد الله عز وجل ـ كبرت ونمت
وتطورت وأصبحت اليوم قوة حقيقية يحسب لها العدو الاسرائيلي كل حساب. هذه محطة
المقاومة التي كانت دائماً بالشهداء وبالشهادة وبالتضحيات والجراح وبالصبر
وبالاحتضان الشعبي تصنع الانتصارات من الالفين إلى 2006 وتبقى في مواقع المواجهة،
في هذه المحطة أودّ أن أشير إلى بعض النقاط :
أولاً: الحاج
علاء يعبّر عن جيل من الشباب اللبناني الذي آمن بخيارالمقاومة -اسمحوا لي في هذه
العناوين أن أطلّ على اللغة والأدبيات والمواقف والتحليلات والتنظيرات التي تطرح
هذه الأيام - يعني بعد اجتياح اسرائيل 1982 للبنان كان هناك وجهات نظر وآراء
ومواقف متنوعة ومتعددة. علاء وإخوان علاء في المقاومة الاسلامية كما هو الحال في
حركة أمل، في الأحزاب الوطنية اللبنانية، في الحركات الإسلامية اللبنانية، في
الفصائل الفلسطينية المتواجدة على الأراضي اللبنانية، لم ينتظر واحد، أي من هؤلاء،
ما قيل في ذلك الزمان عن استراتيجية عربية موحدة أو واحدة، لم ينتظروا الدول
العربية ولا الأنظمة الرسمية العربية ولا الجامعة العربية ولا الجيوش العربية ولا
الإجماع العربي.
نحن اللبنانيين اليوم كلنا نعرف أنه لو انتظرنا كلبنانيين استراتيجية عربية موحدة وجامعة الدول العربية والجيوش العربية ووو.. لكانت إسرائيل اليوم ما زالت في الجنوب وراشيا والبقاع الغربي وجبل لبنان وطريق الساحل والعاصمة بيروت والضواحي، إذا ما كانت أكملت تجاه بقية الجبل والبقاع وصولاً إلى الشمال لو لم تنطلق مقاومة شعبية لبنانية، تفاعلت معها أيضاً الفصائل الفلسطينية ـ لنحفظ لإخواننا الفلسطينيين حقهم ـ أين كان لبنان اليوم، كانت إسرائيل في لبنان هي التي تحكم لبنان، هي التي تدير لبنان، كانت المستعمرات في لبنان، كان آلاف الشباب اللبنانيين والشابات اللبنانيات في السجون الاسرائيلية، في معتقلات أنصار وغير أنصار، أليس كذلك؟
إذاً هذه النقطة
الاولى التي يجب دائماً أن تبقى حاضرة عندنا أن خيارنا لتحرير أرضنا كان المقاومة
وما زال المقاومة لتحرير بقية أرضنا المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، إذا كنا
سننتظر جامعة دول عربية وإجماعاً عربياً واستراتيجية عربية سيكون حكمها حكم كل
الأراضي التي ابتلعها الاسرائيلي بالنهاية. طبعاً يجب أن نسجّل في هذا
السياق دائماً وقوف سوريا والجمهوية الإسلامية في إيران إلى جانب المقاومة في
لبنان واحتضانها ومساندتها ودعمها.
كثير من هذه
الدول العربية اليوم التي تصنفنا إرهاب ما علاقتها بهذه المقاومة وبهذه الانتصارات
وبهذه الإنجازات؟ دلّوني، ما هي علاقتها بهذا الموضوع؟ ليس لهم علاقة بالسياسية
وليس لهم علاقة بالمال وليس لهم علاقة بالتسليح، هل يوجد نظام عربي يجرؤ غير
النظام السوري على عمل ذلك؟ هل يوجد نظام عربي يجرؤ أن يعطي السلاح إلى المقاومة
اللبنانية أو الفلسطينية؟ أو يعطي "ضد الدروعط أو يعطي صاروخاً؟ أو يعطي
إمكانيات عسكرية؟
تفضلوا، هذا التحدي موجود، تفضلي أيتها الأنظمة العربية، نحن إرهاب، طيّب، المقاومة الفلسطينية أعطوها سلاحاً وأعطوها إمكانيات، وأعطوها المال لتشتري سلاحاً ولتصنع سلاحاً، لا يجرؤون على ذلك، ليس لهم علاقة بكل هذا الإنجاز وبكل هذا الحركة وبكل هذه الانتصارات.
أيضاً الحاج علاء هو من جيل الشباب اللبناني الذي آمن بأن الذي يحمي لبنان، يحمي هذا الوطن وهذه الأرض وهذا الشعب وهذه السيادة وهذه الكرامة الوطنية هو القوة الذاتية، القوة الذاتية وقدراتنا وإمكانياتنا وإرادتنا وحضورنا، هذا الذي تطور لاحقاً مع مصطلح أو معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، ومنذ 1982 وبعد ال2000 وإلى اليوم وإلى الأبد، الذي يحمي هذا البلد هو جيشه، هو شعبه وهو مقاومته، من ينتظر ومن يتوقع أنه الآن أو في يوم من أيام، الذي يمنع "إسرائيل" من الإعتداء على لبنان، وأن الذي يحمي لبنان من الأطماع الإسرائيلية والتهديدات الإسرائيلية والعدوانية الإسرائيلية، هو جامعة الدول العربية أوالإجماع العربي أوالإستراتيجيات العربية هو يراهن على سراب وعلى خيال وعلى وهم، وهذا ما أكده 2006. بالعكس في ال2006 قلنا وأعيد القول: يومها قلنا لهم لا نريد منكم شيئاً "بس حلّوا عنا"، واليوم أيضاً نقول لهم، لهذه الأنظمة، نقول لها : نحن لا نريد منكم شيئاً، لا مال لا سلاح ولا دعم ولا تأييد ولا مباركة "بس حلّوا" عن هذه المقاومة وعن هذا البلد وعن هذا الشعب"، لأنهم "مش تاركين" البلد وليس فقط "مش تاركين" المقاومة، "بس حلّوا"، طبعاً الذي كان يحصل ويحصل أنهم ليسوا فقط لا يساعدون بل بالعكس كانوا يحرضون العدو الإسرائيلي على العدوان، وفي حرب تموز كلنا يعرف، الإسرائيليون قالوا وهم لم ينفوا، بالحد الأدنى لم ينفوا: أنه إتصلت قيادات عربية و حكومات عربية وطالبت إسرائيل بأن تكمل حربها على لبنان في حرب تموز، كما حصل أيضاً في الحروب على غزة، الإسرائيليون قالوا ذلك ولم تنفِ الحكومات العربية المقصودة.
يا أخي نحن لا نريد منكم شيئاً،
و"لا بدنا نكلفكم شي ولا مكلفينكم شي"، الذي أريد أن أقوله في حضرة الشهيد
القائد وإخوانه الشهداء، هذه القوة الوطنية الذاتية الحقيقية غير المشروطة، هي
التي تحمي هذا البلد.
وبالفعل أثبتت
هذه المعادلة وفي قلبها المقاومة، أنها تشكل حالة ردع للعدو، هذا العدو الذي يتحدث
كل يوم عن المقاومة في لبنان، عن سلاحها وصواريخها وعديدها وخبرتها وقادتها
وأدمغتها وإمكانياتها، ويعتبرها التهديد الأساسي والتهديد المركزي أو الخطر الأول في
المرحلة الحالية، يهابها ويحسب لها ألف حساب،
هذا هو الي
يحمي بلدنا، أما التوسل بالأنظمة العربية والبحث عن إسترضائهم والخضوع لهم، حتى لو
توسلنا بهم وحتى لو خضعنا لهم، في أيام الشدة، أين هم؟ أين هم؟
لذلك هذه
المقاومة بفعل حضورها وجهادها وتضحياتها وانتصاراتها وإنجازاتها إكتسبت هذه الثقة
وهذا الإحترام، وهذه الكرامة وهذه القداسة عند الشعوب العربية والإسلامية، وكان من
الطبيعي جداً، ونحن نعرف كما قال رسول الله صلى عليه وآله وسلم إن الخير في أمته
إلى يوم القيامة، نحن نعرف أن الخير في شعوب أمتنا، وكان من الطبيعي أن نرى كل
ردود الأفعال هذه ، خصوصاً الشعبية وبعض الرسمية، على القرارات المتعسّفة بتسمية
حزب الله منظمة إرهابية. هذا ما أعود إليه في الجزء الأخير من الكلمة، لأن
المقاومة باتت تشكل بقية الأمل والمقاومة باتت تشكل الأفق المفتوح الوحيد أمام
أمتنا وشعوب أمتنا لإستعادة المقدسات وإستعادة الكرامة.
ثانياً: في سياق أيضاً مسألة المقاومة
ومحطة المقاومة والحديث اليوم عن الكرامة العربية والهوية العربية والحقوق
العربية، أريد أن اسأل: من الذي منذ اسبعة وستين عاماً يهين ومن الذي أهان العرب؟
أسمحوا لي أن أتكلم "شوية عرب" اليوم. من الذي أهان العرب والأمة
العربية والجيوش العربية والشعوب العربية والحكام العرب مثل "إسرائيل"؟
وهي في كل يوم تهينهم، في كل يوم تهينهم، عندما تستمر في إحتلال أرضهم وفي قتل
أهلهم في فلسطين في كل يوم، نساء وأطفال وشباب وصبايا. اليوم هناك انتهاك جديد
للمسجد الاقصى، أليس هذا إهانة للكرامة العربية وللمقدسات العربية وللشهامة
العربية وللأمة العربية وللحقوق العربية؟ ماذا انتم فاعلون؟ ماذا فعلتم منذ 67 سنة
وإلى اليوم وماذا أنتم فاعلون؟
بالعكس إذا قام
في العالم العربي نظام أو جيش كما كان الحال في مصر، وكما كان الحال في سوريا، أو
قامت مقاومة، كما هو حال حركات المقاومة الفلسطينية، ولاحقاً في لبنان، إذا قام
نظام أو جيش أو مقاومة لقتال "إسرائيل" ولاستعادة الكرامة
العربية، كنتم تتآمرون على هؤلاء البؤساء وعلى هؤلاء القادة وعلى هذه الأنظمة وعلى
هذه الجيوش، وعلى حركات المقاومة هذه ، وفي مقدمكم النظام السعودي، ومعروف من مصر
عبد الناصر إلى ... إلى...
إلى... إلى
حركات المقاومة الفلسطينية، طيب هل هؤلاء كانوا شيعة؟ لم يكونوا شيعة.
هذه كذبة قصة شيعة وسنة، وأن الشيعة ... والشيعة... والصفويين، هل عبدالناصر كان شيعياً؟ هل الجيش المصري شيعي؟ هل الجيش السوري شيعي؟ حركات المقاومة الفلسطينية هل كانت شيعية؟ بعض الأنظمة العربية كم تآمرت عليهم؟ وماذا فعلت بهم؟ بالمال وبالإعلام وبالأمن ومع الإسرائيلي ومع الأمريكان و.. و... و..
المشكلة أن هذه الأنظمة منذ اليوم الأول ضمانة عروشها هي الدفاع عن "إسرائيل"، وحماية "إسرائيل"، وعدم المس بوجود "إسرائيل"وكيان"إسرائيل وبقاء "إسرائيل"، ولذلك كانت دائماً تصطف في الجبهة المعادية للأنظمة المقاومة أو للجيوش المقاومة أو حركات المقاومة، والذي يحدث معنا اليوم، هو استمرار لهذ الإستراتيجية القديمة، هذا ليس جديداً، هذا هو تواصل في الإستراتيجيات السابقة والقديمة. والآن، اليوم، من الذي استعاد الكرامة العربية وبعضاً من الحقوق العربية وبعضاً من الأرض العربية وبعضاً من العزة العربية؟ هذه المقاومة في لبنان التي تصفونها بالإرهاب.
المحطة الثانية: محطة البوسنة، وما
كنت لأتحدث عن محطة البوسنة، لولا أن الشهيد علاء كان معروفاً بعلاء البوسنة،
أولاً: للاعتراف بحقه ولتقدير جهاده، وثانياً: لأن كثيراً كانوا يسألون: "شو
بوسنة وما بوسنة؟ شو يعني كان حزب الله في البوسنة؟"، وثالثاً: وأيضاً ندخل
منها على تصنيفنا كمنظمة إرهابية.
في بداية
التسعينات من القرن الماضي، تذكرون أن يوغسلافيا تفككت ، وصار هناك دولة أسمها
صربيا وثم إنفصل عنها الجبل الأسود، وهناك دولة اسمها كرواتيا، ودولة اسمها
البوسنة والهرسك، وصار هناك قتال وحرب شرسة جداً وقاسية جداً في البوسنة والهرسك.
المسلمون في البوسنة والهرسك كانوا مستضعفين، وارتكبت بحقهم من قبل الصرب أو
القوات الصربية البوسنية مجازر هائلة، حتى الآن البعض يقوم بالتفتيش في المقابر
الجماعية عن المفقودين، دُمرت مدن وقرى، واغتصبت نساء وأعراض، يومها كانت فاجعة
يهتز لها العالم كله.
في لبنان كان
هناك من يتفاعل مع قضية البوسنة، وكان هناك رأيان:
رأي تبنته جماعات تحمل الفكر الذي تصدره السعودية إلى العالم منذ مئة سنة، "شو طلع معها" من أجل نصرة المسلمين المظلومين في البوسنة؟ قالوا: يجب أن نحمّل مسيحيي لبنان المسؤولية ويجب أن ننتقم ونضغط ونعتدي أو نهاجم مسيحيي لبنان، خصوصا الأرثودوكس" لأن هذا يخفف الضغط ويدعم المسلمين المظلومين في البوسنة.
وبالفعل هذه المجموعة ـ هي مجموعة صغيرة متطرفة بالتأكيد، هذا الفكر لا يعبر على الإطلاق عن أهل السنة والجماعة، أعود وأؤكد وأعيد وأعيد وأعيد، هو يكفر أهل السنة والجماعة ـ ماذا فعلت؟ تذكرون آنذك، زرعوا عبوات تحت بعض الجسور في بعض الأماكن، استهدفوا مواكب لرجال دين مسيحيين اورثودوكس، اعتدي على كنائس مسيحية، على مقابر مسيحية. لكن تمت معالجة الموضوع من قبل الدولة والجو اللبناني الذي أجمع على إدانة هذا السلوك.
كان هناك وجهة نظر أخرى تقول: ما دخل مسيحيي لبنان لنحملهم مسؤولية البوسنة والهرسك؟ هناك في صربيا والبوسنة ناس يعتدون ويقاتلون ويرتكبون مجازر، صودف أنهم مسيحيون كما يمكن بالحقيقة أن يفعل الأمر ذاته المسلمون، وهناك ناس مضطهدون ومظلومون، من يريد أن يساعد فليتفضل ويذهب ليساعد هناك، يرسل لهم المال والإمكانا،ت يذهب إليهم، يدرّبهم، يساعدهم، ينقل لهم التجربة، يقاتل معهم، يدافع عنهم، هاتان كانتا وجهتي النظر.
حزب الله كان مع وجهة النظر الثانية.
وبالفعل، رغم أننا كنا حركة فتيّة، كادرنا محدود، قيادتنا محدودة، إمكانياتنا
محدودة. ولكن حقيقة هنا يأتي السؤال الكبير: الحاج علاء ومجموعة كبيرة من إخوانه
وفي نفس عمره كانوا يتركون البلد، يغادرون لبنان، عندنا جبهة وأرض محتلة، نتحدث
بالتسعينيات، إسرائيل كانت لا تزال بالحزام الأمني، يغادرون لبنان إلى البوسنة،
إلى أرض لا نعرف عنها شيئاً وإلى الثلج بالشتاء، ولا نعرف اللغة ولا أي شيء.
لماذا؟ ما هو السبب؟
بالحقيقة، بالعمق
بالعمق، السبب إنساني، السبب أخلاقي، ضميرنا. نحن لن نقلب الميمنة على الميسرة في
البوسنة إذا ذهب الحاج علاء وإخوانه إلى البوسنة، لكن بيننا وبين الله، بيننا وبين
أنفسنا، عندما نجلس مع ضمائرنا، ونختلي مع أنفسنا نشعر بأننا نقوم بما نستطيع، هذا
ما كنا نستطيع، أن نرسل قادة وكوادر ومقاتلين إلى البوسنة. بهذا القدر، لم نكن
قادرين على أن نرسل جيشاً ولا آلاف (المقاتلين) ولا سلاحاً ولا شيء. طبعاً
كنا على تواصل مع الحكومة البوسنية في ذلك الوقت والرئيس علي عزت بيغوفيتش،
المرحوم الراحل، وبالتعاون مع قوى أخرى.
هذه قصة البوسنة وعلاء البوسنة وسقط
لنا هناك أيضاً شهيد، الشهيد رمزي مهدي، والإخوة أمضوا فترة طويلة هناك ونقلوا التجربة
وفتحوا معسكرات تدريب وشاركوا في خطط العمليات وقاتلوا إلى جانب البوسنيين.
هذا تعتبرونه
إرهاباً؟ نحن لسنا ذاهبين لنفرض قراراً على الناس في البوسنة، لسنا
ذاهبين للتدخل بالقرار السياسي ولا بالنظام ولا بالدستور ولا بالحوار الوطني ولا
شيء. هناك ناس يُذبحون يومياً، نحن ذاهبون لنساعدهم حتى يستطيعوا الدفاع على
أنفسهم. تعالوا لنناقش هذا الموضوع بالإنسانية وبالأخلاق وبالدين والشرع والقانون،
إذا كان هذا إرهاباً "ماشي الحال".
حسناً، هناك شيء في موضوع البوسنة أود قوله لمن يتهمنا اليوم بأننا مقاومة طائفية. نحن عندما ذهبنا إلى البوسنة، هل كان هناك في البوسنة شيعة ذهبنا لندافع عنهم؟ كنا ندافع عن دماء الشيعة وأعراض الشيعة وأموال الشيعة في البوسنة؟ أين يوجد شيعة في البوسنة؟ كل الناس يعرفون أن المسلمين في البوسنة هم من أهل السنة والجماعة.
علاء ـ الذي تحتفلون الآن بذكراه،
وتجلسون هنا في بلدته انصار ـ يغادر بلدته وعائلته وأهله ومقاومته وأرضه المحتلة
ومعه إخوانه إلى البوسنة والهرسك، على بعد آلاف الكيلومترات ليقاتلوا دفاعاً ـ
اسمحوا لي مضطر أن استخدم هذه العبارة ـ ليقاتلوا دفاعاً عن أعراض إخواننا
المسلمين من أهل السنة والجماعة وعن دمائهم ووجودهم وبقائهم في البوسنة والهرسك.
هل نكون طائفيين؟
هذه محطة
البوسنة، أكتفي بهذا القدر.
طبعاً الآن أنا مضطر لأن أتحدث، لأنه "علاء البوسنة"، هذه قصة "علاء البوسنة"، وإلا، هل سمع أحد هذا الكلام في السابق منا؟ لم "نطنطن الدنيا" وما علّقنا لافتات وكراسات وذهبنا لدول الخليج والعالم و"لم نربح العالم جميلة" ولم نجمع على شهدائنا وجرحنا ومجاهدينا أموالاً من أحد، أبداً، ذهبنا لله، وقاتلنا لله، وجرح من جرح منا لله، واستشهد من استشهد منا لله، ونحن لا نريد من أحد جزاءً ولا شكورا. نحن نؤدي في هذه الدنيا واجبنا لأننا نخاف من ربنا يومنا عبوساً قمطريرأ. هذه هي الحقيقة.
المحطة الثالثة محطة العراق.
طبعاً، قبل العراق، الحاج علاء وإخوانه ذهبوا إلى سوريا، ولكن موضوع سوريا أعود إليه في المحطة الأخيرة.
أثناء وجودهم في سوريا حصل ما حصل في
العراق قبل أكثر من عام، عندما اجتاحت داعش محافظة صلاح الدين وديالى وجزءاً
كبيراً من محافظة الأنبار وجزءاً من محافظة كركوك ومحافظة الموصل وأصبحت على مقربة
من العاصمة العراقية بغداد.
يومها كل
العراق بات مهدداً، داعش في العراق أيضاً نعود لنتحدث ونجيب عما يطرح اليوم، لأن
هذه واحدة من العناوين لمَ نحن منظمة إرهابية، تدخلنا في العراق، ما هي قصة تدخلنا
في العراق؟ نتحدث عنها من بوابة الحج علاء، داعش في العراق اعتدت على كل الشعب
العراقي وقتلت سنّةً وشيعة ومسلمين ومسيحيين وأيزيديين وعرباً وكرداً وتركماناً
ولم توفر أحداً.
وإذا ذهبنا للإحصائيات الدقيقة، ما
لحق بأهل السنة في العراق بفعل داعش كان أخطر وأكبر مما لحق بالشيعة في العراق.
هذه داعش التي أصبحت قريبة من بغداد وحتى بعض دول الخليج والأردن وبعض دول المنطقة
استشعرت بالخطر، نعم هناك خطر يتهدد الجميع. وطبعاً بالنسبة لبعض هذه الدول
العربية هذا السحر انقلب على الساحر، هم يريدون داعش ليقاتلوا فيها الحكومة
العراقية، ويريدون داعش ليقاتلوا فيها النظام في سورية، انقلبت الحسابات كلها.
حسناً، في ذلك اليوم،
العراقيون، حكومةً، أحزاباً علماء، شيعة وسنة، كلهم دعوا إلى وقفة عراقية في
مواجهة هذا الخطر، وكان الصوت الأعلى صوت المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وكانت
الفتوى الشهيرة لسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله الشريف في
الدعوة إلى الجهاد الدفاعي، وتقدمت والتحقت بجبهات القتال عشرات الآلاف، التحق
عشرات الآلاف من الشباب العراقيين ومن مختلف المناطق والطوائف.
يومها قيل لنا
من قبل إخواننا العراقيين: نحن نحتاج إلى مساعدتكم، حسناً ما هو المطلوب منا؟ نحن
لا نريد منكم مقاتلين يا حزب الله، عندنا ما شاء الله عشرات الآلاف من المقاتلين،
نحتاج لمجموعة قياديين وكوادر يساعدوننا في التشكيلات وإدارة العمليات، في
التدريب، أيضاً في الميدان، في بعض الأماكن الحساسة.
حسناً، هذه
داعش وهي تهدد الشعب العراقي والعراق ومصير العراقيين ومصير المنطقة، وأيضاً أود
أن أعترف وأضيف ـ وهذا أساسي وليس للمجاملة، بثقافتنا وإيماننا وعقلنا وفكرنا ـ
وهي تهدد أيضا العتبات المقدسة في العراق لأن هؤلاء يدمرون كل شيء مساجد وكنائس ومقامات
ومراقد، لم يوفروا شيئاً هم. حسناً، هذا جهد مطلوب منا، متعيّن علينا، إذا كان أحد
يتوقع في ذاك اليوم أننا نحن سننتظر جامعة الدول العربية والإجماع العربي والرياض
ولا أعرف من لنأخذ، إذاً عليكم خير، هذا غير وارد أصلاً.
حسناً، نحن في
منتصف الليل، تعال يا حاج علاء، أنا عادة لا أتكلم عن الأحياء، تعال يا حاج أبو
محمد سلمان، الشهيد القائد الحاج أبو محمد سلمان، الحاج ابراهيم، تعالوا يا شباب،
البعض سحبناهم من سوريا، البعض سحبناهم من جنوب، البعض سحبناهم من لبنان وركبناهم
بالطائرة على بغداد، مجموعة كبيرة جداً من قياديينا وكوادرنا، من جبهاتنا، أخذناهم
من الجبهات، وأرسلناهم إلى العراق، بالسر، لم نعمل إعلاناً ولم نعمل دعاية ولا "تنططنا" ولا أي شيء، لأننا أيضاً
نريد لبعض العقول أن تتحمل وإن كان نحن لا نريد أن نوظف هذا الموضوع لا سياسياً
و"لا غير سياسياً".
وفي العراق نحن كنا نقاتل تحت قيادة
عراقية، الآن أقول لكم لماذا أقول هذا، وبالعراق نحن ذهبنا لنقاتل لا لنتدخل مع
العراقيين في شؤونهم الداخلية ولا بحكومتهم ولا بأحزابهم ولا بانتخاباتهم ولا
بخياراتهم، ولا نريد أن نفرض عليهم شيئاً مثل ما تفعل السعودية بأكثر من بلد عربي،
لا، هناك واجب أخلاقي وإنساني وديني وشرعي وجهادي وبكل الموازين، وقومي وعربي،
ذهبنا إلى العراق وقاتلنا في العراق. وما زال عندنا مجموعة من إخواننا ما زالت
موجودة هناك.
حسناً، ما هذه
الجريمة؟ تدخل حزب الله في العراق، في مواجهة من؟ أولاً، في مواجهة داعش الذي هو
عدو كل العراقيين، داعش التي يُجمع العالم على وصفها بأنها تنظيم إرهابي، فليتجرأ
أحد في العالم ويقول إن داعش ليست تنظيماً إرهابياً. يُجمع العالم على أنها تنظيم إرهابي، ونفس جامعة الدول العربية
ومجلس التعاون الخليجي "من غير شر" ومن يومين وزراء الداخلية العرب في
تونس أيضاً وصفوا داعش بأنها تنظيم إرهابي.
حسناً، نحن نقاتل التنظيم الإرهابي الذي أجمع العالم على وصفه بالإرهاب، نكون نحن إرهابيين؟ نكون نحن مدانين؟ يكون شهداؤنا مدانين؟ لماذا علاء وأخوة علاء يجب أن يتركوا بلدهم وأرضهم ويذهبوا إلى العراق لكي يقاتلوا؟ نفس منطق ذهابهم إلى البوسنة.
واليوم، حقيقة من الذي يغيّر في المعادلة في العراق؟ العراقيون أنفسهم، القوات العراقية، هذا الحشد الشعبي المبارك. حسناً، نحن ذهبنا إلى العراق بالسر، أنتم اجتمعتم بالسعودية وشكّلتم بقيادة الولايات المتحدة الأميركية تحالفاً دولياً، 75 دولة لتقاتلوا داعش، أيمكنكم أن تقولوا ماذا قدمتم من أكثر من سنة لليوم في قتال داعش في العراق؟ أوَكنتم تمزحون؟
هنا عندما قلت نحن نقاتل تحت قيادة عراقية، يمكن لو كنا نقاتل تحت قيادة أميركية ما كانوا ليصفوننا بالإرهاب، انظروا، من عجيب التناقضات والصدف أنهم يشكلون تحالفاً إسلامياً، تحالفاً إسلامياً عسكرياً يقاتل بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، أيمكنكم أن تشرحوا للناس كيف يكون تحالف إسلامي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية؟
أما نحن في العراق فكنا نقاتل تحت
قيادة الحشد الشعبي، قيادة عراقية شريفة مخلصة وطنية، وتحت قيادة الإخوة العراقيين
وما زلنا. "بيطلعلك" أحد جهابذة الخليج، حقيقة جهبذ، يقول: حتى نستطيع
أن نقضي على داعش يجب أن نقضي على حزب الله وعلى الحشد الشعبي في سوريا ـ مسكين
"مش سمعان" أنه في سوريا لا يوجد حشد شعبي، هناك دفاع وطني ودفاع وشعبي
وقوات شعبية، "مضيّع" ـ والحشد الشعبي في العراق. وأنا أقول لهذا
الجهبذ: لولا الحشد الشعبي في العراق لكانت داعش الآن في قصوركم وبيوتكم، تسبي
نساءكم وتهتك أعراضكم. لكن العراقيين بدمائهم، بشهدائهم، بتضحياتهم، يدفعون هذا الخطر
عن كل المنطقة وعن كل شعوب المنطقة وعن شعوب الخليج أيضاً. بدل أن يقدّم لهم الشكر
والثناء، ما هذا الجحود؟ ما هذا النكران للجميل؟ يا أخي لا أحد "ربّحكم
جميلة" ولكن لماذا أنتم جاحدون هكذا، لماذا أنتم منكرون هكذا، لماذا أنتم
قساة قلوب هكذا، حتى تأتوا لتدينوا المدافعين والشهداء والجرحى وهؤلاء العراقيين
الذين يقدمون تضحيات جسيمة، عشرات آلاف الشهداء، آلاف الشهداء في العراق يتكلمون.
هنا نحن نأتي
بشهيد 2 3 10 بيطلع العدد بينزل العدد، في العراق آلاف الشهداء يسقطون في المعارك،
وهم الذين يستطيعون أن يستعيدوا أرضهم.
في اليومين
الماضيين، الحشد الشعبي وبمؤازرة من القوات العراقية في منطقة ما تبقى من صلاح
الدين، 5 آلاف كيلومتر تحررت وطرد منها داعش، يعني بحجم نصف لبنان خلال أيام قليلة.
أوباما يخرج ويقول 40% من الأرض التي سيطرت عليها داعش في العراق تم استعادتها، ما شاء الله عليك، بفضل من؟ بقوة من؟ بتضحيات من؟ الأميركان؟! أين الأميركان؟ نعم جاء الأميركان ساعدوا بالرمادي، الآن في الموصل يريدون أن يضعوا فيتو أنه ممنوع الحشد العشبي أن يقاتل بالموصل وهي أرض عراقية، هذه قصتنا هذه العراق.
هل هذا اسمه إرهاب؟ بالدين وبالإنسانية وبالأخلاق وبالشرع وبالعروبة؟ الشهامة العربية هي أن يذهب كل عربي إلى العراق ليدافع عن الشعب العراقي، سنةً وشيعةً وعرباً وكرداً وتركماناً، وعن كرامة العراقيين وأعراض العراقيين ومقدسات العراقيين ومقدسات الأمة في العراق، لا أن يصف من يدافع في العراق بأنه إرهابي، هذه الشهامة العربية.
أما من لا يفعل ذلك فلا علاقة له بالعرب وبالهوية العربية وبالشهامة العربية وبالكرامة العربية.
حسناً، المحطة الأخيرة محطة سوريا.
من أوائل القادة الذين ذهبوا إلى سوريا كان الحاج علاء، علاء البوسنة، بعد قليل كان يجب أن نسميه علاء الشامي.
حسناً، لماذا ذهبنا إلى سوريا، لا
أريد أن أعيد، من أجل أن لا آخذ وقتكم أًصبح هذا من المكررات، وخلال السنوات
الماضية وكل المناسبات السابقة نحن شرحنا رؤيتنا وفهمنا وقراءتنا للأحداث في سوريا
والأفق والحلول السياسية وإصرار البعض على رفض الحلول السياسية وإصرارهم على الحرب
ورفض أي شكل من أشكال المصالحة والخلفيات ومن يقف خلف هذه الحرب وهذه المعركة فلا
أعيد.
لكن بناءً على
كل ما شرحنا في السابق، نحن شخصنا أنه عندنا مسؤولية. وهذه نقطة جديرة بالنقاش،
حتى اليوم بالعالم العربي أنا أدعو بعض الجهات أنه لا بأس، حتى إذا كان أحد يريد
أن يتوقف، يمكن أن يقول إن حزب الله والمقاومة ضد إسرائيل، وإنه في موضوع سوريا
هناك التباس، هناك إشكال، هناك بيني وبينك خلاف في وجهات النظر، لا يوجد مشكلة،
لأنه الحق أن تسمعوا وجهة نظرنا وأن تتابعوا المعطيات والوثائق والتطورات
الميدانية وما قالوا وما قيل وما قلنا، الأميركان ماذا يريدون، والإسرائيلي ماذا
يريد، والأنظمة العربية ماذا تريد، طبيعة الاستهدافات في سوريا، لا يوجد أي مشكلة.
لمّا شخصنا وكنّا
صادقين بالتدحرج الذي أنا تكلمت عنه، بعض الناس يقول لك السيد "يتحجج"، لا، حقيقة نحن كنا نركض
وراء الواجب، الحد الأدنى من الواجب.
حسناً، دمشق كانت بخطر، مقام السيد
زينب في خطر، بعد ذلك منطقة القصير، بعد ذلك صار الموقف يتدحرج، حقيقةً كان يتدحرج،
نحن لم نكن راغبين، ولا أن شبابنا "لامينهم" من الشوارع، ولا شيء، أن
قوموا، نريد أن نبحث عن مكان نقاتل فيه أو عندنا هواية قتال، نحن نحسب الأمور
جيداً من الناحية الشرعية ومن الناحية الفقهية ومن ناحية المسؤولية ومن ناحية
مصالح البلد ومصالح المنطقة وأولوية المقاومة في مواجهة إسرائيل وما شاكل.
من أوائل الذين
ذهبوا إلى سوريا كان الشهيد القائد الحاج علاء، وحضر إلى اللحظة الأخيرة، وكان
لديه بصيرة ووضوح في الرؤية وإيمان شديد، وكان يقود المعارك في الميدان.
حسناً، أول مرة
أصيب بالجراح، عاد إلى لبنان. كان يستطيع أن يقول يا إخوان "كفاها المولى، ما
في بهالجيش إلا علاء؟"، فليبدلوني، دعوني أبقى أنا هنا. لا، مجرد أن شفي عاد
وذهب إلى سوريا، بعد مدة أصيب مرة ثانية وكانت إصابته خطرة، جاء أيضاً وعولج وشُفي
وعاد إلى سوريا، لم يكن "يتحجج"
أبداً، عنده
سبعة أولاد وعنده عائلة وحقه كان أن يقول، أنه "أنا بزيادة هالقد"، دعوا
إخواناً آخرين أن يكونوا مكاني، لكن لأن علاء، مثل كثير من إخوانه الموجودين في
سوريا عندهم وعي كامل لحقيقة المعركة كما شرحناها، نحن لا نخترع أسباب وذرائع، لا
نجد لأنفسنا حجج حتى نقاتل في سوريا، نحن لسنا محرجين مع أحد لنقاتل في سوريا، نحن
لا أحد أمرنا أن نقاتل في سوريا، حتى إيران، حتى سماحة السيد القائد، نحن لم نأخذ
أمراً من سماحة السيد القائد، نحن بطبيعة الحال نبحث عن الإجازة الشرعية، عندنا
إجازة ولكن ليس عندنا أمر، إذهبوا وقاتلوا وافعلوا، أبداً، هذه إرادتنا وهذا
قرارنا وهذا فهمنا وهذا وعينا. علاء يمثّل كل إخوانه الذين استشهدوا في سوريا وكل
إخوانه الذين ما زالوا على قيد الحياة ويقاتلون في سوريا. من هذا الموقع، يعني موقع
الفهم والرؤية والبصيرة.
حسناً، من هنا
أنا أدخل للمقطع الأخير، من بوابة سوريا، لأقول إن التوتر الأخير الذي حصل من قبل
السعودية تجاه لبنان، والذي شرحت بعض جوانبه قبل أيام، أنا أريد أن أكمل قليلاً في
بقية الوقت المتاح، في بقية الجوانب، أو بعض الجوانب، ربما لا يتسع الوقت للحديث عن
الجميع.
اليوم لبنان أمام غضب السعودية،
السعودية في حالة غضب شديد، هلموا بنا لنرضي السعودية ونهدئ غضبها، لماذا السعودية
غاضبة؟ كل شخص قام بالتحليل والتفتيش عن الأسباب. ما هي الحقيقة؟ ما السبب؟ ما
السر؟ تكلمنا بشيء في المرة الماضية، وسنكمله وإن كنت أشرت له في المرة الماضية.
في التكملة،
نعم السعودية غاضبة، وغاضبة علينا نحن، يحق لها أن تغضب، أنا أتحدث بكل واقعية،
أنا أتفهم غضب السعودية، لماذا؟ لأنه عندما يفشل أحدهم، أقل ما يمكن أن يفعله هو
أن يغضب، وفي حال غضب ويستطيع أن يفعل شيئاً يحاول أن يفعل شيئاً، هذا تبسيط
للموضوع.
في سوريا، يوجد
غضب سعودي هائل، لأنهم كانوا يحسبون في سوريا، أن تنتهي الأمور بالشهر الأول
وبالشهرين الأولين. عندما ذهبنا لنتحدث مع بعض الدول في الحل السياسي، بالمصالحة، بالحوار،
مع بعض أطراف المعارضة السورية ـ أحدهم يقول لي أين براءة الذمة يا سيد، هنا براءة
الذمة ـ ذهبنا لنقول لهم يا أخي القيادة السورية جاهزة لتجد حلاً، جاهزة للحوار،
جاهزة لتقدم التنازلات، وأنا قلت هذا الموضوع مفصلاً سابقاً، وكان الجواب دوماً:
كلا، كلا، كلا. (وبالنسبة لهم) سوريا شهرين، ثلاثة وتنتهي، على الأغلب 3 أشهر
وتنتهي.
لا أحد مهتم لا
عن حل سياسي، ولا عن وقف نزيف الدم، ولا عن غيره من الأمور، لأنهم جميعاً بنوا حساباتهم،
وفي مقدمهم السعودية، أنه خلال شهرين أو ثلاثة أشهر تسقط سوريا في أيدينا، والذي
يدير اللعبة، العامل الإقليمي الأول في ذلك الحين والأكثر تدخلاً كان السعودية،
ونحن نعلم أنه في ذلك الوقت جاء أحد الأمراء وجلس في عمان، وكان هو من يدير،
ويتدخل، وينفق المال، ويعطي الأوامر، وغيره. الآن لا أريد أن أدخل في الأسماء،
الأسماء معروفة، من كان هذا الشخص، وماذا كان يفعل..
مر أول شهر، وثاني شهر، أول سنة، ثاني
سنة، وكل يوم يقولون غداً سننتهي، ومرت 5 سنوات وخابت الآمال. الآن سوريا في مكان
آخر غير الذي كانوا يتوقعونه لها في بداية الأحداث، أي انتهائها بعد شهرين وثلاثة
وأربعة.
هنا يوجد فشل
كبير، ويوجد سقوط رهانات، كانوا يريدون أن يأتوا بالناتو ليقاتلوا في سوريا، كانوا
يريدون أن يأتوا بالاميركان ليقاتلوا في سوريا، وغيرهم ليقاتلوا، وكل ذلك تم العمل
عليه، ويعتقدون أن الأميركان وغير الأميركان يعملون عندهم، لا يعلمون أن
الاميركيون يشغّلون كل العالم في مشروعهم هم. هذا الغضب من سوريا.
نفس الأمر في
اليمن، كانت تقديرات القيادة السعودية الجديدة اننا نحن نستطيع خلال أسبوعين أو
ثلاثة أو على حد أقصى، خلال شهر أو شهرين أن نحسم المعركة في اليمن، ونأتي ونعطي
درساً لكل الدول العربية، وكل العالم العربي. هذه قيادة الحزم، هذه مملكة الحزم، هؤلاء
ملوك وأمراء الحزم، ونفرض سطوتنا على العالم العربي، ونفرض قيادتنا على العالم
العربي، هكذا كانت حساباتهم.
وإلا قبل الحرب
على اليمن، إسألوا اليمنيين، حتى المختلفين بين بعضهم البعض، يقولون لكم: واللهِ، تاللهِ،
نحن بصنعاء كنا اتفقنا وانتهينا، الحوار الوطني ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة
الخليجية كله كان منتهياً، وجاء السعوديون وقالوا إنه يجب أن ترموا هذا كله
جانباً، ونريد أن نحسم عسكرياً.
أين الإسبوع ـ أسبوعين؟
أين الشهر ـ شهرين؟ يوجد فشل ذريع جداً في اليمن. الأثمان التي تدفعها السعودية
اليوم نتيجة حربها على اليمن، أثمان بشرية، ومالية، واقتصادية، وسياسية، ومعنوية
في العالم، وفي الداخل، وفي المنطقة. هي أثمان كبيرة جداً، وباهظة جداً، وأين
الفضيحة؟ انه تحت عنوان الحرب على اليمن، هي حرب على الحوثيين الارهابيين، كما
يقولون هم في أدبياتهم، وهي حرب على الشعب اليمني في الحقيقة، هي تمكّن من أجمع
العالم على تصنيفه إرهابياً من السيطرة على المحافظات الجنوبية، في عدن، وفي لحج،
وفي أبين، وفي حضرموت، ويرتكبون المجازر المهولة.
منذ يومين فقط،
وفي دار للمسنين. هل يستطيع أحد أن يشرح هذا الموضوع للعالم؟ دار للمسنين في عدن،
انا سأشرح هذا الأمر لكم لأنه لن يشرحه أحد. في دار للمسنين في عدن، بوجد كبار
السن، لكن من يخدم في هذا الدار؟ مجموعة راهبات، ومن يوجد ممرضات؟ يوجد هنديات
ممرضات.
إذاً (حسب
تفكيرهم) يوجد كفار موجودون في دار المسنين في عدن، يوجد كفار يجب أن نذبحهم، يجب
أن نقتلهم. يا أخي هم يقومون برعاية هؤلاء المسنين، المسنون مسلمون جميعهم.
الراهبات مسيحيات، الهنديات لا أعلم إن كانوا من الهندوس أو السيخ أو المسلمين، قتلوا الراهبات، والممرضات، والذي وجدوهم أمامهم في طريقهم من المسلمين المسنين، لأنه لا يوجد مشكلة، بالطريق هؤلاء شهداء يذهبون إلى الجنة. أليس هذا عقل داعش؟
هذا بظل من؟ هذا بظل القوات السعودية
التي تقصف وتدمر في اليمن.
الأرض لمن
تعطونها؟ إنكم تعطونها لداعش، تعطونها للقاعدة.
هذه عدن وغير
عدن، كل يوم يوجد شواهد على هذا الموضوع.
وهم فشلوا،
وسيفشلون، وأنا أؤكد لكم، أنا على قناعة تامة بكل كلمة قلتها منذ اليوم الأول، لا
يمكن إلا أن ينتصر الشعب اليمني، لا يمكن. هذا منطق العدالة الإلهية، والقوانين
والسنن الحاكمة في التاريخ، وفي المجتمعات. الشعب الذي يقاوم، ويصمد، ويثبت، ولا يتزلزل، ولا يخاف، لا
يمكن أن يهزم، لا يمكن أن يهزم مهما كانت الطواغيت التي تقاتله.
اذاً، هم فاشلون في اليمن، ويوجد فشل في سوريا، فشل في اليمن، فشل في لبنان، فشل في البحرين.
فشل في البحرين، أين؟ لا يوجد حرب في
البحرين، الفشل في البحرين هو في إنهاء الإنتفاضة الشعبية، منذ 5 سنوات وما زالت
الناس تتظاهر، وتصرخ، وتتكلم، وملتزمة بالسلمية، هذا فشل للسعودية في البحرين.
جاؤوا
ليحمّلونا نحن المسؤولية، هم يفتشون على أحد ليحملوه مسؤولية الفشل.
والله يا جماعة
أنتم تبالغون، أنتم تبالغون . نحن شاكرون في حال "طلعنا" نحن السبب، حزب
الله المتهم بالتدخل، طبعاً موضوع البحرين واليمن أتكلم بخصوصهم فيما بعد لأنها
بحاجة إلى تفصيل، ولكن الآن لأنها مناسبة علاء وهو متعلق بسوريا، عراق، البوسنة،
تكلمنا في هذه المحطات.
لكن أود أن
اقول لكم إنه في حال "طلع عنجد" أننا نحن نتحمل مسؤولية كبيرة جداً في
إفشال هذه المشاريع، وهذه الحروب، وهذه الأعمال العدوانية، هذا نفتخر فيه في
الدنيا، وفي الآخرة، ولكن والله أنتم تبالغون، لأنه ليست هكذا الأمور، هذا ليس حجمها.
حسناً، غضبوا علينا فطال غضبهم كل لبنان، لماذا طال غضبهم كل لبنان؟! لأن اللبنانيين يجب أن يغضبوا علينا، لماذا يجب أن يغضب اللبنانيين علينا؟ اذهبوا وانظروا الى استطلاعات الرأي، للأسف الشديد يوجد مراكز دراسات تجري استطلاعات رأي ولا تنشر النتائج، اللبنانيون يعرفون أن المشروع السعودي، وإلى هؤلاء الذين يتحدثون دائماً في المصالح الوطنية، المشروع السعودي في سورية كان إسقاط النظام وليحكم من يحكم، وطبعاً إذا استطاعوا هم أن يحكموا هذا أفضل شيء بالنسبة لهم، مثل اليمن الآن، مشروعهم قتل وإسقاط الحالة المعارضة لهم، وليحكم داعش ولتحكم القاعدة في عدن وفي أبين وفي حضرموت، ليس مهماً، نفس العقلية في سورية.
حسناً، لو لم تصمد سورية وسيطرت القاعدة وداعش والنصرة وأصحاب هذا الفكر ـ وهذه ترجمته وآخر مشاهدها دار المسنين في عدن ـ على سورية، أين كان لبنان وشعب لبنان ومسلمو لبنان ومسيحيو لبنان، وكل من يتكلم في يومنا هذا عن الاعتدال، ومعتدلو لبنان! أين كانوا؟!
من يواجه السعودية في سورية هو
المدافع الحقيقي عن المصالح الوطنية اللبنانية، لا يمكنك أن تأتي لتبتز
اللبنانيين، وتقول أنا أقوم بالسماح لكم أن تعملوا بالخليج، "اعملوا
معروف" أتركوا سورية تسقط في أيدي المنظمات الإرهابية التكفيرية التي ستأتي
لاحقاً لتذبح أطفالكم ولتسبي نساءكم وتدمر مساجدكم وكنائسكم، هذا المنطق لا يقبل
أحد فيه، بعضاً من التأمل، هذا ابتزاز غير مقبول. حسناً، بدأت ردود الأفعال التي
تكلمنا عنها المرة الماضية وكل يوم يأتون يحجة. يعني اليوم مثلاً لماذا لا تريدون
أن تعطو للجيش سلاحاً؟ ظهر أنه إذا أعطينا للجيش سلاحاً سيصل السلاح إلى الحزب،
هذا عادل الجبير، اليوم هذه هي الحجة.
حسناً، على
علمكم، أيها اللبنانيون، أيتها اللبنانيات، يا أ،خي في الحد الأدنى من وقت ما عادت
الدولة وكان اتفاق الطائف، حزب الله أخذ في مرة من المرات بندقية من الجيش؟ أو
"أخذ في مرة من المرات شي مدفع أو شي صاروخ؟ بالمنيح او بالقوة؟"، فلترشدوني إلى
ذلك، منذ اتفاق الطائف، ونحن نفترب من الثلاثين سنة على اتفاق الطائف، ما هذا
الكلام، هم يبحثون عن حجج واهية.
حسناً، أتى الإجراء
الثاني المهم، انهم وضعوا حزب الله على لائحة الإرهاب في منظمة التعاون الخليجي،
خيراً إن شاء الله! وبعد ذلك حملوا القرار وذهبوا به إلى وزراء الداخلية العرب،
طبعاً، باجتماع وزراء الداخلية العرب، ليس بأنهم وضعوا بنداً بأن حزب الله منظمة
إرهابية، أو أخذوا قراراً بأن يصنفوا حزب الله منظمة إرهابية، قاموا "بتهريبة
" يعني السعوديين، وأنا لا أخفف في المسألة، يعني الوزراء الداخلية العرب،
يجب أن يكونوا مستيقظين وليسوا نائمين، وليسوا نعسانين، ومنتبهين بأنه هل هذه هي
سياستهم أو ليس كذلك.
عندما انتهى
الاجتماع، عادةً البيان الختامي هو بيان تقليدي، حيث قاموا بصف الكلام في البيان
الختامي، وجاءت جملة "حزب الله ارهابي" وكان يتوقع السعودي أن هذا
الكلام يمرّ، من سيتحدث في مجلس الوزراء الداخلية العرب؟ خرج الوزير العراقي وناقش
في الموضوع، وأخذ موقفاً، وهو بالمناسبة مشكور، ورفض واعترض بشدة. الجزائري، امتنع
وقال إنه لا يستطيع أن يمشي بالقضية، اللبناني أيضاً "كثّر الله من
خيره" والجزائري أيضاً. اللبناني التزم بالموقف الرسمي، تعبّد، نحن نسميه
تعبّد، يعني أنه يتعبّد بالموقف الرسمي الحكومي، "كثّر الله خيره وزير داخلية
لبنان"، عظيم.
الباقي مرّ
عليهم الموضوع وصدر البيان، طبعاً، لا يوجد إجماع عربي، انتهينا، لكن صدر البيان، بعد
ذلك بدأت ردود الأفعال، وهذا ما أريد أن أقف عنده في نهاية الكلمة، الواضح أن
الحضور الأكبر في ردود الافعال، هو لتونس، الآن تونس تفاعلها مع المقاومة والقضية
الفلسطينية معروف، لكن يمكن أن يكون أحد الأسباب أن الاجتماع على أرض تونس، وفي
النهاية وزير داخلية تونس لم يحرك ساكناً، هذا غضب الشعب التونسي، رأينا رد فعل
مختلفاُ في تونس. الشخصيات، الأحزاب على اختلاف اتجاهاتها في السلطة وخارجها،
الكتل النيابية ونقابات لها تاريخ عريق، وصحف ووسائل إعلام وجمعيات وشرائح شعبية،
وصولاً إلى نفس الموقف الرسمي الذي نقل عن رئيس دولة تونس، الرئيس السبسي، وتصريح
وزير الخارجية التونسي، أنه نحن لا نتبنى هذا الموقف، والطلب بمعالجته. طبعاً رد
الفعل الكبير والممتاز هذا، بكل صراحة نحن نخص بالشكر تونس، رئيساً ودولة وأحزاباً
وبرلماناً ونقابات وصحف وأناس وأحباء وأعزاء، بأنهم عبروا عن حقيقتهم وعن حقيقة
هذه الأمة، ونحن لم نطلب لا منهم ولا من أحد، أنا وإخواني اجتمعنا، كان لنا في نفس
اليوم اجتماع، واتفقنا أن لا نتصل بأحد ولا نطلب من أحد موقفاً في موضوع منظمة
التعاون الخليجي، أن لا نطلب من أحد. الناس ترى وتقدر الموقف، وكل واحد يعمل وفق
مصلحته وما يراه مناسباً، هذه قيمة الموقف، انه ليس هناك من هو محرج معنا، نحن لم
نتصل بأحد، ولم نطلب من أحد.
حسناً، هذا
الموقف التونسي كان موقفاً كبيراً ويشكر جداً، المواقف في لبنان، في فلسطين وسورية
والعراق ومصر والجزائر والأردن وإيران وباكستان والمغرب وموريتانيا، حتى من داخل
دول الخليج ودول أخرى، على المستوى الشعبي، الموقف كان ممتازاً جداً، طبعاً على
المستوى الرسمي أضيفت الجزائر، طبعا أخذت موقفا أوضح، موقف سورية الرسمي وإيران
الرسمي.
أمام هذا الذي
شاهدناه وقيل، أريد أن أعلق بكلمتين:
واحد: نحن نتوجه بالشكر إلى كل من تضامن معنا ودافع عنا وأدان
واستنكر ورفض القرار الخليجي بتوصيف حزب الله منظمة إرهابية، أو وزراء الداخلية
العرب، الشكر للجميع وهذا إن شاء الله هو خير في الدنيا وهو خير في الآخرة.
اثنين: أهمية هذا الذي حصل أنه يعبر ويؤشر
إلى مكانة المقاومة عند الشعوب العربية، والذي يحاول أن يقول إن هذه المقاومة
وانتهت ومسحت، هذا غير صحيح.
المقاومة
والقضية الفلسطينية وفلسطين والصراع العربي الاسرائيلي، ما زال حاضراً بقوة.
ثالثاً: هذه الصرخة التي شاهدناها
وسمعناها خلال هذه الايام القليلة، قيمتها عالية جداً، لا تقاس حتى بمظاهرات
الملايين في السابق. لماذا!؟ لأنه يوجد الآن مناخ في العالم العربي، سطوة المال والإعلام
والأنظمة والتكفير الديني والسياسي، يعني كل واحد أخذ موقفاً في هذه الأيام يعرّض
نفسه ومصالحه الشخصية الحزبية والوطنية للخطر لأنه يقف في وجه الغضب الملكي وغضب
الملوك وغضب الأمراء، وقد لا تسامحه السعودية كما أنها لن تسامح اللبنانيين الذين
يسكتون عن حزب الله، كما لن تسامح التونسيين ولا تسامح المصريين ولا السوريين ولا
العراقيين ولا ولا ولا الذين يرفضون قرارها بتوصيف حزب الله منظمة إرهابية.
إذاً هذه صرخة
حق في وجه سلطان متسلط ومهيمن بالمال، وبالأخطر من المال، بالإعلام والتكفير الديني
والتكفير السياسي. ما الذي يمنع من أن يصدروا غداً فتوى من بعض مشايخهم هناك،
يقولون فيها بأن كل واحد رد على هذا القرار هو رادّ على الله ومشرك بالله سبحانه
وتعالى، ويكفّرون الناس جميعاً. ولكن هؤلاء أخذوا هذا الموقف في كل هذه البلدان
وفي كل هذه الساحات.
وفي النقطة
التي بعدها وهي على درجة عالية جداً من الاهمية، أهمية ردود الأفعال الرسمية
والشعبية وخصوصا الشعبية، هي رسالة قوية لإسرائيل، إسرائيل التي تكلمتُ قبل خطابين
أنها تعتبر أن هناك فرصة، وتقدم نفسها صديقة وحامية لأهل السنة، ويوجد بعض الدجالين
الكذابين المنافقين من سياسيين ووسائل إعلام حرّفوا كلامي وقوّلوني ما لم أقل، إنه
أنا أقول إن أهل السنة صاروا حلفاء أنا لم أقل هذا وكلكم سمعتم، إسرائيل تقدم
نفسها هكذا.
هناك من يريد
أن يساعدها وأن يقدمها هكذا، ملك البحرين استقبل حاخاماً صهيونياً في قصره في
المنامة، علماء البحرين ورموزها يُزجُّ بهم في السجون والصهاينة يُستقبلون في قصور
الملك في المنامة. يمكنكم ان تقرأوا ماذا قال له ملك البحرين للحاخام الصهيوني.
ردود الأفعال التي سمعناها هي جواب الشعوب العربية الذين هم في الأعم الأغلب من
أهل السنة والجماعة لإسرائيل، أن لا تحلمي، إنك يا إسرائيل فرحتِ بأن مجلس التعاون
الخليجي وضع حزب الله على لائحة الإرهاب، لكن هذه الفرحة خابت بردود الأفعال هذه،
رسالة إلى إسرائيل، التي تقولها ردود الافعال هي التالية: لا تحلموا، لا يمكن في
هذا العالم العربي والإسلامي ولدى الشعوب العربية والإسلامية، لا يمكن أن يأتي يوم
يصبح فيه وجودكم طبيعياً، نقبل فيه وجودكم وبقاءكم، لا يمكن أن تصبحوا أصدقاء
لشعوبنا العربية والاسلامية، فضلا عن أن تصبحوا حلفاء. أنتم أعداء وستبقون أعداء . أنتم إرهابيون وستبقون إرهابيين في
نظرنا. هذه الرسالة القوية.
نعم، إسرائيل
التي تحتل المقدسات وفلسطين يجب أن تتلقى هذا الجواب. التي تقتل في كل يوم
فلسطينيين، التي تزج آلاف الفلسطينيين في السجون، التي تطارد الفلسطنييين حتى إلى
آخر الدنيا. هذا المناضل الشريف الشهيد عمر النايف، المهجّر والمطرود والمشرّد من
بلده، من فلسطين، لجأ إلى بلغاريا. في قلب السفارة الفلسطينية في بلغاريا يذهب
الموساد الإسرائيلي ويقتله، والعالم العربي لا يحرّك ساكناً. الأنظمة العربية لا
أحد منهم يفتح فمه أو يعترض، لا أحد منهم يقدم شكوى إلى مجلس الأمن، لا نرى بياناً
من جامعة الدول العربية، لأن هذا فلسطيني وقتلته إسرائيل "معليش".
الرسالة التي تلقتها إسرائيل في
الأيام القليلة الماضية هي هذه: أنت إسرائيل العدو وستبقين العدو. لن يستطيع أي
نظام عربي أن يطبّع مع إسرائيل. لا آل سعود ولا آل فلان ولا آل فليتان ولا
نظام ولا وعّاظ سلاطين ولا فقهاء بلاط ولا إعلام ينفق عليه ملايين الدولارات، ولا
أكاذيب الفتنة الطائفية والمذهبية ولا التحريض الطائفي والمذهبي. التحريضي الطائفي
والمذهبي يمكن أن يعمل مشكلة بين الشيعة والسنة وبين المسلمين والمسيحيين،
لكنه لن يطبّع مع إسرائيل.
حتى هذه التي
هي آخر أسلحتكم لن تؤدي إلى نتيجة.
انظروا إلى
مصر، مصر التي وقّعت "كامب دايفيد" منذ زمن بعيد، مجلس نوابها ماذا فعل
بنائب مطبّع لأنه استقبل السفير الإسرائيلي في بيته؟ هذه مصر التي تقيم علاقات دبلوماسية
مع إسرائيل وتوجد سفارة إسرائيلية في القاهرة لأن نائباً في البرلمان المصري
استقبل السفير الإسرائيلي في بيته، عندما دخل إلى مجلس النواب "ضربوه
بالصباط" (رموه بالأحذية). ومجلس النواب المصري أخذ بأغلبيته الساحقة إجراءات
قاسية بحق هذا النائب المطبع.
هؤلاء هم
العرب، هذه هي الهوية العربية، هذه هي الشعوب العربية ، هذه هي الأمة العربية، على
إسرائيل أن تفهم هذه الحقيقة. آل فلان وآل فلان لو صافحوكم وعانقوكم يسقطون معكم.
من يريد أن يرفعكم أيها القتلة، أيها المجرمون، أيها الصهاينة، يا مرتكبي المجازر
في دير ياسين وجنبن وقانا وبحق المصريين والتونسيين وشعوب المنطقة، من يريد أن
يرفعكم من مكان يسقط معكم. هذه هي الرسالة.
ستكتشف السعودية مبكراً إذا كان هناك عقل يفكر أنها تخوض معركة خاسرة، أنها تخوض معركة خاسرة.
بقية الإجراءات لن نتحدث عنها، لكننا
سنلاحقها واحدة واحدة، أيضاً حتى "لا نهبّط حيطان" لأن هناك شيئاً تحدث
عنه اللبنانيون ولم يتحدث عنه السعوديون. اللبنانيون يقدمون لهم اقتراحات، اعملوا هذا وهذا وهذا.
بين أيديكم وفي
محضر الشهيد القائد، الحاج علي أحمد فيّاض، الحاج علاء البوسنة وإخوانه الشهداء،
أؤكد لكم أننا سنحفظ بلدنا من الأخطار، سنحمي سلمه الأهلي ووحدته الوطنية. سنبقى
المقاومة التي تقف سداً منيعاً أمام تهديدات إسرائيل وأطماعها، والمقاومة التي
ستبقى أمل الأمة في الكرامة والتحرير. سنبقى في الميادين التي يجب أن نكون فيها
مهما تعاظمت الاتهامات والافتراءات ومهما تعاظمت التضحيات، عندما نقدم أغلى قادتنا
وشبابنا شهداء، وسنبقى كلمة الحق وصرخة الحق في وجه السلطان الجائر مهما كان
طغيانه وجبروته. وسنبقى الشركاء في صناعة النصر في زمن الانتصارات ومن المبشرين به
دائماً إن شاء الله تعالى.
بكم، باحتضانكم، بمحبتكم، بتأييدكم، بعوائل الشهداء الكرام، بصبرهم وثباتهم نواصل طريقنا ولن تكون عاقبته إلا النصر والخير والبركة إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
العلاقات الإعلامية/حزب الله
بتوقيت بيروت