النص الكامل لكلمة الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر
الله في احتفال إحياء أسبوع الشهيد حسن الحاج في اللويزة 18-10-2015
السادة
العلماء، الإخوة والأخوات، أيها الحفل الكريم، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله
وبركاته.
إنني في
البداية أتوجه إليكم، وبالأخص إلى عائلة الأخ الشهيد القائد الحاج أبو محمد، أولاً
أبارك بهذا الوسام الإلهي الرفيع الذي ناله من موقع الاستحقاق والجدارة، وأعزي
بفقد هذا الحبيب والعزيز الذي غادرنا إلى عالم الخلود وعالم البقاء، لعائلته
الشريفة، لإخوانه المجاهدين في المقاومة ولجمهور المقاومة وكل المحبين والأوفياء،
نحن سوياً نتشارك هذه المشاعر وهذه الأحاسيس وهذا الموقف.
الحاج أبو محمد قائد من قادة المقاومة وواحد من أركانها وأعمدتها ومجاهديها البواسل، الحاج أبو محمد من الإخوة الذين شاركوا في انطلاقة هذه المقاومة منذ أيامها الأولى منذ بداياتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982. كان خياره واضحاً منذ البداية، وكان قراره حاسماً منذ البداية، وحضر في كل الساحات، وكان يعشق الشهادة ويتوقعها في كل مناسبة، ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يبارك في عمره كل هذه العقود، هذه العشرات من السنين التي أمضاها مقاتلاً ومجاهداً ومرابطاً ومسؤولاً وقائداً وحاضراً دائماً في الميدان.
شبابه، عمره، زهرة شبابه أمضاها في هذه المقاومة، من 1982 لا حياة لأبي محمد خارج المقاومة كما عندما نتحدث عن السمك بالمياه، السمك لا يعيش خارج المياه، أبو محمد ما كان يستطيع أن يتنفس أي هواء أو يحمل أي فكر أو ينضبط بأي نَفَس خارج المقاومة، ولذلك كان منذ البداية يعيش في تلالها ووديانها وخنادقها وخطوطها الأمامية، وفي نهاية المطاف كان شهيداً من قادتها الشهداء.
أهم ما
يستوقفك في هذا الأخ الشهيد صفاته الشخصية. أنا أعتقد أن من أهم النقاط المميزة في
شخصية الحاج ابومحمد هو هذا الجانب. في نهاية المطاف القائد العسكري يملك كفاءات
عسكرية، يملك خبرة عسكرية، يملك تجربة عسكرية، وهذه يمكن أن يحصل عليها الإنسان في
أي مكان، في أي مؤسسة عسكرية، في أي إطار عسكري، لكن الميّزة الرئيسية في هذه
الشخصية تكمن في تديّنه المميز، في التزامه الدقيق بالأحكام الشرعية، في حرصه على
طاعة الله سبحانه وتعالى وتجنب غضبه، في خُلُقه الحسن وحسن العشرة والأدب الرفيع،
كل ما أتحدث به الآن هو ليس شهادة واحد وليس شهادة اثنين، كل من يعرف أبا محمد
يصادق على ما أقول في هذه الساعة.
التواضع الجم، الابتسامة الدائمة حتى في الشدائد، المحبة، العطف، والأبوة والحنان على كل من يحيط به، التقدير الخاص لوالديه ولعائلته، الهدوء، الصبر، الطاقة العالية على التحمل، الاستعداد الدائم للتضحية، الطاعة والالتزام، نكران الذات، احترام الآخرين والاصغاء إليهم، الحضور المباشر بين المجاهدين، الحضور الدائم في الميدان في الخطوط الأمامية، وهذا ما أدى إلى شهادته. لكن لو أردنا أن نعيد كل هذه الصفات وغيرها ممّا لم أذكر إلى صفة مركزية أو محيطة، أقول هي حب أبي محمد لله وزهده في الدنيا.
لا يوجد شيء عند أبو محمد ـ عادة نحن نناديه أبو محمد الإقليم، حاول أن يكرس الحاج ماهر، "ما مشيت"، عندما تقول الحاج ماهر يقال يعني أبو محمد الأقليم ـ ما نعرفه عن أبو محمد الإقليم أن في داخله لا يوجد حسن الحاج، ولأنه في داخله لا يوجد حسن الحاج لا يوجد أنانية، لا يوجد الأنا، أنا الذي قاتلت، أنا الذي جاهدت، أنا الذي أنجزت، أنا الذي نصرت، أنا الذي قوّيت، أنا الذي رفعت، أنا الذي تفضلت، أنا الذي مننت، أنا العقل، أنا الفكر، هذه الأنا، الأنا عندما توجد في داخل أي إنسان تدمره وتدمر جماعته وتدمر كل من يحيط به، وعندما تغيب هذه الأنا يصبح هذا الإنسان إلهياً، عندما تحضر هذه الأنا يصبح شيطانا في شكل إنسان، مشكلة إبليس مع آدم كانت هذه الأنا، هذه الأنا لم تكن عند هذا الشهيد القائد، ولذلك كان الطاهر، الصادق، المخلص، النقي، الشريف، العفيف، ويمكنك أن تضع صفات بكل صدق تنطبق على أبو محمد وعلى أمثال أبو محمد ممّن خرجت الأنا من أعماقهم ومن ذاتهم، عندما تخرج الأنا يشعر هذا المجاهد أنه يؤدي واجبه باتجاه ربه، هو في جهاده وسهره وتعبه وضناه وألمه وجراحه، هو يؤدي حق العبودية لله سبحانه وتعالى ويؤدي واجبه تجاه الناس، فلا يمنّ على الناس لا بجهاد ولا بتعب ولا بصبر ولا بجراح ولا بشهادة.
المسألة
تبدأ من هنا، ونحن اليوم نشعر أننا أمام إنسان مميز جداً على المستوى الديني
والأخلاقي والروحي والنفسي، ونشعر أننا فقدنا هذا الإنسان بهذا المعنى، بهذه
الصفات، قبل أن نكون قد فقدنا قائداً عسكرياً جديراً ومقداماً أيضاً.
في الجانب الآخر، نحن أمام قائد كفوء يتحمل المسؤولية، كانت له إنجازاته الكبيرة في المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي منذ البداية، من محور إقليم التفاح إلى كل خطوط المواجهة في الجنوب، إلى معسكرات التدريب، إلى كل المواقع التي عمل فيها والمسؤوليات التي تحمّلها، إلى مواجهة العدوان في حرب تموز 2006 حيث كان من المسؤولين والقادة الأساسيين في مواجهة هذا العدوان، إلى مواجهة مشروع الإرهاب التكفيري في السنوات الاخيرة.
أبو
محمد من صنف كثير من المجاهدين والقادة الذين يعملون بعيداً عن الأضواء، مجهولون
في الأرض، معروفون في السماء، يسهرون ويتعبون ويكدّون، ولا يعلم عنهم خبر ولا
يُنشر لهم اسم أو صورة إلا بعد الشهادة، ولا يتحدث عنهم أحد بأشخاصهم، يتحدث عن
المقاومة، عن المقاومين، عن قادتها، عن أبطالها، ولكن مَن هم فلان أو فلان أو
فلان، هم ليسوا في دائرة الضوء، حتى إذا قضوا شهداء وغادروا الدنيا وأهلها عرفهم
أهل الدنيا وشاهدوا صورهم وعرفوا أسماءهم واضطلعوا على بعض حقيقة حياتهم وسيرهم.
وحتى بعد
الاستشهاد، لا يمكن أن يصبح هؤلاء الشهداء وهؤلاء القادة الشهداء في دائرة الضوء
تماماً. نحن لا نستطيع أن نتكلم اليوم، كما كان يحصل مع بقية الشهداء، لا نستطيع
أن نتكلم عن إنجازاتهم الشخصية، نتحدث عن إنجازات المقاومة الذين هم جزء منها، أما
ماذا فعل الأخ فلان والحاج فلان والشهيد فلان، فلا نستطيع أن نتحدث، لا نستطيع أن
نتكلم حتى عن مواقع المسؤولية التي انتقلوا فيها عاماً بعد عام ومرحلة بعد مرحلة،
لأن هذا من أسرار المقاومة ومن خبايا المقاومة ويرتبط بهيكلية المقاومة، والمقاومة
ما زالت في دائرة الفعل، لم تدخل في دائرة الكتابة عنها أو التأريخ لأشخاصها،
مازالت تصنع الفعل في الميدان ويجب الحفاظ على أسرارها وخباياها وتجاربها
وهيكليتها وشخصية قادتها ووسائل وطرق عملها، ولذلك نحن ـ كما تلاحظون ـ عندما نتحدث
عن قائد في المقاومة نتحدث بهذا الإجمال وبهذا التعميم.
وفي
كل الأحوال، هذا الجانب قد يكون موضع اهتمام بعض الناس، إنهم يحبون الحديث أو
يحبون الاستماع، ولكن ليس موضع اهتمام الشهداء. الشهداء بعدما نالوا هذا الوسام
الإلهي الرفيع ووصلوا إلى الحياة الأبدية والنعيم الدائم وغادروا السجن إلى القصر
ـ كما يقول أبو عبد الله الحسين عليه السلام ـ لا يعنيهم أن تمدحهم أو تتحدث عنهم
أو تطلق عليهم الصفات العالية أو أن يذكرهم الناس أو لا يذكرهم الناس، ولكن هم
يبقون لنا ـ من خلال جهادهم وصفاتهم ومآثرهم ـ القدوة والنموذج والسابقين السابقين
والدليل على الطريق.
أيها
الإخوة والأخوات، مع الشهيد أبو محمد وإخوانه كان إنجاز المقاومة عام 2000 بعد 18
سنة من العمل المتواصل الدؤوب، بعدها دخلت المقاومة مرحلة جديدة من الاعداد
والجهوزية وكان الانتصار الكبير عام 2006 والذي صنعه رجال المقاومة ومنهم هذا
القائد الشهيد، ومنذ انتهاء حرب تموز 14 آب 2006 عاد الناس إلى حياتهم ليبنوا
بيوتهم ويجددوا أماكن عملهم ويرتبوا أمورهم. وعاد أبو محمد وإخوان أبو محمد
ليستكملوا الجهوزية ويعدوا العدة ويجددوا بناء القوة التي صنعت الانتصار في 2006،
لأننا في جوار عدو له أطماعه، له طموحاته، عدو له تلك الطبيعة العدوانية
الإرهابية، ولا يمكن أن يأمن إنسان في جوار العدو العدواني الإرهابي المتعطش
للدماء، عاد أبو محمد كما بقية إخوانه إلى سيرتهم الأولى، المسؤولية الكبرى حماية
لبنان، حماية شعب لبنان، حماية أهلنا، حماية الشرف والكرامة والسيادة، والمسؤولية
الكبرى هي أن يكونوا في المواقع المتقدمة، في مواجهة إسرائيل وعدوانية إسرائيل،
وفي مواجهة المشروع الصهيوني. هكذا أكمل حياته بعد حرب 2006. هكذا أكمل المقاومون
حياتهم بعد عدوان 2006، بعد أن غادرهم من إخوانهم الشهداء مَن غادرهم.
هذه
المعادلة التي لاحظتم في بعض ما نشر من كلمات أبو محمد كان يشير اليها باختصار،
معادلة بناء القوة لردع العدو، ليس لدينا حل آخر، هذه التجربة التي نجحت حتى الآن،
اليوم هذه التجربة نجحت في حماية البلد، من 14 آب 2006 إلى اليوم وفي كل ساعة وفي
كل يوم يشعر فيه شعبنا في لبنان وخصوصاً في جنوب لبنان، في راشيا، في البقاع
الغربي، في المناطق التي دخلها الاحتلال واستقر فيها طويلاً، في المناطق الحدودية
التي كانت تتعرض للعدوان دائماً منذ عام 1948 منذ قيام كيان العدو الغاصب لفلسطين
وحتى قبل قيام هذا الكيان، عندما كانت المنظمات الصهيونية الإرهابية تعيث فساداً
عند الحدود اللبنانية الفلسطينية. اليوم، وفي كل ساعة، يشعر أهلنا وشعبنا فيها
بالأمن والأمان والطمأنينة والثقة في مواجهة العدو، فبفضل هؤلاء الرجال، بفضل هذا
القائد وإخوة هذا القائد ورفاقه، بفضل المقاومة إلى جانب الجيش اللبناني الوطني
والاحتضان الشعبي الكبير له في ظل معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
أيها
الإخوة والأخوات، اليوم أنا أقول للمجاهدين إخوة الحاج أبو محمد أن وصيته لكم أن
تواصلوا الحفاظ على هذه القوة التي بنيتموها وعلى هذه الجهوزية التي اوجدتموها،
وأن تعملوا على صيانتها وحفظها وتطويرها، لأنها بعد الله سبحانه وتعالى هي الضمانة
لحماية بلدنا وشعبنا وكرامتنا وشرفنا وأعراضنا في زمن يتخلى فيه الكثيرون عن أبسط
المسؤوليات الإنسانية والأخلاقية والوطنية، ولكن أنتم ونحن لسنا كذلك ولا نتخلى عن
هذه المسؤولية.
عندما
يسقط شهداء، وخصوصاً شهداء قادة، يقلق المحبون، أنه ما هي الحكاية ؟! هؤلاء قادة
يسقطون شهداء؟! وهل دخلت المقاومة في مرحلة الاستنزاف؟ هل هذا سيؤدي إلى ضعف
المقاومة أو تراجعها؟ فيقلق المجبون ويشمت العدو، وللأسف الشديد يشمت بعض الخصوم،
مع العلم أن هذه ليست مساحة لأن يشمت أحدنا بالآخر، بل يتصرفون كذلك. أنا أود أن
أطمئن في ذكرى الشهيد القائد، أن هذه المقاومة بات لديها ـ ومنذ سنوات طويلة ـ جمع
كبير من القادة، في مختلف الصفوف والمستويات، ولم تعد، يعني المقاومة، في الحقيقة
لم تعد مبادرة فردية، لم تعد جماعة قائمة بوجود بعض الأفراد أو بعض القادة، تجاوزت
مرحلة التأسيس، أصبحت مؤسسة قائمة، لها هيكليتها ومدرستها وأركانها وأعمدتها
وقادتها وكادرها ومجاهدوها وفكرها وعقيدتها، ووو الخ. ولذلك لم تعد المقاومة
مرهونة بوجودها أو متوقفة على وجود قائد هنا أو قائد هناك، حتى إذا ما
استشهد هذا القائد ثلم فيها ثلمة لا يسدها شيء، على الإطلاق، مع كل التقدير للقادة
الشهداء وللقادة الأحياء ولأهميتهم ولعظمة إنجازاتهم ولأدوارهم، لكن بحمد الله عز
وجل، وهذا من بركات إنجازاتهم أيضاً، أنهم حوّلوا مقاومتهم إلى مدرسة وإلى مؤسسة
وإلى كيان نابض بالحياة، قادر على الاستمرار ومواصلة الطريق حتى ولو قضى من قضى في
وسط الطريق شهيداً. هذا ما أحببت أن أقوله ليطمئن المحب وليقلق العدو، وحتى الخصم
إذا صنف نفسه عدواً.
هذه
المقاومة تقوى بقادتها عندما يكونون أحياء وتشحذ هممها وتزداد صلابة عندما يمضون
شهداء، ولذلك دماء الشهيد أبو محمد الاقليم هي دفع جديد وحياه جديدة في عروق هذه
المقاومة وفي حياة هذه المقاومة وفي عزم وقرار هذه المقاومة.
في كل الأحوال، نحن إخوة أبو محمد نستمر في موقفنا المقاوم ومسؤولياتنا الجهادية، في مواجهة إسرائيل وفي مواجهة المشروع الصهيوني في كل المنطقة، وهذ واجبنا وهذا إيماننا وهذا التزامنا، ومن هذ الموقع، كنا دائماً وسنبقى إلى جانب مقاومة الشعب الفلسطيني، إلى جانب جهاده وانتفاضته وفي كل المراحل.
واليوم
أيضاً، ونحن ننظر إلى الشباب والشابات الفلسطينيين في فلسطين المحتلة، إلى الكبار
والصغار في فلسطين المحتلة، وهم يواجهون بقبضات عزلاء إلا من حجر أو سكين وبصدور
عارية، أحد أقوى جيوش هذه المنطقة وأحد الكيانات البوليسية المتوحشة، ومدى شجاعتهم
وعزمهم وتصميمهم يكبر الأمل بأن بانتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني ومقاومة
اللبنانيين وبمحور المقاومة الصامد، نعم ما زالت الآفاق مفتوحة، وأنه لن يكون هناك
مستقبل، لا لهذا الكيان الغاصب لفلسطين ولا لأيّ من حماة هذا الكيان.
اليوم،
هذه الانتفاضة المتجددة هي الأمل الحقيقي والأوحد لخلاص الشعب الفلسطيني من
الاحتلال، وهي الحصن الحصين لحماية المسيجد الأقصى والمقدسات، ومسؤولية الجميع
الوقوف إلى جانبها ومساندتها ودعمها، كل بحسب طاقته وقدرته وظروفه، وهذا ما نتطلع
إليه ونجدد دعوة الجميع إليه، لأن هذه فرصة جديدة يعبّرعنها أجيال جديدة في فلسطين.
كل الذين
راهنوا على سكون وعلى إحباط وعلى يأس الفلسطينيين اليوم تذهب رهاناتهم أدراج
الرياح. نحن أمام جيل وأجيال جديدة تؤمن بالمقاومة وتؤمن بالانتفاضة وتؤمن
بالكرامة والشرف والمقدسات والقدس والأقصى، ولذلك هي مستعدة لأن تقاتل بالسكين
حَمَلة السلاح والبنادق والمتحصنين في دباباتهم، وهذه لها دلالات معنوية ونفسية
وجهادية وسياسية كبرة جداً.
هذا الشعب
الفلسطيني يواصل جهاده وانتفاضته وعلى شعوب هذه الأمة وحكومات هذه الأمة أن تقف
إلى جانبه وأن تسانده ما استطاعت.
أيضاً مع
الحاج أبو محمد وإخوانه دخلنا في مواجهة المشروع التكفيري الذي يهدد المنطقة
والعالم، هذا المشروع التدميري لكل شيء، للإنسان، للحياة، للمجتمعات، للشعوب،
للحضارة، للتاريخ، يعني الواحد يسأل أنتم ماذا تريدون أن يبقى غيركم على قيد
الحياة؟ كسؤال، وهذا سؤال عجيب يعني! أن تأتي لجماعة وتسألهم أنتم من توافقون
غيركم أنتم، ـ يعني غير جماعتكم الخاصة ـ من توافقون أن يبقى على قيد الحياة؟ وما
هو الشيء الذي توافقون أن يبقى على وجه الأرض؟ هذا سؤال محير يعني وتحدي جديد، لا
أعتقد أن البشرية واجهته إلا في بعض المراحل القديمة في التاريخ.
على كلّ،
هذا المشروع في السنوات الاخيرة عاد بأبشع صوره وبأقصى طاقاته المتوحشة، واستطعنا
مع كل المجاهدين والمناضلين الصادقين أن نقف في وجهه، أكثر من أربع سنوات ونحن
نقاتل هذا المشروع الدموي الإرهابي التكفيري، وفي أكثر من ساح وميدان، وفي كل مكان
كان، يجب أن نكون فيه كنا، وقدمنا الشهداء وما زلنا موجودين فيها اليوم. لولا هذا
الصمود، لنتكلم عن النتائج المحسوسة والملموسة، كما في المقاومة، لولا المقاومة من
1982 لل 2000 لما كان التحرير النتيجة الملموسة، ولولا جهوزية المقاومة بعد ال
2000 وانتصارها في ال 2006 لما كان هذا الأمن والأمان في لبنان وفي جنوب لبنان في
مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، أيضاً هذه النتيجة الملموسة.
واليوم
لولا هذا الصمود في العديد من الساحات، أتحدث ليس عن صمودنا نحن، أتحدث عن صمود كل
الذين يقاتلون هذا المشروع ويقفون في وجهه، لولا هذا الصمود الميداني في مواجهة
داعش وأخوات داعش من العراق إلى سوريا إلى لبنان، أين كانت المنطقة اليوم؟ أين كان
العراق اليوم؟ أين كانت سوريا اليوم؟ أين كان لبنان اليوم؟ وأين كانت المنطقة
اليوم وأين كان العالم؟
لو قدر
لهذه الجماعات الدموية بأن تسيطر على العراق وسوريا ولاحقاً لبنان، ماذا كان سيكون
مصير شعوب هذه البلدان ودول هذه المنطقة؟ المصير كان سيكون ما آلت إليه أحوال
الناس في الموصل وصلاح الدين والأنبار والرقة ودير الزور وغيرها، هجرة الملايين،
تشريد الملايين، مصادرة أموالهم، تدمير المساجد والكنائس، وكل أثر حضاري تاريخي
وفرض نوع من الحياة لا يطيقه الإنسان الطبيعي، الإنسان الذي يعيش بفطرته، بعقله،
القتل لأبسط الأسباب، الذبح لأبسط الأسباب، هذا المناخ العام الذي كان سيسيطر،
الاقتتال الداخلي هو الذي كان سيتحكم، ولا اي مساحة لا لانتخابات ولا لممثلين
حقيقيين للشعوب ولا للتعبير عن الرأي ولا لإظهار شكل من أشكال النقد أو المعارضة،
ولا لشراكة ولا لوجود ولا لقرار، بل لا كرامة ولا لأمن.
إذاً،
بصمود هؤلاء الذين صمدوا خلال هذه السنين في هذه الساحات، نحن اليوم نلمس نتيجة
هذا الصمود، وإن كانت المعركة لم تحسم حتى الآن، وإن كانت المعركة مفتوحة وقد تكون
طويلة أيضاً، ولكن ببركة هذا الصمود تم حماية حتى الآن هذه البلدان، بل حماية هذه
المنطقة، بل حماية حتى ـ للأسف ـ الخصموم الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً وهم
واهمون وجاهلون. أقول لكم، حتى هذا الصمود الميداني في اليمن من قبل الجيش اليمني
واللجان الشعبية في مواجهة العدوان السعودي ـ الأميركي هو الذي سينقذ اليمن، ليس
من الغزاة فقط، بل لو نجح الغزاة في كسر إرادة الجيش واللجان الشعبية ـ ولن ينجحوا
إن شاء الله ـ فإن الذي سيحكم اليمن وسيتحكم بمصير اليمن هو القاعدة وداعش
وأخواتها ومثيلاتها كما يحصل الآن في عدن وفي جنوب اليمن وفي حضرموت والمكلا
وغيرها.
إذاً، كل
هذه المواقع التي تقاتل اليوم في مواجهة هذا المشروع الإرهابي التكفيري إنما هي
تدافع عن الجميع، عن كل شعوب المنطقة، عن مسلميهم ومسيحييهم وأقلياتهم الدينية
والمذهبية، عن سنّتهم وشيعتهم، عن حضارتهم وتاريخهم، عن تنوّعهم، عن حقهم في
الحياة الكريمة والآمنة، عن حقهم في الشراكة، عن حقهم في التعبير عن الرأي، وفي
هذا الطريق قضى الحاج أبو محمد الاقليم، لهذا السبب. وإلا فأي سبب يدفع بقادة
مقاومة وبمجاهدي مقاومة قضوا شبابهم "30 سنة" على الحدود مع فلسطين
ليذهبوا إلى الحدود، إلى سهل الغاب مثلاً حيث استشهد أبو محمد، إلى الحدود مع حماة
وإدلب واللاذقية وحلب، لماذا؟ لأن كلا المشروعين الصهيوني والتكفيري يريدان الوصول
إلى النتيجة نفسها: تدمير شعوبنا ومجتمعاتنا وإذلالها وقهرها وسحقها ومصادرة
إرادتها. وببركة هذا الصمود أيضاً وهذه الدماء الزكية بدأنا نشهد تحولاً كبيراً في
الرأي العام العربي، وهذا مهم جداً لنا، بدأت الأمور تختلف داخل دول كثيرة في
العالم العربي اليوم، النظرة تختلف، فهم طبيعة الصراع القائم تختلف، بدأت الوجوه
تنكشف، الحقائق تظهر، الضباب ينجلي، وبالتالي بدأنا نسمع مواقف جديدة، ونقرأ
مقالات جديدة، وهناك اتجاهات جديدة وتحوّلات تكبر يوماً بعد يوم، وهذا مهم وأيضاً
تبدلات في المواقف.
لكن يعود
الفضل أيضاً إلى هذا التحول في الرأي العام وإلى هذا التحول في المواقف الداخلية
أو الإقليمية أو الدولية إلى أولئك الصامدين في الميدان، إلى الذين استشهدوا
وبذلوا أرواحهم ودماءهم من أجل أن لا ينتصر هذا المشروع الزاحف بالدم ليحكم مصير
المنطقة. والذي يحسم المسائل في المستقبل أيضاً هو الميدان، الذي يفرض على الدول
أن تبدل في مواقفها هو الميدان، الذي يفرض على العالم، على شعوب العالم، أن يعيد
النظر بتقييمه وبرأيه وبفهمه هو الميدان، ولذلك يجب أن نكون حاضرين دائماً في
الميدان.
ونحن إخوة
"أبو محمد الإقليم" في يوم أسبوع شهادته أقول لكم: إخوانه وأحباؤه من كل
رجال المقاومة هم اليوم حضور في الميدان حيث يجب أن يكونوا أكثر من أي زمن
مضى، نوعاً وعدةً وعديداً، لأننا في معركة وفي مرحلة فاصلة حاسمة. ونحن لن نتخلى
عن هذه المسؤولية، نحن منذ البداية كان لدينا وضوح وبصيرة في أمرنا، ويوماً بعد
يوم يزداد هذا الأمر، هذه البصيرة، هذا الوضوح، هذا اليقين، هذا الإيمان، من خلال
ممارسات مَن نقاتل وفي كل الساحات وفي كل البلدان.
مثلاً من
الأخبار المؤسفة والمحزنة ـ تقريباً يوماً بعد يوم ـ في نيجيريا عمليات
انتحارية تستهدف المصلين في المساجد، ما دين هؤلاء المصلين؟ الإسلام، مذهبهم؟ من
أهل السنة. من أجل أن لا يأتي احد ويقول أنتم تقاتلون دفاع عن الشيعة، ويبيّن
المعركة كانها معركة الشيعة مع السنة، كلا.
بوكو حرام
التي هي من نفس الماهية، من نفس السنخية، من نفس الطبيعة، من نفس الفكر، من نفس
المنهج، اجلبوا لوائح أسماء المسلمين الذين قتلوا ـ طبعاً قتل مسملون ومسيحيون
ولكن الآن نتحدث لنستدل على هذه النقطة ـ وأسماء المساجد، هم يقتلون أهل السنة فقط
لأنهم ليسوا بوكو حرام، فقط لأنهم ليسوا على مذهبهم، ليسوا على فكرتهم، ليسوا
بعصابتهم، عندما نقاتل هؤلاء نحن ندافع عن الشيعة فقط أو ندافع عن المسلمين جميعاً؟
وهكذا عندما نذهب على امتداد العالم العربي والإسلامي، أمس في القطيف، في مدينة سيهات، يهاجَم مسجد وحسينية ويسقط شهداء وجرحى، ما القصة؟ هؤلاء كفرة، هؤلاء مشركون لأنهم يقيمون عزاء حفيد رسول الله (ص)، لو كانوا يقيمون عزاء شيخ من شيوخ هؤلاء القتلة لما حُكم عليهم بالكفر أو الشرك، ولكن لأنهم يعبّرون عن موّدتهم لرسول الله (ص) ولآل رسول الله (ص) الذين جعلت مودتهم أجراً للرسالة والرسول في القرأن الكريم، لأنهم يواسون رسول المسلمين جميعاً بصاب حفيده، هذا يكفي بأن يُقتلوا وبأن يُعتدى عليهم ويتم إرهابهم وإرعابهم والهجوم عليهم بالسلاح وبالمتفجرات كما يحصل الآن في أكثر من مكان.
هذه الأحداث التي تحصل أيها الإخوة والأخوات هذه تزيدنا إيماناً ويقيناً وبصيرة ووضوحاً أننا نحن لسنا مخطئين، نحن لم نشخّص "غلط"، ولسنا ذاهبين إلى المعركة "الغلط"، نحن نشخص بشكل صحيح، وذاهبون إلى المعركة الصح، كما القتال في مواجهة الصهاينة هو دفاع عن المسلمين جميعاً وعن مقدسات المسلمين وعن شعوب المنطقة مسلمين ومسيحيين وعن القيم الانسانية والمقدسات الدينية، القتال أيضاً في مواجهة هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية هو دفاع عن الإسلام والمسلمين وشعوب المنطقة ومقدسات المنطقة والقيم الدينية والإنسانية، ولذلك تستحق شهداء من مستوى أبو محمد وإخوة أبو محمد ومن مضى في هذا الطريق إلى الآن.
كما قلت نحن سنواصل تحمّل المسؤولية في الإتجاهين، ونملك إن شاء الله من القادة ومن المجاهدين ومن الإمكانيات ومن القدرة ومن الأهلية ومن الكفاءة أن نتواجد في الجبهتين، وسنبقى في لبنان الحماة في مواجهة الصهاينة، وفي المنطقة أيضاً، وسنبقى في لبنان وفي المنطقة أيضاً المقاومين والمواجهين لأي مشروع يستهدف كرامة الناس وسلامتهم وأمنهم وقيمهم.
في
الشأن الداخلي أود أن اقول كلمة قبل أن أختم ولا أريد أن أطيل عليكم، أكثر مما
أطلت.
نحن في
لبنان دائماً نؤكد حرصنا على الحوار، حريصين ودائماً عندما كنا نُدعى إلى حوار
نلبي، ونؤكد دائماً حرصنا على التلاقي بين اللبنانيين، لأن مصلحة اللبنانيين
ومصلحة البلد ومصلحة الاستقرار السياسي والأمني تقتضي ذلك.
أيضاً في
هذه الحكومة، نحن شاركنا فيها من أجل الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، مع أن
شركاءنا فيها قاتلوا من أجل إسقاط الحكومة السابقة، وذهبوا إلى كل عواصم العالم
لمحاصرتها ومقاطعتها، وكادوا أن يحرقوا البلد ليعودوا إلى السلطة وإلى الحكومة.
واليوم،
رغم الأداء المتعثر لهذه الحكومة، مع تقديرنا الخاص لرئيسها دولة الرئيس سلام،
وهذا واقع وليس مجاملة، الرجل أثبت صبراً وحكمة وهدوء وتحمل مسؤولية وطنية، بالرغم
من الأداء المتعثر لهذه الحكومة، نحن دائماً كنا ندعو إلى الحفاظ على هذه الحكومة،
ولا نؤيد إسقاطها أيضاً من أجل البلد، وليس لأنه لدينا وزارات في هذه الحكومة،
"ملقّطين فيها وما شاء الله"، أبداً، لا في الحوار نحن نبحث عن مصلحة
خاصة لحزب الله ، ولا في الحكومة نحن نبحث عن مصلحة خاصة لحزب الله، نحن هنا نبحث عن
المصلحة الوطنية، مصلحة اللبنانيين في الحوار، حتى ولو كانت إنتاجيته بطيئة أو
محدودة، لكنه يبقي الآمال قائمة والأبواب مفتّحة، مصلحة اللبنانيين في بقاء هذه
الحكومة لأن البديل هو الفراغ وقد يكون الانهيار، ونرى كل المنطقة من حولنا.
سمعنا في الأيام القليلة الماضية كلاماً، رُدّ عليه من إخواننا، ولكن أنا أعتبر أنه يجب أن أتكلم فيه قليلاً، لأنه ليس هو كلام جديد في بعض جوانبه، ولكن في روحيته ليس جديداً.
خلال كل الفترة الماضية، نحن نسمع من بعض القوى السياسية، بالتحديد من تيار المستقبل، عندما يتكلمون عن الحوار كأنهم يتفضلون على الآخرين، أنهم يقومون بالحوار معك، أو أتوا إلى طاولة الحوار وعند دولة الرئيس نبيه بري، متفضلون ويمنّون على اللبنانيين أنهم ذاهبون إلى الحوار، هذا الإحساس بالنسبة لدينا هو مرفوض، نحن لا نقبل من أحد أن يمنّ علينا بحوار، "إذا كنت تمنّ علينا بالحوار فبلاه، بلاه".
ثانياً: أنهم موجودون بالحكومة ويتحملون المسؤولية ويمنّون على اللبنانيين، أنهم قبلوا أن يكونوا في حكومة نحن موجودون فيها وأيضاً من حلفائنا موجودون فيها، وأنه "ربط نزاع وما ربط نزاع".
إذا كنتم
تشعرون أنكم محرجون أو متفضلون علينا وعلى غيرنا، من خلال بقائكم في الحكومة، فلا
تشعروا بحرج "وبلا هالفضل تبعكم والله معاكم"، فلا توجد مشكلة، فهذا
موضوع التفضل والمنيّة "أنتم شو إلكم علينا يا أخي؟".
نحن لا نريد أن نمنّ على أحد أننا نحاوره، ولا نريد أن نمن على أحد أننا نشاركه في حكومة, أصلاً نحن إلى جانب بقية إخواننا المقاومين في بقية الأحزاب والقوى اللبنانية، حررنا بلدنا وقدمنا آلاف الشهداء والجرحى وعندما وقفنا في بنت جبيل في 25 أيار 2000 وإذا كان يوجد إنجاز لبناني في الخمسين والستين سنة الماضية، هو إنجاز التحرير في المقاومة، ولم نمنّ على أحد أننا قاتلنا دفاعاً عنه أو أننا حررنا أرضه، "شو جاي جنابك لتقعد معانا عالطاولة وبدك تتفضل علينا وتمن علينا، لا حبيبي لا".
هذا
الموضوع على كل حال، الآن لا أعرف إذا دولة الرئيس نبيه بري رجع من السفر أم لا،
نحكي فيه ، كلا هذا "بدو نقاش"، وأنا على كل حال سأدعو وسأناقش في أسرع
فرصة، لأننا كنا مشغولين بمجالس عاشوراء، أنا سأدعو قيادة حزب الله الحقيقة لإعادة
النظر، "إذا هيك لا خيي لا، مش إنت تفلّ من الحوار، أنا لا أقبل أن أتحاور
معك، وأنا لا أقبل أن أقعد معك".
ثانياً:
نشعر بالإبتزاز، يعني أنا واحد من الناس وأنا كلبناني أمس أنا شعرت بالإبتزاز، أنه
إذا لم تساعدونا لنخرج من فشلنا وعجزنا في البقاع، شو قصة البقاع يا إخواننا؟، أنه
عُمل خطة أمنية في البقاع، نحن شو المطلوب منا نحن؟ أنه نحن حزب سياسي نحن وحركة
أمل، أتوا وقالوا نريد أن لا أحد يغطي المخالفين والذين يثيرون الوضع الأمني،
والذين كذا.... نحن لم نغطّ أحداً في يوم من الأيام، وأنا أتحدى كل المؤسسات
الأمنية والعسكرية والقضائية والذين لديهم ضابطة عدلية في لبنان، أن يقولوا أنهم
أتوا ليعتقلوا أحداً، هو تاجر مخدرات أو حرامي سيارات أو قاتل أو قاطع طريق أو..
أو..أو.. أو... ونحن أتينا ومنعناهم، لكن هم فاشلون وهم عاجزون، طيب هو ماذا يريد
منا؟ نحن نعتقل العالم ونسلمهم للدولة، هذه ما عادت الدولة هذه صارت سجن، سجان،
أنتم دولة أم مديرية سجون؟ نحن ليست وظيفتنا أن نعتقل الناس ونسلمكم إياهم، هذا
نعم عملناه بموضوع عملاء "إسرائيل"، هذا شيء له علاقة بالمقاومة، وكل
شيء له علاقة بالمقاومة له حسابه الخاص، لكن أنا مطلوب مني في البقاع، حزب الله
وحركة أمل، المطلوب منا في البقاع أن نعتقل الناس ونسلمهم للدولة؟ هذه ليست
"شغلتنا"، لماذا توجد دولة؟ وأنتم تعلمون حساسية هذا الأمر، هذا ليس
تخلفاً عن المسؤولية، وأهلنا في البقاع يعرفون أنه لا توجد مصلحة في هذا الأمر،
هناك من يريد أن يُدخل حزب الله وحركة أمل في البقاع في صراع مع العائلات ومع
العشائر، لأنه نحن شبابنا هم أولاد هذه العائلات والعشائر، لكن الدولة دولة والجيش
جيش وقوى الأمن قوى أمن، "وعشو موازنات؟ وعلى ماذا معاشات؟ وعلى ماذا
تجهيزات؟ وعلى ماذا مئات ملايين الدولارات؟ وتنصت وأجهزة فنية وتكنولوجيا متطورة
....الخ؟".
على كلٍ،
إذا الكلام عن الحوار من أجل الإبتزاز، نحن نرفض الإبتزاز، وإذا الكلام عن البقاء
في الحكومة إبتزاز، فنحن نرفض الإبتزاز، الذي يحب أن يبقى في الحوار أهلاً وسهلاً
فيه، "والذي يحب يفل من الحوار الله معه، مع السلامة"، "والذي يحب
أن يبقى في الحكومة أهلاً وسهلاً فيه، والذي يحب إنه يفل الله معه مع
السلامة"، ونرفض أن يكون هذا الموضوع موضع إبتزاز لنا أو لغيرنا، ونحن لا
نُجبر أحداً، لا على البقاء في الحوار ولا على البقاء في الحكومة، نحن كجزء أو
كشريحة من اللبنانيين بالتأكيد حريصون على بلدنا، وأعود وأقول حريصون على استقرار
بلدنا السياسي والأمني وعلى تواصل قواه السياسية، وعلى بقاء الحكومة الحالية وعلى
البحث عن مخارج، لكن إذهبوا وفتشوا عن المشاكل الحقيقية، أين ومن وكيف صارت ومن
عملها؟
في كل الأحوال، نحن في كل أمر نكون حريصين فيه، لكن الموضوع المعنوي بكل صراحة أقول لكم وموضوع كرامتنا هي ليست كرامة شخصية، أنا في الموضوع الشخصي أو أي أخ من إخواني، في كرامته الشخصية يتجاوز ولا يوجد شيء، ويعبر ولا يوجد شيء، لكن عندما تكون هناك كرامة ناس وتيارات طويلة وعريضة، ونشعر أن هذه الكرامة يتم المسّ بها، كلا، الموضوع مختلف، مهما يكون الشخص حريصاً، الموضوع يكون مختلفاً.
في كل الأحوال أيّاَ تكن ساحات المسؤولية في مواجهة العدو الصهيوني، وفي مواجهة الموضوع التكفيري وفي مواجهة تحديات داخلية، نحن، أخوة الشهيد القائد حسن محمد حسين الحاج، أبو محمد الإقليم، الحاج ماهر، الشهيد القائد الذي نفخر بجهاده ونعتز بشهادته، سوف نبقى نتحمل كامل المسؤولية، حتى نحقق إحدى الحسنيين، وعلى المستوى الشخصي كلا الحسنيين، إما النصر وإما الشهادة.
رحم الله شهيدنا الغالي، وحشره مع رسول الله ومع أنبياء الله ومع أهل بيته الأطهار، ومع جميع الشهداء ومع سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على عائلته الشريفة بالصبر والسلوان، وهي تعيش حالة اعتزاز وافتخار ومعنويات عالية، وأن يمنّ عليكم جميعاً بالحفظ والسلامة والصيانة والعز والكرامة إن شاء الله، والوفاء ومواصلة طريق هؤلاء الشهداء الأعزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بتوقيت بيروت