نستكمل في الجزء الثاني الحديث عن المميزات التي تحدث عنها سماحة الامام السيد علي الخامنئي عن "التعبئة" بوصفها عقيدة وثقافة ومنهج وسلوك تستلهم حركتها من الإسلام العظيم :
5- الثقافة
إنّ التعبويّ يعيش ثقافة توهّله للقيام بدوره الرياديّ في مواجهة كلّ التحدّيات الّتي يفرضها المستكبر.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
"إنّ ثقافة التعبويّ هي ثقافة المعنويّة والشجاعة والغيرة والاستقلال والحريّة وعدم الوقوع في أسر القيود الحقيرة".
فهذه المفردات كلّها تختصر ثقافة
التعبويّ الّذي يتحرّك على ضوئها، فهو الّذي يعيش الاستقلال ويرفض التبعيّة للشرق
أو الغرب، والّذي يملك الغيرة على المجتمع وعلى الإسلام بل على الإنسان في قضاياه
العامّة المحقّة، وهو الشجاع الّذي لا تثنيه التهديدات وإرهاب الأعداء عن تأدية
دوره، والتقدّم إلى ساحات المواجهة. وهو الّذي لم تغوِه الدنيا ولم تذله
أو تستعبده، بل هو الحرّ فيها الّذي لا يركن إليها، ولم تأسره قيودها وأغلالها
وزينتها وما فيها من أوهام زائلة. فهو عبد الله الّذي أرادته الدنيا ولم
يردها.
6- الالتزام بالقوانين والأخلاق الإسلاميّة
التعبئة ليست حركة فوضويّة لا تقيم للقوانين والأنظمة وزناً، بل على العكس تماماً فالفرد التعبويّ هو الّذي يعيش النظام والقوانين ويدعو الناس إليها، وكلّ تصوّر آخر هو تصوّر خاطئ.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
"ينبغي أنْ تلغوا هذا الانطباع الخاطئ من الأذهان من أنّ التعبويّ شخص لا يقيم للقوانين وزناً. إنّ العكس هو الصحيح. إنّ التعبويّ هو أكثر أبناء الشعب تحرّقاً للنظام والقانون".
بالإضافة إلى النظام والالتزام بالقوانين فالتعبويّ يُشكّل نموذجاً للتعامل الإسلاميّ والأخلاق الإسلاميّة الراقية، وعلى أفراد التعبئة أنْ يتحلّوا بالآداب والأخلاق الإسلاميّة.
ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام:
"كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً"2.
وهذا ما يُشير إليه الإمام الخامنئيّ دام ظله:
"أساس التعبئة هو النظم والأدب والمعاملة الإسلاميّة. وعلى أفراد التعبئة أنْ يتحلّوا بذلك أكثر من غيرهم من أفراد الناس".
ويقول دام ظله:
"إنّ على التعبويّ أنْ يتصرّف بالشكل الّذي يكسب به ثقة الشعب. فيجب أن تكونوا أمثولة أخلاقيّة في التواضع والرحمة واحترام القانون".
فالتعبويّ في الحقيقة يجب أنْ يكون نموذجاً مشرقاً في السلوك والانضباط الإسلاميّ، فإن لم يمثّل أبناء التعبئة ذلك فمن يمثّله؟
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
"إنّ سلوك وأدب وانضباط أفراد التعبئة ينبغي أن يكون أقرب من سلوك الآخرين إلى السلوك الإسلاميّ".
7- الحيويّة والنشاط
يتمتّع أفراد التعبئة بالنشاط والحيويّة ويتميّزون بالهمّة العالية، لا يثنيهم كسل أو ضجر عن تأدية تكليفهم وإنجاز وظائفهم الشرعيّة التزاماً بوصية الإمام الصادق عليه السلام:
"إيّاك والكسل والضجر فإنّهما يمنعانك من حظّك من الدنيا والآخرة"3.
وهذا ما يؤكِّد عليه الإمام الخامنئيّ دام ظله حيث يقول:
"التعبويّ ذو همّة عالية".
8- يحمل همّ الأمّة
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
"الشخص الّذي يكون حسّاساً اتّجاه قضايا البلاد وخطّ سيرها العامّ واتّجاه هجوم العدوّ العسكريّ أو الثقافيّ من كلّ حدب وصوب لا يُمكنه أن يتّجه نحو الفساد، وليست لديه فرصة للتفكير في الرغبات الفاسدة والمفسدة الّتي يروّجها الأعداء في المجتمع، وهذا هو التعبويّ".
فالتعبويّ ليس شخصاً مستهتراً يعيش
على هامش المجتمع بأنانيّة تجعله غريباً عن هموم الأمّة، بل هو في الحقيقة الشخص
الواعي الّذي يعيش المسووليّة ويحمل بين أضلعه همّ هذه الأمّة، ويتحسّس مسائلها
المصيريّة...
9- الارتباط بصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف
إنّ التعبئة في الأساس هي حركة تمهيديّة لظهور الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف. والفرد التعبويّ عندما يعمل فإنّه من خلال عمله يرمق الأفق منتظراً الظهور ويريد من خلال عمله هذا أن يكون جنديّاً في جبهة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ممهّداً له ومهيّئاً الأرض لظهوره، يريد للرسالة أن تصل لمولاه:
مولاي نحن معك ليس بألسنتنا فقط ولا بقلوب بعيدة عن الأعمال. نحن معك بأعمالنا وسيوفنا، فقلوبنا تهفو إليك وعيوننا ترمق الأفق تنتظر لواءك وأعمالك، وجهادنا يوكّد أنّنا على نهجك نعمل وبقيادتك نأتمر، دونك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، هذه رسالتنا إليك وهذا ميثاقنا معك.
يقول القائد الخامنئيّ دام ظله:
"إنّ الميثاق المعقود بين أعزّتنا أفراد التعبئة وبين وليّ العصر أرواحنا فداه المهديّ الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف هو ميثاق دائم وغير قابل للتزلزل".
فأفراد التعبئة في الحقيقة هم جنود الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:
"يا أفراد قوات التعبئة اعتبروا أنفسكم جنوداً لوليّ العصر(أرواحنا فداه) أينما كنتم سواء في الجامعات أم الحوزات العلميّة أم المدارس أم في الأسواق والمعامل أم في المعسكرات في القرى أو المدن، وليكن عملكم لذلك الإمام عجّل الله تعالى فرجه، واطلبوا من الله التوفيق والعون".
هوامـش
1- بحار الأنوار, ج64, ص307.
2- وسائل الشيعة, ج12, ص8
3- تفسير نور الثقلين, ج1, ص 567
شبكة المعارف الإسلامية
بتوقيت بيروت