بـاقة جميلة من كلمات الإمــام السيـد علي الخامنئي (حفظه الله) في مجال الترويج لثقافة مطـالعة الكتب، تم اختيارها من كتاب "أنا والكتاب" الصادر عن "جمعية المعـارف الثقافية" وهي بمثابة برامج تفصيلية تحدث فيها سماحته في مناسبات عديدة، مؤكداً على ضرورة الإهتمـام والإستثمار في الشأن الفكري والثقافي لمّا يرتب آثاراً كبيرة على مصير أي شعب وأي بلد ولو على المدى البعيد، وننشرها على حلقات:
الحــلقة الثانية
لا تقولوا لدينا أعمال
لا يقطعنّ أيّ شخص لانشغاله بالتبليغ والعمل في أيّ مجالٍ أو مكان من الأمكنة علاقته بتحصيل المعارف، لا ينبغي أن نقول لدينا عمل ولا نستطيع. إنّني نفسي في بدايات الثورة قد تركت المطالعة قرابة السنتين، وذلك بسبب الانشغالات التّي كانت تحيط بنا، فهل كان هذا أمرٌ لينتهي! لم يكن هناك من مجال أبداً، كنت أعود إلى البيت في الساعة الحادية عشر مساءً أو أكثر، وأبدأ العمل في الساعة الخامسة أو السادسة صباحاً، علماً أنّه، كان لديّ بعض المواعيد في منزلي أيضاً. فقد كان مفتوحاً أمام المراجعين، كنت أعود لأرى بعضاً من أركان الدولة، والمؤسّسات الثورية، والقطاعات المختلفة، وعلماء المحافظات وغيرهم، جالسين في الغرفة لديهم أعمال ينتظرونني. كانت تمرّ فترات من دون أن أرى أولادي رغم كوني معهم في المنزل نفسه! ففي المساء، عندما كنت أعود كنت أجدهم نياماً، وفي الصباح أيضاً كنت أخرج قبل أن يستيقظوا. كانت تمضي أيّام طويلة دون أن أرى أولادي. هذا ما كان عليه وضع حياتي. فجأةً، دققت ناقوس الخطر، وها أنا ذا الآن قد عدت إلى المطالعة منذ حوالي الثلاث أو الأربع سنوات (1984)...
لقد كانت عودتي إلى المطالعة ثانيةً بعد تسلّم رئاسة الجمهورية. إنّني الآن أطالع وأتابع أعمالي أيضاً ولا أجد تعارضاً بين الأمرين. كما أنّ لي قراءاتي العلميّة والتاريخيّة وكذلك مطالعات مسلّية.
إنّني أرى أنّ المطالعة ممكنة حتّى حال العمل. قبل انتصار الثورة بمدّةٍ وجيزة، وبعد الانتصار أيضاً، حيث أتيت إلى طهران وانشغلت بأعمال كثيرة، لم أكن أجد فرصة للمطالعة على الإطلاق... في هاتين السنتين الأخيرتين، رأيت أن الأمر لا يصحّ على هذا النحو، ويجب عليّ بالنهاية، أن أجد فرصة للمطالعة. منذ حوالي السنتين، وعلى الرغم من أنّ انشغالاتي لم تقلّ بل ازدادت، قرّرت أن أعود مجدّداً إلى المطالعة، بدأت، ووجدت الأمر ممكناً، إنّني الآن أطالع في كلّ يوم وكلّ ليلة مقداراً ما. لقد قمت بالمطالعة تدريجياً،...لعلّني دوّنت مئات الصفحات من التعليقات،...أدركت أن الأمر ممكن.
الكتاب يؤثّر بي في الصميم
الكتاب الّذي أقرأه يؤثّر في نفسي، أي أنّه ينفذ إلى أعماق وجودي. فجزءٌ من انعكاساته يظهر بالتأثّر، لكن هناك جزءً آخر ناتج عن ارتباطي بالناس، وعن كون قضايا الناس ونبض التحرّك العامّ للمجتمع في يدي، ولست بغافلٍ عن هذه الأمور. أريد أن أقول لكم... أنّ كتابكم هذا، ومقالتكم هذه، وهذا الفيلم، وهذا الشعر، كلّها مؤثّرة جداً. لماذا يشتبه علينا الأمر عند تقييم نتاجاتنا ونتصوّر أنّ هذا العمل قليل الأثر؟
الاطّلاع على التاريخ
أعزّائي! بعض منكم مطّلع على التاريخ جيّداً. أنا أيضاً مطّلع على التاريخ. لقد قرأت مراراً صفحات تاريخ السنوات السبعين والثمانين سنةً الماضية وما قبلها، سطراً سطرا. وأنا العبد لي في باب شبه القارّة الهندية مطالعات مطوّلة، وقد ألّفت كتاباً في هذا المجال أيضاً.
إلى اللقاء في حلقة جديدة
بتوقيت بيروت