3- نظرية دافيد أوزوبل David Ausubel
ترجع نظرية " أوزوبل
" للتعلم القائم على المعني إلى عالم علم النفس المعرفي دافيد أوزوبل الذي
حاول من خلال هذه النظرية تفسير كيف يتعلم الأفراد المادة اللفظية المنطوقة
والمقروءة .
يرى " أوزوبل " أن
كل مادة أكاديمية لها بنية تنظيمية تتميز بها عن المواد الأخرى وفي كل بنية تشغل
الأفكار والمفاهيم الأكثر شمولاً وعمومية موضع القمة ثم تتدرج تحتها الأفكار
والمفاهيم الأقل شمولية وعمومية ثم المعلومات التفصيلية الدقيقة.
وأن البنية المعرفية لأي
مادة دراسية تتكون في عقل المتعلم بنفس الترتيب من الأكثر شمولاً إلى الأقل شمولاً
، ومن ثم يرى " أوزوبل " أن هناك تشابه بين بنية معالجة المعلومات في كل
مادة وبين البنية المعرفية التي تتكون في عقل المتعلم من هذه المادة.
ويفترض أوزوبل أن التعلم يحدث
إذا نظمت المادة الدراسية في خطوط مشابهة لتلك التي تنظم بها المعرفة في عقل
المتعلم.
حيث يرى أن المتعلم يستقبل
المعلومات اللفظية ويربطه بالمعرفة والخبرات السابق اكتسابها وبهذه الطريقة تأخذ
المعرفة الجديدة بالإضافة للمعلومات السابقة معنى خاص لديه.
وقدم " أوزوبل "
تصنيفاً للتعلم إلى أربعة أنماط على أساس بعدين :
البعد الأول : طريقة تقديم
المعلومات بالاستقبال أو الاكتشاف .
البعد الثاني : طريقة
المتعلم في ربط المعرفة الجديدة ببنيته المعرفية بالفهم أو الحفظ.
وذلك وفق المخطط التالي:
تقديم المعرفة
الاستقبــــــال الاكتشـــــاف
نمط المتعلم في ربط المعرفة الفهم
وإدراك المعنى * تعلم بالاستقبال قائم
على المعنى : Meaningful Perception Learning
عندما تقدم المعرفة في صورة كاملة للمتعلم فيقوم بربط
بنيته المعرفية بطريقة منظمة * تعلم بالاكتشاف قائم
على المعنى : Meaningful Discovery Learning
يحدث عندما يصل المتعلم للمعرفة بنفسه ويعمل على ربط بنيته
المعرفية بطريقة منظمة
الحفــــــــظ * تعلم بالاستقبال قائم
على الحفظ: Rote
Perceptional Learning
ويحدث عندما تقدم المعرفة في صورة كلية للمتعلم فيحفظها
دون ربط ببنيته المعرفية
* تعلم بالاكتشاف قائم على الحفظ:
Rote Discovery Learning
يحدث عندما يصل المتعلم بنفسه ولكن لا يربطها ببنيته وإنما
يحفظها
تنظيــــم المحتـــــوى
يقترح " أوزوبل " للوصول إلى تعلم قائم على
المعنى مبدأين لتنظيم المحتوى :
1 – التفاضل المتوالي .
2 – التوفيق التكاملي .
ويعني المبدأ الأول أن ينظم محتوى المادة الدراسية من
المفاهيم الأكثر شمولاً إلى المفاهيم الأكثر تفصيلاً وتخصصاً .
ويعني المبدأ الثاني أن تتكامل وتتوافق المعرفة الجديدة من
محتوى معين مع المعرفة السابقة الموجودة في البنية المعرفية لعقل المتعلم .
عملية التدريس
يقترح أوزوبل وفقاً لنظريته إستراتيجية معينة تستخدم منظم
الخبرة المتقدم Advancement Experience Organizers وهو
كما يرى " أوزوبل " مقدمة شاملة تمهيدية تقدم للمتعلم قبل تعلم المعرفة
الجديدة وتكون على مستوى من التجريد والعمومية والشمول وبعبارات مألوفة لدى
المتعلم . بحيث تيسر احتواء المادة الجديدة في البنية المعرفية للمتعلم عن طريق
الربط بين الأفكار الجديدة المراد تعلمها وبين الأفكار الموجودة في البنية
المعرفية للمتعلم .
وتنقسم المنظمات المتقدمة إلى نمطين :
1 – المنظمات المتقدمة الشارحة Explanative Advanced Organizers :
ويستخدم هذا النمط حيث تكون المادة المراد تعلمها جديدة
تماماً وغير مألوفة للمتعلم حيث تزود المتعلم ببناء تصوري عن موضوع التعلم بحيث يمكن ربطه
بتفاصيل ذلك الموضوع .
2 – المنظمات المتقدمة المقارنة Comparative Advanced Organizers :
ويستخدم هذا النمط حيث تكون المادة موضوع التعلم مألوفة للمتعلم ومن
خصائص هذا النمط من المنظمات المتقدمة أنه :
- يساعد المتعلم على إيجاد تكامل بين المفاهيم الجديدة
والمفاهيم الموجودة في بنيته المعرفية .
- يساعد المتعلم على التمييز بين الأفكار الجديدة والأفكار
الموجودة في بنيته المعرفية.
وهكذا يرى " أوزوبل " استخدام الأسلوب التركيبي
في عملية تنظيم المحتوى وعملية التدريس حيث يبدأ من العام إلى الخاص (من البسيط
إلى المركب)، وهكذا يلاحظ أن أوزوبل يرى
عكس ما يراه " جانييه " في تنظيم التعلم (كما
هو موضح بالشكل).
4- نظرية جان بياجيه Jean Beaget
تُعد نظرية عالم علم النفس السويسري " جان بياجيه
" للنمو المعرفي القائمة على المنهج الوصفي التحليلي في تناول النمو العقلي ؛
مدخلاً يتوسط المنحى السيكومتري والمنحى المعرفي في تناول النشاط العقلي المعرفي
وقد بناها من خلال ملاحظة أطفاله الثلاثة في نموهم .
يفترض " بياجيه " في نظريته أن أي فرد يمكن أن
يتعلم أي موضوع بشرط أن يناسب مرحلة النمو العقلي للفرد . وأن أي فرد يولد بقدر
ضئيل من الانعكاسات العضوية والقدرات الكامنة في صورة استراتيجيات وهي بذلك تعد
عنصر هام في البناء المعرفي للمتعلم . والإستراتيجية – من وجهة نظر بياجيه – هي
الطريقة التي يستطيع الطفل من خلالها أن يتعامل مع المتغيرات البيئية خلال مراحل
نموه من أجل حدوث تفاعلات جديدة بينه وبين البيئة وتتغير هذه الاستراتيجيات تبعاً
لنضج الطفل وما يكتسبه من خبرات.
لقد اكتشف بياجيه أن الأطفال في نموهم العقلي يمرون بمراحل
محددة، يتصف سلوك الطفل وتفكيره في كل منها بخصائص معينة ، ويشير بياجيه إلى أن
مراحل النمو العقلي تتصف بالثبات في نظام تتابعها لدى كل طفل وفي كل ثقافة، ولا
يعني هذا ثبات الحدود الزمنية، بل تختلف الحدود الزمنية من طفل لآخر في ذات
الثقافة الواحدة.
مراحل النمو العقلي
قسم بياجيه النمو العقلي للطفل إلى أربع مراحل رئيسية وفق
فئات عمرية:
1 – مرحلة التفكير الحس – حركي Sensory Motor Stage :
وتمتد من الميلاد حتى نهاية السنة الثانية ، وفيها يمتلك
الوليد مجموعة من أساليب السلوك الفطرية الانعكاسية أساسياً ، مثل المص والقبض
وغيرها . وفي
أثناء التفاعل مع البيئة ينمي الطفل أنماطاً سلوكية معينة ؛ إذ يكتسب مهارات
وتوافقات حسية بسيطة وكذلك يكتسب القدرة على تحقيق التناسق بين المعلومات الصادرة
عن أعضائه الحسية المختلفة .
وأهم ما يميز سلوك الطفل في هذه الفترة أنه يواجه الأشياء
بحركات فيزيقية عشوائية دون تفكير ووجود الشيء بالنسبة للطفل مرهون بإدراكه له.
2 – مرحلة ما قبل العمليات (التفكير الرمزي) Preoperational Stage :
تبدأ هذه المرحلة في النصف الثاني من السنة الثانية من عمر
الطفل وحتى سن السابعة تقريباً ، وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل في تعلم اللغة
والتمثيل الرمزي للأشياء وتكوين الأفكار البسيطة والصور الذهنية ويتحول تفكير
الطفل تدريجياً من صورته الحركية إلى صورة تفكير رمزي .
3 – مرحلة العمليات العيانية
Concert Operational Stage :
تبدأ هذه المرحلة من سن السابعة حتى سن الحادية عشرة
تقريباً أي تستغرق المرحلة الابتدائية وأول سنوات المرحلة الإعدادية .
وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل يفكر تفكيراً شبيهاً بتفكير
الراشد ؛ فعن طريق التفاعل الاجتماعي يبدأ في التحرر من التمركز حول الذات ويأخذ
في اعتباره وجهة نظر الآخرين .
وتظهر في تفكير الطفل القدرة على المقلوبية Reversibility أي السير بالعكس حيث يمكنه
أن يرتب بالعكس ، وتظهر أيضاً فكرة الثبات للوزن والعدد والقياس ، ومع ذلك فتفكير
الطفل في هذه المرحلة تفكير عياني محسوس
Concert وغير مجرد .
4 – مرحلة العمليات الشكلية (التفكير المجرد)Formal Operational Stage
تمتد هذه المرحلة فيما بين الحادية عشرة والخامسة عشرة من
العمر . وفيها
يدخل الطفل مرحلة المراهقة والنضج ، وفي هذه المرحلة تنمو قدرة الطفل على التفكير
المجرد فيستطيع أن يعالج القضايا بعزل المتغيرات وتثبيت بعضها للتحقق من عمل البعض
الآخر .
وهكذا عبر هذه المراحل ينتقل الوليد الذي جاء إلى هذا
العالم وليس لديه فكرة عنه من كائن بيولوجي فحسب إلى راشد يواجه العالم ويتفاعل
معه ويفكر في مشكلات هذا العالم تفكيراً منطقياً.
تنظيــــم المحتـــــوى
تهتم نظرية بياجيه بالتنظيم الرأسي للمنهج حيث أن مراحل
النمو عند بياجيه تمتد من الميلاد وحتى سن الخامسة عشر ، حيث يقترح بياجيه تنظيم
محتوى المنهج للتلاميذ في كل مرحلة من مراحل النمو وفق خصائص النمو العقلي
والمعرفي لهذه المرحلة . فمثلاً
التلاميذ في المرحلة الابتدائية (الصف الرابع والخامس) يقعون في مرحلة العمليات
العيانية ولذلك يبنى المنهج وينظم في ضوء تفكير الطفل في هذه المرحلة وخاصة في
المحتوى والتدريبات والتمارين .
§
عملية التدريس
تقترح نظرية بياجيه مراعاة النمو العقلي للتلميذ وخصائصه
النفسية وخاصة مفاهيم التمثيل والمواءمة والاستدخال عند عرض أي مادة جديدة
حيث يقسم بياجيه عملية التعلم إلى :
تمثيل مواءمة استدخال (للمعرفة الجديدة في البناء المعرفي
للمتعلم)
وأيضاً تعطي نظرية بياجيه دوراً هاماً للإرشاد والتوجيه
والتأكيد على البناء المعرفي .
مراجــــــع وقــــــراءات
(1) جابر عبد الحميد جابر : سيكولوجية التعلم .. نظريات وتطبيقات ، دار
الكتاب الحديث ، الكويت ، 1989 .
(2) فتحي مصطفى الزيات : سيكولوجية التعلم بين المنظور
الارتباطي والمنظور المعرفي ، دار النشر للجامعات ، القاهرة ، 1996 .
(3) فتحي مصطفى الزيات : الأسس المعرفية للتكوين
العقلي وتجهيز المعلومات ، دار الوفاء ، المنصورة ، 1995.
(4) محمد أمين المفتي : قراءات في تعليم الرياضيات
، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، 1995 .
المصدر شذرات عربية