ماذا
يفعل أبناء الطائفة الشيعية في لبنان في مناسبة عاشوراء؟ كيف يعيشون، وماذا
يأكلون؟ وما هي العادات والطقوس التي ترافق إحياءهم لهذه المناسبة؟ أسئلة
يطرحها كثيرون، من طوائف مختلفة، عن هذه المناسبة. منهم من لا يعرف عنها إلا ما
تنقله شاشات التلفزة للمجالس العاشورائية الليلية، أو لمراسم إحياء العاشر من محرم
المترافقة مع «التطبير» (حزّ الرؤوس وضربها). ومنهم من يربطها بالزيّ الأسود
وأصوات «الندبيات» (أناشيد خاصة بالمناسبة) المنبعثة من سيارات طائشة تجوب الشوارع.
لكن
خلف الصور النمطية التي تحملها أذهان اللبنانيين عن عاشوراء، تختبئ تفاصيل عديدة
تعكس روح المناسبة الإنسانية والاجتماعية.
على
سبيل الإحياء، ينشط « الحسينيون» في التحضير لإقامة موائد الطعام التي تُنسب إلى
«أبو الفضل العباس»، أخ الإمام الحسين. ويُدعى المحتاجون إليها طيلة أيام عاشوراء.
وغالباً ما يموّل المواطنون العاديون هذه الموائد بعد جمع التبرعات داخل كل قرية
أو بلدة.
مثلاً،
في مدينة النبطية تقام يومياً مأدبة تحمل اسم «أبو الفضل العباس»، وأقيمت
لهذه الغاية خيمة كبيرة في باحة موقف فخر الدين. كذلك، في بلدة حومين الفوقا وفي
عربصاليم حيث يجتمع أهالي القرى، تحديداً النساء منهم، كل يوم لساعات طويلة لتجهيز
المائدة. هذا التقليد ينطبق على العديد من القرى في بعلبك وبعض الأحياء في بيروت. أما
عن الأصناف التي تقدم، فهي الهريسة، والأرز مع الدجاج، أو الأرز مع اللحم، أو «
كعك العباس». ويتميّز اللبنانيون، عن غيرهم من أبناء الطائفة الشيعية في العالم،
بضيافة «الراحة والبسكوت» في ختام كلّ مجلس عزاء يقام في البيوت التي يحرص أهلها
على استقبال المعزّين بالإمام الحسين فيها.
في
السياق نفسه، وفضلاً عن الطعام والموائد، توزّع المياه بكثرة في عاشوراء مجاناً.
تصبح
المياه «مقدّسة» في عاشوراء، ويكاد «يُحرّم » منعها عن أي أحد. مرد الأمر إلى حالة
العطش التي مر بها الإمام الحسين ومن معه في كربلاء نتيجة منعهم من الوصول إلى
المياه، حتى استشهدوا عطاشى جميعهم.
من
ناحية أخرى، بدأت تنتشر أخيراً ثقافة التبرّع بالدم. من خلال إقامة خيم تستقبل
المتبرعين، وذلك في النبطية وبيروت، صور كما في الضاحية الجنوبية. وتعمل بعض الجهات على تحقيق
تعاون مسبق مع بعض المستشفيات لاستقبال متبرعين وتسهيل نقل الدم إلى الجهات
المحتاجة.
العادات
هذه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمجالس العزاء التي تقام يومياً، وتتلى خلالها سيرة
المعركة التي حصلت في كربلاء، بالإضافة إلى موعظة دينية، أخلاقية أو حتى اجتماعية،
فضلاً عن المسيرات الحاشدة التي يجوب خلالها آلاف «العاشورائيين» الشوارع.