صوتٌ قادم من الشرق، لم تخرسه فتنة ولا حرب.. تراه هنا في جبل عامل مقاوماً وفي بعلبك – الهرمل ناصراً للمستضعفين وفي بيروت نداءً يسقط الفتنة.. هو موسى الصدر، في الذكرى الـ 36 لتغييبه نستعيد شذرات مهمة من حياته ورفيقَيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
الإمام السيد موسى الصدر
هو ابن السيد العلامة السيد صدر الدين ابن السيد اسماعيل ابن السيد صدر الدين ابن السيد صالح شرف الدين، من قرية شحور في جبل عامل في جنوب لبنان.
وُلِدَ الإمام السيّد موسى صدر الدين الصدر في الخامس عشر من نيسان عام ألف وتسعمئة وثمانية وعشرين (1928)، في مدينة "قم المقدسة" في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة. وتلقّى علومهُ الإبتدائية والثانوية في مدارسها وتحديداً مدرستي "سنائي" و "الحياة الإبتدائية". كما تلقّى دراساتٍ دينية في كليّة "قم" للفقه، وتابع دراستهُ الجامعيّة في كلية الحقوق في جامعة طهران، حيث كانت عمّته أول عمامة تدخل حرم هذه الجامعة، وحاز الاجازة في الاقتصاد.
في العام أربعة وخمسين (1954) إنتقلَ الإمام الصدر إلى العراق، وبقي في النجف الأشرف أربع سنوات، حيث أتم علومه على يد كبار علماء المسلمين الشيعة: السيد محسن الحكيم، الشيخ محمد رضا آل ياسين والسيد ابو القاسم الخوئي، في الفقه والأصول. وبعد عام قَدِمَ إلى لبنان، أرض أجداده، وبالتحديد إلى مدينة "صور"، فحلّ ضيفاً في دار كبيرهم سماحة السيد عبد الحسين شرف الدين الذي تعرف إلى مواهب الإمام الصدر ومزاياه. وبقي في هناك حيث مارسَ حياتهُ الإجتماعيّة والسياسيّة، واهتمّ بأمور الناس المعيشيّة والحياتيّة وحَظِيَ بشعبيّةٍ كبيرة على المستويات كافّة، ومن جملة ما قام به، اعادة تنظيم "جمعية البر والاحسان" في صور للعمل على ايواء وتعليم الايتام وذوي الحالات الاجتماعية الصعبة، ثم انشاء مدرسة فنية عالية باسم "مدرسة جبل عامل المهنية" و "بيت الفتاة" و "معهد الدراسات الاسلامية".
توسعت حركة الإمام الصدر باتجاه الدعوة والعمل الديني بالمحاضرات والندوات والإجتماعات والزيارات، مُتجاوزاً سلوك الإكتفاء بالوعظ الديني إلى الإهتمام بشؤون المجتمع.
كانت له جولة
في مختلف قرى جبل عامل، ثمّ في قرى منطقة بعلبك- الهرمل، يعيش حياة سكانها
ومعاناتهم من التخلف والحرمان. ثم تجوّلَ في باقي المناطق اللبنانية، متعرفاً على أحوالها
ومحاضراً فيها ومنشئاً علاقاتٍ مع الناس من مختلف فئاتِ المجتمع اللبناني وطوائفه،
وداعياً إلى نَبْذِ التفرقة الطائفية، كما قادَ حملةَ مطالبةِ السلطة اللبنانية
بتنميةِ المناطق المحرومة وإلغاء التمييز الطائفي.
للإمام الصدر مجموعة من المؤلفات والكتب، عدا عن المحاضرات السياسيّة والدينيّة والثقافيّة والإجتماعيّة القيّمة في عدة محافل ومناسبات..
وفي العام تسعة وستين (1969) إنتُخِبَ الإمام موسى الصدر أوّل رئيس للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وأسّس حركة المحرومين، وأنشأ أفواج المقاومة اللبنانيّة "أمل" عام 1975.
وفي شهر آب من العام ثمانية وسبعين (1978) توجه إلى العاصمة الليبية طرابلس بعد تلقيه دعوة من الرئيس الليبي معمّر القذّافي لحضور "عيد الثورة"، فتوجّهَ الإمام يرافقهُ الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين الى ليبيا، وشوهِدَ للمرة الأخيرة هناك خارجاً من فندق الشاطئ في طرابلس الغرب مع رفيقَيه في يوم الحادي والثلاثين (31) من آب عامَ ألف وتسعمئة وثمانية وسبعين (1978)، وبعدها فقد الإتصال معه..
سماحة الشيخ محمد يعقوب
رافقَ الإمام موسى الصدر في رحلته إلى طرابلس الشيخ محمد يعقوب، المولود في العام ألف وتسعمئة وخمسة واربعين (1945) في بلدة "مقْنة البقاعية".
درس الشيخ يعقوب في مدرسة "العامليّة" في بيروت، ثمّ تخرّجَ من الجامعةِ اللبنانيّة ونالَ إجازةً في الرياضيات وأخرى في علومِ الحياة، ثمّ نالَ شهادة الدكتوراه من جامعة "سوربون" في فرنسا بعنوان: "الإسلام بين الماركسيّة والرأسماليّة". كما نالَ دكتوراه فخريّة من جامعة "عين الشمس" في القاهرة.
كان اللقاءُ الأول
بين الشيخ يعقوب والإمام الصدر في منزل الشهيد السيد محمد باقر الصدر في العراق.
ومن ثمّ رافقهُ في مسيرةِ حياته، لا سيّما في زياراته الخارجية واللقاءات
السياسيّة الهامة، وشغِل الشيخ يعقوب مناصب عدّة وأدوار مختلفة في عددٍ من
المجالات السياسيّة والفكريّة والإجتماعيّة والتربويّة.
الصحافي عباس حسين
كما رافقَ الإمام الصدر في رحلةِ الغياب الصِحافي عباس حسين بدر الدين، الذي ولد في مدينة "النبطية" عام ألف وتسعمئة وثمانية وثلاثين (1938). وعمِل في مجال الصِحافة منذ نشأته.
تعرّفَ الى الإمام عام واحد وستين (1961) في مدينة "صور"، وتطورّت العلاقةُ بينهما فأمسى مستشاراً مُعْتَمَداً للإمام الصدر، وأحد أبرز المقرّبين إليه، ورفيق رحلاته وجولاته في البلاد العربيّة وفي زيارات أخرى.
بتوقيت بيروت