منذ 65 عامًا والاستكبار العالمي يسعى بكلّ وجوده وقوّته لفرض [واقع] النظام الصهيونيّ على الشعوب الإسلاميّة، ولحملهم على القبول هذا الواقع؛ وقد فشل حتى الآن. ولا تلتفتوا إلى الدول والحكومات المستعدّة - كي تحفظ مصالح أصدقائها الأجانب المعادين للإسلام- لأن تدوس مصالح شعوبها ووضع مصالح الإسلام طيّ النسيان؛ فالشعوب مخالفة للوجود الصهيوني!
إنّهم يحاولون منذ 65 عامًا محو اسم فلسطين من الذاكرة ولم يفلحوا. وقد أثبتت الشعوب الإسلاميّة والأمة الإسلاميّة- خلال السنوات الأخيرة في حرب 33 يومًا على لبنان وحرب 22 يومًا على غزة، وبعدها حرب 8 أيام على غزّة أيضًا- أنّها ما تزال حيّة، واستطاعت، رغم رصد أمريكا والغرب لميزانيّات ضخمة، أن تحافظ على هويّتها وأن توجّه صفعة قويّة للنظام الصهيونيّ المفروض والمزوّر، ولعرّابي وأصدقاء وحلفاء الصهاينة الظالمين، حيث باءت بالفشل جميع محاولاتهم خلال هذه المدّة لحفظ هذا النظام الغاشم والمجرم! فقد أظهرت الأمّة الإسلاميّة أنها لم تنس فلسطين، وهذا أمر مهم جدًّا.
في هذه
الظروف نفسها، تنصبّ جميع جهود الأعداء، لجعل الأمّة الإسلاميّة غافلة عن فلسطين.
كيف؟ عبر زرع الخلافات [الاختلافات]؛ وعبر
الحروب الداخليّة؛ وعبر الترويج للتشدّد [التطرّف]
المنحرف باسم الإسلام وباسم الدين والشريعة، فتقوم مجموعة وتكفّر عامة المسلمين
وأكثرية المسلمين.
التيّارات التكفيريّة؛ مسرّة الاستكبار!
إنّ وجود هذه التيارات التكفيريّة في العالم الإسلاميّ، هو بمثابة بشرى للاستكبار ولأعداء الإسلام. فهم بدل أن يوجّهوا اهتماماتهم إلى واقع النظام الصهيوني الخبيث، يصبّون اهتماماتهم في اتجاه آخر، على النقيض ممّا يريده الإسلام تمامًا. فالإسلام يريد للمسلمين أن يكونوا "أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم" على المسلمين أن يكونوا أشدّاء على أعداء الدين، عليهم الصمود، وأن لا يخضعوا لهم. "أشداء على الكفّار": آية صريحة في القرآن الكريم. و أن يكونوا "رحماء بينهم"؛ أن يتوحّدوا، وأن يتضافروا، وأن يعتصموا بحبل الله؛ هذا ما يأمر به الإسلام. عندما يظهر تيّارٌ يقسّمُ المسلمين إلى مسلم وكافر، ويستهدف جماعة منهم على أنّهم كفّار، ويزرع الشقاق بين المسلمين! فمن منّا لا يشكّ في أنّ وجود هذه التيّارات ودعمها وتمويلها، ومدّها بالسلاح وغيره، هو من عمل الاستكبار وأجهزة الاستخبارات الخبيثة للدول المستكبرة!؟ هم يجلسون [يتآمرون] ويخططون لأجل هذا. على العالم الإسلاميّ أن يهتمّ بهذه القضيّة، إنّه لخطرٌ كبير.
للأسف، فإنّ بعض الدول الإسلاميّة تغذّي هذه الخلافات، دون أن تفطن إلى أنّ نيران هذه الخلافات ستأتي على الجميع. هذا هدف الاستكبار: تنازع جماعة من المسلمين مع جماعة أخرى. وإن عناصر [مسبّبو] هذا النزاع، هم جماعة تتلقّى المال والسلاح من وكلاء [أزلام] المستكبرين، لإيجاد التناحر بين أبناء الوطن الواحد في هذا البلد أو ذاك، وقد ضاعف الاستكبار من حركته تلك خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، في الدول العربيّة والإسلاميّة التي شهدت صحوات إسلاميّة، بهدف بسط نفوذه على تلك الصحوات. فهؤلاء يوقعون بين المسلمين، وكذلك يشوّهون صورة الإسلام في نظر الرأي العام العالمي من خلال التضخيم المتعمّد في الوسائل الإعلاميّة للأعداء. فماذا سيكون فكر [العالم] عن الإسلام عندما يرى شخصًا باسم الإسلام، يمضغ ويأكل كبد إنسان آخر؟ لقد خطّط الأعداء لذلك. وهذه الأمور لم تظهر فجأة، وليست وليدة الساعة. بل لقد عُمل وحُضّر لها منذ زمن. وتدعمها سياسات وأموال وأجهزة جاسوسيّة وما شابه.
على المسلمين مواجهة أيّ عامل من عوامل الفرقة، وهذا تكليف كبير للجميع؛ على الشيعة والسنّة، بجميع فِرَقهم ونخبهم، أن يتحمّلوا المسؤوليّة وينهضوا بهذا التكليف.
من خطاب سماحة الإمام الخامنئي
ذكرى ولادة رسول الله(ص) وأسبوع الوحدة الإسلامية
طهران/19-1-2014
بتوقيت بيروت