هدى مسلماني
متطوعة في الهيئة الصحية الإسلامية
أجول في الشارع أنظر الى شباب الأحياء، أجدهم يجلسون تحت الشجرة التي يكسوها الغبار, وآخرين يجلسون بجانب السيارة المحطمة بسبب حادث مروّع, وشباب آخرون يضعون على الرصيف كراسي من البلاستيك ليجلسوا عليها.
تمضي ساعات النهار وهؤلاء الشباب، ما زالوا في الشوارع ، يرتفع صوت الأذان وأذانهم صمّاء عن سماعهم الأذان.
يأتي المساء والشباب ما زالوا يسهرون في الشوارع، ويتكلمون بأصوات عالية تُزعج هدوء الجيران.
تمضي ساعات الليل وتدقّ ساعات الصبح الأولى, يتعب الشباب من السهر والجلوس, يقرر الشباب أخيراً الرجوع الى بيوتهم.
ببطء شديد ينهضون عن كراسيهم البلاستيكية، والآخرون من جانب السيارة ، وبعضهم من تحت الشجرة اليابسة.
يقف الشباب وكل واحد من المجموعة، مهما كان عددها ، يحمل في يده النرجيلة، ويعود الى منزله بعد غياب دام طويلاً. هذا هو حال الشباب في عدة مناطق :
يصاحبون الشارع ويحدثّون النرجيلة! ويقتلون ما تبقى من أوقاتهم بالهواتف الذكية.
في حديثهم مع النرجيلة ، حوار طويل ، يحتاج إلى ايام وأيام ، فهم يقولون لها: ليس لدي طموح, وليس لدي عمل, أنا إنسان تائه ، أبحث عن مضيعة الوقت, فلم أجد في الحياة سواك, أنفخ همي من خلال دخانك، وأسمع صوتي بقرقعة مياهك, وأشكي حالي، فأجدك رفيقة وقتي ،أنت الصديقة الوفية لا تحاورينني, لا تلوميني, لا تؤنّبيني.
انت لا تقولين لي أني مهمل ، ولا تشعرينني بأني فاشل, وتنسيني اني ولد عاق, لا أسأل عن أهلي ولا عن صلاتي ولا عن علاقاتي الإجتماعية ، ولا حتى عن صلة الرحم.
أنت أفضل مضيعة للوقت, فأنا أعشقك, فهل تحسين بي؟.
تجاوبه النرجيلة: أنت صديقي الوفي, لولاك ما كان لي وجود ، كيف لا أحس بك وأنت في عمر الشباب وعمر الذكاء وعمر القوة والعطاء؟ كيف لا أحس بك وأنت تقضي كل وقتك الثمين معي؟ تترك أسرتك لتسايرني, تترك إخوانك لتشاركني, تترك مذاكرتك ودروسك لتجهّز رأس (النَفَس) أكثر من مرة في اليوم !. وهكذا يطول الحوار..
هل سمعتم يوماً يا شباب الحاضر، ورجال الغد، كلام صديقتكم النرجيلة؟
إنها الشريرة, إنها عدوانية , فانتبهوا للمخاطر التي تحيط بكم, فأنتم لم تسمعوها جيداً, لم تسمعوا ضحكاتها المتغلغلة في قرقعة مياهها. إنها تحرق الذكاء والعلم والتفكير في دخانها.
إنها تضعف صمتك، فهي بجنبك دائماً تحولك الى سلعة تستهلك طاقتك، وروح شبابك ،وتطرحك في سوق الفاشلين والمرضى النفسيين.
انظروا يا شباب الى الشجرة مصدر الأوكسيجين وتوازن الطبيعة كيف ذبلت, فقارنها برئتيك الصغيرتين ، كيف ستتحولان الى الفحمة التي تشعل رأس النرجيلة، وتدمر عمر الحب والعطاء والعنفوان والطموح والقوة، وتقضي بذلك على حياتك الإنسانية؟.
هل ترضى أنت بحالك هذه؟
هل فكرتَ يوماً لماذا سمحتَ للنرجيلة أن تقضي عليك؟
فأنا أطرح سؤالي الذي يحيرني ولا أجد له إجابة.
إذا كان الشاب قد سمح لنرجيلة أن تهدر حياته ولم يقاومها فعندما يأتي عدونا هل سيقدر على المواجهة ؟!...
الآن أنت في ريعان الشباب ... لماذا تعدم وقتك؟!.
الهيئة الصحية الإسلامية
بتوقيت بيروت