الإعلان عن وجود "النفط في لبنان"، لم يعد نكتة سمجة، بقدر ما صار أمراً واقعاً، في ظل ما كشفه رئيس الهيئة الناظمة للبترول د.ناصر حطيط أنه في حال تم توقيع الإتفاقيات على انتاج النفط مع الشركات المنقبة في فصل الصيف المقبل، سيتم البدء في استخراج الغاز في العام 2020، والنفط قبل ذلك بسنة، وإعلان رئيس وحدة الجيولوجيا في الهينة د. وسام شباط أن النفط موجود بكميات مختلفة في المياه اللبنانية، من عمق خمسين إلى ألفي متر.
جاء الكشف عن هذه المعلومات في الندوة التي حملت عنوان "دور الجيولوجيا في صناعة الاستكشاف والإنتاج البترولي" بدعوة من عميد كلية العلوم في «الجامعة اللبنانية» الدكتور حسن زين الدين، في قاعة نزار سلهب، في المدينة الجامعية-الحدث، وبحضور ممثلين عن «المجلس الوطني للبحوث العلمية»، و«معهد البحوث الصناعية»، وملحق التعاون الاقتصادي والعلمي الفرنسي جيل بوديت، عمداء من جامعات «اليسوعية، البلمند، الكسليك والإسلامية وعمداء ومدراء في «الجامعة اللبنانية» وأساتذة، إضافة إلى طلاب الإجازة في الجيولوجيا البترولية.
سلطت الحلقة العلمية الضوء على أهمية دور الجيولوجيا في صناعة الاكتشاف والإنتاج البترولي، ومحاولة للإجابة عن كثير من الأسئلة التي تراود أذهان الطلاب الذين حضروا لمعرفة هذا الإختصاص، لا سيما و"أن هذا الإختصاص الجديد جاء على ضوء ما استجد في لبنان من ثروة نفطية يجب تفعيلها واستغلالها" على قول د.بسام بدران، باسم الطلاب المجازين في الجيولوجيا، وكذلك التركيز على مدى توافق البرنامج المعطي للطلاب مع منهاج النظام الجديد في الجامعة (LMD)، وما إذا كانت هذه المناهج تجاوب هواجس الطلاب لإيجاد سوق عمل لهم، وكيف هو الحال مع اختصاص يتعلق بالتنقيب عن النفط، في ظل عدم وجود منصات أو آبار للتنقيب عنها في لبنان، وكذلك الإستفسار عن مصير الطلاب بعد تخرجهم، في الوقت الذي يتطلب وجود المنصات النفطية العائمة في المياه اللبنانية تحتاج إلى عشر سنوات على الأقل، وبالتالي أين فرص العمل للخريجين، بعد ثلاث أو أربع سنوات؟
وفي كلمته الإفتتاحية، أعلن الدكتور زين الدين عن اطلاق سلسلة حلقات علمية "إيماناً منا بأن لا نفط في مضخاتنا قبل أن نراه في نتاج بحوثنا وعلى صفحات خرائطنا. من هنا، افتتحت كلية العلوم في الجامعة اللبنانية إجازة في الجيولوجيا على أن تُستتبع بشهادة الماستر". وتابع: “تعرفون بلا شك، أن كليتنا دخلت هذا المجال منذ سبعينات القرن الماضي بجهود حثيثة من أساتذتها وباحثيها الذين عملوا بما تيسّر لهم من مقومات علمية متواضعة، وكان على رأسهم الدكتور الراحل مهدي قانصوه. وقد أثبتوا بدراساتهم وجود مخزون نفطي هائل تختزنه الاراضي اللبنانية. لكن السياسة يومها أهملت هذا الاستكشاف العلمي الكبير وطمسته عن جهل أو عن تآمر، لأن البعض كان لا يريد للبنان دوراً يتجاوز المنتجع والفندق والمصرف، مكتفياً بفتات ما كان يأتيه من صحارى العرب. في المقابل، استثمرت إسرائيل هذين الجهل والتقاعس مجتهدة في مجال الطاقة. وقطعت أشواطاً وصلت بها الى مرحلة استخراج النفط وتسويقه، واستغلال ثروات أخرى مثل المياه".
بدوره، عرض رئيس الهيئة الناظمة للبترول الدكتور ناصر حطيط دور الجيولوجيا في الصناعة النفطية، فضلاً عن مهمة الجيولوجي التي تبدأ من التنقيب والمرحلة التجريبية والإنتاج وتفكيك المنشآت بعد الانتهاء من الإنتاج. وكشف أن بعض الآلات يصل سعرها الى 700 مليون دولار، يجب على الجيولوجي أن يحسن استخدامها إذ "تصوّروا لو غرقت في الوحل!". وتصدر عن هذه الآلات مواد مشعة ومسمّة، لذا لو صدف أن وقع أي حادث نقتل الحياة الطبيعية لـ 5 آلاف أو 6 آلاف سنة. من هنا أهمية أن يراعي الجيولوجي حماية الحياة الطبيعية والبيولوجية حول المنشآت.
وختم: "مقابل كل مهندس في هذه الصناعة، نحن في حاجة الى 5 او 7 تقنيين أو فنيين، وهؤلاء نفتقدهم بشدة... منهم مثلاً من يلحم تحت الأرض، يتقاضى يومياً 3000 دولار. الجيولوجيون، المهندسون التنفيذيون مهمّون، ولكن أيضاً التقنيون، أظن أن هؤلاء سيخلقون طبقة وسطى في البلد أكثر من المهندسين". وقد أبدى الطلاب ارتياحهم لكلام حطيط الذي جاء مشجعا، لا سيما في تحديده إلى أن الحاجة كبيرة لحملة ماستر علم الجيولوجيا، وتحديدا لاختصاصات: الجيوفيزياء، والجيوميكانيكل، والجيوكيميائي، ومؤكدا أن فرص العمل أمام المتخرجين كبيرة جدا، وأن رواتبهم ستكون مرتفعة، في حال تخصصوا لسنتين بعد الإجازة في احد التخصصات المذكورة، بعدما كان الطالب لا يستطيع الحصول على هذا التخصص إلا بعد نيله شهادة الدكتوراه.
وأعلن
رئيس وحدة الجيولوجيا والجيوفيزياء الدكتور وسام شباط، أنه تم إرسال قانون منذ نحو
3 أسابيع الى وزارة الطاقة لإجراء دراسة جيولوجية في البر، أحاله الوزير على مجلس
الوزراء في انتظار انعقاده، فضلاً عن انطلاق مشروعين: مشروع مسح بري آخر ومسح جوي.
و"طمأن" الشباب الى فرص العمل التي تنتظرهم مع إنتاج الغاز في 2020
أو
2022 والبترول قبل هذه المدة بسنة أو سنتين، "فهذا لا يعني أن فرص العمل لن
تكون متوافرة إلا في ذلك الحين، إذ إن الشركات الاجنبية ملزمة وفق المعاهدات مع
الهيئة الناظمة للبترول أن تفتح فروعاً لها في لبنان وأن تكون 80% من اليد العاملة
لبنانية للتنقيب عن النفط، فضلاً عن شغور 80% في المراكز في وزارة الطاقة. إذاً،
ثمة مجالات منذ اليوم وليس علينا انتظار 6 سنوات". وأشار الى توزّع النفط على
امتداد البحر اللبناني.
أما منسقة اختصاص الجيولوجيا في مرحلة الليسانس الدكتورة فيرونيك كزبارد، عرضت لمواد الإجازة، وتركيزها على دراسة الكيمياء، والفيزياء والرياضيات، ومادة الإحصاء والبيئة وغيرها، وقدمت شرحا لترابط المواد، ومدى أهمية كل اختصاص. وتوقفت عند أهمية الاختصاص في الجيولوجيا المتعدد التطبيقات، مشيرة الى «أن إجازة العلوم الجيولوجية تؤمن للمتخرجين انخراطهم في اختصاصات عديدة: في البيئة والهندسة الجيوفيزيائية والهندسة الجيوكيميائية واستخراج النفط ودراسة الثروات المائية».ويؤكد زين الدين، أن تلقف الجامعة لمواضيع النفط والغاز والثروة المائية، تنطلق من الإيمان بأن «لا نفط في مضخاتنا قبل أن نراه في نتاج أبحاثتنا وعلى صفحات خرائطنا، لأن الولوج إلى مكامن الثروة النفطية والغازية والمائية، يحتاج إلى دراسة وتعمق في عالم الجيولوجيا وتكنولوجيا الاستخراج، وهذا ما يجب أن تقوم به الجامعات ومختبراتها».
النهار، السفير، الموقع
بتوقيت بيروت