من المعروف أن الضغوط المختلفة والقلق والتوتر وقلة النوم والضوء الساطع وتغيرات الطقس والروائح القوية كلها عوامل تحرك الصداع وتتسبب في حدوثه، الا أن الكثير من الناس لا يدركون أن الطعام العادي يمكن أن يتسبب أيضا في حدوث الصداع. ووقف تناول هذه الأغذية المسببة للصداع قد يكون واحدا من أكثر الوسائل فاعلية في منع وعلاج الصداع، بدون الدخول في مشاكل ودوامة الأعراض الجانبية والحساسية المرتبطة باستخدام الأدوية.
ولقد تمكن أحد الباحثين من تطوير برنامج لعلاج الصداع عن طريق التوقف عن تناول أنواع مختلفة من الطعام، بل ورتب أنواعا من قوائم الطعام من خلالها يسيطر متناولها على الصداع بل ويتخلص منه. ويعطيي هذا البرنامج طريقا ومنهجا لاختبار أي نوع من الطعام يمكن أن يتسبب في احداث الصداع.
تشتمل قائمة الأغذية المسببة للصداع على مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأطعمة، ونذكر هنا الأغذية التي تتسبب أكثر من غيرها في احداث الصداع. ويمكن لشخص واحد أن يكون حساسا لأنواع كثيرة من هذه الأغذية، بينما يمكن أن يكون شخص أخر حساسا لنوع واحد أو أكثر من هذه القائمة. ولكي يستفيد الشخص المصاب من هذه القائمة يجب عليه أن ينقطع عن الأدوية التي يعالج بها الصداع، وأيضا أن يتوقف عن تناول أي نوع من الأطعمة الممنوعة حتي تتوقف نوبات الصداع، ثم يبدأ بتناول الأغذية الممنوعة واحدا فواحدا بالتدريج. مع اعطاء كل نوع وقت كاف لملاحظة تأثيره، حيث أن تأثير نوع الطعام على احداث الصداع قد يستغرق وقتا يصل الى 7 ساعات أو أكثر.
الخضروات:
الممنوع: البقول (مثل الفول والعدس واللوبيا) والمخللات
وفلفل الشطة والزيتون. يسمح بتناول: كل الأنواع الأخري من الخضروات الطازجة أو
المجمدة أو المجففة أو المعلبة، وأيضا عصير الخضروات. يجب أن تحدد كمية الطماطم
الى نصف كوب يومي، وأن يحدد البصل الى نصف كوب يوميا أيضا.
الفواكه:
الممنوع: الفواكه المجففة المحتوية على مواد حافظة (مثل
الزبيب والتمر والتين وقمر الدين) والأفوكادو والبابايا والبرقوق الأحمر.
يسمح بتناول: كل الأنواع الطازجة والمجمدة والمعلبة والعصائر من الأنواع غير المذكورة سلفا. يجب أن تحدد كمية الموالح الى نصف كوب في اليوم (مثل البرتقال والجريب فروت واليوسفي والليمون) وأيضا تحدد كمية الأناناس والموز الى نصف كوب يوميا.
الخبز والمخبوزات:
الممنوع: أي منتج يحتوي على الخميرة الطازجة بعد خروجه مباشرة من الفرن. وينطبق هذا على الخبز والمقرمشات والبيتز، والدونت.
يسمح بتناول: الخبز "البايت" (الذي مر على خروجه من الفرن يوم كامل) ويشمل الخبز الأبيض وخبز القمح الكامل، والخبز الفرنسي والايطالي، وبالطبع لا مانع من اعادة التسخين. ويجب ملاحظة عدم احتواء هذه المخبوزات على الزبيب أو المكسرات أو الشوكولاتة أو الأجبان. كما يمكن أكل كل أنواع رقائق الافطار (الكورن فليكس) التي لا تحتوي على فواكه مجففة أو سكريات صناعية.
الألبان والبيض:
الممنوع: معظم الأجبان، اللبن كامل الدسم، الشوكولاتة بالبن، الكريمة، الزبد. يسمح بتناول: اللبن خالي الدسم، الجبن الأمريكي، الريكوت، جبن الكريمة، القريش، الزبادي خالي الدسم (نصف كوب يوميا )، والبيض.
المشروبات:
الممنوع: الكحوليات، وخصوصا النبيذ الأحمر، المشروبات
المحتوية على سكريات صناعية (دايت) والشوكولاتة والكاكاو. مسموح بتناول: عصائر
الفواكه والخضروات، والمشروبات خالية الكافيين وغير المحتوية على سكريات صناعية. يحب
الحد من القهوة والشاي والصودا والاكتفاء بكوبين يوميا.
الشوربة:
الممنوع: معظم أنواع الشوربة المعلبة ومكعبات الشوربة حيث
تحتوي على مواد حافظة. مسموح بتناول: الشوربة المصنوعة في المنـزل على ألا تحتوي
على أغذية ممنوعة مثل البقول والجبن أو كميات كبيرة من البصل أو الطماطم.
الحلويات:
الممنوع: الشوكولاتة والآيس كريم والحلويات المحتوية على
مكسرات أو فواكه مجففة، أو كريمة مخفوقة. مسموح بتناول: الكيك، والبسكوت والكعك
والفطائر على ألا تحتوي على مواد ممنوعة. والجلاتين وأنواع الشربات.
أغذية متنوعة:
الممنوع: مادة أحادي جلوتومات الصوديوم، وهي مادة تستخدم في تطرية اللحوم، و صوص الصوي، والخل (ماعدا الأبيض وخل التفاح)، واضافات السلطة المحتوية على النبيذ أو الخل، وزيت الزيتون والمكسرات والفول السوداني وزبدة السوداني وكل أنواع السكريات الصناعية (الاسبارتام والسكارين)، والمواد الحافظة مثل النيترات والسلفيت وجوز الهند والمستردة والكتشب والمايونيز. ويسمح بتناول: كل أنواع التوابل والأعشاب والخل الأبيض وخل التفاح والعسل والمربي والجيلي والمستردة الجافة.
اللحوم والأغذية البحرية:
الممنوع: الهوت دوجز، والببروني، والسلامي والسجق والهام والبيكون، والكبد والقلب والكلاوي، وكل أنواع اللحوم المحفوظة، والكافيار.
مسموح بتناول: كل أنواع اللحوم الطازجة والدواجن والسمك والتونة وكل الأسماك المعلبة المحفوطة في الماء.
تجارب شخصية
وفي تجربة شخصية قامت بها احدي مريضات الصداع المزمن، توقفت عن تعاطي أدوية علاج الألم حتي تتبين أية أغذية تسبب لها الصداع، فاكتشفت المريضة أن الطعام الصيني يسبب لها صداع، وأيضا الجبن القديم والموز واليوسفي وزبدة السوداني، وكان الصداع يحدث خلال ساعات من تناولها. وبمجرد معرفة المريضة ما يسبب لها الألم عدلت في قائمة طعامها حتى تتحاشاه. لاحظت بعدها المريضة أن الصداع بدأ يقل في عدد مراته وبالتالي تحسنت حالتها النفسية والجسدية بل وحياتها بالكامل.
وتحكي مريضة أخرى قصتها فتقول أنها كانت تعاني من الصداع
بصفة يومية لمدة عام كامل، وكانت الأعراض تقليدية بالنسبة لصداع التوترTension
headache حيث تشعر كأن حزاما يحيط برأسها ويضغط بشدة ،
وكان الصداع مستمرا غير مرتبط بالقيء أو الرغبة فيه. وبعد استبعاد أي سبب خطير
لصداعها بواسطة الطبيب اتبعت اسلوب الامتناع عن أنواع الأطعمة التي يمكن أن تتسبب
في الصداع، وهذا جعلها تتحسن بدرجة ملحوظة حتى أن معدل الصداع قل بنسبة كبيرة. ثم
تم ادخال بعض أنواع الطعام المعروفة باحداثها للصداع بصورة تدريجية، وهنا تعرفت المريضة
على الأغذية التي تتسبب لها في الصداع بصورة شخصية، وكان في حالتها الخبز الطازج،
والمخللات، والشوكولاتة واليوسفي. وأسهم التوقف عن تناول هذه الأطعمة في تحسن
حالتها باطراد.
ومريضة ثالثة كانت تعاني من الصداع منذ كانت في الثامنة من
العمر، وكانت تتناول أدوية قاتلة للألم تسببت في احداث مزيد من الألم بمجرد انتهاء
مفعولها. أمرها الطبيب بالتوقف عن تناول الدواء وبعد أسابيع قليلة كان الصداع
يأتيها بمعدل أقل من السابق. ثم طلب منها الطبيب أن تتوقف عن تناول أغذية محددة..
وبعد بضعة أسابيع بدأت في اضافة هذه الأغذية الى قائمة طعامها بالتدريج لكي تتعرف
على نوع الغذاء الذي يسبب لها الصداع. كانت الأجبان والسكريات الصناعية والمخللات
لا تسبب لها أية آلام. ولكن مرة واحدة أكلت فيها أيس كريم بالشوكولاتة شعرت بعدها
بسبع ساعات أن رأسها يكاد ينفجر من الصداع، وبعد ثلاثة أيام أخرى أكلت قطعة
شوكولاتة شعرت بعدها بأربع ساعات بالصداع. ومن ثم توقفت عن تناول الشوكولاتة بعد
أن عرفت علاقتها بالصداع، وبالتالي توقف الصداع عن زيارتها.
لا يعني ما سبق أن كل أنواع الصداع سببها أنواع من الطعام،
ولكن يجب زيارة الطبيب لمعرفة سبب الصداع، ثم بعد ذلك يتم تحديد نظام بواسطة
الطبيب لمعرفة أي نوع من الطعام هو المتسبب في الاصابة بالصداع، اذا لم يكن لهذا
الصداع سبب آخر غير نوع الطعام بالطبع. لكن من المهم أن نعرف أن نسبة كبيرة من المصابين
بالصداع يتأثرون بنوع الطعام. وللأسف لا يوجد هناك تحليل طبي يحدد ما اذا كان هذا
الصداع بسبب الطعام أم ل، لكن ملاحظة المريض الدقيقة للعلاقة بين ما يأكله ونوبات
الصداع قد تكون الفيصل في العلاج الفعال.
لماذا تسبب بعض أنواع الطعام الصداع؟
لا يوجد عامل مشترك في كل
أنواع الطعام المسببة الصداع، فهذه الأطعمة تحدثه بصرف النظر عما اذا كان صداعا
نصفيا أو توتريا أو متجمعا. وهناك بعض الآراء التي ترجع هذا الصداع الى حساسية ما
من بعض أنواع الأطعمة، ولكن معظم الخبراء لا يتفقون مع هذا الرأي، والرأي السائد
يذهب الى أن هذه الأطعمة تحتوي على مواد معينة تسبب الصداع اما عن طريق تغيير كمية
السيروتونين في المخ أو عن طريق التأثير في أوعية المخ الدموية. ولقد وجد أن بعض
أنواع الأغذية تحتوي على مواد مثل "الأمينات"
وهي مواد كيماوية حيوية تتسبب في انقباض الأوعية الدموية
وانبساطه، وهي توجد في المخ أيض، كما توجد في الأجبان والشوكولاتة والمكسرات وبعض
أنواع اللحوم. وأحد
هذه "الأمينات"
يسمى "تيرامين"
الذي يعتقد كثير من الخبراء أنه مسئول عن احداث الصداع.
والمواد الحافظة مثل النيترات والسلفيت والسكريات الصناعية
مثل الاسبارتام والسكارين، واضافات الأغذية مثل أحادي جلوتومات الصوديوم لها دور
أيضا في احداث الصداع. وهذه كلها تحتوي على "الأمينات"
التي تؤثر على انقباض الأوعية الدموية. ومع ذلك فان هناك
عديد من الأغذية التي لا يعرف لماذا تتسبب في احداث الصداع.
ويعرف العلماء الآن أن الكحوليات تتسبب في تمدد الأوعية
الدموية، مما يؤدي بشاربها الى الاحساس بالصداع، كما أنها تحتوي على الأمينات
المعروفة باسم تيرامين وهستامين. والقهوة يمكن أن تكون علاجا طيبا للصداع اذا تم
تناولها بكميات معقولة، ولكن الافراط في تناولها يمكن أن يؤدي الى الصداع، حيث أن الكافيين
واحد من أهم أسباب الصداع التي يعرفها الأطباء. أبحاث جديدة ومثيرة، تثبت أن
الغذاء أصبح هو الدواء، وتثبت أيضا صدق المقولة القديمة أن "المعدة بيت الداء".
وقليل من ضبط النفس مع أنواع الطعام والتجريب والملاحظة قد
يكون هو السبيل للتخلص من هذا الصداع المزمن وآلامه الرهيبة.
بتوقيت بيروت