في رحلته من باريس إلى لوس أنجلس، كان لؤي عبدالله يراجع مداخلته التي سيقدمها خلال التصفيات النهائية لجائزة أفضل رسالة دكتوراه في مجال الإلكترونيك لعام 2013. هذه المسابقة ينظمها Institute of Electrical and Electronics Engineers IEEE.
لؤي خرّيج كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، والحائز شهادة دكتوراه في فرنسا، كان قد تأهّل الى المرحلة النهائية بعدما تصدّر بحثه العلمي تصفيات القارة الأوروبية. في لوس أنجلس، جاءت النتيجة على قدر طموحات الشاب وتعبه، فقد منحه IEEE جائزة أفضل رسالة دكتوراه في العالم في مجال الإلكترونيك.
تتناول دراسته تصميم مجسّات
اختبار لدوائر إلكترونية في أجهزة الاتصال الحديث، مهمتها تسريع عملية الإنتاج
وتقليل تكلفتها عبر اكتشاف الخلل في مراحله الاولى، أي خلال التصنيع.
في عام 2007، قرّر لؤي أن يسافر الى فرنسا ليكمل دراسته
العليا برفقة حوراء التي ستصبح رفيقة الدرب. لم يجد الشابان من يموّل مغامرتهما.
لا مصرف قبل أن يمنحهما قرضاً للتعلّم بفوائد «معقولة». كان مصرّاً على أن يتحمّل
وحده مصاريف السفر، التي جمع جزءاً منها من بدلات الدروس الخصوصية للطلاب. لكن المبلغ
الذي جمعه لم يكن كافياً، وكاد مشروع السفر يتأخر لولا مساعدة بعض الأصدقاء. إلى
مدينة غرنوبل الفرنسية، طار لؤي عبدالله وخطيبته. ككلّ حكايات السفر والغربة، لن
تكون البداية سهلة. هناك سيسكنان في غرفة لن تتجاوز مساحتها 11 متراً مربعاً
توفيراً للمصروف الذي «عُصِر» الى حدوده الدنيا. إلى العبء المالي وعبء الغربة،
شكلت الدراسة عبئاً ثقيلاً. فالنجاح وحده لا يفي بالغرض، كان لا بد من التفوّق كي
يتمكنا من الحصول على منحة جامعية تسمح لهما بمتابعة الدكتوراه.
أمام لؤي اليوم عروض عدة للعمل في شركات أميركية وفرنسية. إلى الآن، لا يزال يفضّل البقاء في فرنسا. الانتقال الى ما وراء الأطلسي "يطوّل المسافة" مع بيروت التي لا يريد الابتعاد عنها كثيراً. لا يعيش لؤي صراعاً بين انتماءين، "أقدّم نفسي كلبناني، ولكني ممتنّ للنظام التعليمي العادل في فرنسا الذي سمح لي بمواصلة تعليمي على نفقة الدولة حتى قبل حصولي على الجنسية الفرنسية". يكرّر دائماً أنه خرّيج الجامعة اللبنانية، وحينما نسأله هل اتصل به أحد من الجامعة، ينفي ذلك ويقول إن "الأمر اقتصر على التهنئة من قبل بعض الأساتذة الذين ما زلت على تواصل معهم".
يحلم لؤي بأن يدرّس يوماً في جامعته الأولى، "رغم كل الظروف هي جامعة الفقراء والعائلات المتواضعة. لولا هذه الجامعة لما كنت تعلمت". لكن سرعان ما يستدرك "الجميع يعلم أن التوظيف تحكمه معايير مختلفة". رغم ذلك يأمل أن تتاح له الفرصة للعودة والاستقرار في لبنان الذي يبحث معظم شبابه عن سبل للخروج منه. "لا أريد أن يكبر طفلي أمجد بعيداً عن أهله، ويضيف "هناك أشياء في الحياة لا تقاس بالمال ولا بالموقع العلمي أو الاجتماعي".
زينب خليل
جريدة الأخبار 16-1-2014
بتوقيت بيروت