صعق كل من سمعه يقول: "اعلام؟ لشو بعدكم بتعملوا هيك اختصاص؟ شو إلو عازة". شعروا بالصدمة والاحباط، فالجملة تلك لم تصدر عن شخص عادي يعطي وجهة نظره في اختصاص ما لا يحبه، بل عن مدير احدى كليات الاعلام في الجامعة اللبنانية. نعم، مدير كلية الاعلام يعتبر ان اختصاص الاعلام، "لزوم ما لا يلزم".
بالتأكيد، ما قاله المدير ليس مقبولا، وخصوصاً انه شخص يدير كلية يعتبرها بلا فائدة. الجملة قد تكون صحيحة. لم يأت رعب الطلاب الذين سمعوا مديرهم يسخر باختصاصهم نابعاً فقط من حديثه، بل هو جاء ايضا ليؤكد ما كانوا يشعرون به. هم يتخرجون من كلياتهم ليجدوا وسائل الاعلام تتردد كثيرا في توظيفهم، فهذه الاخيرة تفضل متخرجي العلوم السياسية والحقوق، واحيانا توظف طلاب ادارة الاعمال ليعملوا في الصحافة. يشعر طلاب الاعلام بما يحدث، ويمتعضون، "هؤلاء يأخذون مكاننا". إذاً هل فعلا "لشو هالاختصاص؟".
يرى الدكتور جان صقر استاذ مادة الصحافة المتخصصة في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية، ان المناهج في كلية الاعلام "هي مناهج متحركة، يمكن اضافة مواد ذات اهمية اليها في كل وقت، وهذا امر ايجابي، لان هذا يمكن الادارة من تطوير الطلاب، وجعلهم يواكبون تطور المهنة".
ويضيف: "من غير الصحيح ان الاختصاصات الاخرى تستطيع منافسة متخرجي الاعلام في الوظائف الاعلامية، الامر مجرد شائعات، مبدئيا مستويات كل اختصاصات العلوم الانسانية متساوية، وتاليا يمكن القول ان طالب الاعلام، الكفوء طبعا، يتميّز عن غيره من طلاب الاختصاصات الاخرى باتقانه للمنهجية التحريرية، ومعرفة كيفية كتابة الخبر، هذا اضافة الى انه يتعلم العلوم السياسية والاقتصادية من ضمن اختصاصه".
ويرى صقر ان "نقطة ضعف
طالب الاعلام هي "قلة المروة"، اذ انه غير متمكن في مواضيع البحث
العلمي، وليس بارعا في البحث عن المعلومات، لكن في نهاية المطاف، يستطيع كل شخص
الحصول على المعلومات، لكنه لا يستطيع التعامل بمنهجية اعلامية معها".
بدوره يرى الدكتور نبيل شديد رئيس قسم العلاقات العامة في
الفرع الثاني لكلية الاعلام، ان "كل شخص يعمل في مجال الاعلام يجب ان يكون
متخرجاً في كليات الاعلام، اذ ان الاعلام هو في الاساس ايصال الرسالة (الخبر) من
المرسل الى المتلقي، هذا هو اساس المهنة، ونحن في كلية الاعلام ندرّس اصول المهنة
واخلاقياتها اضافة الى النظريات المتعلقة بها".
ويشير الى ان بعض كليات
الاعلام تنقصه التجهيزات "ككلية الاعلام في الجامعة اللبنانية، والتي تفيد
الطالب وتساعده ليتخرج وهو متمكن من التكنولوجيا الاعلامية الحديثة. لكن مع ذلك
نحن في لبنان لا نزال سباقين من حيث المنهجية العلمية في كليات الاعلام بالمقارنة
مع باقي الدول العربية وعدد من الدول الغربية، فالتطور وحده غير كاف، نحن نعلّم
اسس الاعلام وهذا امر في غاية الاهمية".
ويؤيّد شديد فكرة وجود الاعلاميين المتخصصين، "لكن هذا الامر لا يتم من خلال توظيف متخرجي الاختصاصات الاخرى في المؤسسات الاعلامية، وتعليمهم التقنية الاعلامية، بل على العكس، يجب على الاعلامي المتخصص ان يدرس الاعلام ثم يتخصص في المجال الذي يريد".
ابرهيم درويش رئيس فترة
اخبارية في قناة "اسيا"، وخريج كلية الاعلام يرى ان "الاعلام، كاختصاص
يدرس في الجامعة ينقصه الكثير من المواد الدينامية والحيوية التي تمكن الطالب من
التفاعل في المجال الاعلامي، إذ يصل الطالب الى العمل فيصطدم بحائط من المهنية
التي تختلف تماماً عن النظريات التي يتم التركيز عليها في كلية الاعلام".
ويضيف: "ان تلك النظريات مضى عليها الزمن ولم تستجب
لمتغيرات الحياة المهنية والعملية، لذا ما هو مطلوب وما اعتقد انه بات يطبق اليوم
هو التركيز على التدريب المهني وتهيئة الطالب ليكون حاضراً للانخراط في سوق العمل،
لا إعادة تهيئته في سوق العمل وكأنه يتعرف لأول مرة على مستلزمات العمل".
اما المتخرج ايضاً ميشال متى فيؤكد ان "الفائدة من اختصاص كلية ليست كبيرة ولا نستطيع اكتشاف ذلك الا بعد دخولنا سوق العمل.
فاضافة الى الصعوبة التي نعانيها لايجاد فرصة عمل، نجد ان ما تعلمناه لا نستطيع تطبيقه في المهنة".
لكن متى لا ينفي "وجود
فائدة اكتسبناها من بعض الاساتذة، والتي لم تأت طبعا من المواد والكتب التي
ندرسها، بل من تجارب الاساتذة العملية في مجال الاعلام".
ويؤكد ان الامور العملية في هذه المهنة اكثر فائدة من
الامور النظرية التي تعتبر فائدتها محدودة.
نهار الشباب/21-11-2013
بتوقيت بيروت