ترجع فكرة القبعات الست إلى المفكر (إدوارد دي بونو) الذي طرح كثيرًا من الأفكار حول تعليم التفكير. وتستند هذه الفكرة إلى الملاحظة التي يشعر بها كل شخص في أي نقاش، حيث يتبنى أحد الأطراف موقفًا ما يدافع عنه دفاعًا مستميتًا ولا يستمع إلى فكرة المعارض الذي يضطر أن يدافع هو الآخر عن فكرته، مما يؤدي إلى جدل عقيم وخصومات ونزاعات عديدة دون الوصول إلى نتيجة تفيد أيًا من الطرفين!
وتقوم نظرية القبعات الست على توجيه الشخص إلى أن يفكر بطريقة معينة ثم يطلب منه التحول إلى طريقة أخرى.
أي أن الشخص يمكن أن يلبس أيًا من القبعات الست الملونة التي تمثل كل قبعة منها لونًا من ألوان التفكير.
ويستخدم هذه الطريقة المديرون المنفذون في شركة «نيبون» اليابانية التي تفوق في حجمها شركة «آي بي إم» وشركة «أبل» للكمبيوتر.
ويرى «دي بونو» أن اختيار القبعات تم على أساس:
- أن القبعات هي الأقرب للرأس، والرأس يحوي الدماغ الذي يقوم بوظيفة التفكير، ولهذا فهي الأقرب للتفكير.
- عادة لا نبقي القبعة طويلاً على الرأس لأننا سرعان ما نغيرها بتغير الظروف، وهكذا الأفكار، فقد نعجب بفكرة ما في وقت معين، ونتخلى عنها في وقت لاحق كالقبعة التي لا يمكن أن نلبسها مدة طويلة، وكذلك الفكرة يجب ألا تعيش طويلاً لدينا.
- القبعة التي تلبس طويلاً تتسخ وتفقد أناقتها، وكذلك الفكرة فإنها إن بقيت مدة طويلة في رؤوسنا فإنها قد تصبح بالية لا جدوى منها.
- القبعة رمز للدور الذي يمارسه كل شخص، فقبعة الممرضة غير قبعة الجندي أو القاضي.. وهكذا القبعة ترمز للدور.
- يحتاج الإنسان إلى ألوان مختلفة من التفكير، كما يلزمه أن يغير أسلوبه في التفكير حسب الوضع المستجد أمامه ولذلك الإنسان المفكر يحتاج إلى لبس عدة قبعات مختلفة للتفكير، والإبداع، والنقد.
ولكل قبعة (من القبعات الست) وظيفة تختص بها، على النحو التالي:
اللون الأبيض يشير إلى الحياد والموضوعية والتجرد. والذي يرتديها عليه أن يكون محايدًا. موضوعيًا، بعيدًا عن النقد أو إصدار الأحكام. ويقدم مرتدو القبعة البيضاء معلومات عن: متى؟ أين؟ لماذا؟ (الموضوعية).
- القبعة الحمراء:
يعكس اللون الأحمر الدفء والمشاعر، إنه لون النار والعاطفة، ومن يلبسها عليه أن يعبر عن عواطفه دون أن يبدي الأسباب. فالقبعة الحمراء قبعة الأحاسيس والمشاعر.
- القبعة السوداء:
اللون الأسود يعكس التحفظ والنقد والمساءلة والتحذير كالقاضي، وكل من يمارس دور القاضي يتمتع بالجدية والقوة.
- القبعة الصفراء:
يعكس اللون الأصفر الشروق والأمل. وحينما نلبسها فإننا ننظر نظرة متفائلة، نبحث عن إيجابيات الموضوع وفوائده ومزاياه.
- القبعة الخضراء:
اللون الأخضر هو لون الخصوبة والنماء والطاقة والحيوية، ومن يلبسها عليه أن يقدم مقترحات ويبحث عن بدائل وأفكار جديدة، فهي قبعة الإبداع.
-القبعة الزرقاء:
اللون الأزرق هو لون الفضاء والأفق، ولذلك على من يرتديها إثارة الأسئلة الهامة، وتلخيص النقاش وتحديد النقطة التي تم الوصول إليها، فهو يهتم بعمليات تنفيذ الفكرة أو المشروع.
وعلى ذلك فإننا نمارس دورًا معينًا مع كل قبعة بلبسها، سيكون مختلفًا عن الدور الذي قبله أو بعده.
الأمر الذي سيحقق جملة من الفوائد، أهمها:
- تغيير القبعات حسب الموقف، تعلّم الشخص المرونة، وتجعله منفتحًا على جميع الأفكار.
- إن ارتداء جميع الحاضرين لقبعة واحدة تعني مناقشة واحدة فلا صراع ولا جدال، وبالتالي فإن الموضوع يصبح أكثر عمقًا وأكبر بعدًا، لتناوله من جوانب عدة وبذلك تكون نتائجه أفضل.
- ارتداء قبعة تماثل قبعة الزميل تجعلك
تشعر بمشاعره وتتعاطف معه وتتفهم طريقة تفكيره.
- استخدام القبعات الست في التفكير بموضوع ما، فإننا بذلك
نمارس الخطوات العلمية الصحيحة (البحث عن المعلومات، التعبير عن المشاعر، التحذير
من الأخطاء والسلبيات، البحث عن الفوائد، إيجاد الحلول والبدائل، التنفيذ، هذه
العمليات تقودنا إلى حل أفضل وبالتالي الأمثل).
إن كل قبعة تعكس شخصية مرتديها، فكثيرًا ما نلتقي بالحالمين المرتدين القبعات الحمراء الذين لا يخلعونها أبدًا، أو المشرقين المتفائلين المرتدين الصفراء دومًا، أو الناقدين الباحثين عن الأخطاء متوجين رؤوسهم بالقبعة السوداء. وكي نفكر بطريقة صحيحة علينا أن نتخلى عن القبعة التي نحبها، أو القبعة التي نلبسها دائمًا. فالمطلوب في عمليات التفكير الجيد أن نرتدي جميع القبعات.
إن التدريس وفق القبعات الست هو أحد أشكال ومهارات تعلم التفكير، حيث يستخدم المعلم القبعات في مختلف مراحل الدرس كما يلي:
يقدم المعلم في بداية الدرس: الحقائق الأساسية والأفكار الرئيسة، المعلومات والبيانات المتوافرة.. وقد تقدم هذه الحقائق والمعلومات بعدة طرق: كالمحاضرة، والمناقشة، الاستقصاء.. وبعد استكمال الحقائق يطلب المعلم ارتداء القبعة الحمراء.
-القبعة الحمراء:
يعطي المعلم الفرصة للطلبة بالتعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم نحو موضوع الدرس ويعبر الطلبة عن مشاعرهم ويتفهمون مشاعر شخصيات الدرس (إن وجدت) . وتكون فترة التعبير عن المشاعر قصيرة من (3 إلى 4 دقائق) يتم بعدها الانتقال إلى مرحلة أخرى بارتداء القبعة السوداء.
- القبعة السوداء:
يطلب المعلم من الطلاب تقديم ملاحظات وأحكامًا سلبية على مواقف الدرس أو شخصياته. وبعد انتهاء النقد، يعلن المعلم الانتقال إلى القبعة الصفراء.
-القبعة الصفراء:
يعلن المعلم أن القبعة الصفراء تتطلب البحث عن الإيجابيات والفوائد، فيقدم الطلبة تعليقات إيجابية حول موضوع الدرس. بعدها يعلن المعلم الانتقال إلى القبعة الخضراء.
- القبعة الخضراء:
يطلب المعلم من طلبته البحث عن أفكار جديدة ومقترحات مبتكرة، أو إجراء تغييرات ضرورية، كإضافة أو حذف، أو تعديل.. وهنا يقدم الطلبة مقترحاتهم وآراءهم. وبعد انتهاء هذا الدور يطلب المعلم ارتداء القبعة الأخيرة.
-القبعة الزرقاء:
يطلب المعلم من الطلبة وضع خطط للتنفيذ على ضوء ما تم في القبعات السابقة من معلومات ومشاعر وسلبيات وإيجابيات ومقترحات فيحددون خطوات التنفيذ في تشكيل لجان للعمل، الاتصال بمؤسسات أخرى، جمع الأدوات وتجهيزها..
إن استخدام استراتيجية التدريس بالقبعات الست يمكن أن يحقق أغراض التعليم الجيد من خلال:
- تقديم نشاطاته المتنوعة التي تبدأ بالمعلومات والحقائق ثم تتنوع حسب متطلبات استخدام كل قبعة، فالدرس عبارة عن أنشطة متنوعة.
- هذه الاستراتيجية تسمح للطالب بالمشاركة في جميع مراحل الدرس بدءًا من البحث عن المعلومات (القبعة الصفراء) وحتى تقديم التوجيه والتنظيم (القبعة الزرقاء).
- تسمح للطالب بالقيام بعمليات استقصاء لجمع المعلومات وبعمليات التفكير الإيجابية (القبعة الصفراء)، والتفكير النقدي (القبعة السوداء)، والتعبير عن المشاعر(القبعة الحمراء).
- تنسجم هذه الاستراتيجية مع متطلبات التفكير الإبداعي، وذلك حينما يقدم الطلبة مقترحات تطوير وأفكار جديدة لتعديل الأوضاع وتنظيمها.
بتوقيت بيروت