يقول تعالى ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ جاء التعبير القرآني في الآية الكريمة فى أسلوب تشبيه حذفت منه أداة التشبيه وبذلك صار المشبه عين المشبه به، فصار النوم سباتا، ومن معانى السبات الموت وبهذا المعنى شبه النوم بالموت.. فالنوم موتة صغرى كما قال الله عز وجل ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ﴾(الأنعام:60) ومن هذا نفهم بعض المعاني في الحديث النبوي الشريف: "كما تنامون فكذلك تموتون، وكما تستيقظون فكذلك تبعثون".
وفي اللغة: السبات هو الانقطاع عن العمل والتمدد على الفراش،والسبات أيضا هو النوم الذى لا يخالطه ازعاج، لذلك سميت الراحة والانقطاع عن العمل سباتا، " ويذهب الانسان الى فراشه لينام اذا أحس بالخمول يسرى فى جسده، ليقوم بعد ذلك من نومه نشيطا، وفى ذلك يقول الله عز وجل ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا﴾(آل عمران:154) والأمنة الأمن، والنعاس الفتور أو النوم، أي أعقبكم بعد الجهد والتعب أمنا تنامون فيه وقال تعالى أيضا ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ﴾(الأنفال:11).
فالنوم نعمة من نعم الله على عباده،وآية منه كما في قوله ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ﴾(الروم:32) فقوله تعالى في سورة النبأ ﴿وجعلنا نومكم سباتا﴾ اشارة الى نعمة من نعم الله تعالى على عباده و آية من آيات خلقه، ولا شك أن عالم النوم الذى نعيشه عالم عجيب ومليء بالأسرار.. الا أن تعود الناس عليه أزال عنهم العجب منه، فلم يعد يلفت انتباههم أو يثير دهشتهم.
وسمي النوم بالموت الأصغر، لأن النائم لا يعيش
عالم الزمن والوعي والادراك، ولكنه يعيش بعقله ونفسه وروحه في عالم آخر، لا يعى
فيه أمرا ولا يدرك فيه شيئا، ولا يحس بمرور الزمن، واذا لم يستيقظ الانسان من
نومه، يكون قد دخل في حالة الموت الأكبر، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ
فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ
الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ﴾(الزمر:42).
وقد يتحمل الانسان الحرمان من الطعام والشراب أياما عديدة، ولكنه لا يتحمل الحرمان من النوم أياما قليلة الى هذا الحد تبلغ حاجة الانسان الى النوم، ومن هذا ندرك أن النوم نعمة من نعم الله تعالى على عباد هو رحمة منه بهم كما في قوله تعالى على عباده ورحمة منه بهم كما فى قوله تعالى ﴿وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾(القصص:73)، وفي قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾(الروم:23) وسواء كان النوم في ليل أو نهار فهو نعمة ورحمة من الله تعالى لعبادة.
ان كل انسان يعيش في حياته في عالمين مختلفين كل الاختلاف، عالم اليقظة وعالم النوم، ويحدث النوم على درجات أو مراحل متعددة. أو لمرحلة في النوم تسمى النعاس، انه السنة فهي مغالبة النوم للانسان. كما قال الشاعر: وسنان أقصده النعاس فرنقت فى عينه سنة وليس بنائم "رنقت فى عينه سنة" أي خالطت عينه سنة فالنعاس والسنة يحدثان فتورا فى بالجسم وهو أول مرحلة من مراحل النوم، فيثقل الجسم، ويغالب الغمض الجفون فهو ليس نوما حقيقيا ولكنه مقاربة النوم الجفون وأول ما يحدث هو النعاس ثم السنة ثم النوم كما قال الله عز وجل عن نفسه ﴿لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ﴾(البقرة:255).
ويسترخى الجسم أثناء النوم استرخاء عضليا ونفسيا وذلك يحقق شفاء نفسيا وبدنيا للانسان ولا تتغير العمليات الحيوية في الجسم أثناء النوم ولكن تتغير العلاقة بين الجسم والروح.
شبكة المعارف الإسلامية
بتوقيت بيروت