يبلغ معدل البطالة في العالم العربي 16%، فيما تسجّل نسبة بطالة الشباب أعلى معدلاتها مقارنةً بباقي دول العالم، وذلك بنسبة 23.2% مقارنةً بالمتوسط العالمي البالغ 13.9% بحسب تقرير حديث لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتّحدة صادر في 7 شباط الفائت، وبنحو 25% بحسب ما صرّح الدكتور أسامة ياسين وزير الدولة للشباب في مصر اذ أكّد أن تفاقم هذه المشكلة يتطلّب توفير نحو 51 مليون فرصة عمل بحلول السنة 2020. ففي مصر مثلاً، وبحسب ما جاء في "التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية" (2011)، تتركّز بطالة نحو 92% من الذكور في سنّ الشباب، مقابل نسبة 78% للإناث.
صحيح أن البطالة مرتبطة بأنظمة التعليم في غالبيّة الدول العربيّة، وبما تفرزه هذه الأنظمة من متخرجين، فضلاً عن عدم كفاءة أعداد من هؤلاء في سوق العمل...إلخ، إلا أن المسؤولية الملقاة على هذه الأنظمة التعليميّة تعبّر عن جانب من المشهد. فالمتعلمون تعليماً عالياً في بلد مثل مصر، على سبيل المثال لا الحصر، لا يمثلون- وبحسب تقرير مؤسّسة الفكر العربي السابق ذكره- سوى 18% من إجمالي قوة العمل، في حين لا تزال السيطرة على قوة العمل للأميّين وأشباه الأميّين معاً (45%)، وترتفع النسبة إلى 55% إذا ما انضمّ إلى هذه الفئة ذوو التعليم ما دون المتوسّط. أما المتعلّمون تعليماً متوسطاً فلا تزال أهميتهم النسبيّة في قوّة العمل أهمّ بكثير من تلك العائدة لذوي التعليم العالي.
وفي الأردن، تبلغ نسبة البطالة لدى الحاصلين على درجة البكالوريوس 32.3% من إجمالي العاطلين عن العمل، وفي تونس تضاعفت نسبة بطالة أصحاب الشهادات الجامعية، فارتفعت من 8% عام 1999 إلى 22% سنة 2008، خصوصاً لدى خريجي الاختصاصات الأدبية والإنسانية والاجتماعية. ولعلّ هذا ما يؤكّد ما توصلت إليه دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي وشركة "بوز أند كومباني" عن دور مؤسّسات الأعمال الكبرى في دفع عملية التوظيف في العالم العربي، والتي نُشرت في عدد من وسائل الإعلام في حزيران 2012. إذ تفيد الدراسة بأن القوى العاملة تفتقر إلى المهارات العامة والمتخصّصة التي تتطلّبها الوظائف.
ففي بلد مثل سوريا يتميّز اقتصاده ببنية تقليديّة، من المنطقي أن لا تكون حاجة إلى قدر كبير من العمالة المؤهلة؛ وفي هذا البلد، حيث تعمل 40% من مجمل العمالة في القطاع غير الرسمي الذي لا يخضع للخطط التنمويّة، من الطبيعي أن يتركّز الطلب على العمالة ذات المستوى التعليمي المنخفض وأن تتفشّى البطالة بين أعداد الجامعيّين الذين هم في ازدياد مطّرد.
أما في تونس، حيث عمدت الحكومة التونسيّة إلى تشغل أكثر من 35000 عاطل عن العمل جلّهم في القطاع الخاص منذ اندلاع الثورة، بقي عدد العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات، والذي بلغ ما يزيد على 200 ألف صاحب شهادة، عبئاً ثقيلاً في ظلّ انكماش النموّ إلى درجة الصفر وتراجع الاستثمار الداخلي والخارجي وفي دول مجلس التعاون الخليجي الستة (البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة)، حيث يبلغ حجم العمالة الأجنبية أعلى مستويات له، من المنطقي أن تسجَّل أعلى معدلات بطالة بين الشباب على مستوى العالم، بحيث تصل هذه المعدلات، بحسب تقديرات البنك الدولي إلى 40% بين بعض الفئات العمرية.
ففي ظلّ مجتمعات العالم المتقدّم التي باتت تتميّز بكونها مجتمعات معرفة مبنيّة على اقتصاد المعرفة، قد يكون من المجدي ابتكار مقاربات جديدة للمسائل الاقتصادية. ونستشهد هنا بمقولة لمؤلف كتاب "كيف؟" (How?) دوف سيدمان، ومفادها أن "المسؤولية الملقاة على كاهل القادة والآباء والمعلمين اليوم هي تهيئة بيئات يمكن أن يكون الشباب فيها في حالة بحث، ليس عن وظيفة فقط، بل عن سيرة مهنية، عن حياة أفضل تتخطّى، لا بل تتجاوز، وبمسافة بعيدة، تلك التي عاشها آباؤهم".
صار عنا نفط... واولادنا لن يهاجروا
ارتفعت في الشوارع وعبر لوحات الاعلان، عبارات تفاؤلية بمستقبل البلد في ظل النفط الذي لم يخرج بعد وهو يحتاج الى 6 او 7 سنوات في حد ادنى للبدء باستثماره. وانطلقت حملة اعلامية تؤكد ان لبنان صار قادرا على تسليح الجيش بفضل اموال النفط، وان شبابه لن يهاجروا بعد اليوم اذ ان قطاع استثمار النفط سيوفر لهم آلاف الوظائف... وهذا كله على الوعد يا كمون، اذ ان النفط ما زال في علم الغيب، وعلقت والدة على الحملة قائلة "سيذهب ابني الى اميركا، وانشالله يعود بعد النفط، لأنه من اليوم والى 7 سنوات سيموت من الجوع".
انها الوعود المؤجلة لأبنائنا بأنهم لن يهاجروا بعد اليوم، لأننا سنصبح بلداً نفطياً.
من دراسة لمؤسسة الفكر العربي
أعدتها رفيف رضا صيداوي/ نهار الشباب18-04-2013
بتوقيت بيروت