كثيرة هي الكتب التي تحدثت عن النجاح، وكثيرة هي البرامج التدريبية التي استهدفت هذا الموضوع بالذات. ولا عجب في ذلك، فالكل يريد النجاح والكل يقول إنه يسعى إليه، وإن كان على طريقته الخاصة، وفي هذه الجزئية، كلام كثير لا شك.من أشهر هذه الكتب كتاب «العادات السبع للناس الأكثر فاعلية» لستيفن كوفي.
وهو الذي تفرع عنه الكثير لاحقاً، سواءً لذات المؤلف ككتابه الشهير «العادة الثامنة»، وكتابه الذي صدر مؤخراً «البديل الثالث»، أو لغيره من المؤلفين.واختار كوفي في كتابه سبعة عوامل، إن التزم بها الإنسان وأحسن تطبيقها، فإنه سيسير على طريق النجاح، نحو تحقيق ما يصبو إليه. وقد سميت هذه العوامل بأسماء مختلفة، فكوفي أسماها «عادات»، وبرايان تريسي أطلق عليها «التزامات»، في حين أسماها جول أوستن «مفاتيح»، وسأسميها بدوري «أعمدة»، لأنني أراها بمثابة الأعمدة التي يقوم عليها صرح النجاح وبناؤه المتكامل.
العمود الأول: أن يضع الإنسان لنفسه أهدافاً في الحياة، في مختلف المجالات،
دينياً واجتماعياً وجسدياً وعلمياً وعملياً ومادياً. فلا يمكن لإنسان أن ينجح حقاً
في حياته، دون أن تكون له أهداف محددة وواضحة، لما يريد تحقيقه في هذه المجالات.
العمود الثاني: أن يضع الإنسان خطة لتحقيق الأهداف، فلا يمكن أن يحقق الإنسان شيئاً دون أن تكون لديه خطة لذلك.
والعبارة الشهيرة تقول، من فشل في التخطيط أو (لم يخطط مطلقاً) فقد خطط للفشل.
العمود الثالث: ترتيب الأولويات، وهذه من أهم خصائص الناجحين، فحين ننظر إلى الناس
من حولنا، وبالأخص أولئك الأقل نجاحاً، سنجدهم في الغالب ممن فشلوا في ترتيب
أولوياتهم، وفشلوا في وضع الأشياء الأهم في أعلى قائمة اهتماماتهم، وانشغلوا في
أمور أقل أهمية، وربما بأمور عديمة الأهمية تماماً.
العمود الرابع: أن يركز الإنسان وقته وجهده على الأولوية التي في يده، فيعمل على أن يصرف عقله ومزاجه عما سواها بقدر ما يستطيع.
كثير منا، وإن كان يظن نفسه منشغلاً بأداء أمر ما، فإن عقله في الحقيقة في مكان
آخر، فتراه ينتج عملاً قليل الجودة، وربما منعدم الفائدة.
العمود الخامس: الحرص على
الصحة الجسدية والتغذية السليمة، فمن دون أن يكون الإنسان صحيحاً في هذا الجانب،
ستضعف قدرته وتقل طاقته عن مواكبة همته، وموازاة رغبته في تحقيق أهدافه وتنفيذ خطط
حياته.
العمود السادس: الاستمرار في التعلم والتدرب وتطوير الذات.
فكثير من الناس يكتفون بما اكتسبوه من المعلم والمعرفة على مقاعد الدراسة، وبما
يلتقطونه من خبراتهم اليومية وممارساتهم المتواصلة، هذا كله وإن كان مهماً، فهو غير
كافٍ، والإنسان بحاجة إلى أن يستمر في تطوير نفسه، والتعلم في المجالات التي يرغب
في النجاح فيها.
العمود السابع: ضرورة اهتمام الإنسان بالعلاقات الإنسانية في حياته، فمن المهم أن يتذكر الساعي إلى النجاح، أن صعوده السلم لا يجب أن يكون على حساب علاقته بأسرته وأهله وأصدقائه، فلا قيمة لنجاح مادي يكتشف الإنسان بعد وصوله إليه، أنه خسر كل ثروته الإنسانية وهو يسعى إليه، ولا بد من الحرص على وجود التوازن في هذا الجانب.
بتوقيت بيروت