ليلى جرجس -جريدة النهار
أحياناً بصيص نور كفيل في إعادة الأمل والحياة لكثيرين. نشهد، في لبنان، على محطات كثيرة بعضها سوداء وأخرى بيضاء. نحن اليوم في محطة مشرقة في تاريخ الطب اللبناني والعالمي، طبعها باحث وطبيب لبناني ليصبح مرجعاً عالمياً بتصديق من منظمة الصحة العالمية في شأن تقويم الإصابات الناتجة عن القنابل العنقودية. نتحدث عن انجاز عالمي فعلاً، إذ ليس سهلاً ان توافق منظمة الصحة العالمية وتتبنى مشروعاً طبياً، لكنه حصل فعلاً مع الدكتور جواد فارس.
إنجاز لبناني جديد يُدخل الباحث وعالم الأعصاب الدكتور جواد فارس في مجلة "الطب والعلوم الحياتية" ضمن قائمة 10 بحوث تحت سن الأربعين، بعد ان تمّ اختياره في 2018 ضمن قائمة " FORBES 30 UNDER 30 ". وقد توالت التكريمات كما الإنجازات للطبيب والباحث اللبناني الذي رفع اسم لبنان في العالم بفضل بحوثه التي شكّلت مرجعاً عالمياً. فماذا عن هذا الانجاز الجديد؟
يروي فارس قائلا: "بدأت القصة في عام 2006، عندما إندلعت شرارة البحث بعد ضرب لبنان بـ 4 ملايين قنبلة عنقودية، بقي منها حوالى مليون لم تنفجر. هكذا انطلق فارس في مشروعه البحثي ودرس الإصابة الجسدية والنفسية والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية ونسبة الإصابات نتيجة القنابل العنقودية. وبعد سنتين من البحوث، إبتكر فارس وفريق من الباحثين "مقياس فارس للإصابات جراء القنابل العنقودية" للمساعدة في معالجة هذه المشكلة. وقد ساهم هذا المقياس في تصنيف الإصابات في شكل علمي وتوفير أفضل علاج ممكن للمصابين".
يقوّم "مقياس فارس" الإصابات الناتجة من الذخائر العنقودية على أساس الضعف أو الضرر الوظيفي، ويساعد في تصنيف جروح الضحايا وتحديد أفضل علاج لحالاتهم. وقد تمكن هذا القياس من حل الصعوبات في تحديد مستوى شدة الإصابات التي واجهت الأطباء الذين تعاملوا مع ضحايا الذخائر العنقودية.
اذاً، الإنجاز الأول كان باعتماد المقياس كمرجعية معتمدة عالمياً لتقويم الإصابات الناجمة عن الذخائر العنقودية، ونشره كجزء من دراسة مستقبلية عام 2013، ليكتمل الانجاز بتبني منظمة الصحة العالمية هذه الرؤية واعتمادها حول العالم لتكون مرجعاً وحلاً للتعامل مع الإصابات بالاستناد الى المقياس.
التحدي الآخر : سرطان الدماغ
امام هذه الإنجازات والتكريمات، ماذا ستكون الخطوة المقبلة؟ يؤكد فارس انه امام تحد آخر، "سأسافر الى شيكاغو لخوض تجربة جديدة في مجال البحوث في سرطان الدماغ. لا أخفي ان الانجاز يمنحك سعادة لكنه في الوقت نفسه يحملك المسؤولية والحفاظ على مسيرتك التصاعدية. ان رحلتي مع البحوث وصلت الى مكان لا يمكن تطويره في لبنان، لذلك كان قرار السفر لفتح آفاق جديدة وإحراز تقدم آخر".
أنهى فارس شهادة البكالوريوس في علم الأحياء في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث التحق أيضاً بكلية الطب للحصول على الدكتوراه. وفي الوقت نفسه، حصل على درجة الماجستير في علم النفس العصبي من مركز بحوث العلوم العصبية في الجامعة اللبنانية. ترتكز بحوثه في شكل رئيسي على الطب المتناقض، وجراحة المخ والأعصاب والصحة العالمية. وضمّته "فوربس" إلى قائمتها الخاصة في مجال العلوم والصحة: FORBES 30 Under 30 Europe" list و " Forbes Middle East—Arab 30 Under 30 لمساهمته في حل مشكلات الرعاية الصحية في العالم النامي.