هدى حبيش ــ المدن: خلال 7 سنوات من الدراسة الجامعية، حصّل الشاب جواد فارس (26 سنة) 3 شهادات جامعية وأنجز 32 بحثاً علمياً في مجال العلوم والرعاية الصحية. واختارته أخيراً مجلة فوربس الأميركية واحداً من 30 شاباً دون 30 عاماً قدموا إنجازات مهمة في تخصصاتهم ومجالات عملهم تحت عنوان "Forbes 30 Under 30".
فارس، الذي تخرج من مدرسة إنترناشونال كولدج في بيروت في العام 2009، التحق بالجامعة الأميركية في بيروت ونال شهادة بكالوريوس في العلوم في العام 2012. دخل فارس مجال البحث الأكاديمي قبل أن ينال شهادة البكالوريوس محققاً بذلك خطوته الأولى في اتجاه شغفٍ استقاه من منزل تميّز بجوه الأكاديمي والعلمي. ذلك أن والديه منخرطان في المجال البحثي وحائزان على الدكتوراه في تخصصهما. التحق فارس مباشرة بكلية الطب في الجامعة الأميركية، وبمركز بحوث علم الأعصاب في كلية العلوم الطبية في الجامعة اللبنانية. فحاز على ماجستير من اللبنانية في العام 2016 وأتم دراسة الطب في الأميركية أخيراً.
وعلى نقيض ما يقال عن تحول الطب إلى مهنة تجارية خالية من الإنسانية، وجّه المنحى الإنساني فارس في كل خياراته، ومنها اختيار مواضيع بحوثه. وقد تأثر إبن مارون الراس بما شهدته هذه البلدة وسواها من بلدات الجنوب خلال حرب تموز 2006، فاهتم بالبحث في مجال "طب النزاعات" المعني بالمشاكل الطبية الناجمة عن الحروب والأسلحة، مثل مخلفات القنابل العنقودية والألغام. فـ"منطقتنا تعج بالنزاعات والحروب. وفي لبنان تحديداً رمى الإسرائيليون خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من الحرب 4 مليون قنبلة، وفق منظمة هيومن رايتس ووتش، من بينها مليون قنبلة لم تنفجر. أي أنها قد تنفجر في أي وقت لاحق"، وفق فارس.
وبعد دراسات كثيرة بشأن الإصابات الناجمة عن القنابل العنقودية في مركز بحوث علم الأعصاب في الجامعة اللبنانية، وجد الباحثون أن الأطباء يواجهون صعوبة في تشخيص الحالات الناجمة عن هذه الإصابات. من أجل ذلك، قرر فريق الباحثين، ومن ضمنهم فارس، التوصل إلى مقياس للضرر الوظيفي الناجم عن الإصابات بالقنابل العنقودية مستغلين ما تتعرض له المنطقة من إصابات عدة تمكنهم القيام بهذا البحث. وتضمن المقياس 4 مستويات تقيس حدة الاصابة وخطورتها ومدى تعطيلها المصاب عن العودة إلى مزاولة حياته اليومية بشكل طبيعي. وذلك لتسهيل عمل الأطباء في تشخيص الحالات. "وقد اعتمد هذا المقياس مرجعاً لتشخيص العديد من الحالات، وأقتبس في أهم المجلات والمواقع العلمية"، وفق فارس. واعتبرت فوربس هذا الإنجاز السبب الأساسي لاختيار فارس في لائحتها.
ينوي فارس التخصص في مجال جراحة الدماغ والأعصاب، شغفه الأساسي الذي دفعه إلى الطب، في إحدى جامعات الولايات المتحدة الأميركية. يحب فارس هذا الاختصاص نظراً إلى "مركزية الدماغ والجهاز العصبي في تكوين الإنسان وشخصيته وأفكاره وتصرفاته. فعندما نطور هذه الجراحة نتمكن من مساعدة الأشخاص على الحفاظ على ذواتهم أو أن يستعيدوا ذواتهم. بالنسبة إليّ، هذا الاختصاص من أهم المجالات الطبية الإنسانية". وكان فارس شارك في بحث مع دكتور في جامعة "ماك غيل" الكندية من أجل تطوير جراحة الدماغ والأعصاب، وأفضى إلى تصميم نظارات مزودة بتكنولوجيا افتراضية تمكّن الأطباء من التدرب على العملية الجراحية قبل اجرائها لتجنب الأخطاء الطبية.
بالإضافة إلى شغفه بالعلوم، يميل فارس إلى الفلسفة ويهوى القراءة في شتى المجالات. لا يعتبر فارس أن ما حققه سهل، بل متعب ومضن. لكن، "ما دام الإنسان يعمل في ما يحب فباستطاعته تحمل كل المشقات". وبعد تخصصه في مجال الطب لا يرى فارس في الهجرة هدفاً له، بل يريد أن يخدم مجتمعه الصغير، وأن يكون عابراً للحدود الجغرافية ناشراً معرفته وعلمه في كل مكان يحتاجه.