يعد الجدل حول مسألة إلغاء الامتحانات الرسمية للمرحلة المتوسطة موضوعًا بالغ الأهمية على صعيد القطاع التعليمي في لبنان. فبعد أن أعيد الموضوع إلى الواجهة بتقديم النائبين نديم جميل وسيرج طورسركسيان اقتراح قانون الالغاء في 17 شباط 2016، شهد القطاع التعليمي بلبلة لازالت مستمرة حول امكانية الغاء الامتحانات، في حين أنّ النقاش الفعلي حول هذا الموضوع سيترك إلى ما بعد ورشة تطوير المناهج، حسب ما جاء في كلام وزير التربية الياس بو صعب، والتي لن تنتهي قبل السنتين.
آراء حول الاقتراح
يعارض محمد مرعي (أحد أساتذة البروفيه) فكرة إلغاء الامتحانات الرسمية، ويعيد رأيه في ذلك إلى "انتشار ظاهرة المدارس التجارية في لبنان"، والتي تعتمد مبدأ "دفاع وطلاع صف" على حدّ تعبيره، ما قد ينعكس سلبًا على مستوى الطالب أو مستوى من حوله. يشكو مرعي من المستوى التعليمي المتراجع. "مستوى طلاب البروفيه مستوى صف تالت" يقول بحسرة، ويتابع "أنا مع تسهيل الامتحانات لا الغائها". يلفت مرعي الى معاناة الاساتذة بعد الاكتفاء بالإفادات لطلاب البروفيه منذ سنتين.
توافقه الرأي لبنى حوراني (معلّمة ومصححة امتحانات رسمية) مستنكرة فكرة الغاء هذه الامتحانات. بالنسبة لحوراني، إنّ فساد بعض المدارس إن على صعيد الغش في تقييم مستوى التلميذ، أو تقديمها طلبات إعفاء مزوّرة عن بعض طلاّبها الآخرين، يعد مبرراً أساسيًا لعدم إلغاء الامتحانات. من جهة أخرى ترى حوراني إنّ "إجراء الامتحانات يشكل مورد عيش لعدد كبير من الأساتذة والمعلمين وهي منهم، إن كان من خلال المراقبة أو من خلال التصحيح." وتشدد على أهميّة أن تعتمد الأسئلة على الفهم والتحليل أكثر من الحفظ ، "كي ننمي قدرات الطالب بدل أن نعلمه الحفظ الببغائي فقط."
إلاّ أن زميلتها هبة عواض تطرح وجهة نظر مغايرة للموضوع، فتؤيّد فكرة الغاء الامتحانات من منطلق ما "يواجهه الطالب غالبًا من توتر وضغط قبل وخلال هذه الامتحانات. والتي تضع الطالب في جو نفسي خانق لا مبرر له." وتستدرك عواض كلامها مبدية أهمية الدراسة والتخطيط قبل اتخاذ قرار الالغاء "حتى ما نكون بمشكلة نصير بمية."
لا شك أن تعدد هذه الآراء وما قد اثير مؤخرا حول موضوع الاقتراح كان لها أثر مباشر في اتخاذ بو صعب قراره في تطوير أساليب إجراء هذه الامتحانات، وتقييم ذلك قبل اتخاذ أي خطوة لاحقة. وقد كان لموقع "العهد" جولة على مراكز اجراء الامتحانات .
تجربة طلاب البروفيه هذا العام
حسين عودة، أحد الطلاب المرشحين للبروفيه، أبدى تفاؤله بخطة بو صعب الجديدة. فقد لاحظ تنظيمًا واضحًا في إجراء الامتحانات مقارنة مع ما قد سمعه من طلاب البروفيه العام الماضي. بالنسبة لحسين تجلّى ذلك في حُسن تقليص عدد الطلاب، وفي أسلوب المراقبة التي بدت أكثر جديّة.
أمّا سمر كوراني، زميلة حسين، فقد لمست خلال هذه الامتحانات ما قاله وزير التربية عن تسهيل الأسئلة التي وضعت. كوراني التي كانت خائفة قبل دخولها مركز الامتحانات من التدابير الجديدة، أبدت ارتياحها لجو الامتحانات ولطبيعة الأسئلة التي اعتمدت بغالبيتها على الفهم. كلام سمر أيّده عدّة معلمين وأساتذة.
اجراءات وزارة التربية
المؤتمرات الصحفية المتتالية التي عقدها بو صعب، وكثرة التصريحات التي أعلنها خلال الفترة الأخيرة، تشير إلى التزام الوزارة واستمراريتها للعمل على تطوير إجراء الامتحانات. في حين أن احتمال الغاء الامتحانات الرسمية يبدو مستبعدا. فنرى أن الحملة التي بدأها الوزير على صعيد تحسين إجراء الامتحانات أثمرت. حيث ضبطت الوزارة شبكات منظمة للغش في الامتحانات بالاشتراك مع وسطاء ومدارس وطلاب جامعات. وكشفت عن تهريب هواتف داخل مراكز الامتحانات وتوزيع بعض الأساتذة نموذج الامتحان على الـ"واتس أب". بالإضافة إلى الكشف عن تقارير مبتدعة وكاذبة تهدف إلى إعفاء بعض التلاميذ من اجراء الامتحانات. كما تبين ان بعض المدارس التجارية عمدت الى إيهام طلابها أنّها تستطيع أن تؤمن لهم شهادة رسمية دون إجراء الامتحانات. وقد أكّد الوزير في كافة تصريحاته على مكافحة هذه المخالفات وتوعّد بمحاسبة المرتكبين. كذلك توعّد بإقفال المدارس التي وصفها "بالدكاكين" والتي تقف وراء هذه المخالفات.
نور صالح/موقع العهد الإخباري
