يتناول نحو نصف التلامذة في المدارس اللبنانية في المرحلة الابتدائية كمية كبيرة من الصوديوم يومياً تتجاوز المعدل الأقصى المسموح به، بينما لا يتناول جميع الطلاب الكمية المطلوبة من مادة البوتاسيوم يومياً. تعتبر مادتا البوتاسيوم والصوديوم أساسيتين لنمو خلايا الطفل ويشكل التوازن بين المادتين مؤشراً مهماً للصحة، إذ إن الخلل في التوازن بين المادتين يؤدي الى الإصابة بارتفاع ضغط الدم. يبلغ معدل تناول الصوديوم عند طلاب المدارس 2.22 غرام يومياً بينما يتراوح المعدل المسموح به بين 1.2 و1.5 غرام يومياً. من جهة أخرى، يبلغ معدل تناول البوتاسيوم عند الطلاب 1.82 غرام يومياً بينما يجب أن يتراوح المعدل بين 3.8 و4.5 غرام يومياً.
تعود تلك النتائج الى دراسة أجراها الباحثون كارلا الملاح، كارينا مرعي، هلا غطاس، دارين شاتيلا، سيرين فرنسيس، سني حليس، عماد طفيلي، عمر عبيد من «الجامعة الأميركية في بيروت» ونشرت في شباط الماضي في المجلة العلمية «European journal of nutrition». تعتبر الدراسة وطنية، شملت 1403 تلاميذ (781 ذكوراً، و622 إناثاً) تتراوح أعمارهم بين 6 وعشرة أعوام من 26 مدرسة من مختلف المناطق اللبنانية. وارتكزت على إجراء فحوص للبول لقياس معدل مادتي البوتاسيوم والصوديوم. وتظهر نتائج الدراسة عدم وجود فوارق بين النتائج عند الذكور والإناث.
يعيد الباحث الرئيس للدراسة البروفسور في علم التغذية في الجامعة الأميركية عمر عبيد سبب الخلل في التوازن بين المادتين عند طلاب المدارس في المرحلة الابتدائية الى زيادة تناول مادة الصوديوم الموجودة في ملح الطعام، وفي الأطعمة الجاهزة والمصنعة والمعلبات، إذ تُستخدم مادة الملح للحفاظ على الأطعمة وقتل البكتيريا وتغيير الطعم بينما يعود انخفاض كمية البوتاسيوم عند الطلاب الى نقص في تناول الفواكه والخضار، المصدرين الرئيسين لمادة البوتاسيوم. يعرِّض هذا الخلل في التوازن بين المادتين الأطفال الى الإصابة بارتفاع ضغط الدم عند الكبر.
وبالمقارنة مع الدول الأخرى، تشير الدراسة إلى أن معدل تناول البوتاسيوم عند الأطفال في اسبانيا يبلغ 1.93 غرام يومياً، وفي إيطاليا بين 1.41 و1.7 غرام يومياً، وفي فرنسا 2.5 غرام يومياً. من جهة أخرى، يبلغ معدل تناول مادة الصوديوم عند الأطفال في اسبانيا 3.05 غرام يومياً، وفي إيطاليا بين 2.69 و2.97 غرام يومياً، وفي فرنسا 2.37 غرام يومياً.
توصي الدراسة، وفق عبيد، بضرورة تشجيع الأطفال على تناول الفواكه والخضار خصوصاً أن هذه الأطعمة متوافرة في الأسواق بأسعار غير مرتفعة، وبأهمية تشجيع المصنعين على توفير بدائل للأطفال مثل الفواكه المجففة والعصائر في المدارس بدل أن يتناولوا أكياس التشيبس وغيرها من المنتجات التي تحتوي على كمية مرتفعة من مادة الصوديوم. وتنصح ملاح بأهمية التقليل من استهلاك المأكولات السريعة والمعلبات وغيرها التي تحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم بغية تخفيف معدل تناول الصوديوم عند الأطفال.
يلفت عبيد الى ان العادات الغذائية تنمو عند الأطفال منذ الصغر، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة في الكبر مثل الإصابة بارتفاع ضغط الدم ما يوجب التنبه الى العادات الغذائية عند الأطفال والتشجيع على تناول خمس حصص من الفاكهة والخضار يومياً والابتعاد عن المأكولات السريعة ورقائق البطاطا المصنعة.
ملاك مكي/جريدة السفير
6 نيسان 2016
بتوقيت بيروت