ترى هل ينتهي دور المعلم الذي يقف أمام سبورته ويشرح الدرس ويطالب تلاميذه بتسجيل ما يكتبه وما يقوله في دفاترهم، ليقوموا باستذكار دروسهم وإنجاز الواجب ومن ثم يقوم بتصحيح الواجبات؟
هل يمكن أن تتخيل أن يتم دمج جميع الحصص الخاصة بمواد الرياضيات والتكنولوجيا والعلوم والهندسة في حصة واحدة، بحيث يتعلم الطالب دروسه من خلال مشروعات يقوم بها تتطلب منه استخدام كل هذه المواد معًا بعد أن كان يدرس كل مادة منها منفردة.
هل قرأت أو شاهدت المعرض الذي أقيم في البيت الأبيض أبريل/نيسان الماضي ويقوم فيه الطلاب بعرض مشروعاتهم العلمية المميزة، والتي قاموا بها خلال دراستهم بنظام التعليم Stem؟
نعم هذا قليل مما يوفره نظام التعليم Stem الذي بدأ في الانتشار في السنوات القليلة الماضية.
ما هو Stem؟
"ستيم" هو اختصار لأربع كلمات "علوم – تكنولوجيا – هندسة – رياضياتScience, Technology, Engineering, Mathematic ، وهو نظام تعليمي قائم على البحث والتفكير وحل المشكلات والتعلم من خلال المشروعات والتي من خلالها يطبق الطالب ما يتعلمه في العلوم والرياضيات والهندسة باستخدام التكنولوجيا.
في نظام التعليم الحالي من مرحلة الروضة وحتى نهاية الدراسة الثانوية يدرس الطلاب الرياضيات والعلوم كمواد دراسية منفصلة وبمعزل عن مادة التكنولوجيا التي تعتبر من أهم المواد التي نستخدمها في حياتنا العملية ومن دون دراسة الهندسة التي لا غنى عنها.
ولكنالحياة العملية تؤكد
أن دراسة العلوم تعتمد على الرياضيات والحسابات مع الهندسة واستخدام التكنولوجيا،
وكذلك دراسة الهندسة نستخدم فيها الأساليب العلمية الحديثة والمتطورة التي نبحث
عنها ونطبقها باستخدام التكنولوجيا من دون الاستغناء عن الرياضيات.
إذن فإن هذه المواد مترابطة وعند دمجها سويًا ستمهد للطالب
تطبيقات عملية لما يحدث في الحياة الحقيقية من حوله وليس فقط معلومات وقوانين
نظرية لا يستفيد بها خارج حدود الكتاب والمدرسة.
في نظام "ستيم" أيضا تقل المحاضرات وينتهي أسلوب الإلقاء ليحل محله التدريبات العملية التي يقوم بها الطلاب بأنفسهم وبمساعدة معلم مدرب يوجهه.
بداية نظام "ستيم" كانت في الولايات المتحدة الأميركية عندما أوصت الأبحاث بضرورة البحث عن طرق ووسائل لتحبيب وجذب الطلاب لتعلم العلوم والرياضيات وذلك بعدما أكدت الإحصاءات عزوف الطلاب عن دراسة تلك التخصصات، ففي عام 2003 كان 4% فقط من الطلاب الجامعيين في أميركا قد تخصصوا في العلوم الهندسية، مقابل 13% في أوروبا، و20% في آسيا.
تؤكد الإحصاءات أيضا أنه في عام 2009 تسرب ما يزيد على مليون طالب أميركي من التعليم بمعدل 7000 طالب يوميًا ولم يتموا شهاداتهم الثانوية، وتقريبًا ثلث الطلاب المتخرجين من الجامعات الأميركية أخيراً هم من الطلاب غير الأميركيين (من خارج الولايات المتحدة الأميركية).
من هنا كان البحث عن بديل لنظام التعليم التقليدي ضرورة حتمية ويعتبر نظام "ستيم" منقذًا لنظام التعليم الذي لم يعد مقبولا من قبل الطلاب.
وبعد ظهور نظام "ستيم" بدأت تظهر نماذج مختلفة منه، فنادى بعضهم على سبيل المثال بدمج الفنون مع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ويعتبر هذا أشهر أنظمة "ستيم" حاليًا، أو إضافة البيئة لـ "ستيم" أو "الروبوتس".
إذا كنت من المعجبين بنظام التعليم "ستيم" وأردت البحث عن مدارس تطبق هذا النظام، ستجد أنه على سبيل المثال قد تم إنشاء عدة مدارس للتعليم الثانوي في مصر بنظام "ستيم"، تم إنشاؤها في عام 2011. وهي تقبل الطلاب المتفوقين في نهاية المرحلة الإعدادية كما أنها مدارس داخلية يقيم فيها الطلاب إقامة كاملة.
تم تخريج أول دفعة من طلاب هذه المدارس في العام الماضي، ونظرًا لطبيعة الدراسة المختلفة والمميزة في هذه المدارس فإن الطلاب المتخرجين منها تم قبولهم بسهولة في الجامعات العالمية، حيث التحق 5 طلاب بجامعات في الولايات المتحدة الأميركية و3 طلاب في جامعات بإيطاليا، و6 طلاب بالجامعة الأميركية، و7 طلاب بالأكاديمية البحرية، و4 بجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا، و2 بجامعة النيل.
أما في باقي الدول العربية فهناك دعوات ونداءات لتطبيق نظام "ستيم" في المدارس لتشجيع الطلاب على دراسة العلوم والرياضيات والهندسة حيث أنها من المواد الصعبة التي يهرب منها الطلاب عادة.
أما إذا كنت معلمًا أو خريج أحد الكليات الخاصة بمجالات
"ستيم" ( العلوم – الرياضيات – الهندسة – التكنولوجيا) فننصحك بأن تبدأ
في السعي لتطوير قدراتك كمعلم "ستيم"، حيث يتم تأهيل معلمي
"ستيم" بطرق إبداعية جديدة تتلاءم مع طبيعة نظام "ستيم" الحر
حيث يكون دور المعلم موجهًا للطالب وليس قائدًا ويترك للطالب الفرصة للتفكير وحل
المشكلات والبحث.
وإذا كنت تساهم في تعليم أولادك في المنزل، وأردت أن تستعين بنظام "ستيم"، يكفيك أن تقوم معهم ببعض المشروعات القائمة على فكرة "ستيم"، والتي يوجد منها الكثير على شبكة الإنترنت، فقط أكتب في محركات البحث المختلفة "مشروعات ستيم" وستجد الكثير من الخيارات الرائعة.
صحـيفة العـربي الجديد
بتوقيت بيروت