تتحضّر الساحة التعليمية في لبنان لافتتاح صرح تعليمي تُعقد عليه الآمال. صرح لم تستطع الظروف السياسية والمجتمعية النيل من عزيمة القيمين عليه. لسنوات تقارب الثلاثة عقود ناضل هؤلاء في سبيل أن يبصر النور رغم العصي التي وضعت في عجلة إنجازه. وتحت شعار "صناعة الحياة بالعلم والمعرفة"، أسست جامعة "المعارف" بنيانها. انطلقت من قلب الضاحية "الجنوبية" لبيروت التي حرمتها "الحسابات السياسية" لسنوات من حقها في بناء مؤسسات تعليمية عليا. حملت لواء نشر الثقافة والمعرفة اللتين تشكلان الغاية الأسمى لديها بعيداً عن أي غاية ربحية، لتتحضر بكل طاقاتها وإمكاناتها لاستقبال الطلاب من كافة المناطق.
لا تسعى الجامعة التي أنشئت على طريق المطار، وانطلقت كفكرة في الثمانينات، الى فرض هيمنتها في السوق التعليمية ولا تريد أن يُهيمن عليها. "إنها محاولة على طريق إعادة التوازن الأكاديمي خاصة في المناطق المحرومة من المؤسسات التعليمية العليا، حسبما يؤكّد مديرها الدكتور محسن صالح. وفق المتحدّث، "شاءت الظروف السياسية وغيرها تأخير الإنجاز الحدث بعد عمل حثيث وضعت خلاله كافة الأسس والمتطلبات، ولكن لسوء الحظ حالت مواقف البعض دون إعطاء الضاحية الجنوبية فرصة تعليمية لتتساوى مع باقي مناطق الوطن".
عام 2011، استطاعت الجامعة انتزاع "رخصة" تعليمية، فبدأ الإعداد للافتتاح، لتحول ظروف كثيرة في لبنان دون إنجاز هذا الموضوع قبل عامنا الحالي. ينتقل صالح من فكرة وظروف إنشاء الجامعة الى الهدف الأسمى الذي وجدت لأجله. بإسهاب يتحدّث عن رسالتها. "إنها جامعة تريد نشر العلم والمعرفة مع الحفاظ على الأصول والهوية الأصيلة والقيم الدينية والإنسانية والعدالة الاجتماعية. جامعة تسعى لكي تكون منبراً حضارياً مختلفاً وجديداً، تحت شعار "الانفتاح على التنوع والحوار مع الآخر. وهي بهذه الرسالة لا تسعى الى نشر ثقافة محددة ولا تبغي الربح على قياس الجامعات الأخرى" يضيف محسن.
"تعمل جامعة "المعارف" حسبما يؤكّد مديرها الى تقديم القيم الى المجتمع اللبناني والعربي والاسلامي بشكل يؤدي الى فرادتها، تماماً كفرادة الأحرار والمقاومة والقيم الانسانية الراقية في المجتمع. فهي لا تسعى الى أن تكون محتكرة للقرار ولكنها تسعى الى استقلال القرار"، برأي صالح، "أي مقدمات لجعل الأوطان تشعر بالعزة والكرامة والهوية الذاتية يجب أن تسير معها عملية نهضة علمية معرفية تؤدي بالعقل الى رؤية مصالحه". لبنان لا يستطيع أن يعيش بقيم أميركية ويحافظ على هويته التي يجب أن تؤدي الى العدالة الاجتماعية وعدم استغلال الآخر. من هنا أهمية وجود مؤسسات علمية تكون قادرة على حمل العقل للوصول الى هذا الاستقلال، فكانت جامعة "المعارف""، على عكس الجامعات التي تسعى الى نشر فكر غريب عن الثقافة المجتمعية اللبنانية والمشرقية".
"لا تتخذ الجامعة العتيدة طابعاً حزبياً". وفق صالح، "أبوابها مفتوحة لأي طالب أو استاذ لأي جهة انتميا شرط الحفاظ على المعايير والقيم التي تجمع بين الاستاذ والتلميذ والجامعة. يؤكّد المتحدّث أنّ غاية الجامعة نشر العلم من أجل تعميم ثقافة الحوار والتسامح والعدالة والحرية للجميع ضمن الأصول التي لا تؤدي الى اختلال في التوازن الاجتماعي أو الثقافي".
الاختصاصات
الجامعة التي تتألف من خمسة طوابق، وتتسع لاستيعاب 700 طالب، تبدأ نشاطها التعليمي في ثلاث كليات: الأديان والعلوم الإنسانية بما فيها اللغات والترجمة، ادارة الاعمال بما فيها المحاسبة والاقتصاد وادارة الموارد البشرية، وكلية الاعلام والفنون. يشير صالح الى أنّ إدارة الجامعة تقدمت بطلب ترخيص لكلية التربية والهندسة فكان الوعد بحصولها على كليات جديدة في السنوات القادمة، كما ستعمل الإدارة على التخطيط لإنشاء فروع في الجنوب وأكثر من منطقة حال نجاحها في تقديم إضافة علمية وثقافية وفكرية لهذا المجتمع. ومن الخطط المستقبلية أيضاً، حسبما يوضح صالح، الانتقال من مستوى الليسانس الى الدراسات العليا في المستقبل.
مصادر التمويل
تستقبل الجامعة هبات وتبرعات، فهي لا تبغي الربح ولا تسعى لا الى زيادة الأقساط ولا الى تدفيع الناس ضريبة العلم. بنظر صالح، "المعارف" تسعى لأن تكون مؤسسة في خدمة المجتمع والبيئة الاجتماعية وهي في خدمة خط الأصالة برؤية التنوع والانفتاح على الآخر". تسعى الجامعة لاستقطاب كل الطلاب من كل الطبقات، آخذةً بعين الاعتبار الحالات الاجتماعية لأصحاب الحاجة. بالنسبة لصالح، الجامعة وجدت لخدمة المجتمع وهي ليست أداة لتحصيل الأموال.
"تسعى الجامعة سعيها لكي لا يكون التعلم والتعليم عبئاً على الإنسان. الطالب في "المعارف" يجد الاستقرار التعليمي بالتوازي مع الاستقرار النفسي والثقافي. وهنا يؤكّد مدير الجامعة استيعابها لكفاءات تعليمية وأساتذة مشهود لهم بالخبرة الطويلة، فالجامعة لا تستطيع أن تتقدم إذا لم يكن لديها خزائن علمية وقدرات عالية".
التسجيل
فتحت الجامعة أبوابها لاستقبال الطلاب، وحتى الساعة لديها 300 طالب وما فوق قيد التسجيل. وللمهتمين، يلفت صالح الى أنّ" الجامعة ستجري من 20 اب الى أوائل أيلول امتحانات تأهيلية. هذه الامتحانات ليست للنجاح أو الدخول. هي امتحانات في اللغة الانكليزية والعربية والعمل على تقوية المتقدم للتسجيل لتمكينه من متابعة الدراسة في السنوات اللاحقة بقدرة عالية".
فاطمة سلامة/ العهد الاخباري
بتوقيت بيروت