حيث إنّ الصوم هو الإمساك،
عن جملة من الأمور، فما هي هذه الأمور التي يجب على الصائم الإمساك عنها ؟ والتي
لو ارتكبها لأدّى ذلك إلى بطلان صومه؟
الأوّل والثاني: الأكل والشرب:
سواء كان من المعتاد أكله وشربه أم لا. ومن غير المعتاد التراب، الحصى، عصارة
الأشجار، ولا فرق بين قليله وكثيره.
مسألة1: ما يفطر من الأكل والشرب هو ما يصدق عليه ذلك عرفاً، ولو كان من
طريق الأنف إذا صدق عليه أنّه شرب.
وهناك جملة من الموارد التي ترتبط بذلك:
1- تناول الدّواء بطريق الفمّ ولو مع الإضطرار مبطلٌ للصوم.
2- الدّواء الذي يقطر منه في العين أو الأذن أو الأنف إذا وصل إلى الحلق بطل
الصوم، بخلاف ما لو لم يصل أو وصل إلى فضاء الفمّ ولم يبلعه.
3- وصول الدّواء إلى الجوف عن طريق الجرح لا يفطر.
4- طسّاسات بخاخات الهواء المضغوط التي تُعطى للمصابين بضيق النّفس الشديد الربو ،
إذا كانت هواءً مجرّداً عن أي دواءٍ مسحوق لا تفطر، وإن كان فيها مسحوق مع الهواء
ودخل إلى الحلق فهنا صورتان:
أ- إن كان مضطرّاً لاستنشاقه ولا يمكن له الصوم من دونه جاز له استعماله، ولكن
الأحوط وجوباً أن لا يتناول مفطراً آخر معه، وإذا استطاع قضاءه فيما بعد من دون
الدّواء وجب عليه ذلك.
ب- إن لم يكن مضطرّاً إليه فلا يجوز استعماله وإلا كان متعمّداً للإفطار.
5- لا مانع من استعمال معجون الأسنان والسّواك أثناء الصوم بشرط عدم ابتلاع شيء من
أجزائهما.
6- يجوز بلع البصاق المجتمع في الفمّ أثناء الصوم.
7- لو خرج ريق الصائم إلى الخارج فلا يجوز ابتلاعه عمداً، فلو ابتلعه بطل صومه.
8- من تناول البنج في نهار الصوم ولو اضطّراراً للعلاج بطل صومه إذا كان تناوله
بطريق الأكل أو الشرب أو عن طريق الحقن بالوريد.
9- من يخرج الدمّ من لثّته وهو صائم لا يضرّ ابتلاعه بعد استهلاكه في الريق بصحّة
صومه، بل لو ابتلع الدم غير متعمّد لم يبطل صومه.
10- لو وصل البلغم إلى فم الصائم لم يجز له بلعه اختياراً، فلو فعل بطل صومه على
الأحوط وجوباً.
11- يجوز للصائم مصّ الخاتم والحصى، ومضغ الطعام للصبيّ، وذوق المرق، ومضغ العلك
الذي ليست له أجزاءٌ قابلة للبلع أو الامتصاص كالعلك الشاميّ.
12- يجوز للصائم المضمضة بالماء وغيره من المائعات ولو كان له طعم إذا لم يبلع منه
شيئاً.
13- من كان يتمضمض بالماء فدخل جوفه بغير قصد:
1- إن كان إدخال الماء في فمه للتبرّد مثلاً بطل صومه.
2- إن كان عبثاً بطل صومه أيضاً.
3- إن كان للوضوء بلا فرق بين غاياته فصومه صحيح.
4- لو ابتلعه نسياناً لم يبطل.
الثالث: الجماع:
مبطلٌ مع تعمّده سواء رافقه إنزال المني أم لا. والمقصود به إدخال الذكر عضوه في
قبل أو دبر الغير، سواء كان هذا الغير إنساناً أم حيواناً، بلا فرق بين الذكر
والأنثى، وسواء كان حيّاً أم ميتاً، صغيراً أم كبيراً. وسواء كان الصائم هو
الواطىء أم الموطوء. فيبطل صومه حينئذٍ.
مسألة1: لو نسيَ أنّه صائم فجامع لم يبطل صومه.
مسألة2: من أُكره على الجماع:
1- فإن كان إكراهه وصل إلى حدّ القهر السالب للإختيار كمن قُيِّد وجُومع قهراً
بالقوّة دون أيّ اختيار له فيه، لم يبطل صومه.
2- وإن لم يصل إلى حدّ القهر السالب للاختيار، وإنّما هُدّد فقام وفعل الجماع
باختياره خوفاً، فصومه باطل لكن لا كفّارة عليه بسبب الإكراه.
مسألة3: المُراد بالإكراه: توعيد الغير المكرِه بإيقاع ضرر أو حرج عليه أي
على المكره إذا لم يفعل ما يريده منه، بلا فرق في الضرر المتوعّد بين أن يكون
متعلّقاً بنفس المكرَه نفساً أو عرضاً أو مالاً، أو بأحد متعلّقاته كعياله وولده،
بحيث يكون إيقاع الضّرر عليه كإيقاعه عن المكرَه تماماً.
مسألة4: لو كان الزوج يُداعب زوجته ولم يكن قاصداً الدخول فدخل بلا قصد،
وجب عليه المبادرة فوراً إلى الإخراج، فلو لم يفعل عُدَّ متعمّداً.
مسألة5: يتحقّق الجماع المبطل بغيبوبة الحشفة، ويكفي في مقطوعها مسمّى
الدخول.
الرابع: إنزال المني:
بأيّ فعل يقصد به حصوله من حلال أو حرام كالإستمناء، والملامسة والقُبلة ونحو ذلك.
مسألة1: يُلحق بالقصد ما لو كان من عادته الإنزال بفعلٍ ما وأتى به وهو
يعلم ذلك فإنّه مبطل أيضاً.
مسألة2: لو خرج المني لا عن قصدٍ: إمّا من دون أي فعل يوجبه، وإمّا بفعل
ليس من عادته أن ينزل معه، فنزل المني قهراً فلا بطلان للصوم به.
الخامس: تعمّد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر:
وإنّما يكون مبطلاً في خصوص شهر رمضان وقضائه.
مسألة1: في قضاء شهر رمضان يبطل الصوم بالإصباح جنباً وإن لم يكن عن عمد.
مسألة2: من كان على جنابة ونسيَ أن يغتسل بطل صومه في شهر رمضان ووجب عليه
القضاء، أمّا في قضاء شهر رمضان فالأحوط وجوباً ذلك.
مسألة3: تعمّد البقاء على الجنابة لا يبطل الصوم في غير ما ذكر من الصوم
الواجب، كالنّذر المعيّن وغيره، والمندوب وإن كان الأحوط استحباباً البطلان.
مسألة4: يلحق بالمتعمّد حكماً من أوجد سبب الجنابة مع ضيق الوقت عن الغسل
والتيمّم وهو يعلم بذلك.
مسألة5: المرأة إذا تعمّدت البقاء على حدث الحيض أو النّفاس بعدما طهرت قبل
الفجر إلى طلوع الفجر بطل صومها وحكمها حكم من تعمّد البقاء على الجنابة.
مسألة6: يعتبر في صحّة صوم المستحاضة أن تأتي بالأغسال النّهارية المعتبرة
لصلاتها، ولا تحتاج إلى أغسال أخرى، وعليه فالمتوسّطة يكفيها غسل واحد لصلاتها
اليومية، وبه تصحّح صومها، والكثيرة يكفيها الأغسال الثلاثة التي تأتي بها وقت
الصلاة.
نعم الأحوط وجوباً في الكثيرة إعتبار غسل الليلة الماضية في صحّة صوم اليوم التالي،
وهو نفس غسل العشائين.
مسألة7: من كان محدثاً بالأكبر من جنابة أو حيض أو نفاس ولم يكن قادراً على
الغسل أو التّيمم بدلاً عنه كان فاقد الطّهورين لكن صحّ صومه في شهر رمضان، دون
قضائه.
مسألة8: لا يعتبر في صحّة الصوم بجميع أقسامه الغسل لمسّ الميّت، بل لا
مانع من مسّه اختياراً أثناء نهار الصّوم.
مسألة9: من لم يتمكّن من الغسل قبل طلوع الفجر لسبب ما وجب عليه التيمّم،
ويجوز له النوم بعده إلى طلوع الفجر، فلو ترك التيمّم مع قدرته عليه كان متعمّد
البقاء على الحدث، وهو مبطل للصّوم.
مسألة10: من استيقظ بعد طلوع الفجر فوجد نفسه محتلماً فهنا صور:
1- إن علم أنّ جنابته حصلت في الليل:
أ- في غير قضاء شهر رمضان المضيّق صحّ صومه والأحوط استحباباً البطلان في القضاء
الموسع.
ب- في قضاء شهر رمضان المضيّق بطل صومه، والأحوط استحباباً إتمامه وقضاؤه لاحقاً،
ولا فرق بين كون القضاء عن نفسه أو عن غيره.المقصود من المضيّق هو الذي لا يتسع
الوقت لتركه قبل شهر رمضان اللاحق، ولو تركه لفاته القضاء كلًّا أو بعضاً، بخلاف
الموسّع.
2- إن لم يعلم بوقت وقوع الجنابة صحّ صومه بجميع أقسامه.
3- إن علم أنّ الجنابة حصلت نهاراً صحّ صومه بجميع أقسامه، ولا يجب المبادرة إلى
الغسل وإن كان الأحوط استحباباً المبادرة.
مسألة11: من أجنب في ليل شهر رمضان جاز له النوم، ولكن في حكم الصوم ثلاث
صور:
الأوّلى: لو نام مع احتمال الاستيقاظ ولم يستيقظ حتّى طلع الفجر:
1- إن كان بانياً على عدم الاغتسال حتّى لو استيقظ.
2- أو كان متردّداً في الاغتسال.
3- أو لم يكن ناوياً له أصلاً، كان حكمه - في الحالات الثلاث - حكم المتعمّد
للبقاء على الجنابة، فعليه القضاء والكفّارة.
4- إن كان بانياً على الاغتسال لو استيقظ فلا شيء عليه وصومه صحيح.
الثانية: لو انتبه فوجد نفسه محتلماً، ثمّ عاد للنوم ثانية حتّى طلع الفجر بطل
صومه، لكن يجب عليه الإمساك تأدّباً، والقضاء لاحقاً.
الثالثة: لو انتبه ثانياً فعاد إلى النوم ثالثاً ولم ينتبه إلى طلوع الفجر بطل
صومه، وعليه القضاء، والأحوط استحباباً الكفّارة.
مسألة1: الأحكام المتقدّمة في الجنب بالنّسبة للنومة الأوّلى والثانية
والثالثة لا تجري في الحائض، بل المناط فيها صدق التواني وعدمه، فإن حصل التواني
في الاغتسال إلى أن طلع الفجر كان عليها القضاء والكفّارة، بلا فرق بين النوم
الأوّل أو الثاني أو الثالث.
مسألة2: لو اغتسل الجنب في الليل ونوى صوم القضاء، وفي أثناء النهار وجد
على بعض أعضائه حاجباً فهنا:
أ- مع الشّك بعد الفراغ في أنّه كان موجوداً أم لا أثناء الغسل، يبني على عدم
الحاجب وغسله وصومه صحيحان.
ب- وإن علم بوجود الحاجب قبل الغسل حكم ببطلان غسله، وبالتّالي بطلان صومه.
مسألة3: من كان يصوم في حال الجنابة وهو لا يعلم باعتبار الطهارة من
الجنابة في صحّة الصوم:
1- فإن كان يعلم أنّ ما به جنابة، ولكن لا يعلم بوجوب الغسل وجب عليه القضاء على
كلّ حال، والكفّارة تجب مع الجهل التّقصيري بذلك بأن كان ملتفتاً إلى جهله ويعلم
بالطرق الممكنة لرفع الجهل ولكنَّه لا يسلكها.
2- وإن لم يكن يعلم بأنّها جنابة أصلاً صحّ صومه ولا شيء عليه.
مسألة4: لو فاجأ الحيض أو النفاس المرأة الصائمة أثناء النهار لا يجب عليها
الإمساك بقيّة النهار، بل يجوز لها تناول الطعام والشراب وغيرها من المفطرات، وإن
يكره التملّي من الطعام والشراب، والحكم يجري في كلّ من يجوز له الإفطار كالمسافر
أيضاً.
مسألة5: لو فحصت الحائض قبل الفجر بساعات فتبيّن وجود الدم فنامت ولمّا
استيقظت بعد الفجر وفحصت لم تجد شيئاً، وهي لا تعلم أنّ الدّم انقطع قبل الفجر أو
بعده، تصوم ولا قضاء عليها.
السّادس: تعمّد الكذب:
والمراد منه خصوص تعمّد الكذب على الله تعالى ورسوله،
وفي الأئمة عليهم السلام وباقي الأنبياء والأوصياء عليهم السلام على الأحوط وجوباً
وكذلك الصّدّيقة السّيّدة فاطمة الزّهراء عليها السلام .
مسألة1: لا فرق في هذا الكذب بين كونه في أمور الدّين أو الدّنيا، ولا بين
كونه بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو الكناية، بل يقع بكلّ وسيلة تعبيريّة ممّا
يصدق معه الكذب عليهم عليهم السلام .
أمثلة: في أمور الدّين كأن يقول ابتداءً: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: "لا تصحّ الصّلاة إلا بتفريج الرّجلين". أو يسأله سائل عن ذلك
فيقول: نعم، أو يكتب ذلك، أو يشير بإشارة يفهم منها موافقته على ذلك. وهو متعمّد
للكذب. ويقع بنفي ما هو صحيح، أو بتصحيح ما هو منفي كما في المثال، وهكذا في سائر
الموارد.
مسألة2: لا يفسد الصوم لو أخبر بذلك هاذلاً أو لاغياً، أي بلا قصد جدّي.
مسألة3: لو أخبر قاصداً الصّدق لاعتقاده به فظهر أنّه كذب لم يؤثّر على
صومه. ولو قصد الكذب فبان الصّدق وإن علم بمفطريّته. فالأحوط وجوباً بطلان الصّوم
بذلك لأنّه من نيّة القاطع للصوم مع العلم بمفطريّته.
مسألة4: لا فرق في الكذب الحرام والمبطل للصوم بين أن يخترعه المخبر من
نفسه، أو يأخذه عن غيره ويخبر به مع علمه بكذبه. نعم لا يضرّ نقله من شخصٍ أو كتاب
على نحو الحكاية فيقول: نقل في الكتاب الفلاني أو نقله الشّخص الفلانيّ كذا وكذا.
السابع: رمس الرّأس في الماء:
رمس الرّأس في الماء على الأحوط وجوباً، والمقصود بالماء خصوص الماء المطلق فلا
يشمل المضاف.
مسألة1: يلحق بالماء المطلق على الأحوط وجوباً مثل ماء الورد وماء الزّهر
وأشباههما، خصوصاً مع ذهاب رائحته.
مسألة2: لا بأس برمس تمام الجسد في الماء ما عدا الرأس، كما لا بأس برمس
بعض الرأس على نحو التعاقب، وإنّما الممنوع منه رمس تمام الرأس دفعة واحدة.
مسألة3: إذا كان اللباس الذي يلبسه الغوّاص في رأسه عند الغطس تحت الماء
لاصقاً بالرأس، فصحّة صومه محلّ إشكال، والأحوط وجوباً قضاؤه.
مسألة4: لو كان على الصائم غسل أو أراد الغسل المستحب فارتمس بقصد الغسل:
1- إن كان الصوم واجباً موسّعاً كالنّذر المطلق والقضاء غير المضيّق ، أو كان
صوماً تطوّعيّاً بطل صومه وصحّ غسله.
2- إن كان الصوم واجباً معيّناً كشهر رمضان والنّذر المعيّن والقضاء المضيّق فهنا
صورتان:
أ- أن يقصد الغُسل بأوّل مسمّى الارتماس، بطل صومه، وغسله.
ب- أن ينوي الغسل بالمكث في الماء أو بالخروج منه:
1- في صوم غير شهر رمضان صحّ غسله وبطل صومه.
2- في صوم شهر رمضان:
1- إذا تاب ونوى الغسل بالخروج صحّ غسله دون صومه.
2- وإن لم يتب بطل كلٌّ منهما.
ما هي المفطّرات التي يجب على الصائم الإمساك عنها ؟ما هي المفطّرات التي يجب
على الصائم الإمساك عنها ؟
إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق فإنّه مبطل للصّوم على الأحوط وجوباً، فيجب التحرّز
عنه، وأمّا الغبار الخفيف فلا بأس به وإن كان الأحوط استحباباً اجتنابه.
مسألة1:الأحوط وجوباً مفطريّة الغبار الغليظ الذي يعسر التحرّز عنه، أي عمل
على التحرّز عنه ولم يفلح لعسره ولو من جهة كثافته وكثرته.
مسألة2: لا يضرّ بالصوم لو وصل الغبار إلى الحلق في الحالات التالية:
أ- نسيان الصوم.
ب- الغفلة عن التحرّز.
ج- القهر السالب للاختيار كما لو قهر على التواجد في مكان فيه غبار يصل إلى الحلق
ولا يمكن التحرّز عنه ولا اختيار له في مغادرة المكان كالمحبوس.
د- تخيّل عدم الوصل فتبيّن الوصول لاحقاً.
مسألة3: لو وصل الغبار إلى فضاء الفمّ ثمّ بلعه اختياراً كان مفطراً عمداً.
مسألة4: تنشّق البخار لا يبطل الصوم إلا أن ينقلب في الفمّ ماءً ويبتلعه
اختياراً.
مسألة5: تنشّق الدخان مطلقاً لا يبطل الصوم.
مسألة6: الأحوط وجوباً أن يجتنب الصائم تدخين سائر أنواع الدخانيّات،
والمواد المخدّرة التي تستنشق عن طريق الأنف أو تحت اللسان.
مسألة7: هناك مادّة مصنوعة من التّبغ وغيره تسمّى "ناس" توضع تحت
اللسان لعدّة دقائق ثمّ تلفظ، فإذا ابتلع المكلّف الصائم اللعاب المخلوط بهذه
المادّة بطل صومه.
التاسع: الحقنة بالماء :
الحقنة بالماء ولو لمرض أو لضرورة علاج مبطلة للصوم. أمّا الاحتقان بالجامد
كالتحاميل والمراهم فلا يبطل الصوم.
مسألة1: كلّ ما يحصل به التغذّي من مجرى الدبر، بل وغيره يجب الاجتناب عنه
للصائم على الأحوط وجوباً ويتفرّع عيله:
1- الأُبَر المغذّية مفطرة على الأحوط وجوباً، سواء أخذت عبر الوريد أم عبر غيره.
ومنه المصل، بل مطلق الأُبَر المقوّية.
2- الأُبَر غير المغذّية مفطرة على الأحوط وجوباً إذا أعطيت في الوريد.
3- الأُبَر غير المغذّية لا تضرّ إذا أعطيت في العضل مثلاً أي في غير الوريد.
4- الأدوية الخاصّة بعلاج بعض الأمراض النسائيّة مراهم، تحاميل التي توضع داخل
المهبل، لا تضرّ بالصوم.
5- استخدام أُبَر البنج والتّخدير لا مانع منها حال الصوم ما لم يؤدِّ إلى الإغماء
فيأتي فيه ما تقدّم سابقاً.
مسألة2: بعض الأشخاص يعانون من حالات إمساك حادّ ولا سبيل للتخلّص منه إلا
بإدخال الماء في الأمعاء عبر الدبر، فلو فعل المكلّف ذلك وهو صائم كان من الاحتقان
بالمائع الذي تقدّم أنّه مُبطل للصوم.
العاشر: تعمّد القيء:
تعمّد القيء الاستفراغ وإن كان لضرورة فإنّه مبطل للصوم، أمّا ما لم يكن عن عمد
بأن خرج قهراً وبلا اختيار وهذا ما يحصل أحياناً عند التجشّؤ فلا يبطل الصوم.
مسألة1: لو ابتلع في الليل ما يحكم الشارع بوجوب ردّه على صاحبه كما في
المغصوب، وكان القيء مقدّمة له في النهار، فلو ترك القيء عصياناً صحّ صومه وإن
انحصر إخراج ما بلعه بالقيء، مثل أن يغصب جوهرة ويخفيها بالبلع، وجب عليه ردّها.
مسألة2: لو ابتلع في الليل ما يحكم الشارع بوجوب قيئه بعنوانه مثل النجس من
خمر أو ميتة ونحو ذلك صحّ صومه.
مسألة3: إذا أكل في الليل ما يعلم أنّه يوجب القيء في النهار من غير اختيار
فالأحوط وجوباً القضاء. كأن يبتلع مادة توجب لعيان النفس في النهار ممّا يؤدّي
قهراً إلى خروج القيء، وهو يعلم بذلك.
مسألة4: إذا ظهر أثر القيء من لعيان النفس وارتفاع ما في الجوف إلى باب
الحلق، فإذا أمكن حبسه ومنعه من الخروج دون حرج أو ضرر عليه في ذلك وجب الحبس.
مسألة5: إذا فرض دخول الذباب وشبهه في حلقه من غير اختيار:
أ-إذا وصل إلى حدٍّ لم يصدق معه الأكل فلا يجب إخراجه وصومه صحيح.
ب- ومع صدق الأكل وجب إخراجه ولو بالقيء وبطل صومه لما تقدّم من أنّ تعمّد القيء
مبطلٌ ولو لضرورة.
ج- لو وجب عليه إخراجه فأكله بطل صومه ووجب القضاء.
مسألة6: المقصود من وصوله إلى حدّ صدق الأكل وعدمه بالنسبة إلى نفس الصائم،
فإن وصل مباشرة بمجرّد دخوله إلى الجوف فهنا لا يصدق الأكل في حقّ الصائم لدخوله
قهراً. وأمّا إن وصل إلى الحلق بحيث لو ابتلعه باختياره لصدق الأكل وهو قادر على
إخراجه ولو بالقيء حيث لم يصل إلى الجوف بَعْدَ أن صدق عليه حينئذٍ أنّه أكل.
مسألة7: لا بأس بالتجشّؤ القهريّ وإن وصل معه الطعام إلى فضاء الفمّ ورجع.
أمّا التجشّؤ المتعمّد:
1- فإن كان يعلم أنّه يخرج معه شيء من الطعام أو ينحدر بعد الخروج بلا اختيار لم
يجز.
2- وإن كان لا يعلم أنّه يخرج معه شيء من الطعام، لكن كانت عادته الخروج كلّما
تجشّأ فلا يجوز على الأحوط وجوباً.
3- وإلّا في غير هاتين الحالتين يجوز التجشّؤ المتعمّد، وحينئذٍ:
أ- إن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه إن أمكن، فلو بلعه اختياراً وجب القضاء.
ب- لو سبقه ورجع إلى الحلق لم يكن عليه شيء أي لا قضاء عليه ولا كفّارة.
متى تفسد هذه المفطرات الصوم:
1- تعمّد الإتيان بالمفطّرات مفسد للصوم، بلا فرق بين العالِم بالحكم والجاهل به،
مقصِّراً كان أم قاصراً، وإن كان في الجاهل القاصر على الأحوط وجوباً.
2- مَن أكل ناسياً فظنّ فساد صومه، فأفطر عامداً، كان ممّن تعمّد الإفطار.
3- المكرَه الذي يتناول المفطر بنفسه يفسد صومه. وقد تقدّم.
4- لو علم الصائم بأنّ حكم قضاة العامّة السنّة بالعيد مخالف للواقع، فإن كان هناك
تقيّة واجبة لخوف الضرر على نفسه لو لم يفطر معهم وجب عليه الإفطار معهم تقيّة،
ولكن يجب عليه القضاء.
5- لو اضطرّ تقيّة إلى ارتكاب ما لا يراه المخالف مفطراً، فعند الحنفيّة مثلاً
لا يفطر الصائم إذا:
1- نظر بشهوة فنزل منه المني ولو كرّر النظر.
2- أمنى بسبب تفكّره في وقاع جماع ونحوه.
3- احتلم أو أجنب عمداً في الليل وأخّر غسل الجنابة حتى تطلع الشمس.
4- مكث في الجنب أيّاماً متعمّداً 1. جاز ارتكاب ذلك تقيّة، ولكن يبطل
صومه عليه قضاؤه لاحفاً.
5- لو أفطر تقيّة قبل ذهاب الحُمرة المشرقيّة، وهو الغروب الشرعيّ عند الإماميّة.
جاز له ذلك ولكن يجب عليه القضاء.
6- لو حكم قضاة العامّة بحسب الموازين الشرعيّة التي عندهم بأنّ يوم غدٍ هو يوم
العيد، وكان بالنسبة إليه يوم الشكّ، فأفطر تقيّةً، لم يجز له الإفطار إلّا إذا
أحرز رؤية الهلال بإحدى الطرق المقرّرة لذلك شرعاً، وعليه فلو أفطر من دون إحرازه
فعليه القضاء، وإذا لم يكن معذوراً، فعليه الكفارة أيضاً.
لا يفسد الصوم بالمفطرات في الحالات التالية:
1- نسيان أنّه صائم بلا فرق بين أقسام الصوم من الواجب الأداء والقضاء والمندوب.
2- عدم القصد إلى الإفطار، بأن حصل قهراً ومن دون اختيار، كمن ينظّف أسنانه بمعجون
الأسنان، فدخل بعضه إلى جوفه بلا قصد، فلا يضرّ ذلك بصومه.
3- المقهور المسلوب عنه الاختيار كالموجر في حلقه.
مسألة1: الجاهل المقصّر: هو الذي يلتفت إلى جهله ويعلم بالطرق الممكنة لرفع
الجهل، ولكنّه لا يسلكها.
والجاهل القاصر: هو الذي لا يلتفت إلى جهله أصلاً، أو لا علم له بالطرق
التي ترفع جهله.
*فقه الصوم ، سلسلة الفقه الموضوعي ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- الفقه على المذاهب الأربعة / ج1/ ص514 (بتصرّف).
بتوقيت بيروت