ملحمة التحرير أشعلها وكفاه مرفوعتان للشمس وتحت رايته الصفراء توهج الفداء،وتحت عمته البيضاء جبين نوراني شمخ بالإباء إنه شيخ المقاومين الشهيد القائد أحمد حمد يحيى"الشيخ أبو ذر".
بطاقة الهوية :
· الاسم : أحمد حمد يحيى
· اسم الأم : خديجة أبو عليوه
· محل وتاريخ الولادة: رشاف 07/02/1958
· الوضع العائلي: متزوج وله 4 أولاد
· رقم السجل : 50
· الاسم الجهادي: الشيخ أبو ذر
· تاريخ الاستشهاد : 25/05/2000
على تخوم قريته "رشاف" في العام 2000 وصل الشيخ ابو ذر على ظهر موجة النصر الكبير وبرفقته حنين شقائق النعمان وزغاريد الريحان ..
أول الوافدين...
بعد 20 عاما من الرحيل عاد، وكان أول الوافدين ، وهي تمد جفونها ،لتغمر مقاوما أصيلا ، فالتراب يعرف أحبابه ،عندما هُجّر الشيخ" أبو ذر " من رشاف، بعد أن قامت القوات الاسرائيلية بقتل والده ورميه في البئر، حمل وأهل القرية جراحهم، وغادروها، تاركاً روحه وقلبه بين حطام منازلها ، فليس هنالك شيء أقسى من أن يحمل المرء أيامه على كفّ الغربة، ويترك أرضه دمعة حمراء تتململُ بين أهدابِ انتظار العودة ليذرفها فرحةً ولو مرة ..
عاد ليتأمل...
بعد سنوات طويلة من البقاء على جبهات الجهاد، حاملاً بندقيته ليل نهار ، عاد ليتأمل الدروب والأشجار والبيوت والأزقة التي تضج بألعاب طفولته وضحكات الرفاق.
الحقول لا زالت تتذكره فتىً
صغيرا عائدًا من مدرسة تبنين، يضع كتبه تحت إحدى الشجيرات ليساعد والده الحاج
" أبا خليل" في فلاحة الأرض، أو زرعها، ويعودا معا إلى المنزل؛
فتستقبلهما الحاجة "
أم خليل" بالترحاب والتقدير..
نزيف الإشتياق والجرح...
بين الإشتياق والجرح إثر إصابته بشظايا قذيفة سقطت قريبة جداً من مكان جلوسه كان العناق الأخير بين النزيفين،عمامته الناصعة البياض قد سقطت عليها صخرة مزقتها ووشّحها النجيعُ القاني.. سار متكئا على نفسه، نادى أحد الأخوة وهوى على الأرض.. بقي رغم النزف الشديد واعيًا، يراقب كل ما يدور حوله، ويبتسم للانتصار القادم ، لرايات الإنتصار المبللة بعرق المجاهدين ودم الشهداء وأنّات الجرحى..
في المستشفى..
خلال يومين قضاهما جريحا في المستشفى، بين غرفة المراقبة وغرفة العمليات التي كان يُنقل إليها كل فترة وجيزة لاستخراج الشظايا من جسده، رقد الشيخ "أبو ذر " مطمئنا، يشدُ على يد زوجته : " الله يعطيك العافية" ، يرفع قبضته عاليًا للأخوة : " انتصرنا" .. يصمت، يبتسم ، يحمد الله... ليل الأربعاء طلب بأن لا ينزل إلى غرفة العمليات لأن " كل شيء انتهى..! " ، نظر إلى أرجاء الغرفة متسائلاً عن سبب رجوعه إلى الدنيا، وأخبرهم انه كان مع أمير المؤمنين(ع) وانه بانتظاره.. فأغمض رفات عينيه المتعبة بعد منتصف الليل وغادر إلى حيث أحبته..
أحد الأخوة الذي كان في نفس الغرفة التي كان الشيخ موجودا فيها قال لموقعنا "لقد كنت في معظم الأوقات غائبا عن الوعي بسبب إصابتي ولكنني كنت أصحو من فترة إلى أخرى وكنت أراه جالسا على التخت ويقول بصوت جهور "يا زهراء" ويرفع القبضة"، لقد كان عنده معنويات عالية وخُيّل لي أن إصابته ليست خطيرة".
وتبقى بسمة الشيخ الموسومة في طيات ذكريات لا يعتريها غياب، تروي جفاف الماضي وتئد تحت ترابها جذور النسيان..
من وصيته:
" إلى والدتي الحنونة.. إلى أجمل كلمة اتذكرها، امي اصبري وصابري وتأسي بالزهراء(ع) الشهيدة المظلومة والسيدة زينب(ع) عندما فقدت اخاها الإمام الحسين (ع). سامحيني كثيراً ، كثيراً..
إلى زوجتي وأولادي: سلام من الله عليكم ورحمة الله وبركاته، اصبروا وصابروا واتقوا الله..."
مؤسسة الشهيد
بتوقيت بيروت