مقاومتنا :: قلق في إسرائيل: العبوات «الراقية» وتراجع الجهوزية
تزايدت في الأيام الأخيرة تلميحات وسائل الإعلام الإسرائيلية،
نقلاً عن كبار الضباط، بتسخين الجبهة الشمالية عبر تكاثر العبوات الناسفة وعمليات
الرصد الميداني. واشتكى ضباط إسرائيليون من أن هذا التزايد لا يقابله استعداد على نطاق أوسع
لمواجهة تصعيد محتمل، خصوصاً على الجبهة اللبنانية. وشدد ضابط في سلاح الهندسة على
أن هناك "ميلاً متعاظماً إلى العمل في ميدان العبوات الناسفة أيضاً على
الجبهة السورية" وأن «العبوات تنتج حالياً بمستويات راقية".
ونقل موقع صحيفة «معاريف» الإلكتروني عن ضباط إسرائيليين
قولهم إن «عبوات محسنة بنوعية راقية بدأت في الظهور على الجبهة السورية في عمليات
ضد الجيش في الأسابيع الأخيرة». ولاحظ هؤلاء أن هذه العبوات تذكّر الإسرائيليين بالسنوات
القاسية للجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان. والعمليات التي تستهدف الجيش
الإسرائيلي لم تعد قصراً على الحدود اللبنانية بل باتت تحدث على الحدود السورية في
هضبة الجولان على خلفية الحرب الدائرة هناك.
وتشدد جهات تحقيق إسرائيلية على أن فحص العبوات التي تم
تفجيرها مؤخراً، يشير إلى أنها تنتج بشكل متطور وبنوعية راقية. وتنقل «معاريف» عن
ضابط كبير في سلاح الهندسة قوله إن «العبوات من نوع نعرفه من فترات أخرى على
الحدود الشمالية، وهي تنتج حاليا بأرقى المستويات». وشدد على أن الأضرار الناجمة عن
هذه العبوات تشهد على مستوى إنتاجها. ومعروف أنه تم تفجير عبوتين مؤخراً ضد قوة مظليين على الحدود مع سوريا، أدت
إلى إصابة أربعة بينهم نائب قائد الكتيبة. وكانت عبوة سابقة قد أوقعت ضرراً كبيراً
بآلية عسكرية، اعتبرتها إسرائيل نوعاً من رد «حزب الله» على الغارة الجوية في جنتا
على الحدود اللبنانية السورية. وكانت سلسلة عبوات أخرى أيضاً، قد اكتشفت أثناء
إعدادها وقام الجيش الإسرائيلي بتفجيرها، فضلاً عن عبوات أخرى تم تفكيكها.
وأضاف الضابط «إننا نلحظ وجود إرادة متزايدة للعمل في مجال
العبوات أيضاً على الحدود مع سوريا»، مشيراً إلى أن تفكيك العبوات الحديثة بات
أمراً صعباً نظراً إلى عدم القدرة على الوصول إلى العبوة والإحاطة بها من جميع جوانبها.
والواقع أن ملاحظات الضابط في سلاح الهندسة هذه تترافق مع
شكاوى ضباط كبار في القوات الاحتياطية، ممن يشيرون إلى قلة جاهزية قواتهم لمواجهة
احتمالات التصعيد على الجبهة الشمالية.
ويقول هؤلاء الضباط مراراً محذرين من أن الجيش يعود إلى ما
كان عليه قبيل حرب لبنان الثانية. فالتدريبات قليلة والجاهزية متدنية، خصوصاً في
القوات الاحتياطية، وهي ليست مجرد مظاهر عابرة بل ظاهرة قائمة وواسعة.
وقال ضابط احتياط إنه "من ناحية الآليات على السياج
الحدودي، فإننا عدنا إلى فترة العام 2006، وبدلاً من تسيير آليتين مدرعتين يتم
إرسال آلية هامر غير مدرعة". وأضاف أن الآليات هذه لا تحمل منظومات لتشويش
عمل الصواريخ المضادة للدروع. ويخلق هذا الواقع شعوراً بالمرارة لدى الجنود
الإسرائيليين الذين يشعرون بأن الجيش يوفر أموالاً على حساب أرواحهم وبغرض تقليل
تكلفة الوقود والصيانة.
وعندما تتم الشكوى من هذه الأمور يرد عليهم القادة بأن هناك
مشاكل ميزانية ولا مجال لفعل أي شيء آخر. وتساءل أحد الضباط: «هل إذا حدث شيء
سنطلب من حزب الله أن يتوقف؟». ولا يقتصر الأمر على الدوريات بل يتعداه إلى التدريبات وحشد القوات. ففي التدريبات
يتم جمع أقل عدد ممكن من القوات لتقليل التكلفة وكذلك أداء أقل قدر ممكن من
المناورات. وعن مخازن الطوارئ حدث ولا حرج، حيث إن المعدات الحديثة مخزنة لأوقات
الطوارئ، فيما المعدات القديمة تستخدم في التدريب.
ويقول جندي إن «نصف الآليات في التدريب الأخير لم تكن صالحة
فنياً وإن قسماً صغيراً منها كان قادراً على إطلاق النار». ومعروف أن الجيش الإسرائيلي
أغلق مؤخراً، في إطار تقليص التكلفة، عدة ألوية مدرعات، خصوصاً من الأنواع القديمة.
ومع ذلك، فإن كثيرين في الجيش يعدون بأنه في العام 2015 سوف
تتحسن الصورة.
ولكن آخرين يتساءلون: وماذا عن الأشهر المقبلة حتى العام 2015؟
لا أحد يقدم أجوبة شافية سوى تلك التي تنطوي على رفع
المعنويات من قبيل أن «الجيش قوي بدرجة تحول دون أي من أعدائه
ومفاجأته استراتيجياً، وهو قادر على تحقيق انتصار في كل الأحوال».
وكان قائد الذراع البرية الجنرال الإسرائيلي غاي تسور قد
اعترف في مقابلة مع مجلة «بيبشا» العسكرية بأنه تم في العام 2013 الإضرار
بالتدريبات «ولكن على نطاق ضيق».
وأضاف أنه «إذا تحققت الخطة، فإن العام 2014 سيشهد إضراراً
بالجاهزية، لكنها من النوع القابل للاحتمال». وقال تسور إنه ليس صحيحاً أن جاهزية الجيش
تشبه ما كان عليه قبيل حرب لبنان الثانية. ومع ذلك أشار إلى أن الجيش ملزم في
العام 2015 بتصحيح الأوضاع. تجدر الإشارة إلى أن 75 في المئة من قوة الجيش الإسرائيلي تعتمد على القوات
الاحتياطية، الأمر الذي يجعل من أي خلل في هذه القوات خللاً عاماً في الجيش
الإسرائيلي لحظة يتطلب الأمر مشاركة فعالة منها. فلا قدرة لإسرائيل على إدارة حرب
طويلة حتى مثل «عمود السحاب» من دون تجنيد عشرات الألوف من جنود الاحتياط.