رمز انتفاضة الأسرى يستكمل انتصاره على الجلاد
سامر العيساوي محرراً في القدس اليوم
اليوم يحّول سامر العيساوي، صاحب أطول اضراب عن الطعام في التاريخ، انتصاره إلى حقيقة تاريخية. يعود سامر العيساوي الذي تحول الى رمز عالمي للكفاح، إلى بلدته العيسوية في القدس المحتلة اليوم، ويهدي الشعب الفلسطيني انتصاراً، ووعداً بأن "الحرية قادمة يا بلادي لا محالة".
تحدثت عائلة العيساوي إلى “السفير”، في حالة جمعت بين الفرح والقلق،
فمن جهة تتواصل الاستعدادات على قدم وساق في بلدته العيساوية لاستقبال “البطل”،
ومن جهة، يتخوف الأهالي من “مقلب” اسرائيلي، يعيق عملية الافراج في لحظاتها
الاخيرة.
أم
سامر، قالت على عجلة: “رح يرجع لحضن امه هالبطل”، ثم اطلقت زغرودة صدحت في ارجاء
المكان، لتردد مراراً “عقبال كل الاسرى، عقبال كل الاسرى”. تلك الفرحة تخطت
التهديدات الإسرائيلية، حيث استدعت المحكمة المركزية في القدس عائلة العيساوي
لتقول لها “اذا عاد للأعمال القديمة سيعتقل من جديد”. ولكن ذلك لم يجد نفعاً مع أم
سامر. “انا طايرة من الفرحة”، ردت صارخة، “اهلا بسامر اهلا بسامر”.
انتصر
سامر العيساوي قبلها مراراً، في معركته التي استمرت بين الأول من آب العام 2012
و23 نيسان العام 2013، أي أكثر من 265 يوماً، فهو اجبر الإسرائيليين على الرضوخ
لمطالبه حين اصر على اضرابه برغم تراجع وزنه وهبوط دقات قلبه. وانتصر حين رفض
الادوية والمحاليل، إلا إذا فُكت قيوده. وهو الذي ظل يصارع الموت وحيدا بين جدران
الزنزانة وفي المستشفى، “لعيون الحرية”، كما نقل عنه حلمي الأعرج، “مدير مركز
حريات”، ورفيق العيساوي منذ سنوات.
كرر الاعرج في حديثه إلى “السفير” وصايا سامر العيساوي حين كان بين الحياة والموت، “اضرابي من اجل حريتي وحرية الوطن، وحرية غزة”. وهو الذي كان دائماً يردد “قل لهم إن فجر الحرية قادم”.
“سامر الفلسطيني” كما يحلو لوالدته أن تناديه، وقّع في نيسان الماضي مع النيابة العسكرية للاحتلال اتفاقاً يقضي بتعليق إضرابه عن الطعام، الذي بدأ في الأول من شهر آب في العام 2012. وينص على سجنه نحو عام ونصف العام، تشمل الفترة التي اضرب فيها أي تسعة أشهر، مقابل فك الاضراب والافراج عنه اليوم، على أن يعود إلى بلدته العيساوية في القدس، ولا يغادرها نحو الضفة الغربية.
أما المفارقة فهي أن اعتقال سامر العيساوي كان بسبب خرقه لـ”قانون شاليت”، وهو قانون اقرته اسرائيل بعد صفقة تبادل الاسرى مع حركة حماس. ووضعت فيه شروطاً تعجيزية على الاسرى، إن قاموا بخرقها يتم اعادة اعتقالهم مرة اخرى، ليحاكموا بذات التهم التي كانت موجهة لهم سابقاً.
وبحسب الأعرج، “كان الإسرائيليون يبحثون عن أي حجة من اجل اعتقال سامر العيساوي أو غيره من المحررين، لأنهم عمليا يعيدون صياغة الامور بما يتناسب مع اهوائهم ولا يفون بوعودهم، وينكثونها باستمرار”.
ولد سامر العيساوي في بلدة العيسوية في القدس في العام 1979، وهو شاب أعزب، ينتمي إلى عائلة مقدسية من ستة أشقاء وشقيقتين. شقيقه فادي استشهد في مجزرة الحرم الإبراهيمي في العام 1994، ومدحت حرر بعد اعتقال دام 19 عاماً، وحتى شادي وشيرين تعرّضا للأسر.
وفي العام 2001، اعتقل سامر العيساوي وحكم عليه بالسجن 30 عاماً بتهمة المشاركة بفعاليات “إرهابية” وانتمائه إلى الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، حتى أفرج عنه في صفقة “شاليت” في العام 2011. وأعاد الاحتلال اعتقاله بعد ثمانية أشهر من الإفراج، في السابع من تموز العام 2012، بحجة خرق شروط الإفراج عنه بعدما زار ضاحية الرام في القدس المحتلة.
وتعرضت صحة سامر العيساوي لانتكاسات عديدة خلال إضرابه عن الطعام، لا
سيما أنه توقف عن تناول الفيتامينات والأملاح والسوائل مرات عدة، وانخفضت نبضات
قلبه إلى 28 نبضة في الدقيقة. وكان يصاب بحالات متتالية من الغيبوبة، كما انخفض
وزنه إلى 40 كيلوغراماً.
شكل
إضراب العيساوي رقماً قياسياً خارقاً، ليكون أطول إضراب في تاريخ البشرية، وفقاً
لـ”نادي الأسير الفلسطيني”. كما أنه نجح للمرة الأولى في تاريخ الحركة الأسيرة على
إجبار الاحتلال على فك قيوده أثناء وجوده في مستشفى كابلان في جنوب تل أبيب، بعدما
أضرب عن تناول الأملاح والفيتامينات، احتجاجاً على إبقائه “مقيداً” في السرير.
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية في 23-12-2013
بتوقيت بيروت