كثيرة هي روايات الهزائم التي تعتمل بها صدور جنود وضباط وقادة الاحتلال جراء اعتداءاتهم وعدوانهم على الاراضي العربية عموما واللبنانية على وجه الخصوص، وفي كل عام مع مرور ذكرى كل اعتداء او عدوان ينبري هؤلاء الى نشر بعض ما واجهوه خلال هذا العدوان وفي كل مرة يعترفون بان قرارات قادتهم كانت تنم عن غباء وتسرع ولم تتحقق منها اي نتائج يمكن ان يخرج بها هؤلاء كانجازات..
هذه المرة تكشف صحيفة يديعوت احرونوت، عن بعض خفايا حرب لبنان الثانية التي اندلعت عام 2006، مؤكدة أنها كانت "عبثية" حيث عانى جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي من الجفاف والجوع.
وأوضحت الصحيفة في مقال افتتاحي، لـ"ناحوم برنياع" الذي شارك في تغطية حرب لبنان الثانية عام 2006، ويقول أن "الزمن يطبع أحداث حرب لبنان الثانية بألوان أكثر تنوعًا، فبعد 15 عاما، عشرات آلاف الصواريخ التي جمعها حزب الله ومنها صواريخ دقيقة، تهدد اليوم كل موقع استراتيجي في "إسرائيل" لا تسير على الأقدام".
ورأت أن "لبنان اليوم هو فريسة تنتظر مفترسها، ميدان قتال مستقبلي لحرب يثق الجميع بأنها ستنشب".
وذكر برنياع، أنه بعدما حصل على الإذن ليشارك جيش الاحتلال في دخوله البري ووصل لمنطقة الشمال، أدخل إلى "مجنزرة ثقيلة سميت "أخزريت"، وكانت قد بنيت على هيكل دبابة "T55" من الغنائم السوفياتية"، منوها أن "التحصين معقول، أما السفر ففظيع".
ونوه أن "الهدف كان منطقة رأس البيضة، وهي قرية جميلة تقع على جرف، على مسافة 10 كيلو مترات شمالي الحدود الإسرائيلية، واستغرق السفر ثلاث ساعات ونصف، حيث كانت سيطرت عليها قواتنا في الأيام السابقة، ولكن مقاتلي حزب الله كانوا يطلون المرة تلو الأخرى في الميدان".
وأضاف: "نزلنا من "أخزريت" على قمة جبل فوق رأس البيضة، أما قيادة اللواء نزلت في فيلا لشخص يدعى عبدالله عليان، صاحب شركة لإزالة الألغام، وأصبحت الفيلا مراحيض للجنود، وتوجه الرائد "ماتي باراك" نائب قائد الكتيبة لحافة البستان لقضاء حاجته، وكان في انتظاره مقاتل لحزب الله يقف في الظلام، فتح النار عليه، وأصيب برصاصتين، وتمكن رجل حزب الله من الانصراف".
قائد عديم الوسيلة بين جنوده
وتابع: "ضجت العيارات النارية في البيت؛ أولا قنبلة يدوية، بعد ذلك الرصاصات، وصرح نائب قائد الكتيبة "ساعدوني"، كما صرخ جنود الجيش الإسرائيلي، يطلقون النار علينا، يطلقون علينا"، منوها أنه "تم أدخال الجرحى إلى داخل غرف النوم".
ولفت إلى أن "الألم رهيب، وكتبت في حينه وتحته المهانة: هو، نائب قائد الكتيبة، بدلا من أن يساعد الآخرين مستلق عديم الوسيلة بين أذرع جنوده، وبعد ساعة تصل مروحية من البحر، تهبط أمام البيت، بينما في المحيط الجنود يغرقون الدولة بالنار".
ساعتان والقرار.. الخروج حتى لو قالوا هزمنا
ونقل برنياع عن "ماتي باراك" الذي كان يعمل رسالة دكتوراه في التاريخ والاقتصاد وتجند قبل ساعتين من الاشتباك، قوله: "يجب التوجه إلى لبنان بشدة، بكل القوة، وإلا فإننا سنفقد قوة الردع".
وبعدما نزل "ماتي باراك" في مستشفى "رمبام"، سأله برنياع: "هل لا تزال مع إدخال قوات كبيرة إلى لبنان؟"، أجاب: "يجب علينا الخروج حتى لو قالوا أننا هزمنا، يجب الخروج".
لا طعام ولا ماء
وأشار كاتب الافتتاحية، إلى أن جنود الجيش الإسرائيلي كشفوا له حقيقة ما كان يجري في ظل "تقليصات في الميزانية"، مضيفا: "تحدثوا لي عن المياه التي لم تصل والطعام الذي لم يورد".
وأكد أن "سلاح الجو الإسرائيلي، رفض إنزال الماء بالمروحيات، ولكن عندما جف تسعة جنود، اضطر لأن ينزل مروحية كي يأخذ ثلاثة منهم لينقلهم إلى المستشفى؛ وأكدوا أن العطش والجوع ضيق عيشتهم، وقاموا بالسطو على محل بقالة".
ولفت برنياع، إلى أن احد الضباط روى له عن "مهام تتغير مرة كل بضع ساعات بلا منطق، ورسائل مزدوجة، وتملص من المسؤولية"، مضيفا: "هذه حرب المقاتلين وليست حرب الجنرالات".
استثمار في قضية خاسرة
وتابع: "بعد بضعة أيام خرجت، واستغرق السفر في "أخزريت" هذه المرة خمس ساعات ونصف، و جنود السرية اعطوني بزة عسكرية، ولكني فرضت شرطا؛ أن اهاتف وأسلم على العائلات، وهذا منعني من أن أغفو، علما بأن ردود الفعل لم تكن إيجابية".
وقال: "كتبت مقطعا قاسيا جدا عن إدارة الحرب وإصرار الحكومة على المواصلة، رغم الدعوات لوقف النار، وقلت أنه "لا معنى للاستثمار في قضية خاسرة، والقوات البرية العالقة هناك، لن تحدث التحول المرجو في الرهان اللبناني، خذ ما يعرضوه عليك يا ايهود أولمرت (رئيس وراء الاحتلال الأسبق)، خذ وأهرب".
عن غضب الجنود من قادة الجيش، حيث طالب بعضهم بلجنة تحقيق، قال الكاتب في نهاية الافتتاحية: "كانت هناك وفرة شديدة في التلاعب، لقد اهانوهم في لبنان واستغلوهم في إسرائيل".
بتوقيت بيروت