مع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة داخل فلسطين المحتلة والتي طالت في الفترة الاخيرة جنود جيشه دخل الكيان الصهيوني في دوامة مواجهة هذه العمليات ذلك ان السياسات المعتمدة تجاه المقاومين واهاليهم باءت بالفشل.
وتظهر وسائل الاعلام بكافة وسائطها اصرار امهات واباء واخوات وزوجات الشهداء على تبني خيارات ابنائهم في المقاومة في حين يتحسس الصهاينة في الاراضي الفلسطينية المحتلة اصرار اصحاب الارض على استعادة حقوقهم في ارضهم والحياة فيها بكامل حرياتهم وارادتهم كما يعيشها اصحاب الارض في بلدانهم.
وفي ظل ذلك بدأت الدعوات داخل الكيان الصهيوني الى وجوب قيام "إسرائيل" بـ"العمل على ترميم مفهوم وسياسة الأمن القومي الإسرائيلي الذي أفقدها المبادرة"، وتأكيد أن "الأمر الأساسي الذي لم يتغير هو تصميم الأعداء".
ورأت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن "استراتيجية الاحتواء، هي القاسم المشترك لإطلاق المهاجمين النار على عوفرا وفي جفعات إساف، والحالتان مرتبطتان بشدة بعملية كشف أنفاق حزب الله في الشمال".
وذكرت أن "ثلاثة أحداث وغيرها، هي نتاج (ما سمته) الانعطافة البائسة في سياسة الأمن القومي التي تجذرت في "إسرائيل" بعد حملة سلامة الجليل عام 1982"، مؤكدة أن هذه السياسة "ألحقت ضررا جسيماً بالأمن؛ لدرجة الدمار، دون أن يطرحها أحد على طاولة البحث أو يقرر تثبيت انعطافة متطرفة بهذا القدر في حياة إسرائيل".
وبدأت "عملية سلامة الجليل" كما أطلق عليها الاحتلال، باجتياح جيش الاحتلال للبنان، وانتهت في حزيران/ يونيو 1985، وقتل فيها 1217 جنديا إسرائيليا، وارتكبت قوات الاحتلال خلالها مجزرة ضد الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا.
"ضحالة الأمن"
وأضافت الصحيفة: "حتى هذه الانعطافة، عمل الجيش وفقا لمفهوم الأمن القومي، كما وضعه وثبته رئيس الوزراء الأول دافيد بن غوريون، وبموجبه، كان الجيش مطالبا بتنفيذ الحرب في أرض العدو، وهذا الأمر يستوجب إبقاء الخيار في أيدينا، لنديرها في زمن قصير في ضوء قيود الساحة الدولية، وإنهائها بحسم موضعي يبقي ردعا حقيقيا".
وتساءلت: "كيف حصل هذا إذن؟ بعد أن أقمنا دولة من العدم، عبر تداخل رائع من استيعاب الهجرة، وبناء البنى التحتية في ظل القتال المتواصل، ونفذنا بعد 35 عاما من قيام إسرائيل، انعطافة والتفافة حذوة حصان، والتي تحطم وتآكل وتمزق في إطارها، حتى النهاية مفهوم الأمن الفاخر لجيل المؤسسين".
"التخلي عن الردع"
ونوهت إلى أنه "ليس عبثا في ظل الضحالة السائدة في فهم الأمن، أن يتميز التفكير القومي بالمقاييس السابقة دون أن نستوعب أنه منذ 35 عاما، وفي أعقاب الانعطافة في سياسة الأمن القومي، سيطرت استراتيجية الاحتواء".
وأكدت أن "استراتيجية الاحتواء؛ هي التي أدت إلى فقدان الخيار للخروج إلى الحرب، وانعدام الحرص على إدارتها في زمن قصير وإنهائها بحسم موضعي واضح، وهذا معناه الوحيد؛ هو التخلي طوعا عن عنصر الردع".
المقاومة تملي سياساتها
وبحسب الصحيفة، فإنه في "ظل غياب الردع، لا يوجد ما يمنع حماس من إملاء السياسة، ومزايا وشروط التسوية، ومثلها أيضا حزب الله، الذي كف منذ زمن عن الاهتمام بأقوى الجيوش (الإسرائيلي) في المنطقة، بعد أن طرده مكللا بالعار من لبنان؛ فما بالك بفضل التعادل مع جيشنا في حرب لبنان الثانية؟".
ورأت أن هذا هو "السبب والتفسير لحفر الأنفاق تحت الأرض، دون أي تخوف من رد فعل الجيش الإسرائيلي، في حين يحدث عندنا العكس تماما، فكم جسد الخوف طلب رئيس الأركان من الكابينت التصدي لجبهة واحدة، إلى جانب الدراما التي رافقت استخدام الآليات الهندسية لكشف أنفاق حزب الله، وكأن الحديث يدور عن احتلال القمر".
"الجيش ما عاد رادعا"
وبينت الصحيفة، أنه "لا عجب مع غياب الردع، أن منظمات الإرهاب في الضفة، ومعها أبناء وبنات فلسطين، الذين ما عادوا يرون في جنود الجيش (العدو الاسرائيلي) عنصرا رادعا"، لافتة إلى أن هذه "الظاهرة تتجسد كل يوم في رشق الحجارة والزجاجات الحارقة، وتهجم الأطفال على جنود الجيش، وعمليات الطعن التي يقومون بها، وكل هذا يرافقه محاولات الدهس وإطلاق النار من السيارات المارة".
وذكرت أنه "بعد 35 عاما، طبق فيها رؤساء الأركان وحكومات إسرائيل على أجيالها استراتيجية الاحتواء، بات واجبا تغيير الاتجاه"، مشددة على وجوب "العودة لمفهوم الأمن السابق، وباستثناء الأوهام التي نثرت في مطارحنا دون حساب، فإن الأمر الأساس الذي لم يتغير وبقي على حاله؛ هو تصميم العدو (المقاومة)".