كلما وسعت القوى الحربية في الكيان الصهيوني من نشاطاتها تكشفت عيوبها وثغراتها في مواجهة القوى المقاومة سواء في فلسطين المحتلة او خارجها، وفي آخر تعابير انكشاف هذه الثغرات والعيوب ما كشفت عنه محاولة "منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي"، "مقلاع داوود"، التصدي لصواريخ القوى المقاومة التي اطلقت تجاه هضبة الجولان المحتل مؤخراً.
فقد أظهرت هذه المحاولة عن فشل كبير في قدرات هذه المنظومة، وتبين وفق خبراء إسرائيليين أنها "غير جاهزة"، وبالتالي فان هذا الفشل ليس نهايته في المنظومة الصاروخية وانما عرض الصناعات الحربية للكيان الصهيوني وصورتها لضربة ليس من السهل تجاوزها في القريب العاجل.
في ذلك يوضح احد الخبراء العسكريين الصهاينة في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فيعتبر أن إطلاق صواريخ "21-SS" روسية الصنع من سوريا، "وفر فرصة للتجربة العملية الأولى لمنظومة "مقلاع داوود" ويصفها بكل وضوح بغير الناجحة" وهو تعبير مخفف للفشل وفي اكثر من مرحلة.
العيب الأول: في النظام
ففي احد المراحل يشيرهرئيل إلى أن الصواريخ التي أطلقت من الشرق إلى الغرب، نحو الحدود مع "إسرائيل" في هضبة الجولان المحتل، وهدفت للمس بمنطقة داخل سوريا، فان حسابات المسار في نظام الاعتراض قدرت أن الصواريخ ستسقط في إسرائيل؛ لذا دوت صافرات الإنذار، وأطلق صاروخان من "مقلاع داود" (وهذا العيب الأول).
الثاني: في مهارات القادة
وكشف هرئيل، في مقال له بصحيفة "هآرتس" العبرية، أن التعليمات لدى قادة الدفاع الجوي في جيش الاحتلال أنه "في حالة وجود شك، فإن المقاربة تقضي بأنه يفضل إطلاق النار".
وعي مبني على خطأ سابق
كما لفت إلى حادثة مشابهة وقعت في آذار/ مارس الماضي، عندما أطلقت بـ"الخطأ" صواريخ "القبة الحديدية" بعد خروج طلقات في الجو من رشاش أرضي في قطاع غزة؛ بسبب ضبط مجسات المنظومة لمستوى حساسية عال جدا.
وبين أن "تهديد الشمال كان بمستوى مختلف تماما؛ فصواريخ "21-SS" يصل مداها لأكثر من 100 كم، وتحمل رأس حربي وزنه نصف طن تقريبا، ومن هنا كان الاعتراض رغم التكلفة العالية، التي تصل لمليون دولار لكل صاروخ.
"العصا السحرية": فشلت في إصابة اول هدف
وبشكل عملي، أكد الخبير العسكري أن "الصواريخ الإسرائيلية لم تصب أهدافها، والتنفيذ لم يكن ناجحاً من قبل نظام الاعتراض الجديد "مقلاع داود"، وسقط الصاروخان السوريان في سوريا قرب الحدود، وهنا كان القرار الإسرائيلي بتدمير صواريخ "مقلاع داود" ذاتيا"، مضيفا: "هذه نتائج عملياتية غير جيدة، والتي على سلاح الجو "الإسرائيلي" كالعادة أن يفحصها".
يشار إلى أن "مقلاع داوود" كان يطلق عليها في السابق "العصا السحرية"، حيث عملت على تطويرها شركة "رافائيل" الصهيونية بالتعاون مع شركة "ريثيون" الأمريكية.
المشكلة في الإخفاق لا الكلفة
من جانبه، شدد الخبير العسكري بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، يوآف ليمور، على أهمية إجراء "تحقيق معمق من قبل سلاح الجو، وبمشاركة الصناعات الأمنية، والذي وحده الذي يمكنه التعرف على الإخفاق الذي حدث في إطلاق صاروخي مقلاع داوود".
وأضاف: "في المرحلة المبكرة، هذا إخفاق ذو مغزى يستدعي استخلاص الدروس التكنولوجية والعملياتية"، معتبرا أن "التحدي الذي تلقته منظومة مقلاع داوود كان من أعقد التحديات في عالم الصواريخ والمقذوفات الصاروخية؛ لأن صاروخ "21-SS" متطور، وصورة طيرانه تختلف عن الصواريخ الأخرى".
ولفت ليمور إلى أن "مبرمجي ومفعلي الرادار سيفحصون بالتأكيد هل كان ممكنا الوصول لنتائج أفضل في وقت أقصر في المستقبل، منعا لإطلاق عابث وتضليل مستقبلي للمنظومة، لكن هذا هو الجزء السهل في الحدث"، موضحا أن "التحقيق سيعنى أساسا بالقرار القيادي لأن تطلق لأول مرة صواريخ "مقلاع داود"، وأيضا حقيقة أن الاعتراض فشل".
ورأى أن المشكلة ليست في تكلفة الصواريخ، "بل في الإخفاق ذاته"، لافتا إلى أن "لمنظومات الدفاع الفاعلة دورا هاما آخر لقدراتها الاعتراضية؛ وهو ردع العدو من مجرد التفكير في إطلاق الصواريخ، لعلمه أن فرصة إلحاق الضرر قليلة".
وأكد الخبير العسكري أن الحداثة أظهرت أن "منظومة مقلاع داوود ليست جاهزة للعمل"، مطالبا بإجراء "تحسينات وترتيبات قبل أن تتمكن من القيام بمهامها في منطقة مفعمة بتهديدات الصواريخ الباليستية".
وفي مؤشر على مدى الصدمة التي تلقتها المحافل الإسرائيلية المختلفة، خاصة العسكرية والأمنية، نوه ليمور إلى أن "الانشغال في إخفاق "مقلاع داود" صرف الانتباه عما يجري في سوريا".
المصدر: عربي21