عبر جنرالان إسرائيليان عن شكوكهما من قدرة "الكيان" على تحقيق صورة الانتصار في أي حرب قد تخوضها على الجبهات المتوترة، سواء في قطاع غزة جنوباً أمام حماس، أم في لبنان شمالاً أمام حزب الله.
وفيما قال احد الجنرالات إن "إسرائيل ستكون حريصة عند وقف أي عملية عسكرية قادمة أن تحصل على ما وصفها صورة الانتصار، بحيث تنتهي الحرب بناء على شروطها، بعد أن دأبت في عمليات عسكرية ماضية أن تعلن وقف إطلاق النار بصورة أحادية الجانب دون اتفاق مع العدو، أو عبر وسيط آخر". اعتبر جنرال آخر ان "استمرار توتر الوضع الأمني في قطاع غزة ينم عن إخفاق في تعامل الحكومة معه، فالسياسة الأمنية الإسرائيلية منذ العام 2000 تذهب من تدهور إلى تدهور أمام حماس وحزب الله، بحيث باتا يقفان على حدود غزة ولبنان كما لو كانا جيشين نظاميين، وانتقلا من خوض الحروب غير المتناظرة إلى المعارك المتقابلة، ولم يعد لديهما سبب للتخفي والابتعاد عن أنظار إسرائيل لأنهما يعتقدان أنها لن تمس بهما خشية أي تصعيد متوقع في اليوم التالي".
وفي مقال له نشرته صحيفة معاريف حاول الجنرال إيلي بن مئير، ادخال قواعد جديدة ومعايير لقياس وسائل الانتصار او الفشل لدى الكيان الصهيوني وقال أنه "في أعقاب اندلاع الربيع العربي عام 2011 أصبحت العديد من الوسائل السابقة غير مجدية، مع العلم أنه يصعب في هذه الآونة التنبؤ بموعد وشكل الحرب القادمة، وكيفية بدئها، فقد اندلعت حرب الجرف الصامد الأخيرة في غزة 2014، حيث لم تكن حماس وإسرائيل تريدانها، لكن تطور الأحداث الميدانية والمحلية أوصلتهما لأن يجدا نفسيهما في أتون القتال".
وأكد بن مئير، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، أن "ذات الأمر تكرر في حرب لبنان الثانية 2006، التي بدأت باختطاف جنديين إسرائيليين على الحدود الشمالية، وانتقلت إسرائيل إلى عملية لضرب المنظومات الصاروخية التي يحوزها حزب الله، ما دهور الوضع إلى حرب طاحنة استمرت 34 يوماً".
ويؤكد المقال أنه "من الصعب معرفة كيف ستنتهي أي حرب قادمة، لأن أحد الإخفاقات والثغرات في وضع نهاية الحرب هو الفجوة في التقديرات التي تقدمها الأجهزة المختلفة للنهاية المتوقعة لأي مواجهة عسكرية، وقد زاد من هذه الفجوات الطريقة والعقيدة القتالية التي تقاتل في ضوئها المنظمات المسلحة وفق حروب العصابات، بحيث تبدو معها ساحة المعركة أكثر تعقيدا للجيش الإسرائيلي من المواجهة أمام جيوش نظامية".
وأضاف أن "الانتصار على منظمات حروب العصابات مثل حماس وحزب الله لا يقوم على مركبات مادية عملياتية بحتة يمكن قياسها بالعين المجردة وأدوات القياس التقليدية، مثل أعداد القتلى في صفوف العدو، أو الوسائل القتالية التي تم تدميرها لديه، وإنما زاد عليها مركبات أخرى أكثر تعقيداً، ومنها رواية الحرب لكل طرف، وكيف سيقدمها للرأي العام لديه ولدى العدو في الجانب الآخر، وكيفية تعامل الجبهة الداخلية في الجانبين مع هذه الحرب ومجرياتها، والوضع الدولي والإقليمي لإسرائيل خلال يوميات الحرب".
ويستشهد الجنرال بأحد نماذج الصعوبات الإسرائيلية في إنهاء أي حرب بـ"تقرير غولدستون الذي صدر عن الأمم المتحدة في أعقاب حرب الرصاص المصبوب في غزة 2008- 2009، ما أثر سلباً على الإنجازات العسكرية التي حققها الجيش الإسرائيلي".
ويرى الجنرال أن "العمليات العسكرية اللاحقة التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة في الأعوام اللاحقة 2012، 2014، وما بينهما، كشفت عن زيادة حدة الفجوات القائمة في تحديد هوية المنتصر فيها، ففي حين انتهت حرب لبنان الثانية التي استمرت 34 يوما بتدخل المجتمع الدولي من خلال صدور القرار 1701، فقد انتهت حرب الرصاص المصبوب التي استمرت 22 يوما بقرار أحادي الجانب من إسرائيل بوقف إطلاق النار وسحب قواتها من قطاع غزة، في حين أن عملية الجرف الصامد التي استمرت زهاء 50 يوما انتهت بتدخل مصري بوساطة بين حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار".
لا زعماء اقوياء
اما الجنرال يوم توف ـ ساميه القائد السابق للمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي فيقول ان "استمرار توتر الوضع الأمني في قطاع غزة ينم عن إخفاق في تعامل الحكومة معه، فالسياسة الأمنية الإسرائيلية منذ العام 2000 تذهب من تدهور إلى تدهور أمام حماس وحزب الله، بحيث باتا يقفان على حدود غزة ولبنان كما لو كانا جيشين نظاميين، وانتقلا من خوض الحروب غير المتناظرة إلى المعارك المتقابلة، ولم يعد لديهما سبب للتخفي والابتعاد عن أنظار إسرائيل لأنهما يعتقدان أنها لن تمس بهما خشية أي تصعيد متوقع في اليوم التالي".
وأضاف الجنرال توف-ساميه" فيقول في حوار مع صحيفة معاريف أنه "آن الوقت لتغيير هذا الواقع الأمني من خلال تغيير السياسة المتبعة لدى المستوى السياسي الإسرائيلي في تعاملها إزاء المنظمات المسلحة، وفي نهاية الأمر يجب أن تكون حماس بعيدة عن قطاع غزة، وهو لا يحظى بأي ترتيب سياسي معها حول مستقبل القطاع".
وختم بالقول بأنه "لو كان لدى إسرائيل زعماء أقوياء فقد كان بإمكانها الذهاب للإطاحة بحماس منذ حرب الرصاص المصبوب 2008، وقد اقترحت الشهر الماضي أن يتم إجراء تغيير في السياسة المتبعة إزاء الوضع في قطاع غزة، والعودة لسياسة الاغتيالات والتصفيات ضد قادة حماس، لأنه كلما مر الوقت دون تنفيذ هذه السياسة، فستصبح الأمور أكثر تعقيدا أمام إسرائيل".