خلاف الباحثين الصهاينة حول ظروف الحرب على الساحة الشمالية وقطاع غزة
الوقائع تفيد بلا جهوزية الجيش ولا الجبهة الداخلية والرد (سوف ونعمل على)
تنشغل دوائر القرار السياسية والحربي ومراكز والدراسات والابحاث في الكيان الصهيوني باستشراف الواقع والمستقبل ازاء احتمال وقوع حرب مسرحا يطال الساحة الشمالية وقد تشمل قطاع غزة، ويتبين من خلال المتابعات كيف يسود الانقسام بين فريقين الاول يحاول جاهداً اظهار نقاط القوة عند مكونات الكيان الصهيوني فيما لا يعوز الفريق الثاني الكثير ليظهر نقاط الضعف على المستوى الداخلي والتهديدات على المستوى الخارجي والتي تصيب هذا المكون بكافة تعابيره العسكرية والامنية وحتى الداخلية.
وقد عبر عن هذا الانقسام نائب رئيس "معهد القدس للدراسات الاستراتيجية" دافيد م. فاينبرغ الذي شارك الاسبوع الماضي من مؤتمر عقد للبحث في هذه القضايا والتحديات. اذ يقول انه خرج من هذا المؤتمر مثقلاً بمخاوف شديدة حيال مدى جاهزية "الجيش الإسرائيلي" للحرب المقبلة، أو على الأصح حيال روحه القتالية وروحه الجماعية (للجيش). وأمل أن يجري إصلاح نقاط الضعف في الوقت المناسب، قبل اندلاع المواجهة العسكرية المقبلة التي تنتظرنا.
الطموح والخيال
وينقل جانبا من مناقشات (تقع في دائرة سوف او يعمل على) عبر عنها النائب السابق لرئيس هيئة أركان الحرب "اللواء يائير غولان"، ، والمستشار السابق لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لشؤون الأمن القومي اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور، ، فاوضحا أمام المنتدى الذي عقده «معهد القدس للدراسات الاستراتيجية»، أن الجيش الإسرائيلي (يعمل على) يجري تدريبات مكثفة لمقاتليه على خط المواجهة تحضيرا "لهجوم بري حاسم ضد أعداء إسرائيل". ويعترف غولان: «ان ليس في وسع أي قوة جوية تحقيق انتصار لنا في المعارك المقبلة، أو منع إطلاق الصواريخ من جانب "أعداء إسرائيل". لازما جيشه بلازمتين الاولى "شن هجمات برية بقوات كبيرة جداً" والثانية تقتضي من هذه القوات ان تتمتع هذه الهجمات "بالسرعة الفائقة".
ورغم اعترافهما بان القوة الجوية ليس في وسعها تحقيق "انتصار" يعودان "اللواءان" الى معزوفة سلاح الجو فيشيران الى "أن الجيش الإسرائيلي وسلاح الجوّ مزودان اليوم بأفضل مما كان في السابق بكثير، بمنظومات اتصالات تكتيكية، ومنظومات تبئير دقيقة، واستخبارات ميدانية دقيقة، وقدرات سيبرانية ممتازة، وأسلحة روبوتيّة، إلى جانب منظومات جوية من الرائدة في العالم كافة (طائرات نفاثة من طراز F-35 وطائرات من دون طيار فتاكة) ومنظومات بحرية متعددة (غواصات وغيرها).
وكانت وسائل اعلام اسرائيلية ذكرت الاسبوع الماضي الى ان جميع وسائل الاتصال تعطلت لمدة ساعتين في شمال فلسطين المحتلة.
ويعتقد عميدرور، الذي يشغل الآن منصب زميل بحث رفيع في «معهد القدس للدراسات الاستراتيجية»، بأن لدى كيانه الآن قدرات عديدة ومتعددة: "اقتصاد متين وصناعات قوية، وجيش ومواطنون يتمتعون بالدافعية، وجبهة داخلية تتمتع بالمناعة النفسية. فيما لا يمر يوم الا وتظهر مواقف الساسة والمحللين العسكريين الصهاينة المشاكل التي يواجهها الكيان حيث ارتفع عدد الاطفال الفقراء الى اكثر من مليون فقير ويتعرض اليهود الافارقة لمضايقات سلطات الاحتلال بهدف ابعادهم الى البلاد التي جيئوا منها وليست ببعيدة اخبار التهرب من الخدمة العسكرية تحت عناوين مختلفة والاحوال النفسية للجنود الصهاينة حيث ارتفعت نسبة قتلاه في ظروف غامضة خلال العام الماضي اما الجبهة الداخلية فحدث ولا حرج اذ لم يجف حبر مواقف وتصريحات وزير الحرب السابق عمير بيرتس خلال جلسة لمناقشة اوضاع الجبهة الداخلية حيث قال"أنه لا يمكن تحمل الثغرات في حماية الجبهة الداخلية"
الواقع
ويشير الباحث الصهيوني الى مجموعة من التساؤلات ويقول "هنا بالذات تبدأ المخاوف بالتسرب. فيسأل:
هل تحرص قيادة الدولة على تعزيز الجبهة الداخلية وتزويدها بالمناعة النفسية اللازمة للصمود في المواجهات المقبلة؟
وهل الروح القتالية لدى الجيش الإسرائيلي هي كما ينبغي لها أن تكون حقا؟
ويقول: ليس تماما، بحسب ما يقول خبراء آخرون استمعت إليهم، هذا الأسبوع.
ليست جاهزة لحرب استنزاف
وينقل عن زميل بحث في «معهد القدس للدراسات الاستراتيجية» ومؤسس مديرية «حوماه» (السور) في وزارة الدفاع للحماية من الصواريخ (والتي طورت صاروخ «حيتس») يدعى عوزي روبين، فيحذر من أن استراتيجية إيران تتمثل في شن حرب استنزاف طويلة الأمد ضد إسرائيل؛ سلسلة حروب «إزعاجية» تسبب أضراراً للاقتصاد الإسرائيلي وتجعل الحياة فيها غير محتملة. ويقول انه "بدون استثمارات كبيرة في الدفاع عن منشآت البنى التحتية القومية وعن قدرتها على الصمود ـ والتي هي غير كافية برأي روبين ـ ثمة تخوف من انهيار المناعة القومية الإسرائيلية، ما سيؤدي إلى هجرة مواطنين من إسرائيل.
التربية العسكرية
ويعرض المقدّم (احتياط) إيتان هونيغ من «طاقم كوهلت»، تخوفا آخر يتعلق بتغذية جنود الجيش الإسرائيلي برسائل وأفكار ليبرالية تقدمية تفتّ في عزيمتهم وتُضعف روحهم القتالية. ويؤمن هونيغ بأن الجيش الإسرائيلي يبدأ الآن بإصلاح الوضع من خلال إعادة تحمله المسؤولية عن وضع وتنفيذ برامجه التربوية، لكنه ليس واثقا من أن الأمر يمثل إصلاحا حقيقيا".
هجرة الجيش للمناطق المتوقع وقوع حرب شرسة فيها
اما أكثر ما اثار القلق داخل المؤتمر هو ما ساقه قائد الفيلق الشمالي والكليات العسكرية سابقا اللواء (احتياط) غرشون هكوهن، حيث عرض لحالات متكاثرة عن هجرة جيش العدو الإسرائيلي لمناطق الأطراف في فلسطين المحتلة ويتخلى عنها. ويتولى هكوهن حالياً إدارة التقييمات الخاصة بقيادة الأركان العامة، ضمن تدريبات محاكاة الحرب المكثفة التي أجراها الجيش في مناطق الشمال المحتلة قبل بضعة أشهر وهي التدريبات الأوسع التي أجريت حتى الآن.
الجبهة الداخلية
ويقول هكوهن إن التدريبات شملت إخلاء عشرات آلاف المواطنين (وفي حال وقوع سيناريو مماثل في الجنوب، سيتم اتخاذ الإجراءات نفسها بالنسبة للمواطنين في المنطقة المحيطة بقطاع غزة).
يصف هكوهن هذا بأنه حماقة. ليس فقط لأن الأمر لن يكون عمليا وقابلا للتنفيذ في إبان الحرب، وإنما أيضاً لأنه يمثل «تخليا تاما ونهائيا عن (ما سماه) القيم الصهيونية».
ويطرح هكوهن سلسلة من الاسئلة الصعبة عن حال الجبهة الداخلية منها:
«لماذا يخطط الجيش الإسرائيلي لعمليات إخلاء كهذه؟
أين اختفت مزايا الإصرار والتصميم والاستعداد لمواجهة الصعاب؟
لماذا لا تطلب قيادة الدولة والجيش من المواطنين الذين يعيشون في المناطق النائية الانحناء ريثما تمر العاصفة أو، أفضل من ذلك، تسليح أنفسهم والانخراط في المجهود الحربي؟
وفي اطار دائرة (السوف ويجب ان نعمل على) يدعو هكوهن الى اقتراح سياسات منها:
"تعزيز طلائع الأطراف القوية والصارمة.
ينبغي على حكومتنا إبلاغ هؤلاء بأنهم أبطال.
الاستثمار في منظومات دفاعية لوائية تضمن مشاركتهم فيها.
وعملياً يتعين علينا إنشاء تجمعات أخرى عديدة كهذه في المناطق النائية.
ولكنه يخلص انه بدلاً من هذه المقترحات، يخطط "قادة الحكومة والجيش لإخلائهم والهرب".
وفي الختام يشير الباحث الصهيوني الى نقص في الاستراتيجية العسكرية وهو العنصر الأساس في الصهيونية الحديثة وانبعاث الشعب اليهودي حيث الاخلاص يتمثل في العودة إلى البيت وإلى الهوية.