قالت صحيفة "اسرائيل اليوم" العبرية ، إن سوريا القديمة تعود بأسرع مما توقعنا، وأكثر خطراً وتنظيماً من الماضي"(على الكيان الصهيوني)؛ وذلك بسبب وجود إيران و"حزب الله"، اللذين يرى فيهما العالم، وروسيا تحديداً، عامل استقرار إيجابي يجب أن يستمر في المستقبل المنظور.
واشار الكاتب الصهيوني ايال زيسر في مقال نشرته الصحيفة إلى أحداث ميدانية طرأت مؤخراً، لاسيما في الجنوب السوري، لتجسد هذه العودة. ففي الأسبوع الأخير حدث شيء ما في الجنوب السوري؛ إذ شنت قوات النظام السوري وإلى جانبها - بل ربما في طليعتها - مقاتلو "حزب الله" وعناصر الحرس الثوري الإيراني، هجوماً ونجحت في السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال هضبة الجولان، وخصوصاً على بلدة بيت جن، التي كانت المعارضة المسلحة تسيطر عليها حتى وقت قريب. ووفقاً للكاتب، فإن جزءاً من المسلحين اختار تسليم نفسه لقوات النظام، وتوجه قسم منهم إلى شمال سوريا الذي لا يزال تحت سيطرة المعارضة.
وبحسب الكاتب الصهيوني، وهو محاضر في جامعة تل ابيب، فإن ما حدث في شمال الجولان هو مقدمة لما يمكن أن يحدث مستقبلاً في الجنوب السوري كله وعلى طول الحدود مع إسرائيل في الجولان. ومثلما حدث سنة 2000، عندما انهار الحزام الأمني في جنوب لبنان محدثاً ضجة كبيرة، يبدأ الحزام الأمني الذي أقامته إسرائيل في جنوب سوريا على طول الحدود بين الطرفين بالتلاشي. ويزعم زيسر أن إسرائيل وظفت في هذا الحزام خلال السنوات الأخيرة ملايين الدولارات عبر تقديم مساعدة إنسانية إلى مجموعات مسلحة ما وراء الحدود. وفعلت ذلك بهدف ضمان استمرار الهدوء في المنطقة. ورغم أن هذه العلاقات مع المسلحين أحيت الآمال بأن إسرائيل ستنجح في أن تغيّر بشكل جذري علاقة السكان المحليين بالدولة العبرية، وتحولهم إلى أصدقاء وحتى إلى حلفاء على المدى البعيد، إلا أن زيسر يعود ويعترف أن ما سيبقى محفوراً في ذاكرة السكان المحليين ليس المساعدة الإنسانية التي قدمتها إليهم إسرائيل، بل حقيقة أنه في لحظة الحقيقة، عندما تقدم النظام السوري نحو قراهم، وقفت إسرائيل موقف المتفرج وتركتهم يواجهون مصيرهم .ويعتبر زيسر أن خطوة سيطرة النظام السوري وحلفائه على منطقة هضبة الجولان تشكل خرقاً للاتفاق الذي وقعته الولايات المتحدة وروسيا قبل أقل من شهر؛ إذ يتمحور هذا الاتفاق حول إقامة منطقة محمية (منطقة تهدئة) في جنوب سوريا، وتوفير الحماية والحصانة إلى مجموعات المسلحين. لكن "الاتفاقات شيء والواقع شيء آخر" على حد تعبيره. فلولايات المتحدة الأميركية، اكتفت وفق زيسر، بتوقيع اتفاق انطلاقاً من الاعتقاد الساذج بأن الطرف الثاني يقبل بما هو متعارف عليه، وبأن الاتفاق يجب أن يُحترم. لكن من المحتمل، كما جرى في حالات أُخرى، أن ما أراده الأميركيون هو علاقات عامة بهدف إظهار أنفسهم بصورة إيجابية، كأنهم يحرصون على حلفائهم، لكن عملياً، فإن كل ما يهمهم هو كيفية التخلص من "الورطة السورية"، حتى لو كان هذا يعني تقديمها إلى الروس، والأسوأ من هذا تقديمها إلى الإيرانيين. ويعتقد زيسر، أنه "كما هو معروف فإن روسيا تحترم الاتفاقات عندما تتماشى مع مصالحها"، مبيناً أنه لهذا السبب فإنه بالنسبة إلى موسكو ليس هناك أي صعوبة في توقيع اتفاق وخرقه في اليوم التالي، أو ببساطة تجاهله. أما بالنسبة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه، فـ"الاتفاقات" لا تهمهم، وهي جزء من عملية تضليل وكلام فضفاض دفاعاً عن السلام، بينما يتواصل على الأرض القتال على طريقة القضم قطعة وراء أُخرى بهدف قمع الثورة وإعادة السيطرة على دمشق.
وفيما يتعلق بالتقديرات الاسرائيلية يقول زيسر "حسناً فعلت إسرائيل أنها ابتعدت عن إقامة وجود عسكري في الأراضي السورية. ولكنه يعود الى اخفاقات هذه التقديرات فيقول: في الواقع، ليست نظرية الحزام الأمني فقط هي التي انهارت، بل انهار أيضاً الافتراض أن الحرب السورية قد تستمر سنوات كثيرة، وأن سوريا التي عرفناها في الماضي لن تعود كما كان. "ويخلص للقول، إن "سوريا القديمة تعود إلى الحدود مع إسرائيل بأسرع مما توقعناه، وأكثر خطراً وتنظيماً من الماضي"؛ وذلك بسبب وجود إيران و"حزب الله"، اللذين يرى فيهما العالم، وروسيا تحديداً، عامل استقرار إيجابي يجب أن يستمر في المستقبل المنظور.