«كل رئيس حكومة (في الكيان الصهيوني) وصل إلى السلطة، خلال ربع القرن الماضي، واجه اتهامات إجرامية" بهذه العبارة لخص الكاتب الصهيوني عكيفا الدار احد مقالاته في جريدة تايمز اوف اسرائيل. وتأتي هذه العبارة على خلفية وتيرة الفساد التي ارتفعت بصورة فجة خلال العام 2017 بحيث يمكن القول ان اكتسب السمة العامة لهذا العام والموغلون فيها هم رجال السلطة، سياسيوها، من اكبر هرمها بنيامين نتنياهو الى اسفل الهرم فيها وكذلك الامر في مؤسستها العسكرية.
نتنياهو: 3 قضايا
ويقع نتنياهو شخصياً تحت وطأة ثلاثة قضايا كبرى حيث يخضع لتحقيقات جنائية فيها وهي القضايا التي تحمل ارقام 1000 و2000 و3000. والمؤشرات التي تحيط بالقضايا الثلاث تشير الى انه في دائرة الاتهام، ذلك ان القوانين التي تدرس في الكنيست الصهيوني، حسبما يقول اعلاميون وسياسيون، انما هدفها منع القضاء من السير في التحقيقات الى النهاية للوصول الى نتنياهو وزوجته ورجالاته.
وتأتي تعابير الاتهام بعد الشرطة والقضاء ودوائر السلطة عبر الاعلام الصهيوني، فقد نددت عضو حزب "ميرتس" المعارض، تامار زاندبرغ، خلال احد اجتماعات لجنة الكنيست بما وصفته "مشروع قانون فاسد لحماية رئيس وزراء فاسد". فيما اعتبر اخرون ان مشروع القانون "محاولة فجة لحماية نتنياهو وحرمان الناس من معرفة الحقيقة بشأن التحقيقات".
الناس: نتنياهو يكذب
اما تعابير الناس فقد بينتها استطلاعات الرأي التي اجريت اذ قال 54% من المشاركين أنهم لا يصدقون نتنياهو، في حين قال 28% أنه يصدقونه، فيما قال 18% أنهم لا يعرفون.
..وزوجته
ففي القضية التي تحمل الرقم 1000 لخيانة الامانة، يُتهم نتيناهو وزوجته بالحصول على هدايا (رشى) ذات قيمة مالية كبيرة جداً ، من أحد مشاهير المنتجين في هوليوود، وهو أرنون ميلخان، وتقول تقارير إن ميلخان أرسل إلى "صديقه" (القديم) نتنياهو صناديق سيجار فاخر وهدايا أخرى تساوي عشرات آلاف الدولارات، مقابل خدمات تقتضي من نتنياهو استغلال نفوذه كرئيس للحكومة.
وكان المدعي العام أبلغ سارة زوجة نتانياهو في سبتمبر الماضي بإمكان إحالتها على المحاكمة بتهمة سوء استخدام الأموال العامة.
مع الصحافة:
وهناك «الملف 2000» المعروف بقضية «يسرائيل هايوم»، وفي هذه القضية توصل نتنياهو إلى اتفاقية سرية مع ناشر صحيفة تعود لأرنون موزيس، وتقضي بأن تقوم الصحيفة بتخفيض انتقادها لسياسات نتنياهو، مقابل وعد من الأخير بتقليص مبيعات صحيفة اخرى منافسة لها.
وتعود ملكية الصحيفة المستهدفة «يسرائيل هايوم» إلى ملياردير أميركي داعم لإسرائيل، شلدون إديلسون، وهو كان صديقاً مقرباً من نتنياهو وحليفاً قوياً له، إلى حين انكشاف أمر هذه الصفقة، فانقلبت الصحيفة ضد نتنياهو.
وفي الاسلحة:
اما «الملف 3000» فهو المتعلق بقضية الغواصات الألمانية. حيث كان المتورطون فيه كبار المستشارين الأمنيين المقربين من نتنياهو والموالين له، ويتعلق بشراء غواصات ألمانية اعتبرت غير ضرورية، وهي كلَّفت السلطات الاسرائيلية مليارات الدولارات. وتبين ان جزءاً من هذه التكاليف تم تحويله من قبل بطانة نتنياهو، ونقله إلى حسابات بنكية خاصة وسرية. وهذه القضية تكشف ايضاً وبصورة خاصة جداً، ظاهرة الفساد المنتشر بدوائر المستويات العليا في إسرائيل.
وكشفت التحقيقات ان الوكيل السابق لشركة الغواصات الالمانية ثيسنكريوب،ميكي غانور، هو أحد المشتبه فيهم الرئيسيين فى التحقيقات الجارية. حيث يشتبه المحققون أنه ونائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق افريل بار-يوسف دفعوا رشاوى في اطار قرار بنيامين نتنياهو بشراء ثلاث غواصات من شركة ثيسنكروب الالمانية، رغم معارضة وزارة الحرب الاسرائيلية.
وتقول صحيفة هاندلسبلات الالمانية ان غانور حصل على ما بين 10-30 مليون يورو من الصفقة (1.5 مليار يورو). كما يشتبه في ان غانور متورط في الإحتيال، غسل الأموال، والتآمر لإرتكاب جريمة.
ويوجد وسط هذا التحقيق أبناء عمومة، واثنان من أقرب الأصدقاء المقربين لنتنياهو، هما محاميه الشخصي ديفيد شيمرون، ووزير الخارجية الفعلي إسحاق مولخو، حيث حاول الأخير إنشاء شبكة قوية، لكن مخفية إلى حد كبير، لنتنياهو، تكون الخطوط الفاصلة - بين السياسة الخارجية، والعقود الحكومية الكبيرة، وصفقات الأعمال الشخصية المريبة.
عمليات مافيا:
وبحسب احدى الصحف العبرية فان الفساد في "اسرائيل" بات ظاهرا وأصبح أكثر شبهاً بعمليات عصابات المافيا في ظل حكم نتنياهو، بدءاً من الموظفين المنتخبين، والضباط العسكريين، وكبار المحامين، ومجموعات الشركات الضخمة، وتتضح هذه الحقيقة من خلال طبيعة التحقيقات التي يتعرض لها نتنياهو.
ولكن حال الفساد التي يمارسها نتنياهو ليست انعكاساً له لوحده، وإنما لكون الفساد يأخذ شكلا اخر عند طبقات مختلفة، حيث تشارك فيه شبكة كبيرة من شخصيات تعمل في المستويات العليا في الكيان الصهيوني.
امين عام "اسرائيل بيتنا" ايضا:
فقد قدمت النيابة العامة الاسرائيلية تهم الرشوة وخيانة الأمانة والإحتيال وغسيل الأمول والتهرب الضريبي بحق الامين العام السابق لحزب ’إسرائيل بيتنا’ فاينا كيرشنباوم وتسعة مسؤولين آخرين على صلة بحزبها في القضية التي عُرفت بإسم "قضية رقم 242".
وبحسب لائحة الإتهام التي تم تقديمها للمحكمة المركزية في تل أبيب، فإن كيرشنباوم “تصرفت بشكل متعمد ومقصود، وفي بعض الأحيان بحنكة كبيرة، من أجل تنفيذ سلسلة من الجرائم”. واستغلت منصبها من أجل اختلاس أموال تُقدر بملايين الدولارات. وتحديدا سيطرتها على مخصصات ميزانية من أجل الحصول على منافع غير مشروعة لها ولأقربائها والمقربين منها”.
بالإضافة إلى كيرشنباوم، فإن ثاني أكبر مسؤول في “إسرائيل بيتنا” تم تقديم لائحة اتهام ضده الثلاثاء كان رئيس مقر الحزب، دافيد غودوفسكي، الذي يواجه تهما بالرشوة وغسيل الأمول والتآمر لارتكاب جريمة والابتزاز ومخالفات ضريبية.
وفي وزارة الزراعة
بالإضافة إلى ذلك، اتُهم رامي كوهين، المدير السابق لوزارة الزراعة، بمخالفات رشوة واحتيال وتزوير وتسجيل كاذب في وثائق هيئة وعرقلة سير العدالة، في حين وُجهت لزوجته تهم مماثلة.
وجمعيات غير حكومية:
وتم تقديم لوائح اتهام أخرى ضد مدير المجلس الإقليمي بينيامين، إيفي بيلس؛ ومدير منظمة “أياليم” غير الحكومية لتنمية المجتمع، ماتان دهان، ونائبه داني غليكسبرغ؛ ومدير منظمة Esra غير الحكومية، دانييل ألينسون؛ ومديرة الرابطة الوطنية لرواد الأعمال، إيرينا فالدبيرغ؛ وممثل جماعات الضغط ستيفن ليفي.
اكبر تحقيقات الفساد العام:
وقالت وزارة العدل في بيانها إن هذا التحقيق هو “واحد من أكبر تحقيقات الفساد العام التي تم الكشف عنها في الكيان الصهيوني، من حيث الطريقة المعقدة واتساع الأنشطة وعدد الأشخاص المتورطين”.
حماية عصابة اجرامية
وفي ريشون لتسيون اعتقلت شرطة الاحتلال، 17 إسرائيليا من بينهم موظفون كبار في بلدية "ريشون لتسيون" في قضية فساد كبيرة.
وطاولت تحقيقات الشرطة تحت طائلة التحذير دافيد بيتان رئيس الائتلاف الحكومي والرجل الأول المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القضية للاشتباه بأنه قام خلال تسلمه منصب نائب رئيس بلدية ريشون لتسيون بجدولة ديونه بطرق غير قانونية إلى عصابة إجرامية في السوق السوداء.
ووفقا لتقرير، أظهر التصوير من الكاميرات الخفية بيتان يعد مبالغ كبيرة من الأموال، وبدا أنه استخدم المتجر كمصرف لسحب الأموال. وأظهر التصوير أيضا رئيس الائتلاف يرحب بعضو إحدى أقوى واعنف عائلات الإجرام في اسرائيل. وفيما نفى بيتان خلال التحقيق معه معرفته بجروشي، اعترف الاخير أنه التقى بيتان عدة مرات.
وتعتبر هذه العينة بمثابة غيض من فيض الفساد الذي ينخر الكيان الصهيوني في وقت كشفت التقارير والدراسات ان اكثر من مليون طفل يعيشون تحت خط الفقر وان 19 في المئة هي نسبة زيادة الفقراء خلال العام 2017 فقط.