صدفة ..أم عملية فائقة التنظيم وعالية الدقة..دوامة لم يعرف العدو الاسرائيلي لها مخرجاً طوال سنوات.. طوال مضت ..هي الصدمة اذا الكلمة التي تختصر واقع حال الكيان المتخبط بعد العملية النوعية لابطال المقاومة الاسلامية في بلدة أنصارية ليل الرابع من أيلول من العام 1997,ليلة انقلاب السحر على الساحر ..
الخطة بالنسبة للصهاينة كانت محكمة مغلقة تضرب سلة عصافير بعملية واحدة! تخترق أمن السكان الآمنين..تذكر بوجود مغتصب متربص بأبناء الجنوب من جهة ..وتستغل الأحداث الداخلية وتصب الزيت على نار الفتنة الشعواء التي كانت تضرب لبنان من جهة أخرى..لكن رياح مجاهدي المقاومة جرت بما لا تشتهي سفن الاحتلال,فكانوا له بالمرصاد ..
عظمة عملية أنصارية لا يختزلها عدد قتلى الاحتلال الاثني عشر ولا ضرب الروح المعنوية لقوات النخبة في الجيش الاسرائيلي ..كما ولا يحد أفق العملية الواسع افشال مخطط شيطاني ,ولا التخبط والانقسام الذي تركته في أروقة القوات العسكرية والسياسية الاسرائيلية ,اذ تلا العملية حملات اتهامات متبادلة بين مختلف أطراف الكيان الغاصب وكل يرمي بعبء التقصير والفشل على الاخر .
ان أعظم ما في عملية انصارية سرها ..ذلك السر الذي بقي خافياً على المخابرات الاسرائيلية بكل ما تملك من عملاء وتقنيات وقدرات ولم تستطع اسرائيل بلجان تحقيقها ولا رجال استخباراتها ولا اخطبوطها الدبلوماسي كشفه الا عندما حددت المقاومة بنفسها التوقيت المناسب عام 2010 يوم كشف الامين العام لحزب الله بعضا من أسرار العملية.. وما نراه اليوم في العمل الدرامي "درب الياسمين" الذي تعرضه قناة المنار.
كانت عملية أنصارية نقطة تحول في تاريخ المقاومة ..نقطة متقدمة في مسير الألف ميل نحو النصر.في تلك العملية تآخت السواعد والعقل ..وامتزج التكتيك العسكري بالذكاء العلمي والتطور التكنولوجي..ومنذ ذلك اليوم أثبت حزب الله أنه ليس ثلة شبان انتفضوا على المحتل واشتعلت فيهم الحمية فحملوا سلاحا ليقاتلوه فحسب ,بل هو اضافة الى ذلك مجموعة آمنت بقضية وعرفت أن السلاح والقلم سيان ..أن النصر كما يحتاج لشجاعة الأبطال يشحذ الذكاء التكنولوجي والتقدم العلمي..فبحسب ما أعلن حزب الله بعد سنوات الصمت والمراقبة ان العملية كانت نتيجة جهد عقلي وتكنلوجي ضخم ..فقد استطاعت المقاومة اختراق بث طائرة الاستطلاع الاسرائيلية وتحديد وجهة العملية المخطط لها ومن ثم وضعت المقاومة خطتها المحكمة لتحويل الكمين الى كمين مضاد..لم يستوعب الاسرائيليون هول الصدمة لكنهم أدركوا دون أن يفصحوا أن العملية مؤشر خطر ينذر بعهد جديد من الصراع..
اليوم وبعد مضي أكثر من خمسة عشر عاماً على عملية أنصارية,يجلس العدو الاسرائيلي قلقاً محاولاً تفكيك شيفرات التقدم التكنلوجي لحزب الله. فهم أيقنوا بعد كمين أنصارية أن المقاومة التي ترسل مقاتلين الى معسكرات التدريب ترسلهم بالتوازي الى مقاعد الدراسة ,وتكب على الدراسات العلمية وملاحقة التطور التكنلوجي.
ان المقاومة اليوم وفي الحين الذي ترابط على الثغور ترابط في أروقة الجامعات ..وفي الوقت يحمل مجاهدوها سلاحا وعتادا في يد يحملون قلما وكتابا في الأخرى ..سر نصرها لا تكتنزه رصاصاتها بل عقول فكرت فأبدعت ..وتعلمت فطورت..وطورت فتفوقت ..وتفوقت فانتصرت..
آية سبيتي
بتوقيت بيروت