أكّد قائد الثورة الإسلامية، الإمام السيد علي الخامنئي على ضرورة مشاركة الناس في الانتخابات وما ينتج عن ذلك من ثمرات، واصفاً يوم الانتخابات بـ«اليوم المصيري» للجمهورية الإسلامية.
كلام الامام الخامنئي جاء على أعتاب الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة، والانتخابات السادسة للمجالس الإسلامية للمدن والقرى، وفيما يأتي نص الترجمة الحرفي نقلا عن موقع
بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، ولا سيما بقية الله في الأرضين. اللهم صلّ على علي بن موسى الرضا المرتضى، وليّك، عدد ما في علمك، صلاة دائمة بدوام ملكك وسلطانك.
أبارك في «عَشرة الكرامة» (1) المباركة وولادة الإمام علي بن موسى الرضا - صلوات الله وسلامه عليه - لشعبنا العزيز كافة، ولكلّ المشتاقين لزيارة ذلك العظيم، وللأسف، لقد حُرمنا جميعاً هذا الفيض العظيم منذ مدة طويلة. نتمنى أن يُكثر الله - تعالى - من رحمته ولطفه على هذا الشعب يوماً بعد يوم ببركة دعاء هذا العظيم وشفاعته، وأن تزداد البركات لمجاورة شعب إيران هذا القبرَ المطهّر يوماً بعد يوم، إن شاء الله.
واجب الشّعب تجاه الانتخابات: المشاركة في الانتخابات ونوع المشاركة
حديثي اليوم حول الانتخابات فقط. في أقل من 48 ساعة، سيحلّ حدث مصيريّ بالبلاد، هو الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجالس الإسلامية للمدن والقرى. قطعاً إنّ مصير البلاد في وقت ما، وفي جميع المجالات - في الاقتصاد والقضايا الثقافية والأمن والصحّة وما إلى ذلك -، يعتمد على ما ستفعلونه، أنتم يا شعب إيران، يوم الجمعة، إن شاء الله. أي أنكم بحضوركم وبتصويتكم، تحدّدون في الواقع مصير البلاد في القضايا الرئيسية كلّها. العمل العظيم للشعب يوم الجمعة سيكون أولاً أصل المشاركة، وثانياً نوع المشاركة ونوع الاختيار الذي نتمنى من الله – تعالى - أن يُرشد قلوبنا جميعاً، قلوب الشعب الإيراني، حتى نتمكن من الظهور بأفضل صورة في هذا المجال.
ثمرات مشاركة النّاس في الانتخابات والسبب في عداوة الأعداء لها
قلنا في أحد الخطابات الأخيرة (2) إلى الشعب الإيراني إن حضور الناس في نظام الجمهورية الإسلامية ذو مبدأ مُحكم وركيزة فكرية متقنة، وليس مجرّد قضية سياسية. بالطبع الفوائدُ السياسية لحضور الناس كثيرة، ولكن إضافة إلى ذلك، والأهم، هو المبدأُ الفلسفي لحضور الناس في نظام الجمهورية الإسلامية، أي في الجمهورية الإسلامية، «الجمهورية» جزء و«الإسلامية» جزء، فإذا لم يكن الجمهور حاضراً، لن تتحقق الجمهورية الإسلامية. طبعاً من النواحي السياسية والآثار السياسية لها أيضاً ثمرات وبركات كثيرة، وسأشير إلى بعضها في ما بعد. ولهذا بالضبط، مراكز القوى الشيطانية كلُّها في العالم كلّه، أولئك الذين يعادون الجمهورية الإسلامية ويعارضونها، أيضاً يعارضون ويرفضون الانتخابات بصورة خاصة. في انتخاباتنا جميعاً على مدى هذه العقود، كانت الحال دائماً أن أدواتهم الإعلامية والسياسية تعمل على التخريب في ذهنية الناس في ما يتعلق بالانتخابات، وإن استطاعوا التدخّل في الانتخابات بأي طريقة، فمن أجل ألّا يسمحوا للانتخابات الإيرانية أن تُظهر عظمتها وشَوكتها. طبعاً، شَوكةً في عيونهم، جرَت الانتخابات كافة طوال هذه السنوات في موعدها، ولم تتعطّل، ولم تُؤجَّل يوماً واحداً، بل حضرَ الناس إلى صناديق الاقتراع وصوّتوا. طبعاً كانت دعاية السوء موجودة. هذه الحملات تستمر دائماً منذ ما قبل الانتخابات حتى ما بعدها. ربما لا نجد في أي مكان في العالم دولةً تعرّضت انتخاباتها لهجوم بهذا الحجم من الأعداء. وفي انتخاباتنا، بعد الغد - الجمعة -، منذ أشهر ووسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية وهؤلاء المرتزقة الذين يعملون تحت لوائهم في وسائل الإعلام يبذلون قصارى جهدهم، لربما يتمكنون من التشكيك في الانتخابات، وجعل مشاركة الناس باهتة، وتوجيه الاتهامات إلى انتخابات الجمهورية الإسلامية بطريقة أو بأخرى. ويتحدثون أيضاً بأنواع الكلام وطرقه كافة في هذا المجال.
إبعادُ النّاس عن النّظام هدفُ الأعداء من معارضة الانتخابات
حسناً، ما هدفهم من ألّا تُجرى هذه الانتخابات بالطريقة التي تريدها الجمهورية الإسلامية، وماذا يعني ذلك؟ أي، على الناس أن يبتعدوا عن النظام، لأن امتناع الناس عن المشاركة في الانتخابات هو بطبيعة الحال ابتعادٌ لهم عن نظام الجمهورية الإسلامية. هذا هدفهم (الأعداء). طبعاً لم يستمع الناس لهم. الآن نحن لا شأن لنا مع بعض المجموعات الخاصة الذين يكرّرون الكلام نفسه في الصحافة أو هذه الأيام عبر وسائل الإعلام في الفضاء المجازي، ولكن التجربة أثبتت والناس أثبتوا أن كلّ ما أراده العدو فَعلَ الناس عكسه، سواء في ما يتعلق بالانتخابات وأيضاً في ما يتعلّق بالمسيرات وقضايا أخرى مختلفة. هذه المرة أيضاً سيتكرّر الأمر، إن شاء الله، وبالتوفيق الإلهي، وسيشارك الناس أيضاً وسيحفظون ماء الوجه لنظام الجمهورية الإسلامية.
أودّ أن أقول هذه النقطة: الحقيقة أنه في عالم السياسة - سياسات الجمهورية الإسلامية، وسياسات الدولة، وكذلك الأحداث التي لها لون ونكهة سياسية - هناك بعض الحقائق التي يجب أن تكون النظرة إليها أكبر وأبعد من الأذواق والنزاعات السياسية. افترضوا، على سبيل المثال، تشييع شهيدنا العزيز والعظيم سليماني. بالطبع، كان حدثاً عظيماً. لم يعد الأمر هنا يتعلّق بالذوق والمذاق السياسي؛ الناس جميعاً شاركوا، والانتخابات من هذا القبيل. فالأذواق السياسية ليست قضية مطروحة في الانتخابات. على الجميع المشاركة، وعلى الجميع الحضور، لأن النظام الاجتماعي للبلاد يحتاج إلى هذا الحضور، ولهذا تأثير، وسأعرض الآن بعض التأثيرات.
المشاركة في الانتخابات مصداقٌ للعمل الصّالح
أودّ أن أقول بعض النقاط حول الأهمية لمشاركة الناس، ولكن قبل أن أقولها أودّ أن أشير إلى هذه الآية الشريفة من سورة «التوبة» المباركة - الآية 120 - وهي جزء من هذه الآية ومقطع منها، هذا الجزء الذي أقرؤه: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}.
إن مضمون هذَين المقطعين اللذَين قرأتهما من هذه الآية، باختصار، أن كل فعل ومبادرة منكم لا تُرضي العدو؛ عملٌ صالح أمام الله. ترون أن أعداء الدين، أعداء الإسلام، أعداء إيران، يعارضون انتخاباتكم بشدّة، فلذلك إجراءُ الانتخابات عملٌ صالح. فلْيعلم الأشخاص كلّهم الذين يبتغون العمل الصالح – {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (الشعراء، 227) - ويريدون أن يفعلوا عملاً صالحاً، أنّ المشاركة في الانتخابات عملٌ صالح لهم.
الأثر لحضور النّاس في تعزيز قوّة النّظام والدّولة واقتدارهما
ولكن بالنسبة إلى تلك النقاط، مما هي في نظري، سأتحدث في بعض النقاط. أهمُّ نقطة أن الانتخابات مظهرٌ لحضور الناس في الميدان. ماذا يعني «حضور الناس في الميدان»؟ أيْ نظامُ الجمهورية الإسلامية يحظى بدعم شعبي. ولهذا تأثيرٌ منقطع النظير في اقتدار جمهورية إيران الإسلامية واقتدار البلاد. هذا يعني أنه لا يوجد شيء، ولا توجد أداةُ قوّةٍ معزِّزةٍ ومنتجةٍ لاقتدارِ البلاد تُضاهي حضور الناس. نعم، نرى أنّ الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية مُعزِّزة ومنتجة لاقتدار البلاد، لكنّ أيّاً منها لا يُضاهي حضور الناس. إن هذا الحضور يقوّي نظام الجمهورية الإسلامية بالمعنى الحقيقي للكلمة. طبعاً، أولئك الذين يتحدثون بكلام سفسطائي عن الانتخابات – ترون بعض هذه التصريحات التي يُلقيها، للأسف، بعضهم خلال حديثهم في الصحف وفي الفضاء المجازي – ويتحدثون بسفسطات متنوعة حول الانتخابات لتثبيط الناس عن المشاركة في الانتخابات، هم في الحقيقة يسعون إلى إضعاف النظام، كما أن الأعداء الأجانب ومَن هم في الخارج ممّن يحاربون الانتخابات بكل صراحة يسعون إلى إضعاف النظام. إنهم يعلمون أنه إن ضعفَ حضور الناس وضعفَت البلاد، يمكنهم حينئذ أن يجعلوا البلاد غير آمنة، ويعرّضوها للإرهاب، ويجعلوها مرتعاً للإرهابيين. هذا في حال ضعفَت البلاد وصار الدعم من مشاركة الناس باهتاً فيها. بالطبع هم لا يُصرّحون بهذا، لكن في ثنايا كلامهم هذا المعنى مسموع تماماً ويُلاحظُ أنهم يسعون وراءه. هم يريدون ألّا يكون هناك حضور للناس لكي يضعف النظام، وحتى يتمكنوا من إيجاد الخلل في البلاد، وحتى يتمكنوا من التدخل، ومن جعل البلاد مرتعاً لمرتزقتهم. هذا ما يراه المرء.
العلاقة العكسيّة بين حضور الشّعب وضغوط العدوّ
نقطة أخرى هي أنه إن كان حضور الناس قليلاً، فمن الجانب الآخر سوف يكون لدينا ازدياد في ضغوط العدو، فهاتان تربطهما علاقة عكسية بالمعنى الحقيقي للكلمة. وإن كان لدينا في البلاد زيادة طفيفة في حضور الناس، فسوف يكون لدينا زيادة كبيرة في ضغط الأعداء. وإذا أردنا القضاء أو التخفيف من ضغوط الأعداء [مثل] الضغوط الاقتصادية والحظر وما شابه، يكون الحل الزيادة في حضور الناس في البلاد واستعراض الدعم الشعبي في وجه الأعداء.
قوّة الرّئيس المنتخب عبر نسبة مشاركة النّاس وتصويتهم المرتفع
نقطة أخرى وهي أيضاً مهمة: الرئيس الذي سيتم انتخابه الجمعة... إذا تم انتخابه بتصويت مرتفع، سيحظى بدعم قوي، وسيكون قوياً ومقتدراً ويمكنه أن يفعل أشياء عظيمة. بحمد لله، البلد لديه طاقة كبيرة - سأقول جملة في هذا الصدد لاحقاً -، للبلد طاقات كثيرة، وهناك إمكانات وفرص كثيرة في بلدنا. وتتطلّب الاستفادة من هذه الفرص أشخاصاً أقوياء ونشيطين ومثابرين ولا يتعبون. هذا «الاقتدار» يكتسبه الرئيس أكثر - بصرف النظر عن الجوانب الشخصية - من دعم الشعب. فإذا كان في حضور الشعب نِصاب جيّد وانُتخب الرئيس بأصوات عالية، إن شاء الله، فهذا يوجب له الاقتدار ليتمكّن من استخدام هذه الإمكانات على النحو الصحيح.
سلامة الانتخابات على مدى الدّورات المختلفة
نقطة أخرى هي سلامة الانتخابات. لقد قلت من قبل، وأؤكّد الآن أيضاً: لحسن الحظ، كانت انتخاباتنا على مر السنين سليمة دائماً. أولئك الذين يحتّجون... [نعم] قد يكون هناك في زاوية ما خلل في قسم ما، لكن الانتخابات عموماً كانت سليمة وقوية. الشاهد الواضح والدليل المتقن أنه خلال هذه العقود، في الانتخابات الرئاسية، أتى رؤساء إلى سدّة الحكم بأذواق مختلفة تماماً وأذواق سياسية مختلفة. حسناً، هذا يدلّ على أن الانتخابات جرت بنزاهة، ما يعني أنها لم تخضع لفكر سياسي أو ذوق سياسي معيّن. كلّا! لقد جرت طبقاً للقانون. أحياناً يأتي رئيسٌ بذوق سياسي ما إلى سدة الحكم، وأحياناً يأتي رئيسٌ إلى سدة الحكم بذوق سياسي مختلف عنه تماماً. لذا الانتخاباتُ انتخاباتٌ سليمة.
وجود تنافس واختلاف بين المرشّحين في المناظرات
وعمّا يقال حول أنها ليست تنافسية، فبحمد الله، هي تنافسية أيضاً. حسناً، لقد شاهدتم المناظرات – طبعاً لديّ كلام حول المناظرات سأطرحه بعد الانتخابات إنْ كنا على قيد الحياة - ولاحظتم فيها أنّ المرشحين المحترمين أظهروا أنهم يتحرّكون بطريقة تنافسية تماماً. أي كانت هناك اختلافات فكرية ولغوية بين المرشحين، وبالطبع، كل واحد منهم لديه أنصاره. بالطبع هذه واحدة من تلك الحقائق المسلّمة في انتخاباتنا أيضاً.
طبعاً منذ بداية الثورة الإسلامية حتى اليوم، منذ استفتاء الجمهورية الإسلامية بنسبة 98% وأكثر بقليل حتى اليوم، شكّك الأعداء دائماً في أصوات الناس. إنهم يشككون في الانتخابات كلّها. حسناً، لا يتوقّع المرء من العدو أن يعترف بأن انتخاباتنا صحيحة. ومن المثير للاهتمام أن هناك بعض الدول التي تُديرها [حكومة] قبليّة في منتصف القرن الحادي والعشرين، أي تُدار تحت حُكم قبيلةٍ ولم تصل رائحة الانتخابات إلى هذه البلدان إطلاقاً، وشعوب هذه البلدان لا تعرف ما هو صندوق الاقتراع إطلاقاً... إنهم لا يعرفون الفرق بين صندوق الاقتراع وصندوق الفاكهة أصلاً، و[لا يعرفون] ما هو التصويت، هؤلاء يطلقون [قنوات] التلفاز على مدار 24 ساعة للتحدّث ضد انتخاباتنا ليقولوا إن انتخابات إيران ليست ديمقراطية! هذه واحدة من القضايا المثيرة للاهتمام في هذه الأيام.
العتب المشروع لفئات المجتمع المستضعفة،
والقرار الخطأ في الامتناع عن المشاركة في الانتخابات
هناك نقطة أخرى أعتقد أنها جديرة بالملاحظة هي أن بعض المترددين في قضيّة المشاركة في الانتخابات، [أي] المتردّدين أو المُحبطين، هم الفئات الضعيفة والمُستضعفة في المجتمع، أي الفئات المُستضعفة من المجتمع. لديّ علمٌ بذلك، ونعلم من استطلاعات الرأي والاستصراحات.
هناك بعض الفئات المُستضعفة في المجتمع ممن لديهم مطالب مُحقّة، ولديهم عتب من تجاهل هذه المطالب: قضية المعيشة، قضية الإسكان، فرص العمل، التي ينبغي لمسؤولي البلاد معالجتها، وكان عليهم معالجتها. هؤلاء عاتبون، ولا يرغبون [في المشاركة] في الانتخابات. يقولون: حسناً، ما الفائدة من مشاركتنا مثلاً! أعتقد أن عتبهم مُبرّر، لكن قراراتهم غير صائبة. نعم، شكاواهم مُحقّة، وكان ينبغي معالجة هذه الشكاوى، وعلى الحكومة المستقبلية وضعُ الاعتناء بهذه الفئات على رأس أعمالها. لكن المسألة هي أن الامتناع عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع ومقاطعتها لا يحلّان المشكلة. إذا كان هناك نيّة لحلّ هذه المشكلات، فستكون معالجتها بهذه الطريقة، وهي أن تشارك الجماهير، أي أنْ نتوجّه جميعاً إلى صناديق الاقتراع ونصوّت للشّخص الذي نعتقد أنه قادر على حل هذه المشكلات. هذا ما يُعالج المشكلة. وإلّا، لا أعتقد أنه من الصواب ألّا نصوّت لأن لدينا عتاباً. هذه أيضاً نقطة مُهمة. لذلك، أنا أقبل العتاب لكنني لا أقبل الامتناع عن المشاركة بسببه. يتوجّب حتماً على الحكومة المستقبلية أداء عملها في هذا الصدد أيضاً.
مشاركة الشّباب ونشاطهم لتشجيع النّاس على الانتخاب
نقطة أخرى تتعلّق بالشباب... حسناً، لديّ إيمان كبير بالشباب، وأعتقد أنهم روّاد البلاد ومحرِّكُها. إنهم في طليعة القضية وروّادها، وهم أيضاً يدفعون الآخرين إلى الأمام، ويجب أن يكونوا على هذه الحال في الانتخابات. أتوقّع من الشباب - شباب الوطن الأعزاء – أن يتوجّهوا نحو صناديق الاقتراع ويشجّعوا الناس على المشاركة قدر الإمكان، وأن يكونوا فعّالين في هذا المجال، خاصة الناخبين لأوّل مرّة، فلدينا عدد كبير من الذين ينتخبون للمرّة الأولى، وفي كل انتخابات رئاسية، يشكّلون جزءاً كبيراً من الناخبين. في الواقع إنّ حضورهم في الانتخابات بمنزلة الاحتفال ببلوغ سنّ التكليف السياسي. إنه، في الواقع، احتفال ببلوغ التكليف.
تجنّب بثّ اليأس في المجتمع مع وجود القدرات المختلفة للشّعب
النقطة الأخيرة التي أريد توضيحها وإنهاء حديثي هي أنني أرى أنّ بعض الأشخاص يريدون بثّ اليأس والإحباط بين الناس بالتحليلات غير الصحيحة. يريدون سلب الأمل من الناس وتثبيطهم. حسناً لا يتوقّع الإنسان شيئاً [إيجابياً] من العدو. للأسف، هناك في الداخل من يريدون بالتشاؤم والتحليلات الضعيفة - التحليلات الضعيفة بالمعنى الحقيقي للكلمة – إحباط الناس وبثّ اليأس فيهم، أو لا يقصدون [ذلك] لكنهم عملياً يبثّون اليأس بين الناس. أقول: هذا خطأ، ولا مكان لليأس والإحباط في بلدنا إطلاقاً.
شعبناً شعبٌ قويّ. إنه شعبٌ ذو إرادة. وأساس بلدنا قوي، ونحن دولة مقتدرة. قد شرحت في بيان «الخطوة الثانية»، كما في خطابات مختلفة، أننا شعب عظيم، ودولة مقتدرة، ولدينا قدرات كثيرة، وهذه القدرات ليست مخفية عن أعين أعدائنا. الجميع يعلمون [ذلك].
أمثلة على قدرات الشّعب الإيراني والشّباب
في مختلف القطاعات، أينما بذل شعبنا الهمّةَ، استطاع إنجاز أعمال عظيمة. كان مبدأ الثورة الإسلامية من هذا القبيل، وكان تشكيل الجمهورية الإسلامية من هذا القبيل، وقضايا الحرب المفروضة من هذا القبيل. القضية الأخيرة، والنموذج الأخير، لقاح كورونا. حسناً، فشبابنا لم ينتظروا الأيدي البخيلة للأجانب حتى يبيعونا اللقاح، وقد رأيتم أن المسؤولين قالوا إنهم اشتروا اللقاح من المركز العالمي الفلاني، ودفعوا ثمنه ولم يعطِهم اللقاح. هكذا هو العالم. شبابنا لم ينتظروا هذا المعنى. منذ الأيام الأولى بدؤوا السعيَ والعمل. لقد عملوا على اللقاح بطرق مهمة حتى توصّلوا إليه. أُعلن أمس أو قبل أمس، ولقد راسلوني خطيّاً أنهم صنعوا اللقاح المحلي وأصبحنا من إحدى خمس دول أو ست في العالم يمكنها إنتاج لقاح كورونا ولديها بنية تحتية جيدة. قالوا لي إنه في غضون شهر، أعتقد أن نحو خمسين مليوناً، أو ثلاثين مليوناً... شيء من هذا القبيل لا أتذكره الآن، يمكنهم أن ينتجوا اللقاح (3) [بهذا العدد] ويوزّعوه بين الناس. طبعاً، [هذا] أحد اللقاحات التي تم إعلانها والتي أعلنت هذه الأيام بهذا الرقم، وهناك لقاحات أخرى يجري إنتاجها أيضاً في عدد من المراكز الأخرى، وستصل باستمرار، إن شاء الله. هذا يُثبت قدرة الشعب.
كان الأمر على هذا النحو في السابق أيضاً. قبل بضع سنوات كنا بحاجة إلى يورانيوم مخصّب بنسبة 20% لاستخدامه في الأدوية المشعّة. دائماً الوعد والوعيد، و[يقولون] سنعطي ولن نعطي، وفي النهاية لم يعطوا. حسناً، خلال مدة قصيرة، في غضون بضعة أشهر، بذل شبابنا الهمّة وأنتجوا نسبة 20% دون الحاجة إليهم. والآن يصرخون: لماذا صنعتهم نسبة 20%. إنهم يصنعون الآن نسبة 60% لمختلف الاستخدامات الأخرى. بالطبع، استخداماتنا النووية كلّها سلميّة.
الشيء نفسه ينطبق على مجال الأدوات الدفاعية. كنا بحاجة إلى أدوات دفاعية ولم يبيعوها لنا، وقد قلت هذا مرات عدة. بدأ شبابنا أنفسهم، واليوم لدينا في البلد أجودها وأفضلها وأكثرها فعالية من التي أردنا الحصول عليها منهم. هذا الشعب بهذه القدرات، وبهذه الهمّة، وبهذه البُنية القوية، لا يمكن أن يُحبَط. عبثاً يحاولون. وأعتقد أن أولئك الذين يجرون تحليلات عبثية وتكون آثارها مُحبطة يفعلون عملاً خطأً. هذا الشعب، بحمد الله، قدراته جيّدة.
التّوصيات لمنظّمي الانتخابات
1) اتّخاذ الإجراءات اللّازمة لضمان سلامة النّاخبين
حسناً، لقد أوشك كلامنا حول الانتخابات على النهاية، وأريد فقط أن أوصي منظّمي الانتخابات، مع تقدير جهودهم: أوّلاً عليهم أن يتّخذوا ويتوّقعوا الإجراءات اللازمة أثناء حضور الناس أمام صناديق الاقتراع، لأن الناس يريدون المشاركة. [لذلك] يجب ألّا تضرّ مشاركة الناس، وهذا الحضور أمام صناديق الاقتراع، بسلامتهم إطلاقاً، الأمر الذي يتطلّب إجراءات مسبقة. طبعاً، أعلن المسؤولون أنهم يعملون على هذا الموضوع، وأنا أؤكد لهم أن يبذلوا قصارى جهدهم.
2) حلّ النّقص في أوراق الاقتراع في أنحاء البلاد كافّة
ثانياً مشكلة النقص في أوراق الاقتراع وهي من المشكلات التي واجهتنا مراراً وتكراراً في الانتخابات. كانت تصلنا الشكاوى باستمرار أنّه لا توجد في بعض المراكز أوراق اقتراع، أو نفترض أن الانتخابات تبدأ في السابعة أو الثامنة صباحاً ولم تصل أوراق الاقتراع بعد.
ليعالجوا هذه المشكلة! لا تتركوا مكاناً بلا أوراق اقتراع – أو أن تصل متأخرة، أو ألّا تصل، أو يكون هناك نقص - هذا هو الشيء الثاني الذي يجب التفكير فيه مسبقاً.
3) المعالجة لمشكلات التّصويت في الخارج
ثالثاً في التقارير المتعلقة بالخارج، وصلتني تقارير تُفيد أنه في بعض البلدان - ربما في عدد كبير من البلدان - لم يتم توفير الاستعدادات اللازمة بصورة صحيحة. هذا ما يقولونه. إنني أطالب على نحو مؤكّد وزارتي الداخلية والخارجية بمتابعة هذه القضية لأنه لم يبقَ متّسع من الوقت، فلا تسمحوا أن يبقى الإيرانيون الراغبون في التصويت غير قادرين على ذلك. هذه هي النقطة الثالثة.
4) التصدّي لأيّ مخالفات
رابعاً التصدّي لأي مخالفة. هذا ما أردنا قوله.
نسأل الله - تعالى - أن يهدي قلوبنا. إلهي، القلوب تحت تصرّفك وبين يديك. أرشِدْ هذه القلوب كلّها لما فيه صلاح لهذا الوطن وصلاح لهذا الشعب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الهوامش:
1- في الفترة ما بين 1 ذو القعدة، ذكرى ولادة السيدة فاطمة المعصومة (ع)، و11 ذو القعدة، ذكرى ولادة الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، تُقام مجموعة من الاحتفالات الثقافية والدينية، والتي تحمل عنوان «عشرة الكرامة»، في مختلف أراضي جمهورية إيران الإسلامية، إضافة إلى بعض دول العالم.
2- خطاب متلفز بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (قده) في 4/6/2021.
3- أعلن السيد محمد مخبر (رئيس لجنة «تنفيذ أمر الإمام الخميني») في رسالة وجهها إلى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، أنه بالحصول على رخصة لإنتاج اللقاح الإيراني «بركت» وإنشاء خط إنتاج لهذا اللقاح، سيكون هذا المقرّ قادراً على إنتاج أكثر من 25 مليون جرعة حالاً، و50 مليون جرعة لقاح حتى أواخر أيلول/سبتمبر.
بتوقيت بيروت