كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه عشرات الآلاف من قوات التعبئة في ملعب آزادي بطهران_4/10/2018
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المعصومين المكرّمين، لا سيما بقية اللّه في الأرضين. السّلام عليك يا أبا عبد اللّه وعلى الأرواح الّتي حلّت بفنائك، عليك منّي سلام اللّه أبداً ما بقيت وبقي الليل والنّهار ولا جعله اللّه آخر العهد منّي لزيارتك، السّلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
"الأربعون" أمامَنا
إنها ليلة استشهاد سيد الساجدين سيدنا علي بن الحسين (عليه السلام)، هذه الأيام أيام بالغة الأهمية بعد عاشوراء؛ في الواقع أيام الملحمة الزينبية. في مثل هذه الأيام كان المسير من كربلاء إلى الكوفة والشام ثم بعد ذلك إلى المدينة، إنها مسيرة الحركة النورانية الملحمية الرائعة لزينب الكبرى والإمام السجاد وباقي أسرى عاشوراء. لقد استطاعوا بحرکتهم هذه أن يخلدوا واقعة عاشوراء إلى الأبد ويجعلوها دائمة مستمرة لا زوال لها. ونحن بدورنا في هذه الأيام نشعر بتواصل قلبي أكثر مع أولئك الشهداء العظماء. "الأربعون" أمامنا. إنّ شعبنا والشعب العراقي والكثير من جماهير الشعوب الأخرى يستعدون لإحياء ملحمة "الأربعين" الكبرى. ملحمة "الأربعين" ظاهرة استثنائية ظهرت بلطف الله وفضله في وقت كان العالم الإسلامي بأمسّ الحاجة لمثل هذه الملحمة. نغتنم ذكرى سيد الشهداء في قلوبنا وفي أذهاننا، ونهدي سلامنا بكل ود وإخلاص لذلك الإنسان العظيم، ولأولئك العظماء، ولتربة الشهداء الطاهرة، ونقول كما قال الشاعر:
يا ريح الصبا يا رسول البعيدين / أوصلي دموعنا لتربتهم الطاهرة (2)
.. وستنتصرون أنتم أيضًا!
هذا التجمّع العظيم اليوم وهذه الحشود الشابة المتحمسة والتعبوية تُذكِّر بالتجمع الذي جرى في هذا المكان نفسه وفي هذا الملعب في عقد الستينيات (3) [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد] حيث انطلق الشباب من هنا وانتصروا، وسوف تنتصرون أنتم أيضاً إن شاء الله انتصاراً كاملاً في جميع الساحات التي تنطلقون فيها.
يُقام هذا التجمع الكبير في ظرف حساس جداً، ظروف البلاد والمنطقة والعالم ظروف حساسة، وخصوصاً بالنسبة للشعب الإيراني. ومردُّ هذه الحساسية إلى عربدات زعماء الاستكبار والزعماء الأمريكيين الناهبين للعالم من ناحية، وتجلي قدرات الشباب المؤمن والانتصارات المتعاقبة في الميادين المتعددة من ناحية أخرى، وكذلك مشكلات البلاد الاقتصادية والضغط المعيشي على جزء كبير من الناس الضعفاء في البلاد واهتمام وقلق النخبة في البلاد من هذه الحالة، حيث دفعتهم إلى التحرك وبذل الجهود الفكرية والعملية. لقد خرجت البلاد من حالة الخمول والجمود بسبب وجود أزمة. الكثيرون ممن كانوا مجرّد متفرجين، يشعرون اليوم بروح المسؤولية وينهضون للعمل. هذه نواحٍ مختلفة وأوضاع خاصة للبلاد، وهذا التجمع يعقد في مثل هذه الظروف.
خلاصة كلامي وروح خطابي اليوم هو؛ أولاً عظمة إيران، ثانياً اقتدار الجمهورية الإسلامية، وثالثاً إن الشعب الإيراني لا يمكن أن يهزم.
وهذا ليس من قبيل الارتجاز والتفاخر. ليست هذه مجرد شعارات، وليست كلاماً فارغاً مثل بعض الشعارات والكلام الذي يطلقه البعض. هذه حقائق واقعية، يتمنى أعداء الشعب الإيراني أن لا نعلمها أو أن نغفل عنها ونظنَّ بأنفسنا وبلادنا وشعبنا ظنوناً أخرى. لكنها أوضح من هذا، إنها أوضح من أن يستطيع أحدٌ إنكارها. قلتُ عظمة إيران، ولا أعني في الزمن الحالي فقط، فعظمة إيران أمرٌ تاريخي على مرِّ الزمن. لقد استطاع بلدنا العزيز في مجال العلم وفي مضمار الفلسفة وفي الميدان السياسي وفي ساحة الفن وفي مجال رفع راية العلوم الإسلامية أن يقف شامخاً ويبرز نفسه بين الشعوب المسلمة، وبين كل شعوب العالم في مرحلة زمنية. عظمة إيران أمرٌ واضحٌ لا مجال أمام أي إنسان منصف إلا تصديقه. هذا طبعاً أمر يتعلق بزماننا وكذلك بالعهود التاريخية. والاستثناء في ذلك هو المئتا عام التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية؛ أي من منتصف العهد القاجاري فصاعداً والعهد البهلوي المشؤوم، خلال هذه الفترة أي على مدى مئتي عام سُحقت عظمة إيران للأسف، وهذا ليس مجال كلامنا الآن.
هذا هو معنى الاقتدار..
فيما يتعلق باقتدار الجمهورية الإسلامية، يكفينا أنَّ الجمهورية الإسلامية أنقذت إيران من هيمنة بريطانيا وأمريكا. بدأت هذه الهيمنة منذ مطلع القرن التاسع عشر تقريباً، فسيطر الأجانب الظالمون المتكبرون على كل مُقدّرات هذا البلد وشؤونه. يكفي الجمهورية الإسلامية اقتداراً أنها استطاعت إخراج البلاد والشعب من تحت هذه السلطة الظالمة. كما إنَّ من مظاهر اقتدار الجمهورية الإسلامية إنقاذ البلاد من شر الحكم الاستبدادي الملكي الوراثي، وأنَّ الجمهورية الإسلامية وقفت ومنعت الأعداء من التطاول والاعتداء طوال هذه الأربعين سنة من عمرها. ولأول مرة خلال هذه القرون الأخيرة، استطاعت الجمهورية الإسلامية وفي مواجهة الحرب المفروضة أن تمنع تجزئة البلاد. قبل الجمهورية الإسلامية أي في العهد البهلوي والعهد القاجاري، كلما كانت تنشب حرب، كان الأعداء إما يقتطعون جزءاً من أراضي إيران أو يحتلونها ويوجدون عسكرياً بأنفسهم، ويُهينون الشعب. لأول مرة، استطاع الشعب الإيراني في حرب الثمانية أعوام المفروضة أن يفرض الهزيمة الشاملة على جبهة الأعداء الواسعة، ويطردهم خارج البلاد ويحافظ على وحدة أراضي البلاد. هذا هو معنى الاقتدار. الاقتدار هو أن الجمهورية الإسلامية استطاعت رفع مستوى اعتبار واحترام هذا البلد في المنطقة وفي العالم كله، وأن تقف لوحدها مقابل جبهة الاستكبار الواسعة.
وقلنا الشعب الإيراني لا يمكن أن يهزم، وهذا بفضل الإسلام بالطبع. والدليل على استحالة هزيمة الشعب الإيراني هو انتصاره في الثورة الإسلامية الكبرى وانتصار الشعب الإيراني في الدفاع المقدس، وصمود الشعب الإيراني طوال أربعين سنة مقابل مؤامرات الأعداء. شعبنا لم يتراجع ولم يَنْهَرْ ولم يشعر بالضعف والانكسار مقابل العدو. هذا انتصار للشعب الإيراني. هذا هو وضع البلد. وبالطبع سأقدم إيضاحات أكثر في هذه المجالات إن شاء الله. هذا هو وضعنا اليوم.
ولكن أيها الإخوة الأعزاء أيتها الأخوات العزيزات، ويا شعب إيران الكبير!
الأمر في ساحة المعركة السياسية والمعركة الاقتصادية شبيه تماماً بساحة المعركة العسكرية؛ إذا أصيبت الجبهة التي تشعر بالانتصار بالغرور، فسوف يغلق أمامها طريق الانتصار. الاغترار بالنصر وعدم امتلاك خارطة طريق وخطة، وعدم التحلي بالإبداع لاستمرار الانتصارات، سيؤدي بالتأكيد إلى التراجع أمام العدو وسيدفع بالعدو نحو التقدم. إذا أصابنا الغرور وإذا ركنا إلى الجمود وعدم العمل وعدم الإبداع والابتكار فسوف نفشل. يجب مواصلة السعي والجد والاجتهاد والإبداع، والعمل والاستفادة من الطاقات والإمكانيات على أكمل وجه. إننا في منتصف الطريق، إننا في بدايات الطريق. ويجب أن نصل إلى تلك القمة التي حددتها الثورة الإسلامية. المطلوب هو الجد والاجتهاد، وكذلك يجب معرفة الطريق، والشجاعة ضرورية أيضاً، وكذلك التدبير.
الشباب رأس الحربة
لكن المهم بالنسبة لكم أنتم الشباب، ما يجب أن تلتفتوا له هو أن رأس حربة هذا الحركة الوطنية العظيمة هو أنتم أيها الشباب؛ أنتم الذين تفتحون الطريق. بإمكان الشيوخ ذوي التجربة ــ إذا لم يكونوا متعبين ومتثاقلين وعاجزين عن العمل ــ أن يوجهوا ويرشدوا، لكن المحرك الدافع لهذا القطار هو أنتم الشباب. لقد كانت هذه هي الحال في الماضي أيضاً، وكان هذا هو الواقع في كل ساحات الجهاد. لقد كان عندنا طوال هذه الأعوام الأربعين ساحات جهاد متعددة؛ في كل هذه الساحات، كان الشباب في المقدمة، وهم الذين يفتحون الطرق وهم رأس الحربة. في فترة الجهاد ضد الطاغوت قبل الانتصار ــ فترة الكفاح ــ وفي الجهاد ضد الانفصاليين في بداية انتصار الثورة، حيث ظهر في شرق البلاد وغربها وشمالها انفصاليون، في الجهاد ضد هؤلاء الانفصاليين كان الشباب بحركتهم العظيمة هم الرُّواد والطليعة (4). وفي جهاد البناء (اسمحوا لي، إنني على علم بجاهزيتكم، رجاء الانتباه) في جهاد البناء، الذي كان من حالات النماء والتفتح في بداية الثورة، كان الشباب سباقين متقدمين فهم الذين شرعوا بحركة جهاد البناء العظيمة هذه. وفي الجهاد ضد إرهاب المنافقين والخونة في بداية عقد الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد] وفي الجهاد ضد المعتدين خلال ثمانية أعوام من الدفاع المقدس، وفي الجهاد لإعادة بناء ما دمرته الحرب بعد سنة 67 [1988م] كان الشباب في مختلف الجامعات وفي شتى مراكز البحوث هم الذين لبُّوا نداء المطالبة بالتقدم العلمي، وفتحوا طريق العلم والتقنية في البلاد على شكل قفزات نوعية واسعة، وكذلك في الجهاد ضد الإرهاب التكفيري في عقد التسعينيات [العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين للميلاد] وفي الأعوام الأخيرة. واليوم أيضاً في الجهاد الفكري والجهاد العلمي من أجل حلِّ العُقد الاقتصادية، الشباب أيضاً يقدمون لنا اقتراحات حيال مشكلات البلاد الاقتصادية، ونحن نرفعها للمسؤولين ونطالبهم بمتابعتها. الكثير من الاقتراحات يتقدم بها شباب وهي اقتراحات ناضجة ومفيدة ونافعة جداً.
شبابنا اليوم بحمد لله، في مواجهة القضايا التي يعانيها البلد، هم أصحاب فكر، وهم كذلك أصحاب إرادة و دافع ؛ وكما أشرنا فإن المشكلات دفعت الجميع إلى التحرك والنهوض ، وشبابنا يشعرون بالواجب والتكليف والمسؤولية.
أنتم أصحاب البلد!
اليوم، تعمل حوالي عشرة آلاف خلية من المجموعات الجهادية في كل أنحاء البلاد، وهي في الواقع بشارة مستقبل البلاد ورصيد عظيم لمستقبل البلاد. إنهم مستغرقون في العمل والجد والاجتهاد، وقد أنجزوا وينجزون الكثير، ولعلهم أنجزوا مئات آلاف الأعمال المهمة مما يتعلق بالطبقات الضعيفة في مناطق البلاد النائية، أعمال كبيرة وصغيرة- بحسب ما يحتاجه الناس - وهذا رصيد عظيم للبلاد. وبالتالي فهو دور الشباب الذي يبشرنا بمستقبل أفضل.
أنتم الشباب أصحاب البلد. إنني عندما أثني على الشباب في كلامي يقول البعض: يبدو أنَّ فلاناً غير مُطلع على أوضاع بعض الشباب المنحرفين وغير المبالين ولا يعرف الأعمال السيئة لبعض الشباب؛ كلا، أنا العبد مُطلع على هذا كله، بطبيعة الحال، يوجد في البلاد وبالتأكيد شباب لا تتوافر فيهم هذه السمات الإيجابية والمتألقة، وهؤلاء يمثلون حالات التساقط عندنا. إنما أقول إنَّ حالات النماء عندنا تفوق حالات التساقط، فالشباب الذين يتجهون نحو الالتزام والفكر والعمل في سبيل الأهداف، أكثر من أولئك الذين يتجهون نحو اللا مبالاة، وهذه بشارة للمستقبل. البعض لا يدركون هذه الحالة ولا يلتفتون بدقة لدور الشباب في مستقبل البلاد، بل في حاضر البلاد، بل إنَّ البعض يحاولون حتى أن يقولوا إنَّ الشباب هم مشكلة البلاد، أو حتى أن يفعلوا ما من شأنه تحويل الشباب إلى مشكلة للبلاد، وأنا على العكس من ذلك أعتقد أن الشباب هم حل المشكلة وليسوا المشكلة.
حسناً، لديّ الآن ما أقوله لكم أيها الشباب الأعزاء وأنتم بمنزلة أبنائي الأعزاء.
هذه أمور ينبغي أن تتنبهوا لها. المهم أن لا تتصوروا أنتم الشباب أنَّ الطريق الذي أمامنا طريق سريع مُعبّد وبلا عقبات، كلا، إن طريق التقدم مفتوح أمامنا، لكنه طريق مليء بالمنعطفات والمنحنيات والصعود والهبوط ، ثمة عقبات وموانع في هذا الطريق، والعدو ناشط متحرك في مواجهتنا. علينا أن نقطع هذا الطريق ونطويه متجاوزين عقباته وموانعه. ولهذا شروطه؛ الخطوة الأولى من أجل أن نستطيع السير في هذا الدرب بصورة صحيحة هي أن نشعر بوجود العدو وحضوره. ذلك المتشبه بالمثقفين الطالب للراحة والدعة ، والمُرائي والمنافق الذي يُنكر أساساً عداء أمريكا ولا يفهم هذا العداء، ويكتب للشعب والحكومة وصفة الاستسلام لأمريكا، هذا ليس رجل الساحات. إن لم يكن عميلاً للعدو فهو على الأقل ليس رجل ساحة تقدّم البلاد المهمة.
إذاً الخطوة الأولى هي الشعور بوجود العدو وحضوره.
ما لم يشعر الإنسان بالعدو أمامه فلن يبادر لصناعة سدود وخنادق وموانع تحميه، ولن يسعى إلى حمل الأسلحة اللازمة.
الخطوة الثانية هي الثقة بالنفس والعزم على الصمود.
الأشخاص الضعيفو المعنويات والمترددون والجبناء والانتهازيون، والذين يعانون من عقدة الحقارة والدونية، لا يمكنهم فعل أي شيء في هذه الساحة. هذا إن لم يخلقوا العقبات للآخرين. هم أنفسهم لا يستطيعون فعل أي شيء وأحياناً يخلقون عقبات أمام الآخرين. إنهم يائسون ويعملون على دفع الآخرين نحو اليأس. كسالى ويدفعون الآخرين أيضاً إلى الكسل. يقول القرآن الكريم حول جماعة من الناس كانوا في ذلك الحين: «لَو خَرَجوا فيكـُم ما زادوكم إلّا خَبالًا وَلَأوضَعوا خِلالَكم» (5) أي إن هؤلاء حتى لو ساروا معكم إلى ساحة الجهاد فإنهم سوف يُفسدونكم ويخلقون حالات من الخلل بينكم، فهم لا يساعدون، بل يتحولون إلى عقبة. طبعاً لم يكن شبابنا مبتلين بهذه البلية في جميع ساحات الجهاد التي ذكرتها، فقد كانوا يتحلون بالثقة بالنفس والشجاعة ولم يكونوا مترددين ولم يكونوا جبناء وخائفين، ولو كانوا كذلك لما أنجزت الأعمال. هذا فيما يتعلق بالخطوة الثانية.
الخطوة الثالثة معرفة ساحة الهجوم.
أين هي حربنا مع العدو وأين هوهجوم العدو ؟ ينبغي أن نُحدد هذا بدقة. يجب أن ندرك تهديد العدو بشكل صحيح، ونعرف مقداره، وينبغي أن يتضح أين هي ساحة الهجوم. إذا هجم العدو من الحدود الشرقية، وسيّرتم قواتكم نحو الحدود الغربية فلن تستطيعوا فعل شيء، ولن تنتفعوا شيئاً من وجود القوات. يجب أن تعلموا من أين يهجم العدو. النظام كله والبلد كله والشعب كله يجب أن يُدرك ساحة المعركة مع الأعداء بصورة صحيحة.
حسناً، أين هي ساحة المعركة؟ أشير هنا إلى ساحتين أو ثلاث من ساحات المعركة مع العدو. الساحة الأولى هي الإسلام والإيمان الإسلامي. لقد تلقت أمريكا صفعة من الإسلام، وتحمل على الإسلام حقداً. لقد تلقت أمريكا صفعة من الثورة الإسلامية، وتحمل الضغينة في قلبها على الثورة الإسلامية. لقد كانوا في إيران هم " الكلَّ بالكلِّ " وكان كلُّ شيء تحت تصرفهم، وكان مسؤولو البلاد خاضعين مطيعين لهم، موارد البلاد كانت بأيديهم، ورساميل البلاد تتغير حسب رغباتهم، وسياسات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية توضع حسب ميولهم، وإذا بأيديهم تُقطع عن كل هذا. من الذي قطع أيديهم؟ الإسلام هو الذي قطع أيديهم، والثورة الإسلامية هي التي قطعت أيديهم، لذلك فهم يعادونها. البعض ومنهم "كثيرو النق" يقولون لا تذكروا أمريكا بسوء حتى لا تعاديكم!. عداؤهم ليس فقط بسبب ذكرهم بسوء ورفع شعارات "الموت لأمريكا"، إنما يحملون الأحقاد على أصل الثورة ومبدأ هذه الحركة العظيمة التي قام بها الشعب الإيراني، وكيدهم ومكرهم لهذا السبب. هذه هي الساحة الأولى من ساحات المعركة. لذلك فهم يخافون من نهوض قوة إسلامية كبيرة في هذه المنطقة فتحول بالكامل دون مطامعهم فيها. يريدون لهذا أن لا يحصل ويخافون منه ويصطفون وينشئون الجبهات ضده.
عناصر قوتنا: إحدى ساحات الحرب
يخافون من القوة الإسلامية والقوة الثورية لذلك يسعون للنيل من عناصر القوة والقضاء عليها. ما هي عناصر قوتنا؟ إنها الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي والوحدة الوطنية والالتزام بمبادئ الثورة وأصولها، وحركة التقدم نحو التنمية العلمية، وتنمية وتعميق الثقافة الثورية والإسلامية. هذه هي عناصر قوتنا. وهذا ما يعارضونه. هم طبعاً يعارضون التقدم العسكري أيضاً، ويعارضون صواريخنا، ويعارضون وجودنا في المنطقة، فهذه أيضاً جزءٌ من عوامل قوتنا وعناصر اقتدارنا. إذاً هنا ساحة المعركة. ساحة الحرب وساحة مواجهة الاستكبار لإيران الإسلامية عبارة عن كل ما يوجب اقتدار إيران الإسلامية. ينبغي اعتبار ذلك أحد مراكز الاشتباك مع قوة المستكبرين. هذه إحدى ساحات الاشتباك.
ساحة أخرى من ساحات الاشتباك؛ تتمثل في الفهم الصحيح لحقائق إيران والعالم؛ فهمكم الصحيح لحقائق بلادكم الواقعية أمرٌ يصبُّ في ضررهم، وهذا ما يعارضونه ويحاربونه. بأي وسائل؟ بوسائل الإعلام البالغة الخطورة وخصوصاً وسائل الإعلام الحديثة الظهور. يحاولون بما يخلقونه من صور مغلوطة، تحريف الرأي العام للشعب الإِيراني. ينسجون صورة خاطئة عن إيران، وصورة خاطئة عن أنفسهم أيضاً، وصورة خاطئة عن أوضاع المنطقة. من صورهم الخاطئة أنهم يتظاهرون بأنهم في موضع القوة، والحال أنهم ليسوا في موضع قوة. نعم، قوتهم الصلبة قوةٌ يمكن استعراضها؛ أي إنهم يملكون المال ويملكون المعدات العسكرية والإمكانيات الإعلامية. هذه أدوات قوة، ولكن في المواجهة العالمية تبقى الكلمة الأولى للقوة الناعمة، والقوة الناعمة تعني المنطق والدليل والكلام الجديد، الفكروالكلام الجديد الذي يحسم أمور الحياة، طرح فكر وكلام جديد. ليس لديهم كلام جديدولا أفكارجديدة وليس لديهم منطق. أمريكا ضعيفة جداً في مجال القوة الناعمة. كلامها وفكرها هو منطق القوة ومنطقها ضعيف. ليبراليتها الديمقراطية مفضوحة في العالم اليوم ـ الأعمال والأساليب التي يمارسون بها الليبرالية الديمقراطية وكانوا يفخرون بها، تتعرض للنقد اليوم من قبل أصحاب الرأي بشكل فاضح ـ ولذلك تلاحظون أنَّ أمريكا التي تمتلك القوة النووية والتقنية المتقدمة والمال الوفير قد هُزمت في الكثير من مناطق العالم، فقد هُزمت في العراق، وهُزمت في سورية، وهُزمت في لبنان، وهُزمت في باكستان، وهُزمت في أفغانستان، وهُزمت وتهزم في مواجهة قوى العالم، واليوم أيضاً هناك هزائم أخرى تنتظر أمريكا كما يظهر للإنسان المتابع للأوضاع. هذه هي الصورة التي يصنعونها لأنفسهم وهي صورة خاطئة وكاذبة.
أربعون عامًا.. وما زالوا ينتظرون!
ولديهم صناعة صورة أخرى تتسم هي أيضاً بالخطأ والخداع الواضح؛ ألا وهي تصويرهم لإيران الإسلامية. الصورة التي يحاولون ترويجها لدى الرأي العام العالمي، بل ويسعون لعرضها حتى علينا نحن أيضاً وعلى الشعب الإيراني ونشرها وإقناعنا بآرائهم الباطلة حول بلادنا. بالاعتماد على المشكلات الاقتصادية التي نعيشها اليوم في البلاد وهي واقع، راحوا يروجون لها من خلال أوهامهم في رؤوسهم الفارغة وعديمة التدبير. سمعت مؤخراً أنَّ الرئيس الأمريكي قال لبعض الرؤساء الأوروبيين انتظروا شهرين أو ثلاثة وبعدها سوف تنهار الجمهورية الإسلامية وتزول نهائياً. هكذا قال لهم! وتذكَّرت الكلام الذي كان يطلقه قبل أربعين سنة، قبل أربعة عقود، نفس هؤلاء الذين كانوا خدماً لأمريكا في داخل البلاد وكانوا يبشرون به بعضهم بعضاً، ويقولون انتظروا ستة أشهر وسوف تنهار الجمهورية. وتمضي ستة أشهر ولا تنهار. ويقولون انتظروا سنة واحدة وستنتهي القضية ويتم إقتلاعها من جذورها! وقد مضى على ذلك الحين أربعون عاماً وتحولت تلك الغرسة الصغيرة إلى شجرة باسقة، وإذا بهذا المسكين الآن يُمنّي نفسه ورفاقه الأوروبيين بأن انتظروا شهرين أو ثلاثة. تذكرت هذا الشعر العامي الذي يقول:
"جمل يحلم في منامه بأكل شجيرة القطن
فمرة يرى أنه يغبها غباً وأخرى يقضمها حبة حبة" (6)
العدو لم يعرفكم، العدو لم يعرف الشعب الإيراني، لم يعرف الثورة والروح الثورية والإيمانية، وقد أدى هذا التحليل الخاطئ إلى ضلاله طوال هذه الأعوام، ولا يزال يؤدي الى تضليله، وطبقاً لهذا الدعاء المنسوب للمعصوم (عليه السلام) «اَلحَمدُ لِلّهِ الَّذي جَعَلَ أعداءَنا مِنَ الحَمْقى» فقد جعل الله أعداء الشعب الإيراني جهلة . الحمقى هم أعداء الشعب الإيراني.
ليس أمامنا طريقٌ مسدود
نحن طبعاً لدينا مشاكل، نعم، لدينا مشكلة اقتصادية. ليتنبه الشباب الأعزاء وشعبنا المتحفز المؤمن، نحن لدينا مشكلة اقتصادية، ولدينا اقتصاد نفطي، وهذا بحد ذاته عيب كبير. وليس لدينا ثقافة ترشيد الاستهلاك، ثقافة الاقتصاد ضعيفة جداً بيننا، وهذا عيب ونقص، الإسراف عيب. لدينا هذه العيوب، لكن العيب الحقيقي ليس هنا، العيب الحقيقي هو وجود طريق مسدود، وهذا ما لا نواجهه والحمد لله. ليس أمامنا طريق مسدود. العيب الحقيقي أن يتصور الشباب في البلاد أنه لا يوجد حلٌّ سوى الركون بالعدو، هذا هو العيب. البعض يحاولون الإيحاء بهذا الأمر لشبابنا، وهذا ما يريده العدو. يريد العدو أن يوصل الشعب الإيراني إلى نتيجة مفادها أن هناك طريقاً مسدوداً، ولا حلَّ للمشاكل، إلا باللجوء الى أمريكا والركوع أمام أمريكا والاستسلام لها.
أكبر خيانة في حق الشعب!
إنني أعلن صراحة، إنني أعلن صراحة: الذين يشيعون هذه الفكرة التي يرغب فيها الأعداء في داخل البلاد إنما يرتكبون خيانة، فهذه خيانة للبلد. أن نشيع طبقاً لرغبة العدو أنه لا يوجد طريق سوى الخضوع للعدو، فهذه أكبر خيانة في حق الشعب. وبالطبع فإن هذا لن يحدث، فأنا بحول الله وقوته وبمواكبتكم، ما دام فيَّ روح وقوة، لن أسمح بوقوع هذا في البلاد.
هذه هي الصورة التي ينسجها العدو، هذه هي الصورة المخادعة التي يعرضها العدو لوضعه هو ولوضعنا. صورٌ كاذبة تُعرض اليوم عبر آلاف شبكات التلفزة والإذاعة والإنترنت على الشعب الإيراني والرأي العام عندنا. هذه الصورة كاذبة، ولكن ما هي الصورة الحقيقية؟ الصورة الحقيقية هي أنكم وكلّ شباب البلاد يجب أن تدركوا مكانة بلادكم وشعبكم اليوم. هذا هو الشرط الأول لتأثيركم في الواقع. أولاً الساسة الكبار في العالم والعقول السياسية الناضجة في العالم اليوم تُكرم وتحترم الشعب الإيراني لمقاومته طوال أربعين سنة، هذا واقع حقيقي، هذا شيء نراه بشكل واضح ومحدد، ونحن على اطلاع به وأنا أقوله لكم. الساسة الناضجون، حتى في أمريكا نفسها وفي الغرب نفسه والبلدان الأوروبية التي لا تربطهم علاقة جيدة بنا ـ ناهيك عن البلدان الأخرى ـ يُثنون على الشعب الإيراني؛ لأنه لم يتراجع أمام ضغوط الأعداء طوال أربعين عاماً، بل وحقق الكثير من التقدم وتحوَّل إلى قوة، هذا شيء جدير بالثناء. قلت قبل سنين إنَّ ضابطاً صهيونياً بارزاً كان قد قال إنني لا أحب إيران، لكنني أقف وأرفع قبعتي احتراماً أمام الشخص الذي صنع هذا الصاروخ ـ واحد من عشرات الصواريخ التي تمت صناعتهاـ العقول السياسية في العالم تشعر بالإجلال والاحترام مقابل هذا البلد وهذا الشعب ومقاومته وتقدمه.
ثانياً؛ الحقيقة الأخرى في الواقع؛ أنَّ بلادنا تمتلك إمكانيات وطاقات كثيرة قلَّما توجد في بلد في العالم. الطاقات الجغرافية والطاقات الإقليمية والطاقات البشرية وطاقات المصادر الجوفية، والطاقات فوق الأرض. الإمكانيات والطاقات المهمة جداً للاقتصاد والتقدم كثيرة جداً في هذه البلاد. طبعاً نحن لم ننتفع بصورة صحيحة من هذه الطاقات. لقد طالعت دراسة إحصائية وتحدّثت عنها في جلسة من الجلسات ـ وقد تم بثُّ هذا الكلام (7) ـ تقول إننا البلد الأول في العالم من حيث عدم الاستفادة من طاقات بلادنا! عدم الاستفادة من الطاقات. توصيتي للمسؤولين دوماً هي أن يُشخِّصوا الطاقات والإمكانيات غير المستخدمة ويستفيدوا منها لإنتاج الثروة الوطنية. هذا ثانياً.
ثالثاً؛ الطاقة الفعلية للبلاد هي أنتم أيها الشباب المؤمن، هذه هي الصورة الواقعية. الشباب المؤمن في البلاد الذين لديهم قدرات دفاعية، وقدرات علمية وقدرات في المجالات الثقافية، وقدراتهم في الشؤون الاجتماعية، وقد ظهرت هذه القدرات في الكثير من الساحات والميادين، هذه هي الصورة الواقعية لهذا البلد. العدو الذي يفكر بإيران الإسلامية بتلك الطريقة، لا يرى هذه المجموعات العظيمة من الشباب المؤمن في البلاد.
رابعاً؛ وصل العدو في مواجهته للجمهورية الإسلامية وبعد بحث كثير إلى خيار الحظر [الاقتصادي]؛ أي إنَّ الطرق الأخرى مغلقة بوجهه. ليس أمامه طرق أخرى سوى طريق الحظر الاقتصادي، وبقية الطرق مسدودة أمامه. لكنني أقول لكم إنَّ الحظر الاقتصادي أكثر هشاشة من اقتصادنا الوطني. اقتصادنا الوطني يستطيع تحطيم الحظر وسوف نحطمه بلطف من الله وحول منه وقوة، وكسر الحظر هو هزيمة لأمريكا، وبإسقاط الحظروالعقوبات، يجب أن تتلقى أمريكا صفعة أخرى من الشعب الإيراني.
النقطة الخامسة: الصورة الصحيحة لوضع البلاد هي هذه التعبئة "البسيج"، تعبئة المستضعفين، هذه التشكيلات الكبرى المترامية في كل أنحاء البلاد، هذه المجموعة البشرية العظيمة التي تحوَّلت إلى نموذج لبعض البلدان الأخرى بأن يتوجهوا نحو شبابهم ويستعينوا بهم لحل المشكلات المختلفة، التعبئة، التعبئة هي مصداق للآية الشريفة «اَلَّذينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ اِنَّ النّاسَ قَد جَمَعوا لَكم فَاخشَوهُم» بعد معركة أحد بثّوا إشاعات بأنه من المقرر الهجوم على المدينة فخافوا العدوَ «فَزادَهُم إيمانًا»، لكن المؤمنين ازدادوا إيماناً مقابل هذه التهديدات والعربدات «وَقالوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكيل» (8). هذه هي التعبئة، التعبئة مصداق لهذه الآية الشريفة، حيث لا تتراجع مقابل تهديدات العدو، وليس هذا وحسب بل «فَزادَهُم إيمانًا» ضاعفت التهديدات من إيمانهم، وهذه نقطة قوة. التعبئة من النقاط البارزة للصورة الحقيقية لبلادنا العزيزة، والعدو يعارض التعبئة أشد المعارضة، وعملاء العدو أيضاً يعارضون التعبئة أشد المعارضة.
هذه هي الصورة الحقيقية للبلاد..
النقطة السادسة؛ هذه المجموعات والأطر البارزة والمتألقة التي يشاهدها الإنسان في كل أنحاء البلاد طوال السنة، بما في ذلك المجاميع الجهادية ـ وقد أشرت إلى وجود قرابة عشرة آلاف خلية من المجموعات الجهادية الناشطة ـ وتعبئة جهاد البناء وقوافل السائرين إلى النور ، ومسيرات إحياء ذكرى انتصار الثورة، ومراسم الاعتكاف، والمراسم الحسينية والعاشورائية التي تكتسب مزيداً من الرونق والازدهار يوماً بعد يوم، هذه هي الصورة الحقيقية للبلاد. هذه أشياء يمكن عن طريقها معرفة الشعب الإيراني. طبعاً جميع أجهزة البلاد مكلفة بمساعدة التعبئة وهذه القوى الجهادية والنشاطات الجهادية وقوافل السائرين إلى النور.
أشارف على إنهاء كلامي، أشير في الختام إلى ثلاث أو أربع نقاط موجهة لكم أيها الأعزاء.
وسائل الإعلام: سلاحٌ كيميائي
النقطة الأولى؛ إنَّ العدو يستخدم حالياً وسائل الإعلام للتأثير على الرأي العام. تنبهوا! وسائل الإعلام هي أدوات مهمة، وإذا كانت في يد العدو فهي خطيرة. يُشبِّهون وسائل الإعلام بالسلاح الكيميائي في الحرب العسكرية. عندما يطلق السلاح الكيميائي فإنّه لا يُدمِّر الدبابات والمعدات، إنما تبقى المعدات ويموت البشر ويعجزون عن استخدام هذه المعدات، هذا ما تفعله الأسلحة الكيميائية في الحرب العسكرية، وهكذا هي وسائل الإعلام. يستخدمون اليوم التلفزة والإذاعة والإنترنت والشبكات الاجتماعية ومختلف وسائل الفضاء الافتراضي ضدَّ الرأي العام عندنا. ليتنبه الذين يتحملون مسؤولية هذا القطاع في البلاد ـ قطاع الاتصالات ـ لهذه القضية جيداً. وقد نبهناهم في الجلسات المباشرة أيضاً، وأكدنا على هذه المسألة ونقولها الآن أيضاً. ليتنبهوا أن لا يكونوا أداة، يستطيع العدو من خلالها استخدام أسلحته الكيميائية بسهولة ضدَّ هذا الشعب.
ليعلموا واجباتهم ويعملوا بها بجد.
اقتدارنا يخيف العدو
النقطة الثانية؛ إنَّ العدو ـ يا أعزائي ـ إذا شاهد فينا الوحدة وشعر بالقدرة فينا، وأدرك بأننا نشعر بالقوة والاقتدار، ولمس فينا العزيمة الراسخة، فإنه سوف يتراجع! إذا شاهد العدو أنَّ الشعب الإيراني والشباب الإيراني المؤمن موجودون في الساحة باقتدار ويشعرون بالمسؤولية، فسوف يتراجع، ولكن إذا شعر أنَّ هناك ضعفاً واختلافاً، وأنَّ هناك حالة من عدم المواكبة وعدم التناغم في الاتجاهات والكلام بين مسؤولي البلاد أو بين الناس والمسؤولين في البلاد، فسوف يتشجع على مضاعفة أعماله بشدة. ليتنبه الجميع لهذا الأمر سواء مسؤولو البلاد أو كلُّ أبناء الشعب وخصوصاً الشباب الأعزاء. علينا أن نبعث إلى العدو رسالة اقتدار وليس رسالة ضعف، في كلامنا وفي سلوكنا وفي طريقة حياتنا، يجب أن يشعر العدو أنه يواجه مجموعة قوية مقتدرة. فإذا رأى فينا ضعفاً، سوف يتجرأ ويضاعف من شدة أعماله العدائية، فاحذروا. هذه هي النقطة الثانية.
النقطة الثالثة هي إنني أقول بشكل حاسم وفي ضوء اطلاعي على وضع البلاد: لقد قرر هذا الشعب وهذا الجيل الصاعد الشاب أن لا يُهان ثانية، قرر أن لا يكون تابعاً للقوى الأجنبية وللعدو، قرر أن يرتقي بإيران العزيزة إلى ذروة الفخر والعزة، وهو قادر على ذلك. لديه مثل هذا القرار ولديه العزم الراسخ ولديه القدرة، وسوف يصل إلى هذا الهدف إن شاء الله.
وسيكون الانتصار حليفكم أنتم أيضًا..
هذه الحشود الجماهيرية المكونة من مئة ألف شخص في هذا الملعب، تُذكر بحشود المئة ألف تعبوي في أواخر عقد الستينيات (الثمانينيات للميلاد)؛ هنا أيضاً حيث تحدثنا لهم وساروا إلى الجبهات وحققوا للبلاد انتصارات كبيرة، وسيكون الانتصار والتوفيق حليفكم أنتم أيضاً أيها الشباب الأعزاء، إن شاء الله، في ساحات العلم والنشاط والتحرك الاقتصادي وتوفير فرص العمل والجد والاجتهاد الفردي والجماعي وفي مجال الشبكات الاجتماعية والثقافية وفي ساحة حركات "أمر النار" (9) اللازمة أينما كان هناك شعور بالحاجة لذلك.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 - الحاضرون في هذه المراسم ـ التي أقيمت في ملعب الحرية الكبير بطهران ـ هم من المجموعات الجهادية للتعبئة في محافظتي طهران والبرز وقد نفذوا من 9 إلى 29 شهريور( 31 آب إلى 20 أيلول 2018 م) مناورات «خدمة التعبويين» حيث قدموا خدمات متنوعة للفئات المحرومة من المجتمع في المجالات العمرانية والصحية والثقافية والتعليمية.
2 - إقبال اللاهوري.
3 - تجمع المئة ألف تعبوي من أرجاء البلاد للإيفاد إلى جبهات الحرب المفروضة بتاريخ 3/12/1986م.
4 - هنا ردَّ الإمام الخامنئي على شعارات الحضور «أيها القائد الحرّ، نحن جاهزون جاهزون» بقوله: اسمحوا لي، أعلم بجاهزيتكم، تنبهوا.
5 - سورة التوبة، شطر من الآية 47.
6 - هنا رفع الحاضرون شعار «أيها القائد الحرّ، نحن جاهزون جاهزون» فقال لهم الإمام الخامنئي: جزاكم الله خيراً، شكراً جزيلاً، حفظكم الله إن شاء الله.
7 - كلمة الإمام الخامنئي في لقائه برئيس الجمهورية وأعضاء هيئة الوزراء بتاريخ 29/08/2018م.
8 - سورة آل عمران، الآية 173.
9 - اصطلاح "أمر النار" هو اصطلاح عسكري بالأساس ويعني أن المقاتل يخوّل أحياناً المبادرة والتحرك بحسب ما يراه مناسباً على أرض المعركة من دون الرجوع الى مسؤوليه وقيادته، وقد استخدمه الإمام الخامنئي في كلماته في إشارة من سماحته إلى المبادرة الذاتية للتحرك والعمل في المجالات الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية وغيرها .