ضمن اللقاءات الرمضانية التي يعقدها سماحته خلال شهر الرحمة الإلهية، التقى قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي عصر يوم الاثنين 28/5/2018م المئات من الطلبة الجامعيين الدارسين في مختلف جامعات الجمهورية الإسلامية في إيران حيث استمع سماحته إلى مداخلات عددٍ من ممثلي الهيئات والتكتلات الطلابية عقب ذلك ألقى سماحته كلمةً أشار خلالها إلى أهم مبادئ الثورة والنظام الإسلامي في إيران.
وخلال هذه الكلمة تطرّق قائد الثورة الإسلاميّة إلى "كيفيّة بلوغ الشخصيّة الثوريّة والثبات عليها والعمل بنمط ثوري" واستهلّ سماحته خطابه بشرح مراحل الثورة الخمس قائلاً: ظهرت منذ البداية في مجموعة الثورة فكرة خاطئة وهي أن «الثورة» مطلوبة حتى حين تشكيل النظام، وبعد الانتصار لا بُدَّ وأن تُترَك الثورة جانباً وأن يتمّ الاهتمام ببناء المؤسسات واللجوء إلى البيروقراطيّة. هذه الفكرة الخاطئة تعتبر أنّ الثورة تعني التوتّر والنزاع وتتجسّد في الأعمال غير القانونيّة.
ورأى الإمام الخامنئي أنّ تأسيس "نظام ثوري وإسلامي" يأتي ضمن المرحلة الثانية وأردف سماحته قائلاً: للنظام الثوري والإسلامي أهدافٌ ومبادئ وقيم يحتاج بلوغها إلى مرحلة ثالثة تتمثّل في تشكيل "حكومةٍ ثوريّة"؛ حكومة تعتقد بأركان النظام الإسلامي.
وشدّد قائد الثورة الإسلاميّة على أنّه بعد انتهاج الحكومة الإسلامية والثورية المسار الصحيح وترسيخ المبادئ تأتي المرحلة الرابعة أي "المجتمع الإسلامي والثوري" وتابع سماحته قائلاً: سيُمهّد النظام الإسلامي، الحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي الأرضيّة للدخول في المرحلة الخامسة أي تأسيس "حضارةٍ ثوريّة وإسلاميّة"، لذلك فإنّ الثورة لا يحدّها حدّ وهي ذات استمراريّة دائمة.
وتحدّث الإمام الخامنئي بشكلٍ تفصيلي حول مبادئ النظام الإسلامي والثوري قائلاً: "العزّة الوطنيّة" من ضمن هذه المبادئ التي تحوز على أهميّة فائقة، أعني الشعور بالاعتزاز الوطني المبني على حقائق داخل المجتمع ولا ترتكز على الأوهام والتخيّلات.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ "الثقة بالنفس الوطنيّة"، "الاستقلال السياسي، الاقتصادي والثقافي"، الحريّة التي تشمل حريّة الفكر والقول والعمل" تشكّل أيضاً مبادئ النظام الإسلامي واستطرد سماحته قائلاً: سيستحيل نموّ المجتمع من الناحية المعنويّة وتقدّمه مع فقدان الحريّة لكنّ هذه الحريّة تحتاج إلى إطارٍ وقانون وإلّا فسوف تؤول إلى التفلّت الذي نشهد نماذج له في العالم الغربي.
وتابع قائد الثورة الإسلاميّة تعداد مبادئ الثورة الإسلاميّة معتبراً أنّ "ترسّخ العدالة"، "التقدّم المادّي والحضاري ببركة التكنولوجيا"، "نموّ أخلاق العِشرة والتواصل" و "تهيئة الأجواء من أجل التسامي على المستوى المعنوي والتحرّر من رقّ الشهوة والغضب" تشكّل أيضاً مبادئ الثورة الإسلاميّة وأردف سماحته قائلاً: تحقق هذه المبادئ على المدى القصير ليس متاحاً بل يحتاج هذا الأمر إلى حركة طويلة المدى ومبنيّةً على الوعي واليقظة.
وشدّد سماحته: إذا ما لم يكن للثورة مبادئ واستمراريّة فسوف لن تكون سوى تغيير لإدارة البلاد وانتقالها من أشخاص إلى أشخاص آخرين، لذلك يجب أن يستمر السّير حتّى تحقيق المبادئ.
وبعد أن أعرب عن تأييده لمشاعر وروحيّة المطالبة الموجودة لدى الطلاب الجامعيين فيما يخصّ المبادئ وجّه الإمام الخامنئي خطابه إليهم قائلاً: إنني على علمٍ بقضايا البلد وأقرأ التقارير، ولكن أعتقد بأننا على مدى الأعوام الأربعين الماضية تقدمنا في جميع هذه الأهداف والمبادئ التي ذكرتها.
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى تناول لقاء اليوم العديد من قضايا البلاد المتنوعة ورأى سماحته في هذا اللقاء، بما تضمنه من مداخلات لبعض الطلبة حوت الكثير من الاقتراحات والعتاب والشكاوى، أنّه كان لقاءً طلابياً بالمعنى الحقيقي للكلمة وأردف سماحته: إنّ أهمّ وأبرز نتيجة خلصت إليها هذه الجلسة هي بروز روحيّة التحرّك المفعمة بالحيويّة والنشاط، الحيّة والمُترعة بالدوافع بين الطلاب الجامعيّين بمختلف توجّهاتهم وإنّ هذه البيئة الحقيقيّة مغايرة لما يسعى الأعداء لإبرازه وما يتحدّث حوله بعض الأشخاص في الداخل حول اليأس وانعدام الأمل في الجامعات.
وأضاف سماحته: وجود هذا النوع من الروحيّة يستوجب شعور الطالب الجامعي بالقدرة على التأثير والتحدّث والمطالبة بما يتناسب مع هذا الشعور.
وأشار الإمام الخامنئي إلى الكلمات التي ألقاها الطلبة الجامعيين خلال اللقاء واعتراضهم على العديد من قضايا البلاد معتبراً أنّ غالبيّة هذه الشكاوى في محلّها وتابع سماحته قائلاً: إنّ تحقّق هذه الآمال التي يتحدّث حولها الشباب المتحمّس والمتحفّز بسهولة، ليس بهذه البساطة مع أخذ الحقائق بعين الاعتبار، بل يحتاج تحقيق هذه الآمال إلى الجدّ والسّعي والعمل وإلى بعض المقدّمات.
وأكّد قائد الثورة الإسلاميّة: إنّ إحدى المقدمات الضروريّة لتحقّق هذه الآمال هي مشاركة الشباب المتحمّس والمندفع في التفكير وبذل الجهود وولوجه الساحات من أجل التخلّص من المشاكل.
ثمّ لفت الإمام الخامنئي إلى بعض الانتقادات التي أوردها الطلاب الجامعيّون وشدّد سماحته على أنّ النظام الإسلامي يحثّ الخُطى ويتقدّم بلا ريب ولا شكّ واستطرد سماحته قائلاً: لقد قلتُ مراراً أنّ المستقبل أفضل من الزمن الحالي وهو ملكٌ للشباب لكنّ شرط بلوغه هو الثبات على الصراط المستقيم والتحرّك المستمرّ دون أيّ كللٍ أو تعب.
كما رأى قائد الثورة الإسلامية في "الدولة الثورية" و"الحكومة الثورية" باعتبارها مجموعة إدارة البلاد أحد عوامل تحقيق الأهداف والطموحات وأكد سماحته: إذا واجه هذا العامل المهم مشكلةً ما، فإنَّ مسار الثورة سوف يعاني من المشاكل بلا أدنى ريب.
وخلال إشارة سماحته إلى موانع تحقيق الأهداف والطموحات لفت الإمام الخامنئي إلى ملاحظة خاصة ومهمة حيث قال سماحته: يقول البعض لماذا يربط القائد جميع المشكلات بأمريكا وبريطانيا الخبيثين؟، إنَّ هذا الفهم فهمٌ خاطئ! وذلك لأنني أعتقد أنَّ منشأ معظم المشاكل والموانع التي نعاني منها هو منشأ داخلي وذاتي وطبعاً يعمل الأعداء على استغلال هذه المشكلات والموانع وتوظيفها.
وبعد فراغه من توضيح الموانع الداخلية التي تحول دون تحقيق الأهداف، لفت الإمام الخامنئي إلى الموانع الخارجية التي تسهم في عدم تحقيق الشعب الإيراني لطموحاته حيث اعتبر سماحته "حقن اليأس وعدم القدرة في المجتمع الإيراني"، "تصوير السيادة الشعبية الحقيقية الموجودة في إيران على أنها ديكتاتورية"، "المعلومات الكاذبة وغير الواقعية وتحريف الحقائق التاريخية بما فيها تلك المتعلقة بالنظام الشاهنشاهي الظالم والفاسد والتابع والديكتاتوري والضعيف للغاية"، "تصغير الانتصارات ومحاولة تضخيم نقاط الضعف"، "الحظر الاقتصادي وتخريب وافساد الأعمال" من أهم العوامل الخارجية التي رأى سماحته فيها أنّ من شأنها منع مسيرة الشعب الإيراني نحو تحقيق الأهداف والطموحات من التسارع.
نقلاً عن موقع السيد القائد