من كتاب "عندما كان طفلاً،
16 قصة قصيرة تحكي طفولة السيد الخامنئي القائد (دام ظله)" للكاتبة
الدكتورة أميمة عليق/إصدار: الجمعية اللبنانية للفنون- رسالات 2016.
-"ولكن لا خبرة لدي ولا أعرف كيف يمكن أن أتكلم على المنبر"..
قالها "علي الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره للسيد "طالبيان" عندما شجعه على إعطاء محاضرة أمام الناس.
- ولكن كيف ستتعلم؟ يجب أن تبدأ يوماً ما.
- ما زلت مبتدئاً ولا أعتقد أنني أجد نفسي قادراً على القيام بهذا الأمر الآن. ما الذي يجب أن أقوله؟! على كل حال سأسأل أبي وأجيبك.
توجّه السّيد "علي" إلى البيت ليسأل والده على أمل أن يرفض. لكن السيد جواد وافق مشجعاً واعدا إياه أن يعلّمه ما يمكن قوله على المنبر.
وأضاف: "خذ معك الكتاب وأقرأ عنه ولا داعي للخوف أو التوتر". ثمّ تناول السيد جواد كتاب "جلاء العيون" وأعطاه إياه قائلاً "إقرأ". وكان السيد جواد يصحح أخطاء السيد "علي".
ثم تناول كتاب " مجمع الفروع" للعلامة البروجردي، وشرح له عدة مسائل.
في اليوم التالي، حمل السيد "علي" وللمرة الأولى كتاباً فقهياً وكتاباً تاريخياً كبيري الحجم عكس الجزوات التي كان يحملها في أيامه العادية وهو ذاهب إلى الحوزة، وتوجه إلى بيت السيد طالبيان.
- إنني أشعر بخجل شديد، كيف يمكن أن أصعد إلى المنبر؟!.. قال السيد "علي" في نفسه: ساعدني يا الله كي ينتهي هذا النهار على خير!. كان العرق يتصبب على جبينه، خاصة وأن الدرس اليوم سيكون للنساء.
دخل إلى القاعة حيث المنبر في الوسط، والنساء ينظرن إلى هذا العالم الصغير السن الذي سيحدّثهن اليوم.
جلس على الدرجة الأولى للمنبر. فتح كتاب "مجمع الفروع" وقرأ لهن مسألتين في المستحبات. ثمّ فتح كتاب "جلاء العيون" وقرأ صفحتين من حياة الإمام الباقر عليه السلام.
لم يستطع علي أن يحدد الوقت، وكأنه نسي نفسه فطال حديثه. ولم يلتفت إلى هذا الأمر إلا عندما قال له أحد قارئي مجالس العزاء الذي كان ينتظر دوره للصعود إلى المنبر ناقداً:
- ما زال الوقت مبكراً، إقرأ الكتاب كله، لماذا نزلت؟!.
لم يجب "علي" على هذا الكلام، فالتوتّر الذي يشعر به، يكفيه.
بما أنه أنهى كلمته، عليه أن يرجع إلى البيت فالمراسم خاصة بالنساء ولا معنى لبقائه.
عندها اقترب السيد طالبيان منه، وأراد أن يعطيه خمس ريالات أجراً لخطبته.
رفض السيد "علي" لكنّ طالبيان أصرّ كثيراً. ها هو يعود إلى البيت مع هذا المبلغ الذي لم يمسك من قبل مقداراً مثله.
عندما وصل إلى البيت، أسرع ليخبر والده. ولكن وا ويلاه من غضب السيد جواد الذي قال له "وأخذت المال"؟!.
"هذا الأمر ليس من عاداتنا، ولا أريدك أن تبدأ خطبك بهذه الطريقة. نأخذ مالاً أجراً على العلم الذي ننقله للناس!.
إياك أن تعيد الكرة مرّة ثانية... يقول لي أصرّ عليّ...!! وما لي ولإصراره...؟ يصعد المنبر وما زال طفلاً لا يقدّر عواقب الأمور".
حزن "علي" يومها لأنه أغضب والده، واتخذ قراراً مهماً وهو: برأيكم ما الذي قرر "علي" يومها؟.
صدقةٌ جاريةأن يجعل من علمه صدقة جارية في خدمة الاسلام و نشر نهج آل بيت محمد عليهم افضل السلام2017-01-12 08:11:24 |
بتوقيت بيروت