كلمة سماحة الإمام الخامنئي في لقاء التعبويّين بمناسبة أسبوع التعبئة (1)_23/11/2016
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين سيّما بقيّة الله في الأرضين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
لقاؤنا لقاء جميل وطيب جدًّا. لقد تناثر عطر روحية التعبئة في الأجواء. استفدنا وسُررنا من بيانات هؤلاء الأعزاء الذين بيّن كلّ منهم، بأسلوبٍ حقيقة جميلة وكذلك ذات أهمية خاصة، فإنّ لي معكم كلامًا كثيرًا أيها التعبويون الأعزاء من الشباب والفتيان والفتيات.
إنّها يد القدرة..
سأتعرّض في كلمتي لعدّة نقاط حول التعبئة ولكن قبل ذلك أعرض عبارات بمناسبة هذه الأيام (الأربعين الحسيني)، وبمناسبة هذه المسيرة العظيمة والتي هي في الحقيقة ظاهرة تاريخية كبرى. عادةً وفي هكذا ظواهر يشهدها الإنسان، والتي لا يروّج لها الإعلام والإعلانات، ثم تبرز فجأةً كظاهرة، فإنّ يد الله مشهودة فيها أكثر من كل الحالات الأخرى؛ إحدى نماذجها تتمثّل في الثورة الإسلاميّة نفسها. المواجهات السابقة لها أهميّتها، ومحفوظة في محلّها، ولكن ما جرى من الحضور الشعبي والمشاركة الجماهيرية لمدة سنة، سنة ونصف في بلد مترامي الأطراف كبلدنا، حيث كانت الشعارات نفسها التي يطلقها أهالي طهران، تتردّد على لسان أهالي القرية الفلانيّة النائية، في تظاهراتهم ضدّ النظام. لذلك قال الإمام حينها –كما نُقل لنا- إنّ هذه الثورة ستنتصر حتمًا، لأنّها مظهر حضور اليد الإلهية القادرة. وفي مرة أخرى قال لي شخصيًّا إنّني قد رأيت طوال هذه الثورة يد قدرة تدعم دومًا هذه الحركة الشعبية العظيمة؛ هذه هي الحركات الشعبية.
وهكذا كانت قضية السيطرة على مركز التجسّس (السفارة الأمريكية في طهران)، وسائر الأحداث التي جرت بعدها في هذا البلد، هكذا في قضية التاسع من دي التي حدثت منذ سنوات. وكذلك هي حالات الاعتكاف الحاشدة؛ هذه ظواهر لا تُعبّأ لها الحملات الإعلامية ولا تُبذلُ الجهود للتحضير لها. انظروا وتأمّلوا كيف أنه في العالم ولأجل جمع عشرة آلاف شخص أو خمسين ألف شخص في مكان ما، كم يقومون بحشد وحملات إعلامية وإعلانية ويبذلون الجهود ثم لا ينجحون في هذا!
طريق عشقٍ.. ممزوج بالبصيرة!
أما هنا، وعلى الرغم من وجود عقبات وموانع متعددة، يحضر من إيران فقط مليونا إنسان للمشاركة في مسيرة مشي لثمانين كلم –للمشي وليس للنزهة والتمدّد في الفنادق- ينهضون ويتوجهون إلى كربلاء؛ وأضعاف مضاعفة من العراق نفسه والبلاد الأخرى؛ إنها حادثة إلهية، هذه ظاهرة إلهية؛ هذه علامة تدلّ على أنّ هذا الطريق هو طريق عشق. غاية الأمر أنّه ليس عشقًا طائشًا، بل عشق ممتزج بالبصيرة؛ تمامًا كعشق الأولياء لله: "اللهم ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ كل عمل يوصلني إل قربك" (2)؛ هذا الحب وهذا العشق هو عشق متلازم مع البصيرة، حيث يعرف الإنسان، يُدرك ويفهم وتشدّه هذه الجاذبيّة، يجذبه هذا المغناطيس. حسنًا؛ بناءً عليه؛ فإنّ هذا العمل هو عمل كبير؛ وهذه الظاهرة هي ظاهرة عظيمة.
أتوجّه أوّلًا إلى الذين توفّقوا وذهبوا للمشاركة (في مسيرة الأربعين) لأرحّب بهم وأدعو لهم بالقبول الإلهي وأغبطهم –حيث وفّقوا للزيارة وكنّا نحن محرومين منها- وأتقدّم بالشكر إلى الشعب العراقي الذي قام بالضيافة والاستقبال وأظهر المحبّة، واستطاع أن ينظّم ويدير هذه الحشود العظيمة طوال هذه الأيام. إنّ هذه الحادثة هي حادثة استثنائية وبالغة الأهمية.
دوام النعمة بالشكر
حسنًا، الآن ما هي النتيجة؟ أريد أن أقول إنّكم ترون يد القدرة الإلهية بوضوح خلف حوادث كهذه وتلمسون بركاتها؛ ينبغي تأدية الشكر. فإن شَكَرْنا الله تبقى هذه الظاهرة وإن لم نشكر فإنها تُسلب منّا. لو لم يشكر الشعب الإيراني نعمة الثورة، لزالت وسُلبت منه، كما حصل في بعض بلدان العالم، حيث جرت ثورات، ولم يكونوا يعلمون كيف يشكرون، فخسروا الثورة؛ لم تُسلب منهم الثورة فقط، إنّما تراجعوا للوراء وتخلّفوا عشرين أو ثلاثين سنة أيضًا! لقد شكر الشعب الإيراني وقدّر الجميل. ليس الشكر فقط أن يقول الإنسان "إلهي لك الشكر"، أو يسجد سجدة شكر، الشكر هو أن ينهض الإنسان للعمل بمقتضيات هذه النعمة؛ لقد عمل الشعب الإيراني بهذا. لقد شارك هذا الشعب في كل الميادين وحضر حيث كان يلزم الحضور، لقد ضحّى هذا الشعب حيث كانت التضحية مطلوبة، قدّم الروح والمال والأعزّاء والأبناء وماء الوجه، نزل بكل هذه التضحيات إلى الميدان. لا أقول إنّ كل واحد من أبناء الشعب الإيراني قام بهذا العمل، ولكن حشودًا عظيمة، وأكثرية جماهيرية تحركت وعملت هكذا، والله تعالى قد استجاب لها ونصرها؛ حفظ لها الثورة. إن الثورة اليوم أقوى بكثير من أيام انتصارها الأولى، فهي أشدّ قوة وأكثر قدرة على التخطيط للمستقبل.
اشكروا نعمة القيام بهذه المسيرة. من جملة أبعاد الشكر أن تحافظوا في أنفسكم على تلك الروحيات وتلك الحالات المعنوية –التي شاهدتموها وشعرتم بها في الأيام التي كنتم تمشون خلالها هناك-؛ تلك الأخوّة، ذلك الحنان، ذلك التوجّه نحو الولاية، ذلك الاستعداد للتعب الجسدي وتفضيل المشقّة والعرق والمشي على الراحة والكسل. يجب التحلّي بهذه الحالات في كل أمور الحياة؛ هكذا يكون الشكر.
من جملة فروع الشكر؛ أن نسهّل هذا العمل لكل الذين يعشقون هذه المسيرة، وتقع هذه المسؤولية على عاتق مدراء ومسؤولي القطاعات والأجهزة المتعدّدة في البلاد. تحصل أحيانًا بعض الحوادث؛ يجب عليهم ألا يسمحوا بتكرار هذه الأمور، فليقوموا بالوقاية واستباق الأحداث؛ هذا أيضًا من أقسام الشكر. وعلى أيّ حال، فلنعرف قدر هذه النعمة، فهي نعمة كبرى.
وإن شاء الله فإنها ستكون نعمة مستمرّة دائمة ومصدر عزّة وفخر ورفعة للشعب الإيراني والشعب العراقي. هناك في العالم من يسعى جاهدًا كي لا يرى الناس هذا النور الساطع ولكنّه لن ينجح، سوف يشعّ هذا النور ويراه العالم؛ إنّهم يحاولون إطفاءه أو تحريفه، لكنهم لن يحققوا أيًّا من أهدافهم؛ عندما تتابعون الحركة فلا بد أن تُظهر الحقيقة نفسها بنفسها وتبرز للجميع.
التعبئة؛ ظاهرة الثورة المدهشة
هناك مسألة أساس في كلامي اليوم حول التعبئة. إنّ التعبئة هي إحدى الظواهر المدهشة لعهد الثورة؛ لقد أُلهم الإمام العظيم من قِبَل الله أن يقوم بهذا العمل؛ حيث أعلن عن تشكيل تعبئة العشرين مليونًا ومنظمة التعبئة، كان عملًا عظيمًا جدّا. وبالأصل ما هو معنى هذا العمل؟ إنّ معناه أنّ الله تعالى قد علّم الإمام العظيم هذا الأمر، وألهمه بأن يودع مصير الثورة ومسؤوليتها بيد الشباب؛ ليس فقط شباب تلك الأيام. عندما ينزل الشباب إلى الميدان، فإنّ الأمانة التي أودعت بأيديهم والثقة التي مُنحت لهم، ستُحفظ، فهم سينقلونها من جيل إلى جيل ومن يدٍ إلى يد وعلى مرّ الزمن؛ وهذا ما قد حصل. لعلّ 90% منكم أيها الشباب الحاضرون هنا، لم يشهد زمان الإمام ولم يلتقِ بالإمام، أكثركم لم يحضر الحرب ولم يشاهدها، لكن الروحية الآن، هي تلك الروحية نفسها.
ولا أستند في كلامي إلى ما قاله هؤلاء الشباب الأعزاء هنا اليوم؛ كلا؛ فأنا على اطلاع وعلى تواصل دائم مع الشباب. إنّ روحيّة ومعنويات شبابنا اليوم هي نفسها التي كان يتحلّى بها شباب تلك الأيام؛ مع هذا الفرق وهو أنّ أولئك الشباب كانوا وسط لهيب الثورة، الظروف اليوم ليست هكذا، ومع هذا فإنّ تلك الروحية موجودة. الفرق الآخر أنّ البصيرة والوعي والتجربة التي يتمتّع بها شبابنا اليوم، لم تكن موجودة في تلك الأيام؛ وهذا يدلّ على أنّنا تقدّمنا إلى الأمام. لقد أودع الإمام مصير الثورة عندكم أيها الشباب؛ وكل مجموعة شبابية، كل جيل، عندما يعبر الشباب نحو منتصف العمر، فإنه في الواقع يسلم هذه الأمانة إلى الجيل التالي وهذه السلسلة لا حدّ لها ولا نهاية.
.. واجب الجميع أيضًا!
وبالتأكيد، حين نقول إنّ الإمام حمّل مسؤولية حفظ الثورة وحراستها للشباب، فهذا لا يعني أنّ الباقين من غير الشباب لا يتحمّلون المسؤولية ولا واجبات عليهم؛ كلا، هذا واجب الجميع؛ من العجوز الثمانينيّ والأكبر سنًّا وصولًا للفتيان والفتيات، من الرجال إلى النساء، من النخب وغير النخب، كل أفراد الشعب وأبناء البلاد تقع على عاتقهم مهمة المحافظة على ثورتهم؛ هذا واجبنا جميعًا؛ لكن الشباب هم الروّاد، هم "مولّد" الحركة. لو لم يحضر جيل الشباب ولم يرد ولم يتحرّك ويعمل، لتوقّفت الحركة؛ إن فكر الشيوخ وتجربتهم تنزل إلى الواقع وتتحقّق عندما توجد حركة الشباب الفتيّة؛ روّاد هذه الحركة هم الشباب. بناءً على هذا، فأنتم أيها الشباب الذين لم تروا الإمام، مخاطبو الإمام، لقد تكلّم الإمام معكم وتوجّه إليكم. راجعوا كلام الإمام وطالعوه. هذه مسألة.
﴿إنّ الله مع الذين اتّقوا﴾
هناك نقطة أخرى، وهي أنّ حركة التعبئة في بلدنا منتصرة حقًّا. الشرط الأساس لهذا الانتصار، هو أن نعتبر جميعنا -الشباب وغير الشباب- أنّ التقوى وحسن العمل واجب ومسؤولية علينا. التقوى الشخصية والتقوى الاجتماعية والجمعية، لكلّ منها معناه الخاص؛ لقد تحدثت سابقًا عن التقوى الجمعية وأسهبت في الكلام ولا أريد الآن تكرار ما قلت. إنّ التقوى أمر مطلوب وضروري، راقبوا أنفسكم؛ قوموا بالمراقبة الشخصية وكذلك بالمراقبة الجمعية. إذا حصل هذا، فالله سبحانه يقول: "إنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (3) الذين يتقون والذين يحسنون العمل سيكون الله معهم. حين يكون الله مع جماعة ما، فإنّ هذا أمر بالغ الأهمية.
انظروا! إنني أضرب لكم مثالًا من القرآن ومن التاريخ القرآني: لقد أمر الله تعالى موسى وهارون أن يذهبا إلى فرعون، حسنًا، كان عملًا عظيمًا جدًّا أن يقوم شخصان لوحدهما فيذهبان لمواجهة القوة العظمى في ذلك الزمان؛ كانت القوة الفرعونية قوة عظيمة جدًّا –على المستوى السياسي والاجتماعي وحتى على مستوى التأييد بين الجماهير، وكذلك في مجال التشكيلات الإدارية، حيث إنّ هناك كثيرًا من التفاصيل حول القوة الفرعونية –كان فرعون ظاهرة عجيبة؛ قدرة مستبدة "فعّال لما يشاء"؛ رغم كل هذه الإمكانات والمقدّرات؛ يأمر الله تعالى شخصين بأن اذهبا وواجها الفرعون. قال موسى لله: يا إلهي من الممكن أن نذهب فنتعرّض مثلًا للقتل ولا يتمّ إنجاز المهمة –لم يكونا خائفين من القتل بل يخشيا أن لا يُتابع العمل ولا تُنجز المهمة- "قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى"(4). لاحظوا؛ هذه هي المعيّة الإلهية: "إنني معكما أسمع وأرى". حين يقول الله "إنّ الله مع الذين اتقوا"، والتي ذكرتها لكم بأننا إن تحلّينا أنا وأنتم بالتقوى، فسيكون الله معنا –هذه المعيّة الإلهية وكون الله معنا، تعيّن أنه يمكن إرسال شخصين بأيد خالية لحرب فرعون!
"هذه هي المعيّة"
النبي موسى نفسه في مكان آخر –وتكرّر هذا في القرآن وسأذكر موردًا آخرًا- عندما وصل الأمر إلى المواجهة وإلى التحدي العلني وجَمع بني إسرائيل وقت السحر، عند الفجر، أو منتصف الليل، تحرّكوا وخرجوا من المدينة للفرار والخلاص من شرّ فرعون، عند الصباح وبعد شروق الشمس، أخبر الجواسيس فرعون أنّ بني إسرائيل قد تركوا المدينة ورحلوا بأجمعهم؛ هنا ارتبك فرعون وفكّر كيف أنهم سيرحلون إلى مكان آخر وينظمون قواهم هناك ويصبح لديهم كيان قوي؛ قال اجمعوا الجيوش وانطلقوا وراء بني إسرائيل؛ ولا أعرف كم كانت المسافة بين الفريقين، لعلها مسيرة يوم أو يومين أو أكثر أو أقل. حسنًا، إن بني إسرائيل كانوا مشاة وعزّل يفتقرون إلى العتاد والعدّة- مجموعة من الناس، رجالًا ونساءً وأطفالًا- أما جماعة فرعون فلديهم السلاح والخيول والتجهيزات العسكرية وكل شيء؛ بالطبع سيصلون إليهم بسرعة؛ وهذا ما حصل فقد وصلوا إليهم. حين شاهد أصحاب موسى عن بعد جيش فرعون قالوا يا ويلنا! ارتبكوا وخافوا. كما ذكر القرآن- في سورة الشعراء- "فلما تراءا الجمعان" أصبح جيش فرعون قريبًا جدًا من جماعة النبي موسى وشاهد بعضهم بعضًا "قال أصحاب موسى إنا لمدركون"(5)؛ أصابهم الخوف وقالوا يا موسى سيصلون إلينا ويأسروننا ويبيدوننا في مجزرة جماعية، فماذا أجابهم موسى؟ قال: كلا، لن يحصل هذا أبدًا؛ لماذا؟ إن معي ربي، هذه هي المعية. الله معي، ربي معي: " كلا إن معي ربي سيهدين"(6). لاحظوا! المعية الإلهية مهمة إلى هذه الدرجة. حينما يقول تعالى "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"، يجب معرفة قدر نعمة هذه المعية. إن استطعنا، أنا وأنتم أن نحفظ هذه المعية الإلهية، فاعلموا أنه ليس بإمكان أمريكا، بل أيّ قدرة حتى لو كانت أقوى من أمريكا بعشرة أضعاف، أن تتغلّب على هذه القوة التي يكون الله معها.
أنا العبد سأطرح بضعة عناوين عامة حول التعبئة. أنتم إخوة وأخوات تتولون مسؤوليات في الأقسام المتعددة للتعبئة؛ كل واحد من هذه العناوين العامة بحاجة إلى شرح وتوضيح- ليس لدينا الوقت المطلوب الآن ولا المجال اللازم- وبحاجة أيضًا إلى تخطيط برامج وإعداد آليات. سأذكر هذه العناوين الرئيسة وأترك الباقي على عاتقكم.
- تلازم التعبئة مع البصيرة
أحد العناوين، أن التعبئة ليست حركة انفعالية عاطفية صرفة، التعبئة ترتكز على العلم والفهم، تعتمد على البصيرة. حقيقة التعبئة في الواقع هي هكذا ويجب عليها أن تتحرك في هذا الاتجاه. إن كانت مسألة مشاعر فقط، فإن المشاعر والعواطف تتغير عند مواجهة أي أمر ولو كان بسيطًا. هناك عدد من الأشخاص التحقوا في بداية الثورة بشغف وحيوية بهذه المسيرة ولكن الدافع كان المشاعر والأحاسيس؛ لم يكن نابعًا من عمق الفهم الديني. وقد كان لي علاقة وتواصل مع بعض هؤلاء، كنت أعرف هؤلاء في الجامعات وخارج الجامعات؛ لم يكونوا يتحلّون بالعمق الديني. وكانت النتيجة أنهم وبسبب معاشرتهم وصداقتهم لبعض الأفراد المخالفين للثورة اتخذوا مواقفَ مخالفة للثورة- زاوية هذه المخالفة تبدأ صغيرة ضيقة جدًا ثم تتسع وتكبر ويتضاعف الشرخ كلما تقدم الإنسان وطال الخط الذي يرسمه- إلى أن صاروا في مواجهة الثورة. تتلازم التعبئة مع البصيرة. حين أكدت أنا العبد على مفهوم البصيرة عام 88 هـ.ش (فتنة 2009م)، انزعج بعضهم وغضبوا كثيرًا، وأطلقوا النقد الساخر وأساؤوا القول وكتبوا المقالات اعتراضًا على تأكيدنا على البصيرة، وهذا هو السبب؛ البصيرة مهمة؛ العلم والفهم مهمان.
- تيّار يجري باتجاه أهداف الثورة
ثانيًا؛ التعبئة ليست منتمية للأجنحة؛ هي ليست واحدة من جناحين سياسيين أو ثلاثة أو أربعة أجنحة سياسية داخل البلاد. التعبئة هي جيش الثورة، التعبئة مُلك الثورة. إن كان ثمة تعارض وتضاد بين الثوريين والمعادين للثورة فالتعبئة تؤيد الثوريين؛ حتى الإنسان غير الثوري يمكن استقطابه ولديه قابلية للجذب؛ أنا العبد أؤمن بالجذب في حدّه الأقصى، بالطبع بأساليبه المناسبة، وليس أن نقوم بأي عمل باسم الجذب بالحد الأقصى، فيكون هناك ثورة وضد الثورة ـ فكل جناح أو إنسان يؤمن بالثورة، ويكون في خدمة الثورة ومتابعًا للثورة، فالتعبئة تكون مؤيّدة له أيضًا. أي إنّه ليس صحيحًا بأن نعتبر التعبئة جزءًا من هذا الجناح أو ذلك الجناح من الأجنحة السياسية داخل البلاد؛ كلا، التعبئة بحد ذاتها هي تيار، التعبئة شاطئ عظيم يجري ويتجه نحو أهداف الثورة.
- "تعبئة الفئات" بانسجامٍ وتنسيق
النقطة الأخرى؛ هي أن التوسع والازدياد مطلوب في التعبئة. أي إنّه ينبغي حضور مختلف فئات الشعب في التعبئة؛ على الجميع أن يكونوا مشاركين حاضرين، تعبئة الفئات، التلاميذ وطلاب الجامعات والعمال وأساتذة الجامعات والتجار والحقوقيين وغيرهم الكثير الكثير. هذا هو التوسع والنمو الأفقي للتعبئة. بالتأكيد فالشرط الأساس لهذا الأمر هو التنسيق فيما بين هذه الأقسام. من الأعمال المطلوبة التي أوصي بها أنا العبد- نقولها هنا وفي حضور المسؤولين- ويجب القيام بها، إيجاد آليات حاسمة للتنسيق والانسجام ولتنمية وتوسيع هذا المستوى الأفقي. بناءً عليه، فإن التعبئة لديها خط أفقي- هذا أولًا- ومن ناحية أخرى تحتاج إلى مجموعات تفكير، بحاجة إلى هداية عامة. هذه الهداية- التي سأتحدث عنها لاحقًا- هي خط عمودي، وسأتناول فيما بعد دور هذا الخط العمودي. يوجد في التعبئة خط أفقي وخط عمودي أيضًا. فهي ليست مثل المنظمات العسكرية المعروفة أو التشكيلات الإدارية التي تنحصر فقط بخط عمودي وليست كذلك مثل مجموعات الخدمة الشعبية التي تتشكل فقط من خط أفقي. التعبئة لديها خط عمودي وكذلك خط أفقي؛ كلّ منهما ضروري ومطلوب بشكل معين لتشكيل التعبئة.
- مظهر السيادة الشعبيّة الدينيّة
النقطة التالية أن التعبئة هي تحقّقٌ للسيادة الشعبية الدينية. عندما نقول بالسيادة الشعبية الدينية أو السيادة الشعبية الإسلامية، يخال بعضهم بأن هذه السيادة الشعبية تتمثل فقط في صناديق الاقتراع وعملية الانتخابات؛ هذا أحد تجليات السيادة الشعبية الدينية. إن السيادة الشعبية الدينية تعني أنّه على أساس الدين والإسلام، الشعب هو السيد في حياة المجتمع؛ هذا هو معنى السيادة الشعبية؛ هذا معنى السيادة الشعبية الإسلامية. التعبئة في جميع المجالات هي مظهرُ السيادة الشعبية الدينية والسيادة الشعبية الإسلامية. إذا دخلت التعبئة هكذا في الاقتصاد، فإن الاقتصاد سيتحول إلى سيادة الشعب؛ هذا ما طرحه السادة هنا وهو صحيح بالكامل. هذا الاقتصاد المقاوم الذي دعونا إليه، إذا تمكّن من الاستفادة من قوة التعبئة وقدرتها، يصبح اقتصادًا مقاومًا وسيادة شعبية؛ وهكذا هو الأمر في مجال العلم، وكذلك في مجالات التقدم الاجتماعي المتنوعة، وهكذا في السياسة؛ التعبئة هي مظهر السيادة الشعبية الدينية.
- الحاجة إلى "لجان مفكّرة"
هناك نقطة أخرى حول ما ذكرناه عن هيئات التفكير، إنني أصر على عدم استعمال كلمة "غرفة الفكر" التي يطلقها ويستخدمها الأجانب. "غرفة الفكر" هي تعبير أجنبي، يأتي السادة ويجلسون فيبدلون الكلمات الأجنبية في ترجمة حرفية إلى اللغة الفارسية، ثم يكررون استخدام هذه الاصطلاحات. كذلك فإن "لجان مفكرة " أكثر بلاغة ودلالة من "غرفة الفكر". نحن بحاجة إلى "هيئات مفكرة" أين؟ في نقطتين: إحداهما في الرأس، والأخرى في الطبقات. طبقات التعبئة متعددة. الآن وهنا حين يقول الشباب نحن متحمّسون ومشتاقون للجهاد فأرسلونا للقتال ولماذا لا ترسلوننا، هو تعبير عن الحرب الصلبة؛ فمن الحرب الصلبة التي تحتاج إلى لجنة [هيئة] مفكّرة لترسيم وتحديد إطار هذا العمل وحدوده؛ من يذهب إلى الجبهة، متى يذهب، كيف يذهب، وصولًا للحرب الناعمة فهي ساحة واسعة جدًا وتتوسّع وتكبر يومًا بعد يوم بواسطة هذا الفضاء الافتراضي وهي أخطر بكثير من الحرب الصلبة؛ ففي الحرب الصلبة تضرّج الأجسام بالدماء ولكن الأرواح تحلّق وتدخل إلى الجنة؛ أمّا في الحرب الناعمة، إذا ما انتصر العدو لا سمح الله، فإن الأجسام ستنمو وتبقى سليمة، ولكن الأرواح تسقط إلى قعر جهنم؛ هذا هو الفرق؛ ولهذا فهي أخطر بكثير من الحرب الصلبة- هناك ضرورة لوجود "لجنة مفكرة". حتى [أعمال]البناء حيث أن التعبئة مشغولة في بعض المناطق بالبناء والإعمار؛ وصولًا كذلك إلى المهام الجغرافية- ما يطلق عليه التوزيع المناطقي؛ حيث يمكن للتعبئة أن تنجز عملًا ما في مكان ما من البلاد ولا يمكنها القيام بهذا العمل في نقطة أخرى أو لا ينبغي أن تقوم به- كل هذا يجب أن يتم بذكاء ووعي شديدين ويتطلب وجود لجنة مفكرة.
كل واحد من هذه الطبقات المتعددة وطبقات أخرى غيرها، يلزمها "هيئة مفكرة" خاصة بها.
مضافًا إلى هذا، نحن نحتاج إلى "هيئة مفكرة" في أعلى مستويات التعبئة ليجتمع أعضاؤها وليحددوا "الخطوط العامة"، وليدوّنوا الخطط العامة - وهنا أيضًا، أنا لا أرغب باستخدام تعبير "الاستراتيجيا"؛ بل "المخطِّط العام"، التفكير بالخطوط الرئيسة - نحن نحتاج إلى مخططين للمسارات والخطط الرئيسة ، ليلتقوا ويكون عملهم هو هذا فقط؛ إن هذا من أهم الأعمال. تمامًا مثل المخططين العسكريين [في المسارات الرئيسة] في كل أنحاء العالم عادة، كما يقولون هم بأن الاستراتيجيين في العسكر يجلسون ويحسمون مصير الحرب ومسارها وكل الأعمال العسكرية. هذا أمر مطلوب، هذه أعمال يجب أن تنجز. عندما نقوم بهذه الأعمال، فإنكم وفي أي مجموعة تعملون فيها في التعبئة- سواء كنتم في "حلقة الصالحين " أو في " قوافل النور " أو في الثانوية أو الجامعة أو في أجواء العمل أو في المسجد- وحيثما كنتم تعملون في مجال التعبئة، تعتبرون أنفسكم أعضاءً فعالين في مجموعة حكيمة وهادفة في حركتها ومسارها، وهذا هو الشعور الذي سينتابكم حينها. ولا أقول مثل عضو من جسد؛ كلا، لأن أعضاء الجسد وإن كانت تتحرك كلها، ولكنها بأجمعها مؤتمرة بأمر الدماغ؛ فالدماغ هو الذي يقول للعين انظري وللأذن اسمعي وللسان تكلم ولغيره تحرك؛ الدماغ فعال. الأمر ليس هكذا في التعبئة، حيث ينطلق الأمر فقط من المركز فيقال لكم؛ تكلموا و... كلا، الأمر أشبه بأن يكون لكل عضو دماغه الخاص وبالتأكيد يكون منسجمًا متلائمًا أيضًا مع الدماغ الأساسي الموجود في الرأس- وبالطبع فإن هذا الانسجام له طرقه وأساليبه الخاصة- عندها سيكون لدينا حالة كهذه.
-بحاجة إلى "لجان راصدة" أيضًا
إذا امتلكنا الجان المفكرة هذه وقمنا بتفعيلها، سنحتاج أيضاُ بجانبها، إلى لجان راصدة. ماذا ترصد؟ لأن التعبئة موجود متحرك، هي مجموعة حية، حيوية، دائمة النشاط والنمو، مستمرة في التقدم والريادة، يجب القيام بالرصد كي لا تتوقف التعبئة؛ يجب الرصد كي لا تسير في درب خاطئ، لا تنحرف؛ يجب الرصد كي لا تتعرض للآفات والمشاكل والأمراض، كي لا تنفذ الفيروسات المختلفة في التعبئة. جهاز الرصد مختلف عن أجهزة الأمن والحماية والمعلومات وغيرها؛ لا شأن لنا هنا بعمل تلك الأجهزة، فكل منها لديه الجهاز الحكيم والعاقل والذي يشبه شاشة مغناطيسية وكهربائية يجلس الإنسان أمامها ليشاهد الواقع في الخارج، ويرى ماذا يحدث.
هذه أمور مطلوبة؛ هذه أشياء لازمة لتقدم التعبئة وتكامل ونضوج ثمار هذه الشجرة الطيبة أكثر فأكثر. لأن هذه الشجرة شجرة طيبة فهي "أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها"(8) إذا أردتم أن تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فالمطلوب تحقيق هذه الأمور التي ذكرناها. حسنًا، ما ذكرناه عبارة عن خطوط عامة، وهي ليست أمورًا تحليلية وذهنية. كل هذه الأشياء المذكورة ناظرة إلى العمل، متطلعة إلى الواقع، كل منها لها شرح وتفصيل- كما ذكر سابقًا- كل منها بحاجة إلى صياغة آليات وبرمجة وهو ما يقع على عاتقكم، وعلى عاتق المسؤولين، يجب أن يجتمعوا ويجلسوا وينجزوا هذه الأعمال؛ هذه خطوط عامة ناظرة إلى العمل، ناظرة إلى الواقع ويجب أن تلقى الاهتمام اللازم.
خطة العدو: النفوذ إلى النموذج
وهنا أتعرض لنقطة على الهامش- والتي ذكرت في كلمات بعض الأصدقاء- وهي أن التعبئة كانت صانعة للنموذج؛ أوجدت التعبئة نموذجًا. استطاع هذا النموذج، ومن دون أية إعلانات وحملات إعلامية، ومن دون كتابة أي ورقة وتأليف أي كتاب أو إرسال نداءات إلى أحد، أن يشقّ طريقًا ويقدم نموذجًا بشكل طبيعي في قسم هام من العالم الإسلامي؛ أي أن التعبئة قدّمت نفسها وظهرت كنموذج. قام بعضهم بتقديمها كنسخة ووصفة للحل؛ بعضهم وصفها لأهداف جيدة وبعضهم وصفها لأهداف سيئة. فكان أن قاموا بتعبئة الشباب وإنزالهم إلى الميدان بدوافع دينية ومنحهم المسؤوليات والثقة بهم؛ أصبح هذا نموذجًا وقدوة. وعليه، فقد استفاد أصدقاؤنا في كثير من البلدان من هذا النموذج- ذكر السادة أسماءً، وأنا لا أريد ذكر أسماء بلدان- كذلك فعل الأعداء، جلسوا ووضعوا الخطط والبرامج الخاصة بالتعبئة ونموذجها. النفوذ هو أحد برامج الأعداء وخططهم. ولعلّي أنا العبد، منذ سنة أو أكثر وأنا أتكلم عن النفوذ (التسلّل). ينبغي الخوف من النفوذ، يجب المراقبة والانتباه للنفوذ. ولا يعني الخوف هنا بأن يشعر الإنسان بالخوف والرعب، وإنما أن تنتبهوا وتراقبوا؛ النفوذ بالغ الأهمية. من الطرق الأخرى التي يتبعها الأعداء، إيجاد الخطوط الموازية؛ أي خلق منافس للتعبئة؛ إنهم يقومون بمثل هذه الأعمال. ولا أريد الآن الدخول في التفاصيل ولكني أعرف ولديّ إطلاع عما يجري، ولعلّ بعضهم أيضًا يمتلك معلومات عن هذا الأمر، وهو أن الأعداء حاليًا يخلقون منافسًا للتعبئة، لشباب البلاد، لأولئك الذين سمّيتهم "ضباط الحرب الناعمة". إنهم يصنعون خطًا موازيًا لكي يصرفوا انتباه الشباب عن التعبئة ويجذبونهم إلى ذلك الخط. هذه قضايا هامة.
التعبئة عونٌ للأجهزة التنفيذية
حسنًا، إذا تم الاهتمام بهذه العناوين الرئيسة التي طرحناها- بالتأكيد هناك كلام وأفكار أخرى لا مجال لطرحها الآن- فعندها ستمتلك التعبئة هذه القدرة لتظهر بصورة قوية ومؤثرة في أكثر المجالات أهمية على كل الأصعدة في المجتمع؛ على صعيد العلم، وكذلك على صعيد الثقافة وعلى صعيد الاقتصاد أيضًا. حينما يقال "التعبئة بدون فرامل"(9) فهذا هو المعنى المقصود. وبعبارة أخرى: بإمكان التعبئة أن تدعم وتساعد الأجهزة المسؤولة سواء في التوجيه أو في وضع الأهداف وكذلك في العمل والتنفيذ. أي أننا حين نتحدث عن التعبئة ونطرح هذه المطالب ونذكر طاقات التعبئة وقدرتها، فنحن لا نقصد اختراع منافس للسلطة التنفيذية؛ كلا، فالسلطة التنفيذية لديها مسؤوليات ومهام عليها أن تقوم بها، هذا واجبها، ولكن يمكن للتعبئة أن تساعدها في التوجيه الصحيح، وفي الوقاية ومنع الخطأ والانحراف في المسير. وكذلك في العمل والتنفيذ؛ مثل هذا الاقتصاد المقاوم والذي أشار إليه بعض السادة. يمكن للتعبئة أن تكون مكملًا للعمل، يمكنها أن تعمل كباعث للأمل. تصاب بعض الأجهزة الرسمية باليأس والإحباط في بعض المجالات، فتقول: لا يمكن! كيف لا يمكن؟ لقد أنجزت كل هذه الأعمال الكبرى، ماذا يعني لا يمكن؟ يقولون: لا يمكن! حين تتقدم التعبئة، حين تتابع هذه القوى الشابة والرائدة حركتها الصحيحة، فإن ذلك الشخص اليائس والمكتئب سيصبح حينها نشيطًا ومؤمّلًا مستبشرًا.
بالتأكيد، أنا لا أريد أبدًا أن أبالغ، ولا أريد أن أقول إنّ التعبوي هو ملاك وهو بعيد عن حالات الضعف البشري، كلا؛ كلنا معرضون للضعف البشري؛ نصاب بالخوف، بالتردد، ولدينا ملاحظات وأعراض متعددة، لدينا مشاغل عائلية وضغوط اجتماعية، ولكن لا يوجد لدينا طريق مسدود، هذا ما أريد قوله. من الممكن أن يتعرض الشاب المؤمن التعبوي أحيانًا للخوف أو يتردد في مسألة خاصة، ولكنه لا يصل إلى طريق مسدود؛ والسبب أن هناك الكثير من عناصر الهداية وخلق القوة والتوجيه في التعبئة مما يجعله يستطيع أن يزيل نقاط الضعف هذه أو يبدلها إلى نقاط قوة.
حسنًا، إننا نشاهد اليوم وجود مشاكل في البلاد على الصعيد الاقتصادي؛ ونحن قد أطلقنا على هذا العام اسم "عام الإقدام والعمل" وبالأمس أرسل لي المسؤولون المحترمون تقريرًا مفصّلًا يضم لائحة من الأعمال التي أنجزت منذ مطلع العام وحتى الآن؛ أي أننا نحن طلبنا منهم، قلنا: في نهاية الأمر ماذا أُنجز في مجال "الإقدام والعمل". وقد وصلني تقرير مفصل وطالعته. يوجد فيه مجموعة من الإحصاءات ومجموعة من الأعمال المنجزة، غاية الأمر أنه يجب أن تُشاهد نتائج هذه الأعمال في ساحة الواقع بشكل عملي؛ ما هو مهم أن ترى نتائج هذه الإحصاءات عمليًا. وأنا قلت في أول العام إنه يجب أن نعمل بشكل يمكننا معه في آخر العام أن نقدم لائحة نقول فيها لقد أنجزنا هذه الأعمال، وهذه آثارها ونتائجها عمليًا وفي واقع المجتمع؛ ولا يكون الأمر أن نقدم مجرد تقرير. إن بوسع التعبئة أن تقوم بدور هام في تحقيق هذا الهدف.
وفي ختام كلامي، أقول جملة حول هذه المسائل التي لدينا مع هذه الحكومة المستكبرة. بالطبع لم تشكل حتى الآن الحكومة المفترض أن تتولى مقاليد الحكم؛ وهي تشبه البطيخة التي لا نعلم حتى الآن ماذا يوجد في داخلها وكيف ستكون، ولكن هذه الحكومة الموجودة حاليًا- الحكومة الأمريكية الحالية- تعمل على خلاف ما تعهدت به وبعكس القرارات المشتركة وما قال لنا المسؤولون حينها أنهم سيقومون [الامريكيون] به.
وأرى من الضروري هنا أن أذكر بأنهم قاموا بأعمال متعددة، حالات نقض ومخالفات كثيرة، ليست واحدة أو اثنتين، كان آخرها تمديد الحظر والعقوبات لمدة عشرة أعوام، ماذا حصل لهذا التمديد، فهو نقض لـ"برجام" حتمًا- ولا شك في ذلك أبدًا- فليعلموا أن الجمهورية الإسلامية ستواجه هذا وتقوم بالرد المناسب عليه.
..لا تخشى أيّ قوة في العالم!
كلامي في هذا المجال موجّه إلى المسؤولين وإلى الشعب، وهو أن هذا التوافق النووي الذي أسموه "برجام"، يجب ألاّ يتبدل إلى وسيلة للضغط من قبل العدو على الشعب الإيراني وعلى بلدنا كل فترة وأخرى؛ أي أننا يجب ألاّ نسمح بأن يضغطوا من خلاله. لقد قال مسؤولونا لنا إنّنا نقوم بهذا العمل ونخطو هذه الخطوة لرفع العقوبات؛ والآن، إضافة إلى أنهم (الأمريكيّين) لم ينجزوا بشكل كامل الأمور التي وعدوا بها وتعهّدوا بتنفيذ تلك الخطوات التي كان من المقرر القيام بها منذ اليوم الأول وقد مرت ثمانية أو تسعة أشهر، بل قاموا بنقض تلك العهود- وهذا ما يصرّح به مسؤولونا بشكل واضح؛ المسؤولون أنفسهم الذين تابعوا هذا العمل يعلنون بصراحة هذا الأمر- ليس هذا وحسب، وإنما يجعلون هذا التوافق وسيلة للضغط مجدّدًا على الجمهورية الإسلامية؛ كلا، إن الجمهورية الإسلامية وبالاعتماد على القدرة الإلهية والإيمان بقوة حضور الشعب، لا تخشى من أي قوة في العالم.
وإذا كان هناك من يتماهى مع روحية بني إسرائيل الضعيفة فيقول "إنا لمدركون" -وإنهم سيصلون إلينا ويذيقوننا الويل!- فإنّنا أيضًا وتأسّيًا بالنبي موسى نقول "كلا إن معي ربي سيهدين". اللهم! ضاعف هدايتك وأخذك بيد هؤلاء الشباب وجميع شباب البلاد وكل الشعب الإيراني يومًا بعد يوم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- في بداية هذا اللقاء -الذي عُقد بمناسبة الذكرى السنوية لتشكيل تعبئة المستضعفين (26/12/1979)- عرض اللواء محمد علي جعفري (القائد العام لحرس الثورة الإسلامية) واللواء محمد رضا نقدي (رئيس منظمّة التعبئة) مجموعة نقاط، وكذلك ثلاثة من الحاضرين تكلّموا باسم التعبويّين وعرضوا أفكارهم.
2- بحار الأنوار، ج91، ص149 (مع اختلاف بسيط).
3- سورة النحل، الآية 128.
4- سورة طه، الآية 46.
5- سورة الشعراء، الآية 61.
6- سورة الشعراء، الآية 62.
7- سورة النحل، الآية 128.
8- سورة إبراهيم، جزء من الآية 24 و25.
9- ضحك الحضور.