X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مقاومتنا :: من رجالات فلسطين:اليتيم الذي أصبح أمينًا عامًا

img

النص التالي لحوار دار بين الشاعرين الفلسطينيين محمود درويش وأحمد دحبور

درويش: يا أحمد من قال في رأيك أجمل كلمة ترحيب بعودتي إلى الوطن؟
دحبور: ربما كانت كلمتي.
درويش: كلمتك كانت جميلة لكن هناك ما هو أجمل منها.
دحبور: كيف وأين؟
درويش: قد تتعجب.
دحبور: قل فلن أتعجب، فكلهم يحبونك.
درويش: كانت أجمل كلمة قرأتها وربما أجمل كلمة من الممكن أن تكتب في هذا الموضوع يوما.
دحبور: أثرت المزيد من شوقي.. تكلم.
درويش: كانت كلمة نشرتها صحيفة غزية حزبية.
دحبور: معقول؟
درويش: نعم معقول.
دحبور: فما هي ومن كتبها؟
درويش: كلمة لكاتب اسمه عز الدين فارس نشرتها صحيفة الاستقلال.
دحبور: هذه صحيفة الجهاد الإسلامي.
درويش: معقول!
دحبور: هذه هي الحقيقة.
درويش: فمن عز الدين فارس هذا الرائع الذي يكتب في صحيفة ذات توجهات خاصة؟
دحبور: والله لا أعرفه.
انتهى الحوار
ثم حدثني دحبور –يقول الكاتب الروائي الغزيّ خضر محجز- بهذا وسألني: يا أبا حذيفة، أتعرف عز الدين فارس هذا؟ أهو من الجهاد؟
قلت -محجز-: نعم، بل هو مؤسس الجهاد الإسلامي.. رحم الله الاثنين تحابا عن بعد رغم اتساع شقة الخلاف السياسي بينهما.

درويش نفسه كان قد قال يومًا: "حين يبتسم المخيم تعبس المدن الكبيرة"، وهذا فعلا ما حصل في صباح ورديّ اللون مع مخيم رفح، حين استقبل طفلا دُعِيَ فتحي.
أصول هذا الطفل تمتد إلى سوريا التي هاجر جدّ والده الأكبر إليها للقتال ضمن لواء الإسكندرية، فتزوج الجد امرأة من هناك وعاد إلى قرية تسمى زرنوقة في منتصف بلاده فلسطين، حتى جاءت نكبة 1948 لترحّل والديّ الطفل الذي لم يولد بعد إلى رفح، في أقصى جنوب فلسطين.

وما كادت عيناه تتفتح على حياة الفقر والتشرد داخل أزقة المخيم، حتى فجع بفقد والدته حين كان عمره 15 عامًا، ليتحمل الصبي رحلة يتم كبيرة، لكنه كان يواسي فيها نفسه بالقول: "لم نعانِ شيئًا مما عاناه محمد (ص)، لم نربط بعد الحجارة على بطوننا".

إلا أن رحيل أمه المبكر لم يكن سهلاً عليه في الواقع، فلم يجد إلا قلمًا وأوراقًا بدأ يخط عليها مشاعره الجيّاشة، مكتشفًا بها قريحته اللغوية التي ساهمت لاحقًا في بناء شخصيته القيادية والخطابية.

ومع تحمل مسؤوليات إخوته الصغار لم ينس روح أمه التي استعاض عنها بوطنه الكبير فلسطين، فكان يقول مخاطبًا المحتل في ما أبدع من شعر:

"لن أغفر لك..
تلعنني أمي إن كنت غفرت.. تلفظني القدس إن كنت نسيت
تلفظني الفاء.. تلفظني اللام.. تلفظني السين..
تلفظني الطاء.. تلفظني الياء.. تلفظني النون..
تلفظني كل حروفك يا فلسطين..
تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون..
إن كنت غفرت.. أو كنت نسيت"..

وبما يزرعه اليتم في قلوب من قُدر لهم أن يكونوا عظماء كما مر في التاريخ، كان قلب فتحي الشاب ينبض إنسانية ووفاء لمن حوله من رفاق، بعدما غادر فلسطين إلى مصر طالبًا في رحلة العلم خلف الجبال.

هناك بلي الحذاء الذي كان ينتعله فقرر أصدقاؤه الفقراء مثله أن يشتروا له حذاء جديدًا، وفاء منهم لعهد فلسطين الذي جمعهم على الثورة وقادهم فيه هذا الشاب اليافع، وبعدما أهدوه الحذاء الجديد شكرهم لكنه بقي طوال الطريق حاملا القديم بين يديه، إلى أن ضجر بعض أصحابه، منهم خالد صادق رئيس تحرير صحيفة الاستقلال، فسحبوا الحذاء البالي ورموه بعيدًا.

 

 

لماذا يا فتحي؟.. سؤالهم لم يكن له إلا إجابة جعلتهم يبكون جميعًا حين قال: "لم يهن عليّ ترك هذا الحذاء الذي شهد معي أيامًا صعبة. يجب أن نكون أوفياء لكل شيء!".
ولكن بقدر ما كانت هذه المقولة عجيبة عليهم، فهم أيضًا لم يستغربوها من إنسان تصرف بكل ما يملك من مال من أجل الطلاب، وحين كُسرت نظارته لف عليها شيئًا من اللاصق ولبسها مبتسمًا وذهب يطبخ لهم طعامهم.

الإنسان فتحي يكبر يومًا بعد يوم، وقد أينعت أوراق فكره وبدأ قلمه يخطّ ترانيم الثورة، ما حذا بالخائفين في قاهرة العروبة إلى "طرده" صوب وطنه، فعاد إلى غزة ليلقى السجن فاتحًا ذراعيه كالإخطبوط الذي يلقى ضحاياه باحتضان.

بعدما كلّ منه السجانون أرسلوا مجموعة من العصافير (العملاء) إلى غرفته التي كان يشارك فيها شخصًا واحدًا (م. أسعد ديب)، كان هو الآخر ضحية الاعتقال بعدما عاد متعلمًا إلى غزة.

فكّر فتحي وأسعد في طريقة للتخلص من هؤلاء الذين يعكرون عليهم صفو أوقاتهم الضيقة، فقرآ ما استطاعا من كتابي "فلسفتنا" و"اقتصادنا" للشهيد العراقي المرجع محمد باقر الصدر، ثم أقاما صلاة الليل.

عند النوم، بعد جدول يوم مرهق من نشاطات السجن التي قد تخلق الحياة بين القضبان، لم يجد فتحي طريقة للحديث مع زميله مباشرة في القضايا السرية، وما هي لحظات حتى فطن أسعد إلى أنهما يعرفان الإنجليزية جيدًا، فبدآ الحديث بها، وذلك ما جعل العصافير السبعة يستيقظون بعدما تظاهروا بالنوم منبهرين من المشهد.

 

 

وإن كان من الصعب على أحد أن يحصد ألقابًا عدة في حياته، فإن فتحي حصد منها الأستاذ (بكالوريوس رياضيات) والطبيب (طب الأطفال) والمعلم والمفكر ... واللقب الأهم: الأمين العام.

هنا، يقول ثوري فلسطيني: "لك أن تجمع شجن الشقاقي وشعر درويش ووتر مارسيل لتخرج بأقوى ثورة".

هاجر الرجل فتحي قسرًا مرة أخرى بالإبعاد، ولكن هذه المرة إلى الشمال حيث لبنان وسوريا، وحيث وجد الحاضنة التي تناسب فكرته، مازجًا مصطلحات (فلسطين والإسلام والجهاد) عبر (الإيمان والوعي والثورة).

ويذكر من كان معه في الإبعاد، أنه أمر كل المبعدين بألا يتزوجوا حتى عودتهم إلى فلسطين، وفاء لأزواجهم أولاً، ومنعًا لارتباطهم جغرافيّا بغير فلسطين من جهة أخرى. وهو نفسه أبى إلا أن يتزوج من عاصمة بلاده المحتلة (القدس)، وكان له ذلك مع زوجته فتحية التي أنجب منها خولة وإبراهيم وأسامة.

وذهب فتحي يطوف عواصم العرب، وهو يحدث العالم عن بلاده وعمالها الذين أشعلوا الانتفاضة الأولى بالقول:

"كانوا خمسة.. وجهٌ واحد.. وجه مسيح.. مصلوبٌ يا سادة..
أي والله مصلوبٌ وجريح.. والوجه السادس وجه قبيح..
وجه "يهودا" القادم من خلف البحر.. المانع في علب الليل قدوم الفجر..
القاتل والمغتال.. يبحث عن عمّال".

ومع اندلاع الانتفاضة التي سماها "المباركة" تيمّنا بثورة الراحل الخميني، بدأ حلم فتحي يكبر ويخرج عنفوانًا جماهيريًا كبيرًا، عجزت أمامه (إسرائيل)، وشهد العالم كله في تلك الأيام كيف كان الحجر يواجه المدفع، أو كما كان يحب فتحي أن يقول: "العين تواجه المخرز".
واشتعلت أحداث الانتفاضة الفلسطينية أكثر فأكثر، وتطور العمل إلى هجمات مسلحة وأخرى استشهادية، أشرف على بعضها فتحي بصورة مباشرة، فحث على المزيد مناديًا:

"يا جرح تفتح يا جرح
يا أهلي هاتوا الملح..
حتى يبقى حيًا هذا الجرح..
حتى يبزغ من ظلم الليل الصبح".

 

 

المشهد الأخير

"فتحي"، كانت كلمة السر التي صرخ بها قاتله من بعيد، ليتأكد من أن رصاصته سوف تصيب الرجل الذي يحمل اسمًا مستعارًا على أرض جزيرة مالطا هو إبراهيم الشاويش، وما إن التفت الأخير إلى الصوت، حتى أطلق عنصر الموساد الإسرائيلي النار (رصاصتين) على رأس فتحي الشقاقي، مرديًا إياه طريحًا على الأرض في السادس والعشرين من تشرين الأول- أكتوبر 1995.

وما بين "فتحي" الأخيرة في حياته، والأولى التي نطق بها والده اسمًا له يوم مولده، كانت حكاية صبي يتيم أسس فلسفة مقاومة تحت اسم "الجهاد الإسلامي في فلسطين".

لم تصدر سوى مؤلفات قليلة حول رحلة فتحي إبراهيم الشقاقي،  لعل أبرزها وأضخمها "رحلة الدم الذي هزم السيف" لمجموعة من الكتاب العرب، ودراسة نقدية لشعره، فهل أُطلقت "الرصاصة الثالثة"  - فلسطينيّا- على فكر الشقاقي الوَحدوي وأدبه؟.

موقع المقاومة الإسلامية

 

تعليقات الزوار


مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:40
الشروق
6:53
الظهر
12:22
العصر
15:25
المغرب
18:07
العشاء
18:58