X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مختارات :: TED الجِدّية الممتعة

img

والآن دوره... اعتلى خشبة المسرح. مشى واستقرّ في البقعة الحمراء المخصصة له، الغارقة وسط أمواج الوجوه الزرقاء من حوله. طيلة الربع ساعة المقبلةأو أكثر بقليل – لن يكون له سوى هذه المساحة الصغيرة نسبيّاً ليتحدّث عن الفكرة التي عمل عليها طوال سنين مؤمناً بها وحضّر نفسه لأشهرٍ ليعلن عنها أمام جمهور "تيد إكس TEDx". لم يسعفه الضوء الأبيض المسلّط عليه، ولا ذاك الأزرق المرَكَّز على الحضور، ليرى بدقّةٍ ما حوله، ولا حتى حرارة رأسه التي سببها توتّر تجربته الأولى في "مخاطبة الجماهير". فمشروع "تيد إكس" لا يبحث بالتحديد عن الأسماء البرّاقة بل عن أصحاب الأفكار والأعمال المبدعة الموجودة ضمن منطقة تنظيم الحدث. وإلا كيف له أن يحصل على هكذا فرصة لم يحلم بأقل منها منذ أن أنهى اختراعه الأوّل والجديد؟!

 

 

TED مشروع "غير ربحي" يضم عدّة برامج. أهمّها مؤتمرا تيد السنويين اللذَين يجمعان المفكرين والفاعلين البارزين عالمياً على الصعد التكنولوجية (مثل بيل غايتس) والإعلامية (مثل آل غور) والسياسية (مثل بيل كلينتون) إضافة الى مجالات العلوم والفنون والإدارة والتجارة والقضايا العالمية المصيرية.

بدأت فكرة "تيد" كمبادرة فردية في عام 1984 عبر عقد مؤتمر يجمع الناس من ثلاثة عوالم: "تكنولوجيا، ترفيه، تصميم"، ومنها تأتي كلمة "تيد": TED: Technology, Entertainment, Design. هي الآن، ومنذ عام 2001، بملك شركة خاصة برئاسة كريس أندرسون القيّم الحالي على "تيد".

إضافة الى مؤتمر TED على الساحل الغربي كلّ ربيع، ومؤتمر تيد العالميTEDGlobal  في المملكة المتحدة كل صيف، اللذين يجمعان بشكل رئيسي أسماء بارزة من حيث الشهرة أو المال،  تطورت فكرة "تيد" مع الوقت لتضم: TEDTalks عبر موقع محادثات الفيديو، ومشروع الترجمة المفتوح، وجائزة TED السنوية، وبرامج TEDx حول العالم وغيرها الكثير.

أما "تيد إكس" فبرنامجٌ يعطي المجتمعات والمنظمات والأفراد فرصة شبيهة بمؤتمرَي TED على المستوى المحلي وبتنظيم مستقل، لكن بإشراف من المجموعة الأمّ. وقد انتشر هذا المشروع في 130 دولة وحوالي 1200 مدينة – ضمنها بيروت.

 

 

ها هي فرصته لعرض فكرته في مدينته أمام جمهور اجتمع للاستماع الى متحدثين حول عدة مواضيع تخص مجتمعه الذي يُنظَم هذا الحدث فيه. قبل عدة شهور، تلقّى اتصالاً من المنظّم المحلّي لهذا الحدث طالباً منه تقديم فكرة اختراعه التقني أمام جمهور تم اختياره بعناية ليتفاعل مع المحدّثين، على أمل أن يتبنّوا الأفكار المعروضة وينشروها ولعل يسوّقوا لها ويموّلوها. وأكّد عليه الالتزام ب"وصايا تيد العشر" التي يصنع الالتزام بها الحديثَ الأفضل والأمتع. ولكثرة ما قرأها، ها هي الآن شاخصة في مخيلته يراها أكثر مما يرى الحضور أمامه:

وصايا "تيد" العشر

1.    لتكن أحلامك كبيرة: شاركنا فكرة ستغير العالم.

2.    أرنا وجهك الحقيقي: شاركنا شغفك ومخاوفك. تحدث عن الفشل كما عن النجاح

3.    إجعل المعقّد بسيطا: أعط أمثلة، أخبر قصصا، وكن واضحاً.

4.    غُصْ إلى مشاعر الناس: إجعلنا نضحك... إجعلنا نبكي.

5.    لا تستعرض شخصيتك: لا تتبجّح بنفسك كي لا يهرب الحضور منك.

6.    لا تجارة على المسرح: لا تتحدث عن شركتك، أو منتجاتك وخدماتك، ولا تطلب تمويلا.

7.    علّق بحرّية على أفكار غيرك من المحدّثين.

8.    لا تقرأ كلمتك: لكنّ قراءة النص مفضّلة على اللعثمة.

9.    أنهِ كلمتك على الوقت: ولا تسرق وقت غيرك. لن نسمح بذلك.

10.راجع كلمتك: أمام صديق... انتبه للتوقيت، الوضوح، والتأثير.

بدأ حديثه كما حضّر له؛ بكلمة واثقة، وقوية على الأسماع تضع الجمهور في مصْيَدة كلماته التي دوزنها بعناية وناغم توقيتها مع شرائح العرض الواضحة والبسيطة من خلفه. أضحكهم وأثّر بهم عند حديثه عن تجربته الشخصية والمنعطفات الصعبة التي مرّ بها خلال عمله على مشروعه... أقنعهم بفكرته العملية والواقعية... ألهَمَهُم وأسرهم عند استعراض إنجازه نهاية المطاف... وأنهى حديثه كما بدأه، بالقوة نفسها وبالجاذبية التي تترك انطباعا مستديماً.

 


 

والآن ما عليه إلا أن يتأمل المشهد الحُلُم: صفوف من المستمعين تقف واحدا بعد الآخر تصفّق للفكرة والأداء. ابتسم أمامهم والتقت عيناه بصديقه في الصف الأول؛ صديقُه الذي حضّر حديثه معه لأيام وأيام وتدريب وتطوير مستمر يقف الآن بين صفوف الجماهير المصفَّقة، ويرى رفيقه المخترع قد نجح بالفعل في أسر الجمهور. فكّر في نفسه: "كان حيويّاً ومتفاعلاً، عفويّاً وواثقاً في نبرة الصوت ولغة الجسد، وكأنه متحدث محترف من الصف الأول؛ طبعا الإضاءة وتصميم الموقع ساعداه على ذلك أيضا"...

إذا زرت موقع TED.com، الحائز على أهم جوائز المواقع الالكترونية للإبداع، ستشاهد العديد من التجارب المماثلة لهذه القصة ضمن خدمة أفلام TED Talks وبعكس المشاهدة المباشرة التي تتطلب منك آلاف الدولارات وأحيانا بعض العلاقات القوية، فإن مشاهدتها مجانية على الانترنت ولا تتطلب "واسطة". وقد يأخذك التشويق حين تشاهدها إلى حد مشاهدة عدة أحاديث دون انقطاع، وكأن في كل "حديث" فيلما هوليووديا مشوّقاً، وبسُدس مدّته. هذه التجربة نُقلت لي كواحد من ملايين المتابعين لهذا الموقع وما يُعرض فيه من "مقاطع فيديو" تجاوز عددها الـ 1400، كلها ناطقة أو مترجمة للغة الانجليزية وكثير منها الى لغات أخرى. بدأت هذه الخدمة كمحاولة بسيطة لإيصال ما يحدث في "تيد" الى العالم عبر تحميل المحادثات على الموقع عام 2006 تحت شعار "أفكار جديرة بالانتشار". وقد جذبت بسرعة جمهورا عالميا بالملايين. رَدُّ الفعل المتحمّس هذا أدى الى صياغة الموقع بأكمله حول TEDTalks؛ مئات آلاف الدولارات تم صرفها على عمليات إخراج الافلام وتطوير الموقع الإلكتروني الذي يضم هذه الأحاديث. عام 2009، أصبحت تيد تطبيقا هاتفيا يمكن تحميله على كثير من برامج الهواتف. واستمرت المحادثات بجذب المتصفحين حتى تم الاطلاع عليها عبر الانترنت، مع أواخر عام 2012، أكثر من مليار مرة.

 

 

ما الذي يجعل محادثات "تيد" جذابة بهذا القدر؟! هل هو الشعار البراق الذي ترفعه "تيد: أفكار جديرة بالانتشار" ؟ أم مشاهدة هذا التجمع النخبوي من الحضور والمحدثين الذين يزعمون أنهم سيغيرون العالم؟ أو ربما لأنها تعرض بديلاً لنجومية السينما والأغاني وتفتح لنا شهرةً من زاوية علمية؟ وقد يكون السر في تعدد العناوين والمواضيع المطروحة حيث يمكنك رؤية المشهد من بُعد لتبرز لك، ولأول مرة، عناوين مترابطة لهذا الحد!

حتّى لو لم تقتنع بهذه الاحتمالات، فإنّك حتماً ستوافق أن "وصايا تيد العشر" من أبرز عوامل الجذب في TED Talks، لا سيما أنّ الأفكار تُقَدّم عبر قصص واقعيّة وتجارب مُعاشة. ولا ينسى المتحدثون ضخ الكلمات العابقة بالمشاعر الإنسانية التي تحرّك قلوب المشاهدين وتؤدي الى التعاطف مع الشخص والتجربة... وهل من طريقة أسرع من ذلك للجذب والإقناع؟ إحدى أبرز الباحثات التي تحدثت في تيد، والذي تم مشاهدة حديثها ملايين المرات عبر الانترنت، طُلب منها أن تعطي تعريفا عن نفسها ليُكتب في بطاقات دعوات المؤتمر، ففضّلت أن تعرّف نفسها أنها: باحثة قصصية- طبعا أكدت لها المنظِمة للحدث أنه لا يوجد في العالم تعريف كهذا! هذا مثال يدل على الأسلوب الجديد والممتع الذي يقدّمه هكذا مشروع للعالم. باختصار، إذا كنت تملك فكرة مبتكرة، بسيطة وواقعية ويمكنك تقديمها بطريقة قصصية وممتعة، إذن أنت من الصف الاول من محدّثي "تيد".

مهمّة تيد، كما يعرّفها القيّمون الإعلاميّون عليها، هي "نشر الأفكار: نحن نؤمن- بحماس- بقوة الأفكار لتغيير المواقف، الحياة، وفي نهاية المطاف، العالم. لذلك نحن هنا لبناء مركز لتبادل المعلومات التي تقدّم المعرفة الحرّة... من أكثر المفكرين إلهاماً في العالم، وأيضا (لبناء) مجتمع من النفوس الفضولية لتتواصل مع الأفكار ومع بعضها البعض... اليوم، تيد أشبه بمجتمع عالميّ يرحّب بالناس من كلّ الأفكار والثقافات الذين يسعون إلى فهم أعمق للعالم".

يشاركنا أندرسون، القيّم على تيد، رؤيته الفضفاضة لهذا المشروع في المستقبل: "دورنا هو التنشئة- أن نزرع البذور، أن نزيل بعض الأعشاب الضارة، وأن نتأمّل جمال الحياة والإبداع... أنا مقتنع بقوة أن حديقة تيد ما زالت يافعة. ومخزون الفضول العلميّ، ومشاركة المعرفة، والصلة العالميّة كلها تمثّل القوى المودعة في مشروع تيد- إكس العالمي. أعتقد أنه سيكون من الممتع مشاهدتها كيف ستنمو".

 

 

تيد، أيها الشباب اللبناني والجامعي، فكرة تختزن مضموناً مناسباً للإطّلاع عليه والبحث فيه، وأسلوباً ممتعاً ومميزاً. قد لا تكون مثالية، لكنها تجربة جديرة بالدراسة والإهتمام. فلنستفد منها ونصل الى هذا المستوى من المنافسة الإبداعية بالمضمون العلمي والأسلوب الجديد والجذّاب. تجربة Genie Talks  التي عايشها طلاب الهندسة مع النادي العلمي في آذار المنصرم كانت البداية... والآن ما التالي؟!

هوامش:

  • TED Prize : تُمنح هذه الجائزة سنوياً الى صاحب فكرة مميزة. في عام 2012، تم رفع الجائزة النقدية إلى 1 مليون دولار لتوفير التمويل الأولي للفكرة.
  • TEDbooks :كتيّبات تلخّص مواضيع تم الحديث عنها في "تيد".
  • TED-Ed :مشروع تعليمي جديد، يحوّل أي فيديو يحتوي فكرة مهمة إلى فيديو ممتع وتفاعلي لتعليم الفكرة، لا سيما للصغار

محادثات "تيد" الأكثر مشاهَدة:

1-     المدرسة تقتل الابداع (2006)- سير كينيث روبنسون: أكثر من 14 مليون مشاهَدة

2-     سكتة فكرية (2008) – جيل بولت تايلور: أكثر من 11 مليون مشاهَدة

3-     تقنية الحاسة السادسة (2009)- براناف ميستري: أكثر من 9 ملايين مشاهَدة

بعض الجوائز التي حاز عليها موقع  TED.com:

  •   سبع جوائز Webby Awards
  •       iTunes' Best Podcast of the Year (2006-2010)
  •       the Web Visionary Award for "technical achievement" (2008 )
  •       the AIGA Annual Design Competition (2009)

 

نقد: من أبرز نقّاد TED، المفكر اللبناني الشهير، صاحب الكتاب المعروف "البجعة السوداء"، د. نسيم طالب الذي اتهم "تيد" في آخر طبعة من الكتاب  بـ"خيانة الأمانة العلمية وضعف المضمون" المطروح. وشبّهها بـ"مسخ يحوّل العلماء والمفكرين إلى فنانين (مرفِّهين) من المستوى المتدني كفنّاني السيرك". يُذكر أن د.طالب شارك في مؤتمر تيد عام 2008 ضمن حديث بعنوان: "تحذير حول الأزمة المالية العالمية".

 

أبرز مصادر المقال:

  • Ted.com
  • “The trouble with TED talks” - Martin Robbins
  • “Here's Why TED and TEDx are So Incredibly Appealing” - Mark Fidelman

هذا المقال اخترناه لكم للطالب محمد عطا الله(كلية الهندسة/الجامعة اللبنانية)

مجلة "أوريكا" العلمية

مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:33
الشروق
6:46
الظهر
12:23
العصر
15:32
المغرب
18:16
العشاء
19:07